مقالات

مظاهرات الشعب العراقي ضد الفوضى الحاكمة كشفت عورة ما يسمى بالإعلام المهني!

د. محمود المسافر

سياسي وأكاديمي عراقي.
عرض مقالات الكاتب

جاءت تظاهرات شعب العراق العظيم يوم أمس، في الأول من أكتوبر من عام ٢٠١٩م، لتضع حدا للهراء والترهات التي نسمعها كل يوم في إعلانات القنوات الفضائية العربية عن حياديتها ومهنيتها في تناول الحدث، والتي تحاول دائمًا أن تجب عن نفسها تهمة أن تكون تحمل أجندة إخبارية وإعلامية مسبقة في تناول الأحداث.
أصبحت كل هذه القنوات الفضائية، المتلاطمة فيما بينها بكل الموضوعات بسبب أجنداتها المختلفة، تتفق اليوم على التعتيم على أخبار المظاهرات في العراق.
خذوا اي حدث آخر في الأمة وستجدون أن ردود فعل الفضائيات مختلفة تمامًا، وهي تعبر بالضرورة عن أجندات مختلفة تتبع أجندات سياسية خاصة بحاضنة هذه الفضائية أو تلك، دولة أو حزب سياسي أو شركة، وتتمايز ردود أفعال الفضائيات تجاه أي حدث من الانحياز له إلى الانحياز ضده مرورًا بتجاهله.
ولكن من خلال متابعتنا للفضائيات العربية والأجنبية المعروفة، وجدنا أنها لا تتفق أبدًا في رؤية أي حدث وتحديدًا السياسي منه، ولكنها اتفقت مرات عديدة في رؤيتها لأحداث العراق.
وأُذكركم بتطبيل الفضائيات العربية والأجنبية لاحتلال العراق في عام ٢٠٠٣م، ونقل وقائع مكذوبة عن أحداث المعركة في العراق من أجل الوصول إلى حالة بث الرعب في الجانب العراقي حكومة وشعباً، لمساعدة المحتل في تسريع احتلاله للعراق وتقليل المقاومة التي تبديها القوات العراقية، وتذكروا أحداث الربيع العربي وتغطية الفضائيات العربية والأجنبية.
تذكروا العدوان الأطلسي على ليبيا، وتغطية الفضائيات وكيف أنها اجمعت في لحظة ما في النظر إلى ما يحدث في ليبيا، وما أن تم التخلص من النظام ودخلت ليبيا عهد الفوضى حتى بدأت الفضائيات تختلف، فهذه تؤيد هذا الفصيل وأخرى تؤيد ذلك الفصيل.
انظروا إلى الواقع السوري المؤلم والقاسي، واتفاق الفضائيات في البداية بنقل الأحداث وإظهار وتشجيع المظاهرات، وما أن دبت الفوضى وتعددت الجهات ودخل التشدد بفعل فاعل، حتى بدأ الاختلاف يأخذ طريقه في طريقة تناول الموضوع والخبر الإعلامي، واختلف العالم ومنذ سبع سنوات إلى اليوم عما يحدث في الساحة السورية.
وذات الشيء ينطبق على كل الأحداث الأخرى الكبرى، إلا في العراق فكلما انتفض شعب العراق ضد الظلم والاحتلال، تقف كل وسائل الإعلام مع المحتل بنشر الأكاذيب أو التعتيم على نشاط الشعب العراقي ضد الاحتلال، أو تشويه صورة العراقيين والمقاومة العراقية والتي كانت دائما تؤدي إلى إدامة عجلة المحتل وإضعاف جهود العراقيين في مقارعة المحتل وعملائه القتلة والفاسدين.

أما اليوم ونحن في موجة جديدة من الغضب الشعبي الذي انطلق في الفاتح من أكتوبر، فإننا نلاحظ التعتيم والتجاهل الذي مارسته تلك الفضائيات على الرغم من الخسائر الكبيرة التي قدمها المتظاهرون، عددًا من الشهداء ومئات الجرحى.
قدر العراقيين أن يخوضوا معاركهم لوحدهم، مقابل أن ينتفض العراقيون دائمًا لأي مصيبة تصيب الأمة، لقد فضحت مظاهرات الأول من أكتوبر الآلة الإعلامية الجبارة، وكشفت عورتها التي توضح انحيازها التام لأي محتل للعراق مهما كان شكله ولونه.
فلا نامت أعين الجبناء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى