مقالات

هل التجانس المجتمعي أساس النجاح السياسي؟

د. أيمن خالد

كاتب صحفي
عرض مقالات الكاتب

تونس أولاً وبعدها مصر في مقدمة الشعوب العربية الأكثر تجانسًا، فيما يأتي لبنان والعراق والسودان في آخر القائمة من حيث التجانس.
في حينها اعترضنا والكثير من الطلاب العراقيين على رأي د. ثروت اسحاق حيث كان يدرسنا مادة الاجتماع السياسي في السنة التحضيرية في الدراسات العليا -قسم القانون- بمعهد البحوث والدراسات العربية في القاهرة عام ٢٠٠٦.
اعتراض لم يكن في مكانه !
فعلاً تونس ليست العراق ولا هي لبنان ولا السودان من ناحية التجانس.. تونس متجانسة والدليل نجاحها في استلهام ثلاثة اختبارات سياسية قاسية. اختبار ثورة الياسمين ومنعطف ارتجاج نتائح الثورة دون سقوطها. وأخيرا انتخابات الرئاسة .
مصر أيضا متجانسة ومتجانسة جدًا وكان من الطبيعي أن تظهر بأروع ما يكون. وقد ظهرت في اختبار ثورة يناير بكل مراحلها ومخرجاتها من استفتاء ١٩ مارس (تعديل الدستور) ٢٠١١ ثم الانتخابات البرلمانية (شعب وشورى) والحكومة ثم رئاسة بجولتيها قبل حادثة الانقلاب العسكري.
لكن الفرق بين تونس ومصر أن الأولى دولة تمتلك جيشًا والثانية جيش يمتلك دولة ! ومشكلة مصر ليس في عدم تجانسها وهذه شهادتي لما يقرب من ١٥ عامًا بين أهلها ولكنها قبلت عبر مرحلة طويلة من التاريخ بحكم العسكر.
أما صدقية وقوع العراق ولبنان والسودان في آخر قائمة التجانس، فيؤكدها حجم التناحر السياسي والطائفي الواضح ومشاهد التقسيم المجتمعي وعلى الأرض (جنوب السودان – شمال العراق – جنوب لبنان … وتقسيمات أخرى كثيرة) وحكايات طويلة من الديانات والمذاهب والعشائر والقبائل. وهذه أقدار الأمم والشعوب. وليس عيبا فربما ازدهرت وغنت هذه الشعوب شيئا من الزمن بتنوعها رغم جراحها.
ذلك كله يعني أن قراءة متشابهة لجميع ملفات المنطقة تمثل خطأ كبيرًا.
ومن يخوض في علم التحليل السياسي عليه أن يقرأ علم الاجتماع السياسي، وأن يعيش تجارب الدول والمجتمعات كي لا يقع في تضليل الرأي العام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى