مقالات

الحالة السورية المغايرة لثورة الربيع العربي

القاضي مروان كعيد

قاض وقانوني سوري
عرض مقالات الكاتب

قبل أن أتطرق الى الحالة السورية لابد أن أسترجع جزءًا من التاريخ الحديث فقبل عام 1913 لم يكن هناك نظام دولي في العالم, كانت العلاقات بين الدول مقتصرة على علاقات ثنائية أو ثلاثية أو رباعية
ومع بدء عصر الصناعة في أوربا أحتاجوا إلى المادة التي تم اكتشافها لنمو الصناعة
فلقد ساهمت الثورة الصناعية في تنشيط الحياة الاقتصادية فظهر نظام اقتصادي جديد كان له بالغ الأثر على المجتمع الأوروبي. وقد أدّت الثروة الكبيرة إلى تقدم إنجلترا وجعلها من أغنى دول العالم فزاد إيرادها إلى 800 مليون جنية في عام 1914 وقد مكنتها مقدرتها المالية على إقراض الدول المختلفة ومنها مصر والدولة العثمانية وسائر الحكومات التي احتاجت إلى المال بغية تحقيق أهدافها .
ومع هذا التقدم الصناعي الهائل والسريع في أوربا ظهرت الرأسماليات الضخمة ولاحتياجهم للمادة وبغية السيطرة عليها كان لابد من إنشاء نظام دولي جديد مهيمن خارج أوربا .
وكانت الخلافة العثمانية هي العائق بوجه أطماعهم بالسيطرة على المادة التي تقع معظمها تحت سيطرتها . .
وبدأوا من عام 1913 لعام 1945 بإحداث نظام دولي غربي نعرفه اليوم , وقاموا بهدم الخلافة العثمانية وتجزئتها بما يسمى سايكس وبيكو , حيث كان هناك أربع سايكس بيكو إن صح التعبير. تركيا تم تفتيتها إلى سبع دول , وسايكس بيكو الجزيرة العربية سبع دول والمغرب العربي أربع دول وبلاد الشام وتم تفتيت العالم الإسلامي إلى أكثر من خمسين دولة.
وأنشأوا دولأً قومية معادية للدين
ولكي يربط النظام الدولي هذه الدول الجديدة ويحكم قبضته عليها , أوجدوا خطة محكمة في قلب العالم الإسلامي ,بحيث أحدثوا ثلاث قواعد أو نقاط:
القاعدة الاولى , الدولة الصهيونية العسكرية والتي سرعان ماأصبحت القوة العسكرية الأولى بالمنطقة
القاعدة الثانية , الدولة الأمنية المخابراتية في سورية
القاعدة الثالثة, الدولة العقدية مركزها مكة المكرمة(يراجع مذكرات همفر)
وأوجدوا هذه القواعد لكي تمنع من توحيد العالم الإسلامي من جديد, وقاموا بمصادرة الدين وتسخيره لصالح النظام الدولي
وصار الإسلام عبارة عن درء للمفاسد فقط ,فالقتال أصبح مفسدة لابل كل شيء أصبح عند مشايخ السلطة مفسدة وأوجدوا علماء محبطين مهزومين واعتبروا القانون الدولي جزءًا من الشريعة الإسلامية.
للأسف هذه القاعدة التي سُميت بالمملكة العربية السعودية.
أما عن القاعدة الأمنية المخابراتية في سوريا فمنذ نشأتها كان يتم تجهيز نظام يقوم على الطائفية بحيث وقع الاختيار على الطائفة النصيرية بما تتميز من كرهها للدين الإسلامي وهشاشة عقيدتها , ومهمة هذا النظام أو القاعدة كشف أستار الأمة كلها
ومراقبتها بكل شيء واحتواء كافة حركات التحرر والتمرد والحركات الجهادية واختراقها حتى أصبحت بما يُسمى من دول المقاومة والممانعة, وكانت جميع المعلومات التي تحصل عليها تُنقل إلى أرشيف بما يُسمى النظام العالمي .
طبعاً هذا لايعني ترك باقي الدول المنبثقة عن لسايكس بيكو بتطبيق ماتشاء وكان لكل منها دور تفعله ،وإنما القواعد الهامة هي تلك الثلاث المنوه عنها آعلاه.
فالثورة السورية ليست كالمصرية أو الليبية أو …الخ وليست كأي ثورة في العالم ,والثورة السورية تعني قلع أهم قاعدة للنظام العالمي من جذورها وهذا يعني معاداة لهذا النظام برمته وخلخلته , لذلك كانت الثورة السورية شأنًا دوليًا وليس داخليًا
لأن النظام الطائفي في سورية يُعتبر خزان معلومات عن الأمة كلها بحركاتها اليسارية واليمينية والاسلامية والجهادية ,ترس أمني هائل حتى الثورات كانت تمر عبر سورية وعلى سبيل المثال كانت المخابرات الأميركية تُحيل بعضًا من معتقليها إلى النظام السوري لمتابعة بعض التحقيقات ،ومن ثم إرسال المعتقل مع المعلومات إلى المخابرات الاميركية كما حصل مع بعض معتقلي غوانتنامو.
وهذا مامكّن النظام العالمي من السيطرة على جميع الحركات والتنظيمات العربية.
فالسوريون لايخوضون معركة ضد نظام سياسي وإنما يواجهون نظامًا عالميًا، ومعركتهم معركة أمة بكل مالهذه الكلمة من معنى .
ويمكننا القول : بأن جميع الثورات تفجّرت للداخل والثورة السورية تفجّرت للخارج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى