مقالات

مصر إلى… قراءة سيكولوجية

د. موسى الزعبي

كاتب وباحث سوري.
عرض مقالات الكاتب

عندما خرج مبارك عن قواعد اللعبة بمصر، تلك القواعد التي وضعها عبد الناصر وهو أن الجيش هو صاحب السلطة الأولى والأخيرة وأن “الريس” يجب أن يكون ابن المؤسسة العسكرية، وبدأ يعمل على توريث ابنه جمال ابن المؤسسة المدنية بمساعدة سوزان جاء إيعاز لقيادات الجيش المصري بأنه خط أحمر ، وعليهم الاستعداد للانقلاب على جمال حال موت مبارك لأن الزعيم في بلانا الديمقراطية يحكم حتى الموت !
ولكن انفجار الربيع العربي من تونس ،قد أوجد عند الجيش المصري ضالته، فحرك الشارع من خلال أدواته، فالجيش يحكم منذ سبعين سنة ويسيطر على كل مفاصل الدولة ، ويشكل دولة داخل الدولة ، وله خبرة بسيكلوجية الشعب المصري، حيث ينظر إليه إنه شعب غلبان عاطفي ، و يمكن تحريكه بسهولة من خلال الإعلام وكان هناك إيعاز لبعض القنوات الإعلامية بنقل الحدث و تحريكه ونزلت الدبابات لساحة التحرير واجتمع المجلس العسكري ورفض حضور مبارك الذي حضر دون ترحيب وأقر عزل مبارك وعندما اعترض جعلوه ينظر من النافذة لفوهات مدافع الدبابات بساحة التحرير فوجدها موجهة جميعًا باتجاه قصره وأيقن أن الانقلاب العسكري نجح .
ومن يراجع أحداث يناير يدرك ذلك فطلب من عمر سليمان بتلاوة بيان التنحي وبدأ ظاهريًا أن الشعب من اسقطه! وقاد الانقلاب أخطر ضابط هو سامي عنان الذي يتردد عنه أنّه يؤله الجيش ويحتقر الشعب وهو ما يرحب به الشعب المصري اليوم !
ولكن الجيش لم يعتقد أن مدنيًا يستطيع النجاح -رغم دراسات الاستخبارات – فنحوا أكثر المنافسين عن الترشح بحجج واهية مثل صلاح أبو اسماعيل وعمر سليمان والشاطر ولكن نجح منهم مرسي بفارق لا يذكر مع شفيق ابن الجيش، وهذا ما دفع الجيش ليشيطن مرسي وجماعته من خلال الإعلام ، وعمل على تغيير رأي الشارع المصري خلال سنة وعزله وانقلب عليه ، مدوعًا بقوى إقليمية ودولية لاترغب بالتغيير .
ما يحدث اليوم -رغم أنه بتنسيق مع السيسي- لإثبات قوته وولاء الجيش وقدرته على تحريك الشارع وكشف المتمردين، ولكن اعتقد أن الأمور ستخرج من يده لأنه أصبح عبئًا على الجيش الذي “يقدسه” الشعب المصري فجعل منه سبة ونكرة أمام الشعب وأذا استمر السيسي بالحكم لسنوات فإن الجيش سيصبح بنظر الشعب عدوًا كالجيش السوري الطائفي وبالتالي انهيار الجيش مستقبلاً الذي يحكم منذ سبعين سنة وتهديد مبادئ إيزنهاور الخمسة بحماية جنوب إسرائيل ، وهنا نحن أمام سيناريوين إمّا أن يقوم السيسي بتقديم عشرات الضباط ككبش فداء ، وهذا لن ينقذ سمعة الجيش لأنه أصبح منبوذًا شعبيًا وعلى مستوى الجيش رغم انه لا قيمة لرأي الشعب بمصر سياسيًا بل المخابرات تلعب فيه
أو أن يقوم الجيش بالتخلص من السيسي بإيعاز خارجي وبذلك يضرب عدة عصافير بحجر واحد ،بجعل السيسي كبش فداء وينقذ سمعة الجيش المصري وينقل السلطة لابن مؤسسة الجيش ولو كان هناك رغبة بتنفيذ السيناربو الأول لما جعلوا الشارع يتدفق هكذا ، هذا الشارع الذي لن يسكته إلاّ رحيل السيسي.
وهنا الجيش يحتاج شرعية مدنية لتمرير المخطط فغالبًا سيكرر سيناريو السادات بفتح السجون لخصوم السيسي سابقًا وينتعل بعض الأحزاب لتمرير لعبة الانقلاب بهدوء، ومن يشاهد ظاهرة محمد علي فإن المطلوب منه فقط شتم السيسي وليس الجيش والمطالبة بتنحي السيسي وليس الجيش، رغم أن الجيش هو نسخة كربونية عن السيسي ,ويعتبر السيسي المخلص لهم من الحكم المدني وقداسته كقداسة عجل بن اسرائيل .
والجميع ينتظر البيان رقم واحد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى