مقالات

هل خطط السيسي للوصول للسلطة من بوابة الإخوان؟

ياسر الدكاني

صحفي مصري
عرض مقالات الكاتب

حسب روايات كثيرين ممن أعرفهم في جماعة الإخوان المسلمون كان ينظر إلى عبد الفتاح السيسي من جانب مكتب الإرشاد باعتباره رجلهم في المجلس العسكري فيما بعد 2011 حتى توليه منصب وزير الدفاع ؛ وربما لعب بشكل أو بآخر دورًا في قرار الإخوان الدفع بمرشح للرئاسة عبر علاقته الخاصة في ذلك الوقت بخيرت الشاطر نائب المرشد العام .
بل أكثر من ذلك ، هناك من يقول إنه كان صاحب التوصية بوجود مرشح بديل للشاطر حال استبعاده ،حيث نقل لهم خطط المجلس العسكري في هذا الصدد ،وهذا الكلام يبدو منطقيا تمامًا إذا وضعنا في الاعتبار أن السيسي كان يخطط للوصول إلى كرسي الرئاسة، وأدرك بعد إسناد مهمة التواصل مع القوى السياسية له أن رئيس من الإخوان هو أفضل من يوفر له الظروف المناسبة داخليًا وخارجيًا للانقلاب عليه .

وفي أغسطس 2012 كان السيسي مهندس عملية الإطاحة بالمشير طنطاوي وزير الدفاع والفريق سامي عنان رئيس الأركان ؛ وهناك من يرجح معرفة طنطاوي المسبقة وموافقته على الخروج الكريم من المشهد ليحل محله من كان يعتبره بمثابة أبنه وأقرب المقربين له في المجلس العسكري .

وحتى الأيام قبل الأخيرة للانقلاب كان بوسع الرئيس الراحل محمد مرسي تفويت الفرصة على السيسي والحيلولة دون تقديمه إلى المصريين باعتباره البطل المخلص للشعب المصري من بعبع الاخوان المزعوم؛ وذلك بالدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة او حتى استفتاء على بقائه من عدمه، لكنه لم يفعل بسبب التضليل الذي مارسه السيسي عليه حتى اليوم الأخير .
لم يسهل الاخوان للسيسي الوصول إلى السلطة فقط ،بل ساعدوه على تثبيت سلطته بشكل غير مباشر عبر قرارهم اللجوء إلى الاعتصامات والتظاهرات لمقاومة الانقلاب في ظرف داخلي وخارجي غير موات ،ما منح الرجل اصطفافا شبه كامل من جانب مختلف أطياف الشعب وأجهزة الدولة الأمنية والبيروقراطية والقوى الإقليمية والدولية .
وحتى تتضح الصورة أكثر حول ما نفترضه دعنا نتخيل أن جماعة الإخوان المسلمين أدركت بمجرد رؤية بوادرالانقلاب عليها وعلى ثورة يناير خطأها في الترشح للرئاسة، وتصدر المشهد في هذا الظرف الثوري ؛وهي غير مؤهلة لذلك بسبب نهجها الإصلاحي ووعت ما تعرضت له من خديعة عندما وجدت من كان يدفعها للتصدر ويخادعها هو من ينقلب عليها، ووقفت مع النفس وقفة جادة بدلاً من هذا التيه الذي كانت تعيشه .
لو استمعت الجماعة لصوت العقل داخلها ،لربما كانت سلمت بأنها دخلت لعبة أكبر منها وأنها تورطت فيها ،وأن أفضل ما يمكن عمله في هذا الوقت هو الخروج من الورطة بأقل الخسائر الممكنة ،ولقدمت التنازلات التي يحتمها الظرف وانسحبت من المشهد في هدوء وانحنت للموجة حتى تمر دون تكسير عظام الجماعة كما حدث عندما أصرت على المواجهة الصفرية والسباحة ضد التيار حتى انقطع نفسها وتبددت قوتها .
وفقا لنظرية الإمكان التاريخي عند هيجل يمكن القول: إنه لو فعلت الجماعة ذلك ما كان للسيسي أن يستمر في الحكم حتى اليوم ،ومن يشكك في ذلك عليه أن يسأل نفسه هل من قبيل المصادفة أن أسوأ وضع واجهه السيسي منذ ست سنوات كان يوم 20 سبتمبر الماضي أي بعد فترة وجيزة جدًا من وفاة الرئيس الراحل محمد مرسي رحمه الله ؟
لقد اختفى التهديد المشترك لأركان النظام، فعادت الشروخ التي أحدثتها ثورة يناير في الظهور على بنيته، وتابعنا ظاهرة محمد علي التي لا يختلف اثنان على أنها نتاج عاملين لا ثالث لهما الأول غضب شعبي مكتوم ومكبوت منذ فترة بفعل القمع والإحباط فضلا عن الخوف من البديل ؛ أما العامل الثاني فهو صراع الأجهزة بعد الشعور بزوال التهديد المشترك .
يبقى السؤال ماذا لو خرج الاخوان على الناس بعد الانقلاب مباشرة ليؤكدوا لهم أنهم قادرون على مواجهة الانقلاب وإسقاطه مهما تكلف الأمر لكنهم لن يفعلوا ذلك حرصًا على مصلحة الدولة المصرية وحقنا لدماء أبنائها وحفظا لاستقرارها ؟
ألم يكن ذلك كفيل بعودة الاخوان إلى الشعب وتفويت الفرصة على حملات التشويه التي استهدفتهم .
لو فعل الإخوان ذلك، ومهما كانت خطط النظام ضدهم لاحتفظوا بمعظم قوتهم التي حتمًا كانت ستفيد في مثل هذه الأيام التي افتقد فيها الناس من يساعدهم في النزول المنظم والمؤثر إلى الشارع ،ولو قادوا الناس في المظاهرات الآن لكانوا جزءًا من الشعب ولصدقهم الناس بدلاً من النظر اليهم طوال السنوات الماضية باعتبارهم طرفا في صراع سلطة ليس للشعب فيه ناقة ولا جمل .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى