الأخ الدكتور أحمد برقاوي
والأخ الدكتور أسامة القاضي، اطلعت على مبادرتكم، وتركيزي على الجانب الاقتصادي في المبادرة، بحكم تخصصي العلمي الدقيق.
يتضح لمن يقرأ ما كتب الدكتور أسامة القاضي أنه قدم لنا كتابًا تدرسيًا مبسطًا، وإطارًا نظريًا فكريًا لأهمية العامل الاقتصادي في بناء مشروع وطني، ودستورًا لسوريه . هذه المعلومات المقدمة تصلح لمحاضرات على طلاب سنة أولى اقتصاد أو حقوق ! مصور كتاب تدريسي يارجل ، دون تقييم للتجارب والأفكار ،دون تحديد إمكانية ونقاط الاستفادة . ومدى توافقها مع حاجات الواقع !
وقد تقول لنا : لماذا ؟ ونقول لك : نعم هي كذلك ولكن ليست منطلقًا لنبني عليها دستورًا وعقدًا اجتماعيًا .
جوهر الدستور وقاعدته الرئيسة الاقتصاد وحياة الناس المادية ومصالحها ،وهو الأساس الذي يبنى عليها الحياة السياسية والقانونية والاجتماعية والتعليمية . ومن يضع في تصوره ما ذكرنا فقد كان من المفترض أن يحدد هوية الاقتصاد اولا وطبيعة النظام الاقتصادي المقترح بكل وضوح . ويستند في تخياراته على فهم واقع الاقتصاد السوري ومستوى تطوره وحالة سورية الحالية ، ولا يكون عاطفيًا في طرح يبدو خارج الزمان والمكان !
ولتحقيق ذلك لابد من تحديد مفهوم الدولة ووظائفها في المبادرة، طبعًا سمة العصر أن الدولة تتدخل في الحياة الاقتصادية ، ولكن تختلف درجة التدخل من بلد إلى آخر ،وأيضًا بنفس البلد بين مرحلة وأخرى .
الحزب الجمهوري الليبرالي اليميني الذي يبني فلسفته الاقتصاديه على أن آليات الرأسماليه قادرة على حل مشاكلها وأمراضها، ولذلك يجب الحد من تدخل الدول ، في حين أن الحزب الديمقراطي يؤمن بتدخل الدولة بالحياة الاقتصادية ، وبخاصة في برامج الصحة والتعليم والبرامج الاجتماعية ،وقد جاءت النظرية الكينزية و الكنزيون الجدد عبر نظرية الطلب الفعال وتحريضه عن طريق تدخل الدولة . وهذا التوجه خدم النظام الرأسمالي بالتخلص من أزمته العامة 1929 ، وأعطى قوة دفع للرأسمالية بصراعها مع المعسكر الاشتراكي ، وكينز هو من صاغ مؤسسات النظام الدولي بعد الحرب ،ولذلك فإن الحزبين يتداولان إدارة الاقتصاد الرأسمالي تحت سقف الطبقة الحاكمة الاحتكارية ، وكل حزب له علماؤه في كل جوانب الحياة ومؤسسات إعلامية وبحثية وجامعات تقوم بالبحوث ووضع البرامج لكل مرحله ، مثال مدرسة شيكاغو واقتصاديات الغرض تمثل الاتجاه الليبرالي اليمني ،والتي تتبنى وضع البرامج للحزب الجمهوري ، وايضا هناك المدرسة الكينزية ، والاقتصاديات الرشيدية وغيرها تضع وتساهم بوضع برنامج الحزب،الديموقراطي .
وملخص القول : إن تبني أي مشروع اقتصادي لا يتم إلا بعد تحليل ودراسة عميقة لواقع الاقتصاد السوري و موارده وطاقاته بشكل دقيق؛ ومراحل تطورة وتركيبة قطاعاته . ولا اتوقع انكم تمتلكون هذه الدراسات ، لأن الواقع يقول لاتتوافر في سورية أي معلومة حقيقية وصحيحة وأرقام !
فكافة الأرقام كانت مسيسة وغير،صحيحة ، وقلة الدراسات التي تحمل قيمة علمية في سورية .
مثال توضيحي :
كان من أهم أسباب سقوط الاتحاد السوفيتي هو فشله في إدارة الاقتصاد وبخاصة في الخطتين 11 – 12 ، وقد كان ومازال النظام السوري يستهويه النمط الاستبدادي للاقتصاد الاشتراكي ،وتبنى الاقتصاد الاشتراكي المشوّه معبرًا القطاع العام الرائد للاقتصاد ،والقطاع الخاص رديفًا ،وتوسع سيطرة الدولة وتدخلها في كل جوانب الحياة الاقتصادية وسخرها لخدمة منطقها الاستبدادي . ولكن بعد سقوط التجربة الاشتراكية . ضاع النظام في إيجاد هوية اقتصادية أو أن ينبي نظامًا اقتصاديًا ، وجاء حكم بشار وفي المؤتمر القطري طرح محمد الحسين بأن النموذج المطلوب الإداره بالاهداف ، واعجبت النظام الفكرة ، لأن تلخص المشكلة السورية أنها مشكلة إدارية وعلينا الإصلاح الإداري ، هروب من استحقاقات الإصلاح الجذري والحقيقي ، طبعا فشلت الفكرة ، بعد 2005 حاول البعض أن يطرح فكرة اقتصاد السوق الاجتماعي ، الفكرة التي تبنتها ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية ، التجربة الألمانية فشلت فشلاً ذريعًا بعد تسعة شهور ، والغيت التجربة ، لا اعرف كيف تبناها الدكتور أسامة ؟ وهي تجربه لا تستحق الطرح. فيما يتعلق في نموذج الرأسمالية الاجتماعية ،هذه التجارب تعاني من مشاكل كبيرة من حيث القوانين التي تتبناها ،أو من حيث بيروقراطية الدولة المقيتة ، هذا الدوال تعاني من استبداد الدولة ،واستبداد الديموقراطية التمثيلية التي تتحكم بها بعض الأحزاب والتي تمثل بعض الفئات الاجتماعية على إرادة الشعب ، وهي أكثر استبدادية من نمط حكومة البلاشفة في الاتحاد السوفيتي ، لذلك اليوم ومنذ عقدين حدثت ثورات على الديموقراطية التمثيلية في معظم الولايات المتحدة وكافة الدول التي تتبنى الرأسمالية الاجتماعية سويسرا السويد النرويج ، وهناك تجارب مختلفة حول حول إقحام الديموقراطية التشاركية كرديف للديمقراطية التمثيلية بتوسيع صلاحيات المحافظات والمدن في قرار ومتابعة وتنفيذ مواردهم المالية وشكل إنفاقها للتخفيف من دور المركز والأحزاب المتحكمة وصلاحيتها .
عند الربط بين العامل الاقتصادي والسياسي ، فالديموقراطيه ليسفقط هي سياسية و صناديق انتخابات، وإنما هي ديمقراطية اقتصادية واجتماعية في الجوهر .
تقسيم سوريه إلى ستة أقاليم تحكمي ليس له مبررات جغرافية أو اقتصادية أو ديموغرافية ، او حتى إثنية او طائفية .
مثال : الإقليم الشرقي واعتقد المقصود فيه الدير والرقة والحسكة ، ما مبررات هذا إقليم ؟ حيث الأكراد نسبتهم لا تزيد قبل الثورة عن 23% من سكان الإقليم ، وطبعا حاليًا انخفضت فقسم كبير منهم هاجر لأوروبا ، فهل الديمقراطية أن تراعي مصالح 23% وتتجاهل 77% ؟
مثال آخر الإقليم الجنوبي . اتوقع المقصود ثلاث محافظات درعا والسويداء والقنيطرة ، الدروز في السويداء 225 الف فقط وهناك أكثر من 125 الف بدو سنه سكنوا في قرى السويداء . ودرعا 1.3 مليون . والقنيطرة 100 الف حاليًا ما عدا النازحين في المحافظات الأخرى !
طرحت المبادرة مكونات سوريه ولها كل الاحترام الكلدان والسريان ونسيتم الآشوريين ، الثلاث مكونات لا يزيد عددها عن 35 الف شخص في سوريه في تل تمر وقراها وبعض أحياء الحسكة ،وحاليا لم يبقى منهم سوى 500 شخص ، من المفترض أن نقيم إقليم تل تمر. حتى إقليم الساحل لا مبررات ديموغرافية ولا اقتصادية . فكرة التقسيم كانت قد طرحت في العهد الفرنسي وفشلت فشلا ذريعا .
المبادرة ترف فكري لا تستند إلى فكر ناضج علميًا ، ولا تحمل مسؤولية وطنية وحلولاً جادة ، مبادرة تحكيمية شخصية ترف فكري لا سند لها في الواقع .
مبادرة متناقضة بكل مفاهيمها ،تنادي بالديمقراطية ولكن تستلب إرادة الشعب تحت شعارات واهية ، (طولوا بالكم) هل تعرفون ما هو سقف الحريه والديموقراطيه التي تسمح لنا من قبل النظام الدولي ؟ ماهي المشكله ؟
إن أس المشملة يكمن في أن الدول الإقليمية والنظام الدولي رفض إعطاءنا حريتنا و استقلالنا ! كأنكم بجزيرة معزولة عن تأثير القوى الإقليمية والدولية !
هل من المعقول أن ثلة من النخبة بهذا البساطه تتجرأ لطرح مثل هذه المبادرة ؟ مبادرة لا طعم لها ولا لون ولا أساس وجود ، فإذا كانت تلك مبادرات (النخب) فإن سورية ليست بخير للأسف ،
يتضح أنكم بعيدون عن الواقع وحقائقه ومتطلباته ، وما يجري في العالم من تطورات و مفاهيم وسياسات .
