فوائد وتنبيهات
تنــبيه: يجب أداء الزكاة فوراً إذا تمكن من الأداء بحضور مالٍ، وآخذٍ للزكاة من إمام أو ساعٍ أو مستحق، وله دفعها إلى الإمام بلا طلب منه، وهو أفضل من تفريقها بنفسه عند الشافعية، إذا كان ثَمَّ إمام.
تنـــبيه: وتجب النيّة في دفع الزكاة، كأن ينوي أن هذه زكاتي أو فرض صدقتي أو صدقة مالي المفروضة، ولا يكفي أن ينوي أنها فرض مالي لأنه يكون كفارةً ونذراً، ولا صدقة مالي لأنها قد تكون نافلة.
ولا يجب في النية تعيين مال، فإن عيَّنه لم يقع عن غيره، وتكفي النية عند عزلها عن المال وبعده وعند دفعها لإمام أو وكيل، والأفضل أن ينويا عند التفريق أيضاً، وله أن يوكل في النية، والزكاة تتعلق بالمال الذي تجب فيه تعلق شركة بقدرها.
فائدة: يعطى الفقير والمسكين كفاية عمرٍ في الغالب، فيشتريان بما يعطيانه عقاراً يستغلانه، وللإمام أن يشتري له ذلك كما في الغازي، هذا فيمن لا يحسن الكسب بحرفة ولا تجارة، أما من يحسن الكسب بحرفة فيعطى ما يشتري به آلاتها، أو بتجارة فيعطى ما يشتري به ما يحسن التجارة فيه بما يفي ربحه بكفايته غالباً، ويعطى مكاتب وغارم لغير إصلاح ذات البين ما عجزا عنه من وفاء دينهما، ويعطى ابن سبيل ما يوصله مقصده أو ماله إن كان له مال في طريقه، ويعطى غازٍ حاجته في غزوه ذهاباً وإياباً وإقامة له ولعياله ويملكه فلا يسترد منه، ويهيأ له مركوب إن لم يطق المشي أو طال سفره، وما يحمل زاده ومتاعه إن لم يعتد مثله حملهما كابن السبيل والمؤلفة يعطيها الإمام أو المالك ما يراه. والعامل يعطى أجرة مثله ومن فيه صفتا استحقاق كفقير وغارم يأخذ بإحداهما.
فرع:
1- و يجب تعميم الأصناف الثمانية في القسم إن أمكن، بأن قسم الإمام ولو بنائبه وجوباً لظاهر الآية، فإن لم يمكن بأن قَسم المالك إذ لا عامل أو الإمام ووجد بعضهم وجب الدفع إلى من يوجد منهم، وتعميم من وجد منهم، وعلى الإمام تعميم آحاد كل صنف وكذا المالك إن انحصروا بالبلد ووفى بهم المال، فإن لم ينحصروا أو انحصروا ولا يفى بهم المال، لم يجز الاقتصار على أقل من ثلاثة من كل صنف، لذكره في الآية بصيغة الجمع وهو المراد بـ في سبيل الله وابن السبيل الذي هو للجنس إلا العامل فإنه يسقط إذ قسم المالك، وتجب التسوية بين الأصناف غير العامل ولو زادت حاجة بعضهم، ولا تجب التسوية بين آحاد الصنف .
ونقل عن عمر وابن عباس وحذيفة رضي الله عنهم جواز صرف الزكاة إلى صنف واحد وبه قال أبو حنيفة (فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين صـ 252)
2- إذا عدم في بلد جميع الاصناف وجب نقل الزكاة إلي أقرب البلاد إلى موضع المال، فان نقل إلي الا بعد كان على الخلاف في نقل الزكاة وإن عدم بعضهم فان جوزنا نقل الزكاة نُقِلَ نصيب المعدوم إلى ذلك الصنف بأقرب البلاد. (المجموع 6/225)
فرع: لوكان شخص عليه دين فقال المديون لصاحب الدين: ادفع لي من زكاتك حتى أقضيك دينك ففعل أجزأه عن الزكاة ولا يلزم المديون الدفع إليه عن دينه، ولو قال صاحب الدين اقض ما عليك لأرده عليك من زكاتي ففعل صح القضاء ولا يلزمه رده إِليه، ولو نوياه بلا شرط جاز ولو كان عليه دين فقال: جعلته عن زكاتي لم يجزه على الصحيح حتى يقبضه ثم يرده إليه وقيل يجزئه كما لو كان وديعة.
تنـــبيه: من وجبت عليه زكاة، وتمكن من أدائها فمات قبل أدائها؛ عصى ووجب إخراجها من تركته عند الشافعية، لانه حق مال لزمه في حال الحياة فلم يسقط بالموت كدين الآدمى، وبقول الشافعي قال جمهور العلماء . (المجوع6/231)
ومذهب أبي حنيفة أن من مَاتَ وَعَلِيهِ زَكَاة سَقَطت عَنهُ فَلَا تُؤْخَذ من تركته(اللباب في الجمع بين السنة والكتاب 1/ 374)
وهو مذهب عجيب فانهم يقولون الزكاة تجب علي التراخي وتسقط بالموت وهذا طريق إلى سقوطها.
وإذا اجتمع في تركة الميت دين لله تعالي ودين لآدمي كزكاة وكفارة ونذر وجزاء صيد وغير ذلك ففيه ثلاثة أقوال عند الشافعية (أصحها) يقدم دين الله تعالى، فتقدم الزكاة لقوله صلي الله عليه وسلم في الحج ” فدين الله احق ان يقضي “متفق عليه (والثاني) دين الآدمى لان مبناه علي التشديد والتأكيد وحق الله تعالى مبني علي التخفيف ولهذا لو وجب عليه قتل قصاص وقتل ردة قدم قتل القصاص (والثالث) يستويان فتوزع عليهما بنسبتهما لانهما تساويا في الوجوب فتساويا في القضاء. (المجوع6/231)
