هلْ لي بظِلِّكِ قَبلَ النَّزْعِ مُضطَرَبُ = أم سوفَ تحجُبُني عن غايَتِي الحُجُبُ ؟
لم يَبقَ لِلْقَلبِ إلَّا أنْتِ أرقُبُها = فَكلُّ مَنْ أشتَهي لُقياهمُ ذَهَبوا
قد كانَ هَمِّيَ مَحصورًا بحاضرتي = فَوزَّعتني على أوصالِك الكُرَبُ
أنا الشَّآميُّ والأمجادُ لي نسبٌ = إن ضاقَ بالناسِ في أوْطَانِهِم نَسَبُ
لم يَهجُرِ الطّيرُ يومًا عشَّهُ وَجِلا = إلّا وكانَ لَهُ للعشِّ مُنقَلَبُ
ياطائرَ الشوقِ عُد بي إنني كَلِفٌ = بالعش ، أَنْ ظلَّ لي في مَهدِهِ زَغَبُ
مازلتُ أذكرُ منهم أنَّهم دَرَجوا = في ظِلِّه ، ولهم في أضلُعي صَخَبُ
أنفَقتُ عُمري بَعيدًا عنكِ مُغترِبًا = وَمَن يُقاسي الذي قاساهُ مُغتَرِبُ ؟
وضاعَ مُركبُ أشواقي بِلا سبَبٍ = وشطَّ بي عنكِ فيما أبتغي سَبَبُ
مادَارَ في خَلَدي أنَّ الطَّريقَ بهِ = فيضٌ من الشَّرِّ مالَمْ تَعرفِ الحِقَبُ
ولَمْ تَصفْه حكاياتٌ ولا سِيَرٌ = ولا رَوَت عَنْهُ في أخبارِها الكُتُبُ
تَناهبَتْكِ ضواري الكَونِ في جَشَعٍ = فلَم تَنلْ مِنكِ ، واكتَظَّت بِكِ النُّوَبُ
كَم كِذبَةٍ ألْصَقُوها فيكِ واتَّفَقوا = أنْ يُجْرِموا فيكِ واسْتَهواهُمُ الكَذِبُ
وظَلَّ وجهُكِ مثلَ الشَّمسِ مُؤتَلِقًا = ولم يُعكِّرْهُ في إشراقِهِ وَصَبُ
هلُ خَيلُ حِطِّينَ مازالَت مُطَهَّمَةً = وهَلْ عَدَت فيكِ أم في عَدوِها خَبَبُ ؟
غابَت جَحافِلُها والشامُ تطلُبُها = فهل يَعزُّ على أمثالِها الطَّلبُ ؟
إِنْ يُحجَبِ النَّصرُ عنها فهْيَ في أمَلٍ = ( أنَّ السَّماءَ تُرَجَّى حينَ تحتَجبُ )
غَدًا أعودُ على أجيادِ مُعتَصِمٍ = وموعدي فيكِ لمَّا يَنضَجُ العِنَبُ
لاتُذعِني لِكِلابِ الأَرضِ إنْ نَبَحَتْ = وَإِنْ تَمادَى بِها في نَبحِها كَلَبُ
أوتَعقِدي أمَلًا يَومًا على عَرَبٍ = فأيُّ مُعضِلَةٍ قد حَلّها العَرَبُ ؟
لو ندَّدَ الغربُ فيها ، نَدَّدوا مَعَهُ = ولَو تَشَدَّقَ في شَجْبٍ ، لَهُ شَجَبوا
إن تُنتَهَكْ حرمةُ للدينِ في وَطَنٍ = فليسَ يُغضبُهم من أجلِها غَضَبُ
بل يُغمِدونَ سُيُوفَ الذُّلِّ في خوَر = وتَستَبِدُّ بهِمْ في النَّخوةِ الخُطَبُ
وإن تَهَاوَى مَصيرُ العُرْبِ في لهَبٍ = ولَم يُمَسُّوا ، فلا يَعنيهمُ اللَّهَبُ
وقد يُمُدّون مُذكي النّارِ في حَطَبٍ = أو يَنفُخون بِكِيرٍ مَجَّهُ الحَطبُ
تمَحوَروا حَشْوَ أقطارٍ مُمَزَّقَةٍ = هزيلةٍ عاثَ في أوصالِها الجَرَبُ
ياثَورةً داؤُها عُهْرُ البُغاثِ بِهَا = فَسَاءَها أنَها بِالبَغيِ تُستَلَبُ
أحرارُها أثخَنوا في مَحقِ عافشها = حتى تبخَّرَ فيها العافِشُ اللَّجِبُ
ماكانَ كُفئًا لإِعصارِ الأُباةِ بها = فَحَيثُما واجَهُوا إعصارَهُمْ هَرَبوا
وَقارَعُوا الكونَ مِنْ رُومٍ ومِنْ عَجَمٍ = ولَمْ يُغبِّرْ عَلَى أقْدامِهِمْ تَعَبُ
وصَبرُ تِسْعٍ عِجافٍ لَم يَكُنْ عَجَبًا = لَكِنَّ خِسَّةَ هَذا العالَمِ العَجَبُ
ماكانَ داؤُك في مَنْ أرخَصوا دَمَهُم = لُكِنِّ داءَكِ في ما تَدَّعي النُّخَبُ
مَنْ آثَرُوا في الزِّحامِ المُرِّ مَنفَعَةً = وَساقَهُم في هَوَى أطْماعِهِمْ أرَبُ
لِكُلِّ مُستَرزِقٍ مِنهُمْ زَبانِيَةٌ = ولَيسَ فيها لَهُمْ في نَارِها عَقِبُ
فَباعَها زُمرَةٌ هَانُوا بِمَوْكِبِها = وَقادَهُم لِلْهوانِ العَرضُ والطَّلَبُ
مَانَالَ مَعدِنَها مِنْ قُبحِهم صَدَأٌ = وَكَيفَ يَصدَأُ في لَأْلائِهِ الذَّهَبُ ؟
الله الله الله يارائع أستاذ اسماعيل أبدعت وكتبت حكاية وطن