بحوث ودراسات

حقيقة علاقة إيران بأمريكا وإسرائيل: قراءة في كتاب “التحالف الغادر” لتيريتا بارسي 4 من 5

د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

أكاديمي مصري.
عرض مقالات الكاتب

آمال واهية على إدارة بوش الابن في حل القضيَّة الفلسطينيَّة

توسَّم العرب خيرًا في إنصاف جورج بوش الابن الفلسطينيين، وإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي المنصوص على الانسحاب منها، وفق معاهدة أوسلو؛ وكذلك اعتقد الإيرانيُّون أنَّ إدارة بوش، بمعاونة نائبه ديك تشيني، ستكون لصالحهم؛ بسبب انتقاد الأخير العقوبات الاقتصاديَّة التي فرضها كلينتون على إيران. يشير بارسي إلى أنَّ بوش الابن كان يتَّخذ موقفًا مهادنًا تجاه إيران، لكنَّ ذلك لم يعجب إسرائيل، التي سارعت باستخدام آلتها للضغط، الأيباك، في دفع بوش الابن إلى تجديد عقوبات أمريكا على إيران.  تخلل فترة دراسة إمكانيَّة التقارب الأمريكي مع إيران، حدوث واقعة تفجير برجي مركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك، في 11 سبتمبر من عام 2001، وفطنت الإدارة الأمريكيَّة حينها إلى أنَّ الخطر الإسلامي الذي يواجه الغرب لا يكمن في شيعة إيران، إنَّما في أتباع المذهب السُّنِّي المتشدد. وطوال عقد التسعينات، كانت إيران الرَّاعي الأساسي للتحالف الشمالي لمواجهة حركة طالبان، الدَّاعم الرَّئيس لتنظيم القاعدة، مع روسيا والهند. انتهزت إيران الفرصة وقتها في تأسيس علاقة تعاوُن مع أمريكا لإثبات حُسن نيَّاتها، كما استغلَّ كولن باول، وزير الخارجيَّة الأمريكي وقتها، ذلك في إغراء إيران بفتح صفحة جديدة في التعاون مع بلاده، في مقابل توقُّفها عن دعم الجماعات المسلَّحة المعادية لإسرائيل. ازدادت العلاقات الإيرانيَّة-الإسرائيليَّة توتُّرًا إثر ذلك؛ بسبب خوف إسرائيل من تعرُّض مصالحها مع أمريكا للخطر، بعد تقاربها مع إيران. قدَّمت إيران لأمريكا، في إطار القضاء على حركة طالبان، معلومات دقيقة عن طبيعة الحركة والظروف الداخليَّة لأفغانستان، كما قدَّمت لها قاعدات جويَّة، كما عرضت إجراء عمليَّات بحث وإنقاذ للطيَّارين الأمريكيين المفقودين.

فضيحة إم في كارين إيه تزيد الأمور تعقيدًا

في 3 يناير من عام 2002، ضبطت إسرائيل السَّفينة كارين إيه، في المياه الدوليَّة في البحر الأحمر. كانت السفينة، التي كان يقودها ضابط في القوَّات البحريَّة الفلسطينيَّة، تحمل صواريخ كاتيوشا، وقذائف هاون، ورشَّاشات آليَّة، وذخائر، بخلاف معدَّات عسكريَّة أخرى. أصرَّت إسرائيل على أنَّ تلك السَّفينة كانت تُبحر من جزيرة كيش الإيرانيَّة، برغم نفي إيران، لكنَّ ثبوت كون كافَّة الأسلحة إيرانيَّة الصُّنع أوصل إسرائيل إلى الاستنتاج بأنَّ إيران أرادت منح السُّلطة الفلسطينيَّة السلاح، بما يتنافى مع المعاهدات الرسميَّة مع إسرائيل. كانت تلك الواقعة فرصة ذهبيَّة لإنهاء الحوار الأمريكي-الإيراني، وإيقاف الضغط الأمريكي على إسرائيل للتوصل إلى حلٍّ مع الفلسطينيين. وما كان الرئيس بوش الابن إلَّا أن وصف إيران والعراق وكوريا الشَّماليَّة، في خطاب ألقاه في 29 يناير 2002، بـ ‘‘محور الشَّر’’، وحينها أصيبت إيران بصدمة، وذهب تعاونها مع أمريكا ضدَّ طالبان والقاعدة سدى. ومع ذلك، لم تنقلب إيران على أمريكا في أفغانستان. ويشير بارسي إلى أنَّ بوش الابن طلب من شارون، في فبراير 2006، تهدئة نبرة انتقاد إيران وعدم التهويل في وصف خطرها، في الوقت الذي كان الخطاب الإسرائيلي يستعد لتقديم إيران باعتبارها ‘‘خطرًا عالميًّا’’. بعد توصية بوش الابن، اتَّجهت إسرائيل إلى تخفيف لهجتها تجاه إيران، ولكن مع التشديد على ضرورة التأكُّد من عدم امتلاك إيران أسلحة دمار شامل (ص237).

موقف إيران وإسرائيل من حرب الخليج الثالثة

كانت إسرائيل من أشدِّ مؤيِّدي مخطط جورج بوش الابن لغزو العراق، أقل من عامين من غزوه أفغانستان. وبرغم كانت دولة العراق تعانيه وقتها من ضعف، رأت إسرائيل أنَّ الحرب كانت ستعيد تشكيل منطقة الشَّرق الأوسط لصالحها، وستجبر العراق على اتِّباع النهج المصري، بالاعتراف بالكيان الصهيوني والتعاون معه والاعتماد على أمريكا، علاوة على فرض مزيد من العزلة على إيران وسوريا، أهم أعداء إسرائيل في محيطها، وإعادة فتح المجال أمام التعاون الإسرائيلي مع أكراد العراق في إحياء مشروعهم الانفصالي (ص239). يُذكر أن هيئة الإذاعة البريطانيَّة قد أفادت في سبتمبر من عام 2006، بتوصُّلها إلى أدلَّة على أنَّ إسرائيل عملت على تدريب الأكراد شمال العراق، على الحدود الإيرانيَّة. والمفارقة التي ينقلها بارسي هي أنَّ إسرائيل كانت تعارِض حرب العراق في الأصل، موضحًا أنَّه أرسلت ممثلين لها إلى أمريكا منذ مطلع 2002، لتسجيل اعتراضها على تلك الحرب؛ لأنَّ في بقاء العراق حفاظ على التوازن في مواجهة العدو الحقيقي، إيران. غير أنَّ إصرار إدارة بوش الابن على الحرب دفع إسرائيل إلى إعادة حساباتها. ولم يختلف موقف إيران عن موقف إسرائيل الأوَّل؛ حيث رأت عدم جدوى الحرب، في ظلِّ ضعف الجيش العراقي، والتردِّي الاقتصادي الهائل، وتكبُّل صدَّام حسين بالعقوبات الدوليَّة؛ ومن ثمَّ، فبقاء نظام صدَّام كان أفضل من مجيء حكومة أمريكيَّة معادية لسياستها.

لم يكن بإمكان أمريكا خوض حرب العراق في 2003، دون مساعدة من إيران، التي كان لديها أهم المعلومات بشأن الشبكات الاجتماعيَّة القبليَّة في العراق، والتي جمعتها خلال حرب الخليج الأولى، التي امتدَّت لثماني سنوات. تعاملت إيران مع الموقف بحذر؛ لعلمها بأنَّ انفلات الأمور في العراق كان ليسفر عن حالة من الفوضى، قد يستغلَّها أكراد العراق في الانفصال، فيتَّبعهم أكراد إيران في ذلك. وأثبتت إيران جديَّتها في التعاون مع أمريكا، ليس فقط في غزو العراق، بل وفي إعادة إعمارها كذلك، علاوة على دورها في إقناع ملالي العراق في التعاون مع القوَّات الأمريكيَّة، بدلًا من محاربتها.

مستقبل العلاقات الإيرانيَّة-الإسرائيليَّة: مواجهة عسكريَّة حتميَّة

يذكر تيريتا بارسي في الفصل الأخير من كتابه أنَّ التنافس الإيراني-الإسرائيلي في الشَّرق الأوسط، منذ زمن الحرب الباردة، قد أعاق العديد من المشروعات الأمريكيَّة في المنطقة؛ لأنَّ كلَّ دولة أفسدت السياسات الأمريكيَّة التي وجدتها في صالح الأخرى. عملت إيران على إفساد مشروع السَّلام في الشَّرق الأوسط، خشية أن تؤسس أمريكا نظامًا جديدًا مركزه إسرائيل، كما عارضت إسرائيل التقارُب الأمريكي-الإيراني، خشية أن يمنح ذلك إيرانَ أهميَّة استراتيجيَّة لدى أمريكا على حساب مصالح الإسرائيليين. تستفيد أمريكا من إيران، باعتبارها حاجزًا أمام الصين في الوصول إلى مصادر الطَّاقة في بحز قزوين والخليج العربي، كما استفادت منها بنفس الطريقة مع الاتحاد السوفييتي قبل انهيار الشيوعيَّة. غير أنَّ ذلك لم يطمأن إسرائيل في مخاوفها من التهديدات الإيرانيَّة، كما أنَّه يمنح إيرانَ ميزة على حسابها، في ظلِّ ترقُّبها نشأة نظام جديد في المنطقة يوازي الاتحاد السوفييتي، قد يكون لنظام ملالي الشِّيعة الزَّعامة فيه. ومع إصرار إيران على تنفيذ مخططها التوسُّعي بالسَّيطرة على الشَّرق الأوسط، تجتهد أمريكا في تأسيس نظام جديد يتعارض مع التوازن الطبيعي، ويعمل على عزل إيران عن باقي دول المنطقة.

لم يقم الخلاف بين إيران وإسرائيل على أساس أيديولوجي، إنَّما تحكَّمت فيه على مدار عقود التغيُّرات الجيوسياسيَّة في المنطقة. على سبيل المثال، بدأ الشَّاه محمَّد رضا بهلوي في إبعاد نفسه عن إسرائيل، بعد أن تنامت قدرته على تطبيع علاقته بالجيران العرب؛ فأصبحت علاقته بإسرائيل عنصرًا سلبيًّا يحطُّ من قدره في عيون العرب. غير أنَّ علاقته السريَّة بإسرائيل كانت من بين الأخطاء التي حُسبت عليه، وحشدت الجماهير ضدَّه خلال أيَّام الثورة الخمينيَّة في 1979. ومع ذلك، فقد استعان نظام الخميني، وفي حياته، بإسرائيل في الحصول على السلاح في حربه ضدَّ صدَّام، والتقت المصالح الاستراتيجيَّة للبلدين في سعيهما المشترك لتدمير العراق. ينقل بارسي عن الرئيس الإيراني الأكبر هاشمي رفسنجاني، قوله في خطبة الجمعة ذات مرَّة “أيديولوجيَّتنا مرنة؛ فبإمكاننا اختيار النفعيَّة على أساس الإسلام”.

يتطرَّق بارسي إلى إعادة الخطاب الرئاسي الإيراني في عهد محمود أحمدي نجاد استخدام نبرة تهديد واستخفاف تجاه إسرائيل، ويشهد على ذلك استهزاء نجاد بالهولوكوست، في خطاب ألقاه في خريف عام 2005، مطالبًا أوروبا بتسديد التعويض، بدلًا من الشَّعب الفلسطيني. أراد نجاد من جديد كسب التأييد الإسلامي لتزعُّم الدفاع عن القضيَّة الفلسطينيَّة. وما ضاعف من الحفاوة العربيَّة الإسلاميَّة بكلمة نجاد تلك، أنَّ مجلس الأمن التَّابع للأمم المتَّحدة أصدر بيانًا يشجب فيه هذا التصريح لنجاد، بينما أدانت الولايات المتَّحدة التصريح وهددت أوروبا بتأييدها في تطبيق مزيد من العقوبات وفرض مزيد من العزلة على إيران. استخدم نجاد عبارات صادمة في انتقاد إسرائيل وصلت إلى حدِّ التشكيك في مشروعيَّة تأسيس الدولة، على عكس سابقه، محمَّد خاتمي، الذي حرص على عدم التعرُّض لتلك المسائل، في دفاعه عن حقوق الفلسطينيين، ولم يكن له هدف سوى التقرُّب إلى العرب. ولا شكَّ في أنَّ نجاد يهدد إسرائيل من موقع قَّوة، مستندًا إلى امتلاك بلاده مفاعلًّا نوويًّا، في مخطط لتخصيب اليورانيوم بدأ منذ عهد الشَّاه، الذي تلقَّى الدعم في ذلك من أمريكا، التي لم تكن تعلم أنَّ نظام الملالي سيستخدم ذلك مستقبلًا في مشروعات تهدد أمن إسرائيل.

تعي إسرائيل بأنَّ تطوير إيران القدرة على تخصيب اليورانيوم بكميَّات كبيرة، وبدرجات عالية، يعني وصول الصراع إلى مرحلة اللاعودة. وقد وقَّعت إيران على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النوويَّة، وتنصُّ المادَّة IV في تلك المعاهدة على حريَّة البلاد في تخصيب اليورانيوم لأهداف سلميَّة. مع ذلك، تصرُّ إسرائيل على أنَّ إيران قد تطوِّر قنبلة نوويَّة، وقد أكَّدت وزيرة الخارجيَّة الإسرائيليَّة، تسيبي ليفني، في صيف عام 2006، أنَّ كلَّ يوم يمرُّ يقرِّب إيران من هدفها المتمثِّل في تطوير سلاح نووي. واستغلَّت جماعة الضغط اليهوديَّة الأشرس، اللوبي الصهيوني الأيباك، ما يُشاع عن برنامج إيران النووي، في حشد الرأي العام الأمريكي ضدَّ إيران، وفي دفع إدارة الرئيس جورج بوش الابن للعمل على إيقاف المشروع، من خلال عدم إمداد إيران بأيِّ تقنيات تسمح بالتخصيب. تسببت احتماليَّة ضرب إسرائيل المشروع النووي الإيراني في أزمة مؤرقة لأمريكا، خاصَّة مع علمها أنَّ إسرائيل لا تمتلك من القدرات على القيام بذلك بدون مساعدة أمريكيَّة، وحينها ستقوم الدنيا على أمريكا. لإدراكها ذلك، حرصت إدارة بوش الابن على توجيه تهديد شديد اللهجة إلى إيران، لدفعها إلى التخلِّي عن مشروعها النووي، تجنُّبًا لأيِّ مواجهة عسكريَّة في المنطقة قد تؤدِّي إلى حالة من عدم الاستقرار تضرُّ بمصالح أمريكا في المنطقة.

موقف إيران من المعارضة الدوليَّة لمشروعها النووي

كانت إيران تعي جيِّدًا أنَّ مضيِّها في مشروعها النووي ما كان إلَّا أن يضعف من موقفها الاستراتيجي في المنطقة، التي طالما أنَّها تبقى ممنوعة من تطوير أسلحة نوويَّة، فمن الطبيعي أن يُحدث برنامج إيران أزمة، تتمثَّل في محاولة دول عربيَّة دخول هذا المجال، ولعلَّ الكويت والبحرين أهمَّها؛ لما تشكِّله إيران من تهديد لمحيطها، وبخاصَّة الدول العربيَّة التي ينتشر فيها الوجود الشِّيعي. كانت إيران تعي كذلك أنَّ مشروعها النووي ليس الرَّادع الوحيد لهجوم من دولة مثل إسرائيل، وقد صرَّح السفير الإيراني لدى الأمم المتَّحدة، جوَّاد ظريف، بأنَّ بلاده لديها من وسائل الرَّدع ما يغنيها عن تطوير برنامج نووي. مع ذلك، لم تكف إسرائيل عن الخوف من فكرة استغلال إيران هذا البرنامج لمحاربتها، وإن كانت تستبعدها. ويعلِّق بارسي على ذلك بقوله “سواءً كانت إيران عقلانيَّة أم لا، انتحاريَّة أم لا، تنوي بالفعل الاعتداء على إسرائيل أم لا، تظلُّ إيران صاحبة المشروع النووي مشكلةً لإسرائيل؛ لما لذلك من تأثير على إمكانيَّة المناورة الاستراتيجيَّة الإسرائيليَّة” (ص272). يوضح بارسي أنَّ امتلاك إيران ذلك البرنامج كان ليقلل من قدرة إسرائيل على تهديد خصومها الفلسطينيين، كما كان سيعطيها ثقلًا في المنطقة، على حساب إسرائيل. من هنا، يقول بارسي أنَّ الصَّراع على فرض السِّيادة في المنطقة بين إيران وإسرائيل سيسفر عن مواصلة عدم الاستقرار في المنطقة، وتقويض مصالح أمريكا فيها، إن لم تنتبه أمريكا إلى أنَّ لا يمكن تحقيق الاستقرار أو الديموقراطيّة في المنطقة إلَّا بعد تأسيس نظام جديد في الشَّرق الأوسط يضمن تحقُّق مصالح كافَّة دوله، بما فيها إيران، وهو ما لم تفعله أمريكا حتَّى وقت إصدار هذا الكتاب، وربَّما إلى اليوم. يواصل الخطاب الرسمي الأمريكي الهجوم على مساندة إيران للمليشيات الشِّيعيَّة المسلَّحة، وزعزعة استقرار العراق، لكنَّه انحرف عن مساره السَّابق، الذي يشير إليه بارسي، من تجاهلٍ للعمليَّات التي شنَّتها القوَّات السُّنِّيَّة المتطرِّفة في العراق، وتسببت على حدِّ قوله في 90 في المائة من الخسائر الأمريكيَّة. 

ولأنَّ بارسي نشر كتابه الذي بين أيدينا في عام 2007، فهو لا يشير إلى اتفاق لوزان النووي، الذي عُقد بين إيران من جهة، والصين، وروسيا، وأمريكا، وفرنسا، وألمانيا وبريطانيا من جهة أخرى في أبريل من عام 2015، بهدف تحقيق تفاهُم مشترك بشأن مشروع إيران النووي، وإنهاء الخلافات والتهديدات والعقوبات المفروضة على إيران. ينصُّ الاتفاق على التزام إيران بطوير طاقة نوويَّة لأهداف سلميَّة، وعدم تجاوُز الحد المفروض من تخصيب اليورانيوم. غير أنَّ أمريكا وجدت ألَّا جدوى من انضمامها إلى خطَّة العمل الشاملة المشتركة-JCPOA-مع إيران؛ لما رأته من عدم التزامها بشروط اتفاق لوزان. وفي 8 مايو من عام 2018، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب بلاده من خطَّة العمل تلك؛ لأنَّها لم تضمن السَّلام المرجو، مشيرًا إلى اعتزامه تطبيق أقسى عقوبات اقتصاديَّة ممكنة على إيران. وقد تناوَل موقع هآرتس الإسرائيلي هذا الموضوع في مقالٍ نشره في اليوم التالي لإعلان ترامب.

وينقل مقال نشره موقع جيروساليم بوست في ردِّ فعل مباشر على إعلان ترامب انسحابه من خطَّة العمل الشاملة المشتركة مع إيران، تأييد رئيس الوزراء الإسرائيلي وزعيم حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، قرار ترامب، معتبرًا أنَّ استمراره كان سيمنح إسرائيل ما يكفي من اللوازم “لتطوير ترسانة من القنابل”، ويقصد النوويَّة.

وينقل المقال ذاته موقف الأمير خالد بن سلمان، سفير المملكة العربيَّة السَّعوديَّة في أمريكا ونجل العاهل السَّعودي، الذي كان من أوائل المعلنين تأييدهم قرار ترامب. إلى جانب تأييد خطوة ترامب، ذكَّر السفير بتحفُّظات بلاده على موادَّ اتفاق لوزان، خاصَّة ما يتعلَّق بالصواريخ البالستيَّة، في ظل ما رآه “الدعم الإيراني للإرهاب في المنطقة”.

تناوَلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكيَّة، عبر موقعها الإلكتروني، في 5 نوفمبر 2018، بداية الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكيَّة على إيران، متسائلةً مَن سيدفع ثمن تأثُّر أسعار النفط في العالم بحظر بيع النفط الإيراني.

اعتبر المقال أنَّ عقوبات ترامب ‘‘مقامرة’’ قد يدفع المستهلك الأمريكي ثمنها، بصعود سعر برميل النفط من 73 دولارًا إلى 100 دولار، مع انخفاض نسبة الإنتاج العالمي للنفط ما يقرب من 1.1 مليون برميل في اليوم، بعد التضييق على إيران في تسويق نفطها.

تجدر الإشارة إلى أنَّ الرئيس الإيراني حسن روحاني قد هدَّد على خلفيَّة فرض تلك العقوبات على بلاده، بإغلاق مضيق هرمز، الذي تمرُّ من خلاله سُفن النفط الخليجي يوميًّا، وهو تهديد تعهَّد الجيش الأمريكي بالردِّ عليه فورًا. وكانت صحيفة الجارديان البريطانيَّة من بين وسائل الإعلام الغربي التي تناولت التهديد، في مقال نشرته في 5 يوليو 2018.

وعن كثرة تهديدات إسرائيل بتدمير إيران خلال ساعات معدودة، دون تنفيذ فعلي، كتب موقع سكاي نيوز عربيَّة في 21 يناير 2019، عن تصريحات ناريَّة لأحد المسؤولين الإيرانيين، عن استهداف إسرائيل ما يُعرف بـ ‘‘فيلق القُدس’’، وهي قوَّة عسكريَّة إيرانيَّة، تعرِّفها موسوعة ويكيبيديا بأنَّها “وحدة قوات خاصة للحرس الثوري الإيراني، ومسؤولة عن عمليَّات خارج الحدود الإقليميَّة”.

ولعلَّ من أحدث المناوشات الإيرانيَّة-الإسرائيليَّة إعلان إيران عن منظومة صاروخيَّة جديدة بعيدة المدى، يصل مداها إلى 1300 كيلومتر، بمناسبة الاحتفال بالذِّكرى الأربعين للثَّورة الإسلاميَّة، كما نقل موقع هآرتس الإسرائيلي، في 2 فبراير 2019.

ينقل المقال عن وزير الدِّفاع الإيراني، أمير حاتمي، قوله خلال مناسبة إطلاق المنظومة الجديدة، أنَّها بإمكانها الاستعداد للانطلاق في وقت قصير، علاوة على قدرتها على الطيران في علوٍّ منخفض. ويشير مقال هآرتس إلى أنَّ إيران طوَّرت منظومَّتها الصَّاروخيَّة، خاصَّة الصواريخ البالستيَّة، متحديةً المعارضة والتحذيرات الأمريكيَّة والمخاوف الأوروبيَّة.

وكانت إيران قد تجاهلت تحذيرًا أمريكيًّا بعدم تنفيذ 3 عمليَّات تُخطط لها لإطلاق صواريخ، على اعتبار أنَّ في ذلك خرقًا لقرار أصدره مجلس الأمن التَّابع للأمم المتَّحدة؛ حيث حاولت في يناير 2019، إطلاق قمر صناعي إلى الفضاء، لكنَّ المحاولة بائت بالفشل، كما صُرِّح.

في الختام، يشير المقال إلى أنَّ إيران طوَّرت صناعة السلاح محليًّا، في مواجهة حصارات وعقوبات تُفرض عليها منذ عقود لعدم استيراد أسلحة من نوعيَّة التي تنتجها، وكان ذلك وراء انسحاب أمريكا من خطَّة العمل الشاملة المشتركة.

من جانبه، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال الاجتماع الوزاري الأسبوعي، يوم الأحد 3 فبراير 2019، أنَّ “دولة إسرائيل لن تتردَّد في الردِّ، حتَّى في فترة الانتخابات”، موجِّهًا بذلك رسالة قويَّة لإيران وحركة حماس.

أضاف نتنياهو أنَّ بلاده بدأت منذ نهاية الأسبوع بناء حاجز فوق الأرض، على امتداد الحدود مع غزَّة، يمنع تسلُّل الإرهابيين من هناك عن اختراق الحدود إلى داخل إسرائيل.

ووجه نتنياهو رسالة إلى إيران قال فيها “لديَّ رسالة واضحة إلى طغاة طهران: نعرف ما تفعلون، وأين تفعلونه. سنواصل اتِّخاذ الإجراءات ضدَّ إيران بكلِّ الوسائل التي بين أيدينا؛ لضمان أمن إسرائيل ومستقبلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى