مقام المدعي العام في جمهورية ألمانيا الاتحادية الموقر
يتشرف المحامي/ هيثم المالح، بتقديم أسمى آيات الاحترام لشخصكم الكريم، وكمواطن سوري، يحمل صفة المقيم في جمهورية ألمانيا الاتحادية أقدم لكم ما يلي:
من المعلوم بأن الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية قضت بأن للمحكمة ممارسة الولاية القضائية حيال الترحيل المزعوم لشعب روهينغيا من ميانمار إلى بنغلاديش، دفاعاً عن دولة بنغلادش الطرف بنظام روما الأساسي والتي وقع على أراضيها عناصر من جريمتي الترحيل والتهجير القسري. حيث بتاريخ 6 أيلول/سبتمبر 2018 ، والمؤلفة من القاضي بيتر كوكاكس والقاضي مارك بيرين دي بريشامبوت والقاضي راين أديلايده صوفي العابيني – قانسو، قررت الدائرة التمهيدية بالأغلبية: (بأن المحكمة تمارس الولاية القضائية حول الترحيل المزعوم لشعب الروهينجا من ميانمار إلى بنغلاديش). بالرغم من أن ميانمار ليست طرفاً بنظام روما الأساسي إلا أن بنغلادش دولة طرف بنظام روما الأساسي، (وذلك بالرغم من أن بنغلادش لم تطلب أو تُحيل للمحكمة الجنائية الدولية لممارسة اختصاصها)، حيث كان السند القانوني للدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية هو وفقاً للمادة 12 (2) (أ) من نظام روما الأساسي، فأعلنت اختصاصها وفقاً لذلك على أساس أن بنغلادش دولة طرف بنظام روما الأساسي وقع على أراضيها عناصر جريمتي الترحيل والتهجير القسري، مما يجعل المحكمة الجنائية الدولية مختصة بالنظر في جريمتي الترحيل والتهجير لشعب الروهنغا من ميانمار إلى بنغلادش.
ومن الجدير هنا أن نذكر نص المادة /12/ من نظام روما الأساسي وهي خاصة بالشروط المسبقة لممارسة الاختصاص كما يلي:
((1- الدولة التي تصبح طرفا في هذا النظام الأساسي تقبل بذلك اختصاص المحكمة فيما يتعلق بالجرائم المشار إليها في المادة 5.
- في حالة الفقرة (أ) أو (ج) من المادة 13، يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها إذا كانت واحدة أو أكثر من الدول التالية طرفاً في هذا النظام الأساسي أو قبلت باختصاص المحكمة وفقا للفقرة3.
(أ) الدولة التي وقع في إقليمها السلوك قيد البحث أو دولة تسجيل السفينة أو الطائرة إذا كانت الجريمة قد ارتكبت على متن سفينة أو طائرة.
(ب) الدولة التي يكون الشخص المتهم بالجريمة أحد رعاياها.
3- إذا كان قبول دولة غير طرف في هذا النظام الأساسي لازما بموجب الفقرة 2، جاز لتلك الدولة، بموجب إعلان يودع لدى مسجل المحكمة، أن تقبل ممارسة المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بالجريمة قيد البحث. وتتعاون الدولة القابلة مع المحكمة دون أي تأخير أو استثناء وفقا للباب 9)).
ومن المعلوم بأنه قد صدر هذا الحكم بناء على طلب مقدم من المدعي العام عملاً بالمادة 19 (3) من النظام الأساسي، والتي تنص: (للمدعي العام أن يطلب من المحكمة إصدار قرار بشأن مسألة الاختصاص أو المقبولية. وفى الإجراءات المتعلقة بالاختصاص أو المقبولية، يجوز أيضا للجهة المحيلة عملا بالمادة 13، وكذلك للمجني عليهم، أن يقدموا ملاحظاتهم للمحكمة).
حيث قال المدعي العام للمحكمة: ((إنه على الرغم من أن الأعمال القسرية التي يرتكبها الترحيل المزعوم لأفراد من الروهينجا وقعت في إقليم ميانمار (وهي دولة ليست طرف في النظام الأساسي)، يجوز للمحكمة مع ذلك ممارسة ولايتها القضائية، لأن أحد عناصر هذه الجريمة (خارج الحدود) وقع على أراضي بنغلاديش (وهي دولة طرف في النظام الأساسي))).
وهذا ما يُقاس تماماً على حالة الشعب السوري، وما وقع على أراضي جمهورية ألمانيا الاتحادية من جريمتي الترحيل والتهجير القسري، حيث أنه وإن كانت الجمهورية العربية السورية ليست طرفاً بنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، إلا أن عناصر جريمتي: الترحيل والتهجير أو النقل القسري للشعب السوري قد وقعت في دول هي طرف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ومنها جمهورية ألمانيا الاتحادية وفقاً للمادة 12 (2) (أ) من النظام الأساسي.
وأن جريمتي الترحيل والتهجير القسري للشعب السوري هي جرائم ذات معلومات عامة ومعروفة للجميع تنطبق عليها المادة /69/ الفقرة /6/، من نظام روما الأساسي الذي لا يتطلب إثباتها لصفتها تلك ومن المعلوم أن هناك مئات الألوف من السوريين الذين رحلوا وهاجروا قسراً إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية بفعل إجرام نظام الأسد، مما يعني قانوناً بأن نظام الأسد أوقع على جمهورية ألمانيا الاتحادية جريمتي الترحيل والتهجير القسري. إلا المحكمة الجنائية الدولية لم تُحرك ساكناً للدفاع عن كل تلك الدول الأطراف بنظام روما الأساسي والتي وقع على أراضيهم عناصر من جريمتي الترحيل والتهجير القسري، (ومنها ألمانيا والأردن والنمسا والدنمارك والسويد……) كما فعلت المحكمة مع بنغلاش، بالرغم من التطابق التام.
حيث أن الدائرة التمهيدية في الحالة البنغلاديشية، وجدت أنها تتمتع بالسلطة اللازمة للاستماع بطلب المدعي العام بخصوص شعب الروهينغا بموجب المادة 119 (1) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وكذلك وفقا لمبدأ عدم الترخيص compétence de la competence) la) أو الاختصاص بالاختصاص (Kompetenz ‑ Kompetenz – a) مبدأ راسخ في القانون الدولي ينص على أنه يحق لأي محكمة دولية تحديد مدى اختصاصها. علاوة على ذلك، وفي ضوء حقيقة أن ميانمار ليست طرفا في النظام الأساسي، لاحظت الدائرة أنه في حين أن المحكمة تتمتع بشخصية قانونية دولية موضوعية، فإن ولايتها القضائية يجب أن تحددها حدود النظام الأساسي.
فيما يتعلق بالمسألة المركزية الواردة في طلب المدعي العام بالحالة البنغلايشية (شعب الروهنغا)، قررت الدائرة التمهيدية بالمحكمة، أولاً: أن المادة 7 (1) (د) من النظام الأساسي تتضمن جريمتين منفصلتين (هما النقل القسري والترحيل) ، وثانياً: يجوز للمحكمة أن تمارس ولايتها القضائية إذا ارتكب عنصر من عناصر الجريمة المذكورة في المادة 5 من النظام الأساسي أو جزء من هذه الجريمة في إقليم دولة طرف في النظام الأساسي بموجب المادة 12 (2) (أ) من النظام الأساسي.
وقضت الدائرة على هذا الأساس بأن للمحكمة ولاية قضائية على جريمة الإبعاد التي يُزعم ارتكابها ضد أفراد من شعب الروهينجا. والسبب هو أن أحد عناصر هذه الجريمة (خارج الحدود) وقع على أراضي دولة طرف في النظام الأساسي (بنغلاديش). ووجدت الدائرة كذلك أنه يجوز للمحكمة أيضا أن تمارس ولايتها القضائية فيما يتعلق بأي جريمة أخرى منصوص عليها في المادة 5 من النظام الأساسي ، مثل الجرائم ضد الإنسانية مثل الاضطهاد و / أو الأعمال اللاإنسانية الأخرى.
وبالتالـــــــــــــــــي: من باب أولى قانوناً مع وجود السابقة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية (بالنسبة لجريمتي الترحيل والتهجير القسري لشعب الروهنغا من ميانمار إلى بنغلادش) بأن تمارس المحكمة الجنائية الدولية ولاياتها ويبدأ المدعي العام بالتحقيق فوراً وبطلبات الاستدعاء للمجرمين، بالنظر إلى أن الحالة السورية شملت دولاً عديدة طرف بنظام روما الأساسي ومنها جمهورية ألمانيا الاتحادية، ولكن المحكمة الجنائية الدولية بالمدعي العام لا ترغب بالدفاع عن دول أطراف بنظام روما الأساسي ومنها ألمانيا التي وقع على أراضيهم عناصر جريمتي الترحيل والتهجير القسري، ولكنها فعلت بالحالة البنغلاديشية، وذلك كله دفاعاً مُستتراً منها وبالأخص من المدعي العام عن نظام الأسد وجرائمه.
ولكن بالمقابل لم نرى القيادة الألمانية تحركت اتجاه المحكمة الجنائية الدولية بالمدعي العام فيها، حيث لم تطلب الإحالة للمحكمة الجنائية الدولية بالمدعي العام للنظر والاختصاص في جريمتي الترحيل والتهجير القسري اللتين وقعتا على أراضي جمهورية ألمانيا الاتحادية!!!!.
مقام المدعي العام بجمهوية ألمانية الاتحادية
بناءً على التزامكم القانوني بالدفاع عن الحق العام للشعب الألماني والساكنين على أراضي جمهورية ألمانيا الاتحادية والتي وقع على أراضيها جريمتي الترحيل والتهجير القسري، فإنه عليكم التزام قانوني وتاريخي بالدفاع عن جمهورية ألمانيا وسكانها في أكبر جريمتين حدثتا على أراضي جمهورية ألمانيا الاتحادية.
ولكن نظراً لعدم الكفاية القضائية للتحقيق ولتحقيق العدالة في مساعيكم نحو هاتين الجريمتين المتعديتين للحدود وصولاً إلى أراضي جمهورية ألمانيا الاتحادية. يرجى من سيادتكم ما يلي:
- إعلان بأن هناك جريمتين وقعتا على أراضي جمهورية ألمانيا الاتحادية بفعل إجرام نظام الأسد والمرتكبتين من قبله، وهما جريمة الترحيل والتهجير القسري.
- ونظراً لمبدأ عدم الكفاية القضائية يرجى الطلب رسمياً من القيادة السياسية في ألمانيا بالطريق القضائي المُتبع لديكم، بأن تحيل القيادة السياسية بألمانيا، بسبب جريمتي الترحيل والتهجير القسري، إلى المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية وفقاً للمادة /14/ من نظام روما الأساسي، ومن ثم استناداً على المادة 12 (2) (أ) من نظام روما الأساسي، والسابقة القضائية أيضاً المشار إليها أعلاه، لتُصبح المحكمة الجنائية الدولية بالمدعي العام، مُجبرة على ممارسة اختصاصها.
- أن ما سبق يتفق مع الالتزام القانوني على القيادة السياسية بالدفاع عن جمهورية ألمانيا وبالالتزام باحترام الطلبات القضائية، كما يتفق مع الالتزام القانوني للمدعي العام الألماني بالدفاع عن الحق العام في جمهورية ألمانيا الاتحادية.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير،،،
الاربعاء 4/9/2019م المحامي/ هيثم المالح