مختارات

رئاسيات تونس: مؤيد للثورة ويرفض المساواة بالإرث.. من هو قيس سعيد؟

تونس – الخليج أونلاين (خاص)

في الوقت الذي كان يتحدث فيه الجميع عن جولة إعادة مرتقبة في الانتخابات الرئاسية التونسية بين مرشح حركة “النهضة”، عبد الفتاح مورو، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، أو وزير دفاعه المستقيل عبد الكريم الزبيدي، جاء المرشح قيس سعيد من بعيد ليقلب الطاولة رأساً على عقب، محدثاً مفاجأة من العيار الثقيل لم يتوقعها أشد المتفائلين.

وشهدت تونس، الأحد (15 سبتمبر 2019)، ثاني انتخابات رئاسية بعد ثورة “الياسمين”، التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، (يناير 2011).

وكان مقرراً إقامة انتخابات الرئاسة في 17 نوفمبر المقبل، لكن وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي، أواخر يوليو المنصرم، دفعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في البلاد لتقديم موعدها وفقاً للدستور الذي ينص على أن يكون لتونس رئيس جديد في غضون ثلاثة أشهر.

وعقب إغلاق صناديق الاقتراع أعلنت الهيئة العليا للانتخابات أن نسبة التصويت بلغت 45% داخل البلاد، في حين وصلت إلى 27.4% في الخارج.

وهذه النسبة تقل بنحو 20% عن تلك التي عرفتها انتخابات 2014، وأوصلت السبسي إلى قصر قرطاج على حساب المرزوقي، ما يشير بحسب مراقبين إلى عزوف واضح عن المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، وخاصة فئة الشباب.

مفاجأة مدوية

ومثلما كانت التوقعات؛ ذهبت الانتخابات الرئاسية التونسية إلى جولة إعادة في ظل صعوبة حصول أي مرشح على أكثر من 50% من أصوات الناخبين، وعزوف نسبة كبيرة ممن يحق لهم التصويت في الاستحقاق الانتخابي.

وفي مشهد وصفه مراقبون بـ”الزلزال السياسي” و”السقوط المدوي” للأحزاب التقليدية، أظهرت نتائج أولية نشرتها وكالة “سيغما كونساي” لسبر الآراء عبور المرشحَين؛ قيس سعيد (61 عاماً)، ونبيل القروي (56 عاماً)، إلى الدور الثاني، وغياب الثلاثي الذي كان يبدو -على الورق- “الأوفر حظاً”، وهنا يدور الحديث حول مورو والشاهد والزبيدي.

وبحسب تلك النتائج التقديرية حلّ المرشح المستقل قيس سعيد في الصدارة بـ19.50% من الأصوات، وجاء نبيل القروي (موقوف في السجن منذ 23 أغسطس بتهمة التهرب الضريبي وغسل الأموال) ثانياً بـ15.5%، متفوقاً على مرشح “النهضة” مورو، الذي حصد 11% وضعته في المرتبة الثالثة.

أما وزير الدفاع المستقيل الزبيدي، الذي حظي بدعم حزب السبسي “نداء تونس”، فقد جاء رابعاً بـ9.4%، يليه رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد بـ7.5%، وهي النسبة ذاتها التي حصدها الصافي سعيد.

وتبقى هذه النتائج أولية غير رسمية، لكنها تعطي مؤشراً حول سقوط مدوٍّ للأحزاب التقليدية، وهنا يدور الحديث حول النهضة (صاحب الأغلبية البرلمانية)، ونداء تونس الذي انشطر إلى نصفين وذهب بعض أعضائه لتشكيل حزب “تحيا تونس” الذي يرأسه الشاهد.

من هو “قيس سعيد”؟

“مؤيد للثورة، ويرفض المساواة في الميراث، ولا يعترف بما يسمى بالدولة المدنية أو الدينية، كما أنه لم يبحث عن تحالفات مع الأحزاب”، كل هذا ينطبق على المرشح المستقل الذي تصدر وفقاً للنتائج الأولية الجولة الأولى لرئاسيات تونس، وبات مرشحاً بقوة لكي يكون “حاكم قرطاج” في السنوات المقبلة.

وسعيد هو أستاذ قانون دستوري متقاعد، وبرز نجمه بشكل خاص بعد ثورة 2011 في المنابر الإعلامية لفصاحته في اللغة العربية.

بدأ حياته المهنية كمدرس بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بسوسة، عام 1986، ثم انتقل للتدريس بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس العاصمة عام 1999، كما شغل منصب مدير قسم القانون العام بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بسوسة؛ في الفترة ما بين عامي 1994 و1999.

اضطلع قيس سعيد بخطط مقرر اللجنتين الخاصتين لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية لإعداد مشروع تعديل ميثاق الجامعة، ولإعداد مشروع النظام الأساسي لمحكمة العدل العربية، عامي 1989 و1990، وخبير متعاون مع المعهد العربي لحقوق الإنسان، بين عامي 1993 و1995.

وشغل سعيد كاتب عام، ثم نائب رئيس الجمعية التونسية للقانون الدستوري، في الفترة الممتدة ما بين عامي 1990 و1995.

كما أنه عضو بالمجلس العلمي ومجلس إدارة الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري منذ عام 1997، وكذلك رئيس مركز تونس للقانون الدستوري من أجل الديمقراطية.

وله عدد من الأعمال العلمية في مجالات القانون والقانون الدستوري خاصة، وهو متزوج وأب لثلاثة أبناء.

أبرز مواقفه

عقب إعلانه ترشحه لرئاسيات تونس شدد سعيد على أنه لن يتحالف مع أي حزب أو جهة سياسية، موضحاً أنه سيحافظ على استقلاليته.

وشدد على أن هدفه يكمن بتعبيد الطريق أمام الشباب لتسلم السلطة، ورأى أن الاستعمار لا يتسلل للدول العربية عبر الحدود؛ بل “عبر عملائه بالداخل”، مؤكداً أن قضايا الدين والهوية التي زرعت داخل الدول الثائرة هي لتشتيت أبناء الوطن الواحد”.

قيس سعيد يعد من أبرز المؤيدين للمصالحة “مع الشعب”، وليس بين الأطراف السياسية، على حد قوله، معتبراً أن المصالحة بشكلها الأخير تعتبر “بحثاً عن دعم مالي مشبوه”.

وفي موقف متقدم على حركة النهضة ذي التوجه الإسلامي فيما يتعلق بقانون “المساواة في الميراث” قال سعيد إن الأمر بالنسبة له “محسوم بالنص القرآني”، وذلك خلافاً لموقف الرئيس الراحل السبسي، الذي كان أبرز المؤيدين لإقرار القانون المثير للجدل في بلد أغلبيته الساحقة من المسلمين.

أما فيما يتعلق بسياسته الخارجية فيرى أستاذ القانون الدستوري أنها ترتكز على امتداد تونس في محيطها الطبيعي مع الدول العربية وأوروبا؛ أي دول شمال البحر المتوسط، مشيراً إلى ضرورة بناء علاقات جديدة قائمة على “الاحترام المتبادل وتعايش بين الشعوب”.

وحول إتقانه اللغة العربية الفصحى قال إن بينه وبينها “قصة عشق طويلة، بدأت منذ السنوات الدراسية الابتدائية، رغم أنه درس باللغة الفرنسية ويدرس بها في الجامعة”، مشيراً إلى أنه “يعتز كثيراً بلغة الضاد؛ فلها سحر ووقع في الأذن لا تجده في اللغات الأخرى”.

المصدر: الخليج أونلاين
http://khaleej.online/gDXkMV

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى