مقالات

إضاءة سياسية – اللجنة الدستورية

محمد سعيد سلام

سياسي سوري
عرض مقالات الكاتب

إن الثورة السورية باعتبارها رأس الربيع العربي قد وضعت حدا فاصلا لمرحلة الاستبداد في سورية وفي كامل المنطقة، حينما أظهرت قدرا كبيرا من حقيقة عصابات الحكم وأجهزتها العسكرية والمخابراتية المجرمة.
وتميز الثورة السورية نفسها بشكل أكثر وضوحا بعد ما يسمى باللجنة الدستورية عن العصابة الحاكمة من جهة، وعن المعارضة بهياكلها المصنعة وأفرادها العاملين في السلك الخدمي عند المشغل الإقليمي والدولي من جهة أخرى.

ولا معنى للحديث هنا عن مدى مهنية أعضاء هذه اللجنة من عدمها ، ولا فائدة من نسبة تمثيل جهة مقارنة بجهة أخرى قلة وكثرة ، ولا قيمة لمنتج هذه اللجنة من بنود ومواد ابتداء ، لماذا ؟

انطلق الشعب السوري في ساحات وشوارع قراه ومدنه يريد نفض العبودية عن كاهله واسترجاع حريته ، ويريد التخلص من القهر والإذلال الممنهج والمفروض على شؤون حياته واستعادة كرامته الإنسانية ، ويريد إزاحة الفاسدين والمجرمين والأتباع واستبدالهم بالأحرار أصحاب الرؤى والبرامج التي ترفع من سوية الإنسان وتضمن له العيش الكريم ، ويريد إزاحة دولة العصابة وإقامة دولة القانون والمواطنة .
وخطوة اللجنة الدستورية وجميع مقدماتها في شكلها وفحواها بغض النظر عن المآلات المعروفة أصلا تتناقض مع هذه الإرادة الشعبية .

فكيف يوثق بالاقليمي المجرم أن يكون قيما على اللجنة الدستورية مشاركا في اختيار أفرادها ؟
وكيف يوثق بالإقليمي المخادع والمضلل أن يكون صاحب قرار في تحديد أفراد هذه اللجنة ؟!
وإن الإقليمي الذي يسير في ركاب الأميركي طواعية ، أو الذي لا يقدر على مقاومته داخل حدود بلده ولمصلحة شعبه ، أو الذي لم يستطع أن يحدث فرقا عندما كان المقاتلون على بعد أمتار من ساحة العباسيين في دمشق ؛ أنى لكل هؤلاء أن يكونوا قادرين على مناصرة ثورة بمستوى الثورةالسورية !
ومن تراه يصدق ادعاءهم ويؤمن بخياراتهم ولجنتهم الدستورية ويتعاطى معها ؟!

أما الذي يقيس مواقف الثوار السوريين بفلسطين والقرارات الدولية بشأنها فإنه يغيب عن ذهنه تماما – مع أنه قياس مع الفارق – ما آلت إليه أوسلو ، وينسى نتائج اللجنة الرباعية ولقاءات شرم الشيخ ، ولم يمر عليه النقاط العشر ، ولا يتذكر مخرجات المبادرة العربية ، ويغفل عن دور إيران وأثره في دعم المقاومة الفلسطينية ، ويتغاضى عن دحلان ونموذجه .
ويستشهد بما يناقض ادعاءه المعلن ويدعم واقعيته السياسية المخبوءة التي لن تقود إلا إلى مزيد من الذل والاستكانة والعبودية .

الحقيقة التي لا مفر من مواجهتها أن الثورة السورية العظيمة قوبلت باحتلال إقليمي يقوده الروسي المجرم برضى وإيقاع أميركي ، وباحتلال دولي تقوده الولايات المتحدة الأميركية ، وباستعمال كل المليشيات الطائفية المقيتة وعلى رأسها حزب الله لمنع تحقيق الانتقال السياسي في سورية الذي أقروه على الورق فقط .
صحيح أن الثورة لم تتنبه ولم تتخذ التدابير اللازمة لتحصين نفسها والحفاظ على مكتسباتها وتحقيق كامل مطالبها ، لكن هذا لا يعني بحال من الأحوال التسليم للأمر الواقع والركون إلى الإملاءات .

ربما لا يستطيع الثوار السياسيون الآن ان يكونوا القيادة السياسية السورية الجديرة بالاحترام والقادرة على مخاطبة الإقليمي والدولي مراعية مصلحة بلادها اولا ، ومستندة إلى شعبها قائد التغيير الحقيقي في المنطقة ؛ لكننا نستطيع القيام بالكثير من الخطوات السياسية وأهمها الخطوتان التاليتان :
1 – الحيلولة دون إضفاء اي شرعية على أية خطوة يقوم بها الإقليمي والدولي في بلادنا ، وعدم الإقرار لأحدهم بأي حالة وصائية على شعبنا وأرضنا وثرواتنا .
2 – تحريض الشعب السوري في كل المحافظات ودعوته إلى استهداف المحتلين لأرضنا ، المعتدين على إرادتنا وقرارنا ، المناهضين لحريتنا التي قدمنا في سبيل تحصيلها مئات الآلاف من الشهداء والمعتقلين والملايين من المهجرين قسريا .

وفي الختام أدعو جميع الثوار إلى ألا يتكلفوا عناء فضح من شارك في اللجنة الدستورية أو أشرف عليها ، فمجرد مشاركتهم لثلة الإجرام وانتقائهم من قبل مشغليهم كافية لوضعهم في خانتهم الحقيقية ، بل أدعوهم إلى أن يشيروا علانية إلى المخادعين المنافقين الذين يدافعون بطرائق شتى عن اللجنة الدستورية وعن التبعية والمحتلين المجرمين مستغلين المجالس والهيئات والجمعيات والمنظمات التي ينتمون لها والعلاقات داخل نطاق محافظاتهم منابر لتسويق العبودية على حساب الحرية ، وأن يكون الحوار حول هؤلاء وطرائقهم راقيا يليق بثورتنا وجادا وموضحا لدورهم التضليلي غير عابئين بالإجراءات التي ستتخذها بحقهم الاذرع الأميركية في المنطقة فدماء شهدائنا وأعراض حرائرنا ومستقبلنا أجدر بالمراعاة .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مقال مهم ومتعوب عليه ولكن لماذا لم تسمي الاشياء بمسمياتها من هو الاقليمي المتحالف مع روسيا لماذا لاتشير فورا الى تركيا وايران في كل المقال لم يأتي ذكر تركيا مع انها الفاعل الرئيسي والاساسي بالازمة السورية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى