مقالات

الغدر أساس الحكم، دولة محمد علي باشا

ممدوح إسماعيل

محام وسياسي مصري.
عرض مقالات الكاتب

العسكري الداهية محمد علي قطع رقاب خمسة حكام واستولى على الحكم هذا ماحدث فى الواقع المصري وليس خيالاً.
عندما جاء محمد علي مع القوة العثمانية والإنجليزية لإنهاء الاحتلال الفرنسي عام 1799 الذى خرج من مصر في سبتمبر 1801؛ وجد محمد علي أن القوة في مصر تتمثل في الوالي العثماني، وعلماء الأزهر وقوتهم الشعبية والأوقاف والعسكر المماليك، والمال يسيطر عليه المماليك، فخطط بدهاء للعب على تفتيت هذه القوة ،والانفراد بالحكم.
ربما يظن البعض أن المقدمة مبالغ فيها، لكن الوقائع والنهاية تؤكد صدق المقدمة.
عقب خروج الفرنسيين تم تعيين (خسرو باشا) واليًا على مصر ، وقد بدأ باتخاذ الخطوات الآتية :
1-كان أول تخطيط محمد علي هدم واضعاف الفرمان العثماني ، فخطط محمد على لإزالة خسرو ،فتم تثوير الجنود الألبان التابعين له ضد خسرو وتم عزله وفرّ إلى دمياط.
2 -ثم قام محمد علي بتقديم طاهر باشا قائده العسكري للحكم ليتخلص منه، و أشعل محمد علي ثم ثورة الجنود الانكشارية ضده فتم قتله وتخلص محمد علي من قائده، وأصبح قائدًا للقوة الألبانية.
3 -اتجه محمد على للمماليك فتحالف محمد علي مع قائدهم البرديسي ضد الوالي الجديد( الطرابلسي) فتم عزله بعد يومين فقط من الحكم.
4 -عاد( خسرو) من دمياط بقوة محاولاً السيطرة على الوضع ،ولكن محمد علي والبرديسي قضوا على محاولته وتم ايداعه السجن.
5- أرسل السلطان العثماني فرمانًا جديدًا بتولية علي باشا الجزائري واليًا على مصر ، فنصب له محمد علي والبرديسى فخًا وهو فى طريقه من الإسكندرية لمصر فقتله قبل أن يجلس على كرسي الحكم .
6 – الإنجليز أرادوا استغلال الوضع فى مصر ،فارسلوا محمد بك الألفي عميلهم إلى مصر كى يسيطر على الحكم ؛ فنصب له محمد علي والبرديسى كمينا وقتلوا جنوده وفرّ هاربا إلى الصعيد واختفى.
يقول الجبرتى: إن محمد علي والبرديسي جرحا أيديهما ، ثم مص كل منهما دماء الآخر دلالة على الوحدة والإخوة
7- محمد علي قرر التخلص من البرديسي، فقام بتصديره للواجهة، ففرح بالمنصب ،وكان الشعب يغلي من الغلاء والجنود فى احتقان من انقطاع الرواتب ففرض البرديسي ضرائب جديدة وصادر أموالاً وبضائع، فدفع محمد علي الشعب للثورة ضده وضد المماليك، ونشر جنوده الالبان كى يتظاهروا بحماية الشعب من المماليك، ثم قام جنوده بمحاصرة بيوت المماليك وقتلوا بعضهم وحاصروا البرديسي ففر هاربًا للصحراء.
8 -ظل منصب الحاكم شاغرًا فأخرج محمد علي الوالي العثماني خسرو باشا من السجن ليجلس على كرسى الحكم، ولكن العلماء والشعب ثاروا ضده فتم عزله.
خسرو له نصيب من اسمه، فقد خسر كل شيء !
9 -في آخر خطة محمد علي للتخلص من الولاة العثمانيين قام بعرض اسم خورشيد باشا القائد العسكري القوي الذي سبق له أن هزم الصرب فى معركة شهيرة وكان وقتها حاكمًا للاسكندرية ولم يبق غيره فتم تعيينه واليًا ،ولكن خورشيد وجد الخزانة فارغة ففرض ضرائب جديدة، ولكن كانت أكبر أزمة يواجهها خورشيد هي الخلل الأمني الرهيب متمثلاً فى قطّاع الطرق من البدو، وغارات من بقايا المماليك، والأخطر تمرد الجنود الألبان بسبب انقطاع رواتبهم ، فاستدعى من الاستانة فرقة خاصة تسمى الديلي أى المجانين لضبط الأمن ، فزاد الأمر سوءًا، وزاد غضب الناس ،وثورتهم بسبب المظالم ضد خورشيد باشا.
أدرك خورشيد مؤامرة محمد علي فاستصدر قرارًا من الاستانة بإرسال محمد علي بقواته إلى جدة، ولكن محمد علي تلكأ فى التنفيذ ،فالشعب غاضب والجنود ثائرون على خورشيد والعلماء متوافقون مع الشعب ، وهي فرصة لن تعوض.
وقام عمر مكرم والشيخ الشرقاوي والعلماء بإعلان طلب إقالة خورشيد باشا وطالب الشعب بتعيين محمد علي فعرض عليه العلماء الحكم شرط أن يحكم بشرع الله والعدل ،فاظهر الامتناع ثم وافق وجاء القرار من الاستانة
وما أن استقر الحكم لمحمد على حتى وضع كل أموال الأوقاف فى يده ،وهو مالم يجرؤ عليه الاحتلال الفرنسي، وذلك لأنها كانت مصدر الإنفاق على الأزهر والعلماء وطلبة العلم وذلك لتجفيف مصدر قوتهم ، فثار العلماء فكان رد محمد علي: إذا ما قام الشعب بالتمرد مثلما تقولون فلا أملك إلا السيف والانتقام!
ثم نفى عمر مكرم وشرّد العلماء واستمال البعض منهم.
ثم قام بأكبر خطوة لانفراده بالحكم ، حين نفّذ مذبحة المماليك فقضى عليهم تمامًا ،ولم ينج غير واحد هو أمين بك الذى قفز بحصانه من فوق أسوار القلعة وفرّ إلى الشام، لتنتهى قوة المماليك تمامًا من على أرض مصر.
وبعد قضاء محمد علي على خمسة حكام من العثمانيين واثنين من قادة المماليك وذبح أربعة آلاف مملوك عسكريومن ثم على الأزهر أكبر قوة فى مصر ،وذلك في أقل من خمس سنوات فقط لينفرد بالحكم .
تم إعلان دولة أسرة محمد علي لتحكم مصر نحو 150عامًا.
هذه الأحداث من التاريخ تعلمنا كيف يفكر العسكر، وكيف يتم تخطيطهم ضد بعضهم ،وإن كانت الأمور تطورت بصورة مختلفة لكن أساسها واحد .
هذه بعض من خطط العسكر ومؤامرتهم ضد بعضهم ،فهم يستخدمون الشعب وضرب القوى بعضها بعضًا لتحقيق مصالحهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى