غير مصنف

الحكم بالشريعة الإسلامية ليس اختياراً

د. هاني السباعي

مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن.
عرض مقالات الكاتب

أيها المعتزون بدينكم المستمسكون بإيمانكم!
هل يحسب هؤلاء الثائرون ومن على شاكلتهم أن الحكم بالشريعة الإسلامية حكم اختياري!! يجوز أن نتحاكم به أو نتحاكم بغيره! لا والله! إن هذا الفهم لهو الضلال المبين! فالحكم بالشريعة الإسلامية فرض على الحاكم والمحكوم وعلى كل مؤمن! وهذا كتاب ربكم ينطق بينكم بالحق فماذا أنتم فاعلون مع هذه الآيات البينات الواضحات: قال الله الحكيم العليم: (الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) هود آية 1.
سبحان الله! كتاب أحكمت آياته! يتركه المنتسبون للإسلام! ويتفرغون لصياغة أو تعديل دستور مهلهل المواد! ومضيع لحقوق البشر ولا سيما أهل الإسلام! يبتغون في الياسا المعاصر!! الصنم الذي يقدسونه من دون كتاب رب العالمين! ولا يستمسكون بكتاب أحكمت آياته!! ويضحكون على عوام المسلمين أن المادة الثالثة من الدستور تنص على أن “مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع”!

أيها المعتزون بدينكم المستمسكون بإيمانكم!
لقد قزموا الشريعة ووضعوها بنداً ومادة بجوار مواد تتناقض مع أحكام هذه الشريعة نفسها!! اقرأ المادة الثالثة من هذا الدستور الذي يقدسونه من دون القرآن الكريم ! تنص المادة الثانية : “السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها، ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين في الدستور”. تنبهوا! الشعب وحده مصدر السلطات!! وليس الله! وليس رسوله! ليس القرآن الكريم ولا السنة النبوية الصحيحة؟! وهناك مواد كثيرة بالإضافة إلى المادتين السابقتين من الدستور المصري تتناقض وحق الله في الحكم والتشريع للبشر! تتناقض وعقيدة الولاء والبراء التي هي العمود الفقري لدين الإسلام!!

فلو كانوا صادقين لم لم يذكروا أن الشريعة الإسلامية (وليس مبادئ الشريعة) هي المصدر الوحيد للتشريع! ولكل القوانين المعمول بها في البلاد! لكنه التلاعب والتواطؤ والتدليل لطائفة نصارى مصر التي ليس لها في العير والنفير في هذه الثورة وغيرها!! ويحسبون أن مشاركة مئة نصراني يزيدون أو يقلون! في ثورة الشعب المصري! يعطيهم الحق في إرجاء أو إقصاء الشريعة الإسلامية كمصدر وحيد للتشريع! من أجل عيون نصارى مصر ومن أجل عيون كبيرهم شنودة وكبار قسوسهم وكهنتهم الذين كانوا يقفون مع نظام الطاغية حسني مبارك، ويستعرضون قوتهم المستمدة من أمريكا والفاتيكان! هؤلاء القساوسة لا يزالون يحبسون المسلمات الأسيرات في أديرة وادي النطرون وغيرها!! وضاعت وفاء قسطنين وكاميليا شحاتة وأخواتهما الأسيرات في زحمة الثورة! ولم يجرؤ أحد من هؤلاء المشايخ وقادة الإخوان أن يطالبوا النصاري بفك أسرى هؤلاء المسلمات!! إنه العار والشنار! الذي سيلحق بقيادة الثوار ومشايخهم الذين يخجلون أن يذكروا وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة في بياناتهم وشعاراتهم ومطالبهم!
وليست المسألة قاصرة على وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة! إنهم يخجلون أو يتعمدون عدم ذكر الحكم بالقرآن والسنة الصحيحة كمطلب من مطالب الثورة! وكأن هذه الثورة قام بها شعب الإسكيمو لصالح المصريين المسلمين!!

أيها المعتزون بدينكم المستمسكون بإيمانكم!
فيا من تعلمون الناس القرآن وتقرؤونه وترفعكم الأمة كعلماء وشيوخ! لقد خذلتم دينكم قبل أن تخذلوا أمتكم! فماذا عساكم أن تفعلوا مع هذه الآيات النيرات التي من عمل بها عدي إلى صراط مستقيم!
قال تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) النورآية 51.
وقال جل وعلا: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما) النساء آية 65.
وفي محكم التنزيل (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً)النساء آية 105
وهذا أمر رباني لنبيكم الكريم! (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) المائدة آية 49.
وهذه قاعدة عامة وحكم لكل مسلم: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) الأحزاب آية 36.
وهل يظن هؤلاء التعساء أن حكم الجاهلية؛ الدساتير والقوانين الوضعية أنفع لهم في حياتهم؟! وأحكم من حكم رب العالمين!! سبحانك هذا بهتان عظيم! (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون) المائة آية 50. اللهم! إنا نوقن أن حكمك الحق .. وأن حكمك الصدق.. وأن حكمك أنفع وأحسن للبشرية جمعاء! اللهم إنا نبرأ إليك من بني جلدتنا ومن ينتسبون لديننا ولا يحكمون كتابك وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم!

فيا أيها المعتزون بدينكم المستمسكون بإيمانكم!
لماذا الخوف من ذكر الحكم بما أنزل الله؟! ألسنا مسلمين! أليس شعب مصر مسلما! لقد استعبد هذا الشعب فراعين وطواغيت قبل الإسلام! ثم لما لا مس الإسلام شغاف قلوب أجدادنا وآبائنا استمسكوا به واعتصموا بحبل الله المتين! فهداهم الله إلى عز الدنيا والآخرة! ثم لما أقصى الإسلام عمداً من سدة الحكم! تاه بنوه في صحراء الهموم! تاه بنوه في أسر الطواغيت ووصايتهم! وتلاعبت بهم الأمم؛ وشردهم الصليبيون وشرذموهم ومزقوهم شر ممزق!

فيا أيها المعتزون بدينكم المستمسكون بإيمانكم!
لم الخوف! ولم هذا الولاء والمناصرة لأوهام بشرية متخبطة! ولنعرات خداعة مضللة؟! هل تحسبون العزة في التحالف مع أعدائكم! هل تحسبون دساتير الغرب والشرق تحي عزتكم التي دفنها الطغاة؟! لا عزة لكم إلا بالحكم بشريعة ربكم!.

فهذا ربكم الذي تؤمنون به وتصدقون كتابه الكريم يحذركم وينذركم ويوضح لكم طريق العزة والكرامة: (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا) النساء آية 139.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى