بحوث ودراسات

مسيلمة أمريكا الأفاق: رشاد خليفة “رسول الميثاق” 2 من 5

أ.د. إبراهيم عوض

كاتب ومفكر مصري.
عرض مقالات الكاتب

ويحاول خليفة أن يوهم المسلمين أنه الرسول الذى تحدثت عنه الآية الثانية والثمانون من سورة “آل عمران” التى تقول: “وإذ أخذ الله ميثاق النبيين: لَمَا آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسولٌ مصدِّقٌ لما معكم لَتُؤْمِنُنّ يه ولَتَنْصُرُنّه. قال: أأقررتم وأخذتم على ذلك إِصْرِى؟ قالوا: أقررنا. قال: فاشهدوا، وأنا معكم من الشاهدين”. ولست أدرى على أى أساس يظن أنه يستطيع أن يوهمنا بأن الآية قد نزلت فى حقه (“كَسْر حُقّه”)، فهذا الوغد الكذاب لم يأت مصدِّقا لما مع الرسول الكريم، بل أتى بكل ما من شأنه أن يهدم ما شاده عليه الصلاة والسلام من بناءٍ عالى الأركان، إذ زعم أن الأخذ بالسنة النبوية كفر وإثم، وأن ذكر الرسول فى الشهادة شرك ووثنية، وأنه ليس هناك دين محدد (هو دين محمد صلى الله عليه وسلم) اسمه الإسلام، بل الإسلام هو مجرد “الخضوع لله: Submission” كما وضحنا آنفا، وهى كلمة مطاطة، وسيان بعد ذلك أن يكون الشخص يهوديا أو نصرانيا أو بوذيا أو عفريتا أزرق، والمهم ألا يكون هذا الشخص مسلما يؤمن حقا وصدقا بمحمد، بل لا بد أن يكون من أتباع الأفاك الضلالى الذى يشتغل هو وأنصاره وحواريّوه عُمَلاءَ أذلاءَ وخُدّامًا حُقَراءَ لأمريكا، ويلعقون أحذيتها الدنسة التى تضربهم بها فى وجوههم وأعينهم وأنوفهم وأسنانهم فيزدادون تراميًا عليها وعلى لَعْق حذائها القاسى الذى لا يرحم، ويسبحون بحمدها، ويلهجون بشكرها، ويتغنَّوْن بإيمانها، ويشهدون لها بحسن شكر النعمة واستحقاق المزيد منها، فى الوقت الذى يرفضون فيه أن يستمعوا لأية كلمة من كلام سيد النبيين والمرسلين، لعنة الله عليهم وعلى سيدهم الكاوبوى الذى يضربهم فى الوجوه والعيون والأفواه والأسنان، وكذلك فى الأستاه، بكل غطرسة وجبروت بحذائه الملطخ بالوحل والدماء!

ثم ما الدليل على أن هذه الآية تنطبق عليه هو بالذات بافتراض أن باب النبوة إذا كان قد أُغْلِق فإن باب الرسالة لم ولن يُغْلَق؟ سيقول إنه قد اكتشف إعجاز العدد 19 فى القرآن الكريم. ولقد بينا من قبل كيف أن المسألة ليست بهذه البساطة، أو قل: ليست بهذه الخباثة، فهذا الكشف إنما يدخل فى باب العمليات العقلية لا فى باب الوحى السماوى بأى حال، وإلا ففى مكنة واحد مثلى أن يدَّعى هو أيضا الرسالة، فقد اكتشفت كثيرا جدا من السمات الفارقة بين أسلوب القرآن الكريم وأسلوب الحديث الشريف وأصدرت كتابا ضخما فى هذا الموضوع (ضِعْف كتابه ثلاث مرات أو أربعا) مما يدل على أن مصدر القرآن غير مصدر الحديث، وأن الرسول الكريم لا يمكن أن يكون أبدا هو مؤلف القرآن! لكنى رجل عاقل فيما أتصور وأعرف حدودى، ولا أستبله الآخرين فأخلط بين الكمبيوتر وجبريل كما فعل الأفاق رسول الميثاق، وكأننا لم نَبْلُ المصائب من وراء “الميثاق” الذى أراد بعض المخابيل المهازيل فى مصر فى ستينات القرن الماضى أن يستبدلوه بكتاب الله فبادوا وباد معهم ميثاقهم بعد أن هُزِموا شر هزيمة ما زلنا نقاسى لهيبها الشاوى الكاوى حتى الآن، فجاء هذا الأفّاق ليحاول استبدال الميثاق مرة أخرى بكتاب الله، فباد هو أيضا كما بادوا من قبل وبادت معه دعوته ورسالته التى هى بالسيرك والبهلوانات وألعاب الحواة أشبه، اللهم إلا بقايا من بقاياه المرمية فى الأركان المظلمة المهجورة من عقب سيجارة أو ورقة صحيفة مهملة قديمة كما صوَّرها نزار قبانى فى أغنيته الشهيرة! ومع هذا فإن أتباعه لا يريدون أن يعترفوا بأن السامر الذى كانوا هم نجومه وممثّليه قد انفضّ، وأن صاحب المسرح قد غيَّر العرض منذ فترة وأصبحت نجومه المفضلة هن السحاقيات الشاذات والزانيات الدنسات الحاملات من السفاح والمتهوسات اللاتى مكانهن الطبيعى هو مستشفى الخانكة (أو إذا أحببت فقل: “الخانقاه”) لا سواه!

ومما يدل على أن ما قام به رشاد خليفة فى موضوع الرقم 19 هو عمل عقلى لا صلة له بالوحى السماوى هذه الفقرة التى أنقلها للقراء الكرام من كلامه الموجود فى موقعه عن الطريقة التى تَوَصَّلَ بها إلى إحصاء كلمة “الله”، تحت عنوان “المعجزة الحسابية في القرآن الكريم”: ” المجموع النهائي لكل أرقام الآيات التي توجد بها كلمة الله  هو 118123، وهو من مضاعفات الرقم 19 = 6217 X 19. وعلى الرغم مما يبدوا عليه سهولة هذا العدّ لكلمة الله والآيات التي توجد بها هذه الكلمة فلقد وجدنا كثيرا من الصعوبة في تنفيذ هذا العدّ على الرغم من أن كل من اشترك في هذا العدّ كان على الأقل خريج جامعه، ومعه كومبيوتر ليساعده في الحسابات. ولقد وقعنا في عدة أخطاء قبل أن نراجع النتائج التي حصلنا عليها بالعد والحساب والجمع وحتى مجرد نقل النتائج من برنامج للآخر. ولعل هذا يؤكد مدى سفاهة هؤلاء الذين يدعون أن محمد هو المؤلف الحقيقي للقرآن، فهو لم يكن بيده ما نملكه الآن من آلات حاسبه الكترونيه، ولم يتعدى تعليمه أي جامعه”. ومن الواضح أن الأمر ليس أكثر من كمبيوتر ومساعدين أمدَّه الأمريكان بهم لإنجاز المهمة الميثاقية! وبالمناسبة فقد تركت كلام الضلالى كما هو بعُجَره وبُجَره فى الإملاء والنحو حتى يعرف القراء مدى خذلان الله له حتى فى أبسط الأشياء! ومما يدل أيضا على أن عمل ذلك الأفاق إنما هو عملٌ عقلىٌّ أن هناك باحثًا آخَرَ له دراسة مطولة عن الإعجاز العددى فى القرآن الكريم ينطلق فيها من الرقم 7 ومضاعفاته لا الرقم 19 البهائى الخاص بــ”رسول الميثاق وقُوَى الشَّعْب العامل والتنظيم الطليعى”. ألا لعنة الله على كل من يذكّرنا بتلك الأيام النَّحْس التى أدت بنا إلى ما نحن فيه الآن من هوان وضياع وذلة ما بعدها ذلة! وهذا البحث موجود لمن يريد الاطلاع عليه بموقع “عرب سوفت”، وعنوانه: “البناء الرقمى لآيات القرآن الكريم”. ورغم ذلك فإن الرجل لم يعلن أنه رسول، على عكس رشاد خليفة، الذى انخبط فى مخّه الزنخ وادعى الرسالة فأخزاه الله وتلاحقت عليه لعنات الله والناس والملائكة أجمعين من وقتها إلى يوم الدين!

لكن أين فى القرآن ما يدل على أن رشاد خليفة هو رسول من رب العالمين؟ يجيب رشاد الأَنْوَك ومن ورائه النَّوْكَى الرشاديون (اقرأ: “الضلاليون”) بأن مشتقات “ر ش د” التى أُخِذَ منها اسم “رشاد” قد تكررت فى القرآن 19 مرة، وأن كلمة “خليفة” قد تكررت مرتين: ”  The root of Rashad is ‘Rashada’, which is used in the Quran 19 times: (2:186; 2:256; 4:6; 7:146; 11:78, 87:97; 18:10, 17, 24, 66; 21:51; 40:29, 38; 49:7; 72:2, 10:14, 21), the same denominator of the rest of the miracle of the Quran. The word “Khalifa” has been mentioned twice (2:30; 38:26)  “. وهذه بعض الأمثلة: “لا إكراه فى الدين. قد تبيَّن الرُّشْد من الغَىّ” (البفرة/ 186)، “وقل: عسى أن يَهْدِيَنِ ربى لأَقْرَبَ من هذا رشدا” (الكهف/ 10)، “وما أَهْدِيكم إلا سبيلَ الرشاد” (غافر/ 29)، فاتَّبَعوا أَمْر فرعون، وما أَمْر فرعون برشيد” (هود/ 97)- “وإذ قال ربك للملائكة: إنى جاعلٌ فى الأرض خليفة…” (البقرة/ 30)، “يا داود، إنا جعلناك خليفة فى الأرض…” (ص/ 26).

 والحق أن هذا الذى يقوله الرجل (إن جاز تسميته: “رجلا”) هو محض هذيان، إذ ما العلاقة بين ورود مشتقات “ر ش د”  وكلمة “خليفة” فى القرآن، وكون رشاد خليفة رسولا؟ هل هناك آية واحدة تذكره بالاسم وتقول إن الله قد جعله رسولا؟ هذا هو المهم، أما ما عدا ذلك فهو لعب أطفال وبهلوانيات حواة لا تليق بمقام الرسالات والنبوات. والملاحَظ أن الأفّاق قد حرص على النص على أن مشتقات “ر ش د” قد وردت 19 مرة، على حين لم يحرص على ذلك فيما يخص مشتقات “خ ل ف” التى أُخِذت منها كلمة “خليفة”. لماذا؟ لأن مشتقات “خ ل ف” ليست 19 ولا مضاعفاتها، وهو ما يدل على أن العيّنة التى يختارها دائما ليست عينة محايدة بريئة بل متحيزة مشبوهة ومصنوعة صنعا. كما أن الأفاق الضلالى يلوى عنق الآيات الكريمة ليقول إنها تتحدث عنه كما صنع على سبيل المثال مع قوله تعالى: “ولما جاءهم رسولٌ من عند الله مصدِّقٌ لما معهم نَبَذَ فريقٌ من الذين أُوتُوا الكتابَ كتابَ الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون* واتّّبَعوا ما تتلو الشياطين على مُلْك سليمان، وما كَفَرَ سليمان، ولكن الشياطين كَفَروا يعلِّمون الناس السِّحْر…” (البقرة/ 101- 102)، إذ زعم المنافق الكافر أن الكلام هنا عن اليهود والنصارى والمسلمين، مع أنه إنما نزل فى بنى إسرائيل وحدهم كما هو واضح حتى من هذا الجزء الصغير المقتَطَع من سياقه العام الذى يبدأ قبل عشرات الآيات، وكله عن بنى إسرائيل لا غير، لكن البكاش يريد بهذه الألاعيب الصغيرة أن يلقى عبثًا فى رُوع المسلمين أن “رسول” المذكور فى النص هو رشاد خليفة، مع أن الكلام قد ورد بصيغة الماضى مما يدل على أنه قد وقع وانتهى الأمر، ولا صلة له به! وهذا هو كلامه بنصه فى ترجمة الآية المذكورة: ” Now that a messenger from GOD has come to them, and even though he proves and confirms their own scripture, some followers of the scripture (Jews, Christians, and Muslims) disregard “GOD’s scripture behind their backs, as if they never had any scripture”. ثم هذا هو تعليقه فى الهامش على الآية الكريمة: ” God’s Messenger of the Covenant is prophesied in the Old Testament (Malachi 3:1-3), the New Testament (Luke 17:22-37), and this Final Testament (3:81). “

ثم إن مشتقات أسماء كثير من الذين نعرفهم  هى فى القرآن أكثر من الهم على القلب، فهل يحق لأصحاب تلك الأسماء أن يقولوا إنهم رسل من عند الله؟ كذلك فاسم “إبراهيم” مثلا (الذى هو اسمى) قد ورد فى القرآن مباشرةً مراتٍ كثيرةً ونُصَّ نصًّا على أنه نبى، فهل تطقّ فى دماغى وأزعم أنا أيضا أننى رسول؟ وبالمثل يمكن حتى لمن يريد أن يجعل من نجوى فؤاد رسولةً أن يقول إن اسم “نجوى فؤاد” قد ورد هو أيضا فى القرآن: “نجوى” 11 مرة (غير مشتقاتها الأخرى التى تجاوز ورودها سبعين مرة)، و”فؤاد” 5 مرات (غير “الأفئدة” التى وردت 11 مرة). ومن الممكن كذلك أن نبحث لها عن معجزة، وما أسهلها، فى ميدان الرقص الشرقى، وهو، رغم فجوره ووساخته، لأخفّ من دنس العمالة لأمريكا وفجورها ملايين المرات! يا أخا الخيانة والضلال والفجور، إن الذين اخْتَشَوْا قد ماتوا منذ زمن بعيد وشبعوا موتا! ولا تضحكوا أيها القراء من حكاية نجوى فؤاد هذه، فكله رقص فى رقص، كما أن ذلك الهزل الذى يتقايؤه خليفة من استه القبيحة لا يصلح له إلا ما أقول، وإلا أصابنا الضغط، والحكاية ليست ناقصة! ولنلاحظ أيضا أن كلمة “رشاد” فى إحدى المرتين اللتين وردتهما فى القرآن قد جاءت على لسان فرعون الضال الذى كان يزعم أنه على حق وأنه يريد أن يهدى قومه سبيل الرشاد. وهذا هو حال رشاد خليفة، فهو ضالٌّ مضلٌّ، ثم هو مع ذلك يَدَّعِى أنه يريد أن يهدى المسلمين إلى سبيل الرشاد: المسلمين فقط، أما اليهود والنصارى والبوذيون وعبدة البقرة والخنفساء والفرج وعبدة غير الخنافس والبقر والفروج فهم، بحمد الله، مهديّون هدايةً طبيعيةً ولا يحتاجون إذن هدايةً من أحد.

ثم هناك الطامَّة الكبرى المتمثلة فى أن رشاد خليفة، بسبب من خذلان الله له وإخزائه إياه، لم يجد فى طول الأرض وعرضها ما يفسر به كلمة “خليفة” التى وردت فى الآية 30 من سورة “البقرة” إلا أنه “الشيطان”، الذى يقول عنه فى شرحه للآية بين قوسين فى ترجمته إنه “إله مؤقت”: “I am placing a representative (a temporary god) on Earth”. وها هو ذا واحد من أتباع الأفّاق الكذوب، واسمه أ. كريم، يشرح لنا أن هذا الإله المؤقت (الذى يكتب اسمه حسب نطقه العربى هكذا: “Khalifa”) هو “الشيطان” لا سواه، وذلك فى مقال بعنوان “Is Satan a temprory god on earth?” يجده القراء فى موقع خليفة النجس، وهذا نص الكلام المذكور:  “The word ‘Khalifa’ in Arabic means ‘representative’. And in the verse context, the ‘Khalifa’ is Satan. God appointed Satan as a representative on earth for a limited time (until he becomes a guest in Hell forever). Therefore, by God’s will, he is allowed to rule his followers among the disbelievers. On the other hand, he has no power over the believers, as God has decreed in the verse [15:42] “. أى أن اسم “خليفة” التى يحاول هذا الموكوس المتعوس أن يقنعنا أنه هو المقصود به إنما هو الشيطان نفسه لا سواه، وهذا تفسيره هو لا تفسير أى إنسان آخر! أما “خليفة” الأخرى فهى صفة لداود عليه السلام، ولا علاقة لها من ثَمَّ برشاد (اقرأ: “ضلال”) خليفة! وهكذا، أيها القارئ، فإن هذا الكذاب الذى زعم أنه قد أتى لإعادة الاعتبار للتوحيد قد أشرك بالله شركا لم يشركه أحد قبله، اللهم إلا الثِّنْوِيّة الذين كانوا يقولون بإله للنور وإله للظلمة، وهم أتباع زرادشت، إذ جعل مثلما جعلوا من الشيطان إلها آخر مع الله. فلعنه الله من مفتر كذاب، وأخزاه الله هو وكل من يضع يده فى أيدى مجرمى العصر الحديث لمحاربة محمد ودينه الطاهر النظيف الشريف والتطاول عليه ووصفه عليه السلام بــ”الصنم البشرى العاجز”، لا لشىء سوى أن المسلمين يقولون بشفاعته لهم يوم القيامة! وهذا هو كلامه فى الرسول عليه السلام بنصه حسبما ورد فى تعليقه على ترجمة الآية 254 من سورة “البقرة”: “One of Satan’s clever tricks is attributing the power of intercession to powerless human idols such as Jesus and Muhammad “. ولعله من المستحسن هنا أن نكرر ما قلناه قبلا من أن الله الذى يخزى دوما رشاد خليفة وبطانته قد شاء، ولا راد لمشيئته، أن يكون الرقم 19 الذى يدير عليه هذا الأفاق دجله وخزعبلاته وشعبذاته إنما هو عدد خزنة جهنم (والعياذ بالله) كما جاء فى سورة “المدثر” حسبما وضحنا. أى أن الرجل لا يعرف إلا الشياطين، ولا تؤدى دعوته بمن يعتنقها إلا إلى الجحيم، وهذا إن صح أن نسميه: “رجلا” لأن الكائن الذى يبيع نفسه فى سوق النخاسة الفكرية والعقائدية ويتآمر على دينه وأمته لا يمكن أن يقال عنه إنه “رجل”!

إن الرسل والأنبياء هم فى الذؤابة العالية من الخلق والكرم وطهارة السلوك لا من المشبوهين المتهمين فى قضايا تمس الشرف والكرامة فى ميدان المال والنساء على ما سوف يأتى بيانه فى أحد ملاحق هذه الدراسة. كذلك لا يمكن أن يتركهم الله يركنون إلى الذين ظلموا وأجرموا وكفروا برسوله وحاربوا دينه ولا يزالون يعملون بكل ما لديهم من قوة ومكر وكيد على محوه واستئصاله، بَلْهَ ما اجترحته أيديهم النجسة فى حق الهنود الحمر مما يعرفه كل من له أدنى إلمام بالتاريخ ولا يجرؤ هذا الوغد هو أو أى واحد من أتباعه أن يُلْمِحوا إليه مجرد إلماح، فى الوقت الذى يهاجمون فيه المسلمين متهمين إياهم بالانحراف عن الإسلام تماما لا لشىء إلا لأنهم يستندون فى فهمهم لدينهم إلى ما تركه لهم سيدنا رسول الله فيركب هذا الوغدَ وأنصاره، عليهم لعائن الله، ألفُ جِنِّىٍّ وتأخذهم نوبة الهذيان التكفيرية! 

ومن سفاهة هذا الدجال أيضا جراءته على تكذيب القرآن نفسه حتى فيما لا يحتمل تكذيبا، فقد أكد القرآن فى عدة مواضع أن البشر جميعا بما فيهم سيدنا محمد، سيموتون، وأنهم سيظلون فى مرقدهم إلى يوم يبعثون حين يُنْفَخ فى الصُّور فيهبّ الجميع من قبورهم، وهذا مما لا يشاحّ فيه أحد، لكن خليفة يقول إن الصالحين لا يموتون، بل يذهبون مباشرة إلى الجنة، بخلاف الطالحين، فهم يموتون، وتبدو لهم فترة موتهم وكأنها يوم واحد ليس إلا، رغم أن القرآن يقول إنه يوم أو بعض يوم، لا يوم فقط قولا واحدا. وحتى هذا القول ليس من كلام الله، بل كلام الرجل الذى أماته الله فى الدنيا مائة عام ثم بعثه للحياة مرة أخرى على هذه الأرض، أما كلام الله فهو أنه لبث ميتا مائة عام. ومرة أخرى هذا نص كلامه، وهو عبارة عن تعليقه على ترجمة الآية 259 من سورة “البقرة”: “The lesson we learn here is that the period of death–only the unrighteous die; the righteous go straight to Heaven–passes like one day”. أى خبل عقلى هذا؟ وأى خلط فى فهم القرآن ونقل كلام الله سبحانه؟ ثم هو، رغم ذلك، يقول إنه رسول من رب العالمين! يا لضيعة الرسالات! لو أنه قال إن الذين قُتِلوا فى سبيل الله أحياء عند ربهم يُرْزَقون لكنا صدّقناه لأن هذا هو ما جاء فى الآية 259 من سورة “آل عمران”، أما القول بأن ذلك هو مصير الصالحين جميعا، والآن، فلا ندرى من أين أتى به. لقد ارتقيتَ مرتقًى صعبًا يا رُوَيْعِىَ الغنم!

كذلك نراه يسىء على نحوٍ شنيعٍ فَهْمَ قوله تعالى: “واللاتى يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهم أربعة منكم. فإن شهدوا فأَمْسِكوهن فى البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا” (النساء/ 15)، إذ يفسره على أن المقصود هو زنا المرأة أربع مرات مع أربعة رجال مختلفين بحيث يراها أربعة من الناس فى كل مرة، وأن المقصود بالإمساك فى البيوت هو الحَجْر الصحى، أما السبيل الذى سيجعله الله لهن فهو أن يتقدم للزانية رجل يتزوجها. وهكذا يكون التفسير الميثاقى، وإلا فلا. ترى ما الذى يُنْتَظَر من أفّاق يحارب الرسول الكريم ولا يطيق أن يسمع له كلمة، غير هذا المخاط المغثِّى؟

وبالمثل يطلعنا على جهله العبقرى فى تفسيره لقوله تعالى: “وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون” (يوسف/ 106)، إذ يقول (تعليقا على ترجمة الآية 103 من سورة “النساء”) إن معظم من يؤمنون بالله هم فى ذات الوقت من المشركين، بينما المعنى الصحيح هو أن كفار قريش وأمثالهم ممن نزلت فيهم الآية مشركون رغم إعلان إيمانهم بالله. ذلك أنه إيمان مغشوش، إذ لا يكفى أن يكون الإنسان معتقدا بوجود الله حتى يكون موحِّدا، بل لا بد أن يواكب هذا الاعتقادَ اعتقادٌ آخرُ بتوحيده. هذا هو التفسير الصحيح للآية لا السخف المتنطع الذى يهرف به ذلك الجهول!

ومن أخابيله أيضا قوله إن عيسى عليه السلام قد تم القبض عليه فعلا وعُذِّب وصُلِب، لكن بعد أن رفع الله إليه شخصه أو روحه كما يميت أىَّ رجل صالح، فوقع التعذيب والصَّلْب على جسده الحى الخالى (من الروح طبعا). وهذا الكلام موجود فى تعليقه على ترجمة الآية 157 من سورة “النساء”. ولا ريب أن القارئ يرى بكل وضوح هذا الحمق الذى لا يدرى الإنسان له رأسا من ذنب، لأنه كلام غير قابل للفهم ولا للتصور، إذ كيف يكون الجسد خاليا، وفى ذات الوقت لا تزال فيه الحياة؟ ودعنا الآن من قوله إن عيسى عليه السلام قد عُذِّب وصُلِب رغم تأكيد المولى سبحانه أنه لم يُصْلَب، فهذه وحدها حكاية تحتاج إلى دفاتر ووقت!

كذلك يكذب الدَّعِىّ الأحمق كذبًا فاجرًا جلفًا فيزعم أن الله قد أَطْلَعَه على ميعاد قيام الساعة، مصادمًا بذلك ما أكده القرآن مرارا من أن عند الله وحده علمها، وأن أحدا من البشر لا يمكن أن يعرف متى تأتى، وأنه لا يجلِّيها لوقتها إلا هو، وأنها إنما تحدث بغتة. وهذا تهور رهيب منه يدل على أن عقله قد انفك انفكاكا لا أمل فى صلاحه. ومن خُبْثه أنه قد حدد ذلك الميعاد بعد 309 سنة بدءا من سنة 1800م، وهى السنة التى أعلن فيها عن هذا الغيب. وبطبيعة الحال فإنه سيكون حينئذ قد مات وشبع موتا، فلا يستطيع أحد ساعتها أن يقول له شيئا لأنه لن يكون موجودا، فقد تحول إلى تراب. وسلم لى على المترو (المترو الأمريكى هذه المرة)! وهو يسلك إلى هذا سبيلا معقدة أشدّ التعقيد معتمدا على حساب الجُمّل ونظريته فى الرقم 19، وكأن الله سبحانه حاخام من حاخامات اليهود يُقِيم خططه الإلهية على أساس من حساب أبى جاد بفوازيره وحزازيره! وأرجو من القارئ أن يراجع هذا الخبل العقلى فى الملحق الخامس والعشرين لترجمته للقرآن الموجودة فى موقع الــ”Submission”.

وهذا الذى يزعم أن الله قد أطلعه على ما هو من شأنه وحده سبحانه، وهو عِلْم الساعة، قد ضرب الله بالعَمَى الحيسى على عينه وقلبه وعقله حتى إنه لا يستطيع أن يفهم ما لا يمكن أى عامى جهول أن يخطئ فهمه، إذ يذكر (فى تعليقه على ترجمة الآية 54 من سورة “الأعراف”) أن الله قد خلق الأرض فى أربعة أيام، ثم يشير إلى الآية العاشرة من سورة “فُصِّلَتْ” دليلا على ما يقول، مع أن الآية تقول بصريح العبارة إنه سبحانه وتعالى خلق الأرض فى يومين لا أربعة، وإن كانت قد أضافت عقب ذلك أنه عز شأنه بارك فيها وقدَّر فيها أقواتها فى أربعة أيام، فظن الجاهل الفَدْم أن هذه الأيام الأربعة هى أيام الخلق، وعَمِىَ عما قالته الآية قبل هذا مباشرة.

ومن كراهيته للمسلمين الذين كشفوا كذبه وعمالته ولم يبالوا به وأعطَوْه الطرشاء كما ينبغى مع أشباهه من الكذابين نراه يحقد عليهم حقدا أسود مفترصًا كل مناسبة ليشنّع بهم ويتهمهم بما يعلم هو قبل غيره أنهم منه براء قائلا إنهم مشركون وثنيون، لاوِيًا كُلّ آية نزلت فى حق اليهود والنصارى والكافرين بحيث يلصقها بأتباع النبى محمد مسوِّد الدنيا فى وجهه القذر، كما فعل على سبيل المثال فى الآية 31 من سورة “التوبة” التى تتحدث عن اتخاذ أهل الكتاب لأحبارهم ورهبانهم والمسيح بن مريم أربابا من دون الله، إذ يزعم أنها نزلت أيضا فى المسلمين أتباع محمد لعبادتهم مشايخهم وعلماءهم، قافزًا فوق القرون ليزعم أيضا أن الآية 33 من نفس السورة، ونصّها: “هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليُظْهِره على الدين كله”، إنما تقصده هو، مع أنها تصرخ بعُلُوّ صوتها أن المقصود هو النبى محمد صلى الله عليه وسلم لا مسيلمة ماما أمريكا وبابا نويل أيضا، لكن ماذا نقول للوقحين الثخينى الجلد الذين لا يحسّون على دمهم؟ ومثل ذلك اتهامه المسلمين بأنهم يؤلهون النبى محمدا ويشركونه فى عبادتهم لله، وذلك بترديد اسمه فى الشهادتين والأذان والتحيات، مساويا بذلك بينهم وبين المنافقين الذين بنَوْا مسجد الضرار للتآمر فيه على النبى ودعوته. نجد هذا فى تعليق المنافق الكافر على ترجمة الآية 107 من سورة “التوبة”، التى تتحدث عن مسجد الضرار، وهو المسجد الذى أُسِّس لما أُسِّس له مسجد الكذاب رشاد خليفة فى توسان!

وهو لا يتوقف عند هذا الحد، بل يرمى الصحابة بأنهم عبدة أوثان وأنهم قد عبثوا بالنص القرآنى فأضافوا إليه آيتين فى نهاية سورة “التوبة”، وهما قوله تعالى: “لقد جاءكم رسولٌ من أنفُسكم عزيزٌ عليه ما عَنِتُّم، حريصٌ عليكم، بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم* فإن تَوَلَّوْا فقل: حَسْبِىَ الله. لا إله إلا هو. عليه توكلتُ، وهو رب العرش العظيم”. وهو يشير بهذا إلى ما ترويه كتب علوم القرآن من أن هاتين الآيتين كانتا مع خزيمة بن ثابت وحده، فأخذ بهما جامعو القرآن رغم أنهم كانوا يشترطون أن يكون هناك شاهدان لا شاهد واحد، نزولا على ما قاله الرسول الكريم فى حق خزيمة من أن شهادته بشهادة اثنين. ولا بد أن ننبه القراء إلى أن الآيتين لم تكونا مع خزيمة وحده إلا من ناحية الحفظ الشفوى وفى نطاق المدينة وحدها، أما من ناحية الكتابة فقد كانتا مسجَّلتين بالقلم والمداد ككل آيات القرآن. وعلى هذا فلم تكن ثَمَّةَ شبهةُ شكٍّ على الإطلاق فى أن الآيتين صحيحتان، وبخاصة أنه ليس هناك ما يمكن الاستناد إليه فى التشكيك فيهما لا من الناحية السياسيّة ولا من ناحية العصبية القَبَليّة ولا من أية ناحية أخرى، إذ لماذا يُقْدِم المسلمون (وهم على ما نعرف تحرُّجًا وخوفًا من الله وإجلالاً وتقديسًا لكلامه سبحانه، وليسوا كعملاء أمريكا الوقحين المنافقين) على اختراع وحى زائف وإضافته إلى كتاب الله؟ ومن هنا لم نسمع أحدا من الصحابة يعترض على هذا التصرف الذى تصرفته لجنة جمع القرآن. ثم إن ماء الأسلوب فى هاتين الآيتين هو نفس الماء فى أسلوب أمثالهما من الآيات وروحها ومضمونها، على العكس مثلا من أسلوب آيَتَىِ الغرانيق، أو آيات سورة “النورين” التى يقول بعض غلاة الشيعة إنها كانت فى القرآن ثم حُذِفت فى عهد عثمان، مما أثبتّ فى كتبى أنه لا واشجة تربطه بأسلوب القرآن المجيد مهما كانت تافهة. وهأنذا أضع بين يَدَىِ القارئ العزيز بعض الشواهد التى تدل على أن الأسلوب والمضمون فى الآيتين المذكورتين وأشباههما شىء واحد: “يا أيها الناس، قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم” (النساء/ 170)، “يا أهل الكتاب، قد جاءكم رسولنا يبيِّن لكم على فترةٍ من الرسل” (المائدة/ 19)، “وما أكثرُ الناسِ، ولو حَرَصْتَ، بمؤمنين” (يوسف/ 103)، “إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدى من يُضِلّ” (النحل/ 37)، “فلعلك باخعٌ نفسَك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا” (الكهف/ 6)، “لعلك باخعٌ نفسك ألاّ يكونوا مؤمنين” (الشعراء/ 3)، “فبما رحمة من الله لِنْتَ لهم” (آل عمران/ 159)، “ونزَّلنا عليك الكتب تبيانًا لكل شىءٍ وهدًى ورحمةً وبشرى للمسلمين” (النحل/ 89)، “وننزِّل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين” (الإسراء/ 82)، “وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين” (الأنبياء/ 107)، “قل: حَسْبِىَ الله. عليه يتوكل المتوكلون” (الزمر/ 38)، “وقالوا: حَسْبنا الله، ونعم الوكيل” (آل عمران/ 173)، “ومن يتوكل على الله فهو حَسْبه” (الطلاق/ 3)، “قل: هو ربى. لا إله إلا هو. عليه توكلتُ، وإليه متاب” (الرعد/ 30)، “ربُّ السماوات السبع، وربُّ العرش العظيم” (المؤمنون/ 86)، “الله لا إله إلا هو، رب العرش العظيم” (النمل/ 26)…

 فماذا بقى لهذا البهلوان لكى يعتمد عليه فى الزعم بأن الآيتين المذكورتين قد أُضيفتا إلى القرآن على سبيل التحريف والتزييف؟ لم يبق له إلا تشغيل أسطوانة الرقم 19، وكأن الله سبحانه قد تحول إلى واضع فوازير يطالب المؤمنين بحلها، ومن ثَمَّ نرى الأفّاق يقول إن عدد المرات التى ذُكِرت فيها كلمة “God” من أول القرآن حتى ذلك الحين هو 1273، وهذا العدد يقبل القسمة على 19، أما لو أضفنا الآيتين المذكورتين فإن كلمة “God” التى فيهما سوف ترتفع بالعدد إلى رقم 1274، الذى لا يقبل القسمة على 19. أرأيت أيها القارئ منطق العِيَال هذا؟ ألا إن هذا لهو التنطع بعينه، إذ من قال إن عدد تكرار كلمة “God” (التى يستخدمها كذّابنا الضال المضلّ فى ترجمة كلمة “الله” وكلمة “رب” جميعا) لا بد أن يقبل عند هذه الآية القسمة على 19؟ أجاءه وَحْىٌ من قِبَل اسْتِه الغبية مثله يقول له هذا؟ وهذا كله إن صَحَّ ما يقول هذا المأفون، إذ هناك دراسات رصينة قد أظهر أصحابها أن الرجل (إن سميناه رجلا) مزيِّف وملفِّق من الطراز الأول فى دعواه هذه التى يقيم عليها رسالته الكاذبة الضالة، ومنها ما ألحقناه بهذه الدراسة كى يتبين الرُّشْد من الغَىّ كما تتلألأ أضواء الشمس فى رائعة النهار! إن ما يقوله ذلك المأفون يذكِّرنى بالطالب الغبىّ الذى كان يحفظ النحو دون أن يحاول إعمال عقله فيما يدرس، فكان يردد دائما فى إعراب جملة “ضرب زيد أخاه”: “ضرب” فعلٌ ماض، و”زيدٌ” فاعل. فإذا سأله أحدهم أن يعرب جملة “ضرب علىٌّ أخاه” كان جوابه: “ضرب” فعلٌ ماض، ولو كان عندنا “زيد” لقلنا إنه فاعل، أما “علىٌّ” فلا أدرى ماذا يكون. ثم يمضى مرددا ما كان يردده من قبل: “ضرب” فعل ماض، و”زيد” فاعل. “ضرب” فعل ماض، و”زيد” فاعل. “ضرب” فعل ماض، و”زيد” فاعل. “ضرب” فعل ماض، و”زيد” فاعل. “ضرب” فعل ماض، و”زيد” فاعل… وهكذا دواليك كالحمار يحمل أسفارا. فهذا مثل هذا. إن رشاد خليفة ليشبه ذلك النجار الأحمق فى الأسطورة، الذى لم يأخذ مقاس صاحب السرير قبل أن يفصّله له، فجاء أقصر من جسمه. فما كان منه، حين رأى أن الرجل لا يستطيع أن يمد قدميه براحته وهو نائم، إلا أن أتى بمنشار وقَصَّ ساقيه حتى أصبحتا على قدر مقاس السرير، وبذلك حَلَّ المشكلة! وقد صنع كذّابنا ما صنع ذلك النجار، إذ قام بحذف الآيتين المذكورتين من السورة: هكذا بجرأة متناهية فى قلة العقل والأدب والإيمان والضمير، فلعنة الله عليه وعلى من يقفون وراءه وحوله!

والمضحك أن الكذاب رشاد خليفة لم يجد ما يسوغ به اتهام الصحابة الذين جمعوا القرآن على عهد عثمان بالزيادة فيه إلا أنهم أرادوا أن يضيفوا الآيتين من باب الثناء على النبى عليه السلام، وكأن القرآن لا يمتلئ بالآيات التى تثنى على الرسول الكريم بما هو أهله. والمضحك أيضا أنه يزعم أن عليًّا هو الشخص الوحيد بين الصحابة الذى أفزعته هذه الإضافة وأنه هبَّ يجمع القرآن فى صورته النقية التى تخلو من مثل هذا التزييف. وقد اعتمد كذابنا هنا على خبر فى “الإتقان فى علوم القرآن” للسيوطى لا علاقة له بجمع القرآن فى عهد عثمان، ولو كان لنا أن نصدق ما قاله الكذاب لكان معناه أن عليًّا، ابن عم الرسول وختنه، كان هو الشخص الوحيد الذى يكره أن يضاف إلى القرآن  ثناءٌ على النبى صلى الله عليه وسلم، على حين أن الصحابة الآخرين الذين لا قرابة بينهم وبين الرسول كانوا هم المتحمسين لهذا التزييف! إن هذا لمنطقٌ سقيمٌ جِدّ سقيم! وإنه ليحق لنا أن نسأل الكذاب: كيف يا ترى لم يقم علىٌّ إذن بحذف هاتين الآيتين عندما آلت إليه مقاليد الخلافة؟ إن قرآن الشيعة يتضمن هاتين الآيتين مثلما تتضمنهما المصاحف التى فى أيدى أهل السنة سواء بسواء! يا لله لهذا المنافق الجبان فاقد العقل والحياء! أما احتجاجه بأن وجود آيتين مكيتين مثل هاتين الآيتين فى سورة مدنية هو أمرٌ جِدُّ غريبٍ فهو احتجاج غير مقبول لأن هذا ليس شيئا شاذا فى القرآن، فعندنا مثلا سورة “الأنفال”، التى تسبق “التوبة” مباشرة، وهى مثلها مدنية، ومع هذا ففيها سبع آيات مكية، وكذلك سورة “محمد” المدنية التى نزلت الآية الثالثة عشرة منها قبل الوصول إلى المدينة. أما سورة “إبراهيم” المكية ففيها آيتان مدنيتان، وتشبهها فى ذلك سورة “النحل” المكية التى تتضمن فى نهايتها ثلاث آيات مدنية، وسورة “الكهف” المكية التى تحتوى مع ذلك على ما يقرب من عشرين آية مدنية. والمضحك أيضا للمرة الثالثة قوله إن الله، الذى تعهد بحفظ كتابه، قد هيأه هو لدرء خطر العبث عن ذلك الكتاب بعد أربعة عشر قرنا. فإذا تذكرنا ما قاله الكذاب من أن القيامة قد اقترب ميعادها وأنها على بعد 300 سنة فقط، كان معنى هذا أن القرآن عاش عمره كله تقريبا يعانى من التحريف الذى فيه، فأين التعهد الإلهى بحفظه إذن؟ ويستطيع القراء أن يرجعوا فى ذلك كله إلى الملحق رقم 14 عقب الترجمة الرشادية الشيطانية للقرآن الكريم. والمضحك للمرة الرابعة أن هذا العميل الجامد الوجه الذى يرفض الأحاديث النبوية ويراها رجسًا من عمل الشيطان ويَسِمها بأنها شرك ووثنية هو هو نفسه الذى يعض على أحد هذه الأحاديث بالنواجذ كما يعض الكلب الجائع على عَظْمَة، لا لشىء سوى تَوَهُّمه أن بإمكانه اتخاذ هذا الحديث مستندا للتشكيك فى القرآن وللعبث الإجرامى به من خلال حذف آيتين كريمتين من آياته!

ومن بغض هذا العميل الذليل الرخيص فى سوق العمالة والخيانة لسيدنا رسول الله نراه ينكر عليه الشفاعة مستخدما منطقا عِيَاليًّا أعوج لا يدخل العقل، إذ يقول عند تعليقه على الآية 80 من سورة “التوبة”: كيف يمكن أن تُقْبَل شفاعة النبى فى من لا يمتّون له بصلة قرابة فى الوقت الذى رُفِضَت فيه هذه الشفاعة بالنسبة لأعمامه وأخواله وأبنائهم، كما رُفِضَت شفاعة إبراهيم فى أبيه، ونوح فى ابنه؟ والرد على هذا التنطع الغبى من أيسر ما يمكن، إذ إن شفاعة هؤلاء الأنبياء إنما رُفِضَتْ بالنسبة للكافرين من أقاربهم هنا فى الدنيا، أما المؤمنون، سواء كانوا من الأقارب أو لا (إذ الإسلام لا يعترف إلا بقرابة العقيدة إذا تعارضت معها قرابة الدم)، فإن الله سبحانه سوف يأذن لرسوله فى الشفاعة فيهم يوم القيامة إذا رأت إرادته وحكمته العلية ورحمته البالغة ذلك تكريما له صلى الله عليه وسلم.

هذا، وفى نهاية الدراسة أحب أن ننظر معا فى النتائج المخيفة التى تجرنا إليها دعوة هذا الأفاق الكذوب متمثلة فيما كتبه  أحمد عقلة، وهو واحد من أتباع قتيل “توسان” مسجد الكفر والضلال، فى موضوع حشمة النساء، إذ أكد أن كل ما ينبغى أن تراعيه المرأة فى ملابسها لا يخرج عن القواعد الثلاث التالية التى استمدها من القرآن فقط واكتفى فى تفسيرها بعقله هو دون الرجوع إلى أحاديث الرسول أو كلام أصحابه، وهو ما يمكن المجادلة فيه للصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم صبح اليوم التالى وظهره وعصره ومغربه وعشائه … وهَلُمَّ جَرًّا إلى أبد الآبدين، لأن ما يقوله إنما هو رأى من الآراء، ولن يحسم المسألة  أو على الأقل يساعد فى حسمها ويضيِّق شُقّة الخلاف بينه وبين من لا يتفقون معه إلا أن يكون هناك مرجع خارجى يحظى باحترام كلا الطرفين، ألا وهو تفسير الرسول عليه السلام لمثل هذه الآيات. لكنه كأستاذه (أو فلنقل: “كرسوله”) الكافر الكذاب يرفض إدخال النبى محمد عليه السلام فى الأمر فى الوقت الذى يريدنا فيه أن نأخذ بكلام رشاد خليفة وبكلامه هو، وكأن النبى عليه السلام كان مجرد ساعى بريد أتى بالقرآن وسلمه لنا فى صمت دون أن يفوه بكلمة واحدة، بل دون أن يكون له الحق فى أن يفوه بكلمة واحدة، لا لأن الله منعه من ذلك، بل لأن رشاد خليفة “أبا شخّة” قد أراد له الصمت المطبق. يعنى أن لخليفة وأتباعه الحق كل  الحق فى أن يتكلموا ويفسروا القرآن، أما محمد فلا، إذ هو فى نظرهم لم يكن أكثر من ساعى بريد! مع أن ساعى البريد عادة ما يقف معنا بعض الوقت عند تسليمه إيانا ما يحمله لنا من رسائل ويتبادل معنا بعض الكلمات، وقد نناوله قطعة من الحلوى مما يتصادف أن كنا نأكله عند مجيئه، وقد نسأله عن الجو والأحوال، وربما امتد السؤال فشمل الجهة التى أرسلت الخطاب… إلى آخر ما يمكن أن نتناول من حديث مع الساعى، اللهم إلا أن يقول رشاد خليفة إن الرسل لم يكونوا سعاة بريد وحسب، بل سعاة بريد خُرْسًا عُمْيًا طُرْشًا، فهم لا يَرَوْن ولا يسمعون ولا يتكلمون. حاجَة كذا مثل هيلين كيلر! لكنْ حتى هيلين كيلر يا خَلْق هُوه قد تعلمت كيف تعبر عن نفسها وتتكلم بطريقتها وتعرف ما يقال لها بعد أن علّموها عن طريق النقش بالأصابع على كفها، إذ كان اللمس هو الحاسة الوحيدة التى كانت قد بقيت لها من بين الحواس جميعا. وبهذا يتضح أن رشاد خليفة قد ألزم النبى عليه السلام ألا يفتح فمه، وإلا كفَّر من يستمع إليه ووَسَمه بالشرك والوثنية. طيب، إذا كان هذا هو ما ينتظر من يستمع إلى أحاديث النبى ويعُدّها جزءًا من الدين، فما الذى ينتظر النبىَّ نفسَه إذا تكلم، وهو بالطبع وبكل تأكيد ويقين قد تكلم؟ أترك الجواب للقراء!

 والآن إلى ما يقوله ضلال خليفة وأتباعه فى من يعتمد، إلى جانب القرآن الكريم، على السنة النبوية:

“Following a source other than Quran is idolatry. The following verse makes it clear that the Quran is God’s Testimony. Following any other source is defined as idolatry.

Say, “Whose testimony is the greatest?” Say, “God’s. He is the witness between me and you that this Quran has been inspired to me, to preach it to you and whomever it reaches. Indeed, you bear witness that there are other gods beside God.” Say, “I do not testify as you do; there is only one god, and I disown your Idolatry.” [6:19]”

ومعناه أن الاعتماد على أى مصدر آخر غير القرآن هو وثنية وشرك، وهذا ما تقوله حسب نظرهم الأعشى الكليل الآية التالية: “قل: أىُّ شىءٍ أكبرُ شهادة؟ قل: الله شهيدٌ بينى وبينكم. وأُوحِىَ إلىَّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ. أإنكم لتشهدون أن مع الله آلهةً أخرى؟ قل: لا أشهد. قل: إنما هو إلهٌ واحدٌ، وإننى برىء مما تشركون” (الأنعام/ 19)”. وواضح أنه لا علاقة بين الآية الكريمة وهذا الهذيان الغائطى الذى يحاول المجرمون أن يرتِّبوه عليها مما لا علاقة له بها من قريب أو من بعيد، فالآية تتحدث عن شهادة الله سبحانه لرسوله بالصدق فى مواجهة تكذيب الكفار لما أتاهم به، ولا وجه للاستشهاد بها على أن الأحاديث النبوية ضلال فى ضلال، وأن الأخذ بها هو شركٌ ووثنيةٌ مَقِيتَة على ما يزعم هؤلاء الأوغاد. أرأيتم أيها المسلمون إلى ما يهدف إليه رسول الميثاق (اقرأ: “رسول الغدر والخيانة”)؟ إنه يتكلم ملء فيه ويسوِّد آلاف الصفحات ويفسر القرآن تفسيراته الشيطانية الكافرة، ثم يستكثر على الرسول الذى نزل عليه هذا القرآن أن يفتح فمه ببنت شفة أو أن يعلِّق بكلمة واحدة على أى آية منه! وهكذا تكون “الرسالات الميثاقية” التى ترعاها أمريكا وتمولها أمريكا وتحميها أمريكا، ثم لا تؤمن بها أمريكا رغم كل شىء، كما لا تستطيع أن تحميها أمريكا رغم كل شىء أيضا، فيُقْتَل رسول الميثاق الذى هاجر إلى أمريكا كى يكون فى مأمن من القتل كما زعم، لكن الله غالب على أمره، فلم تُغْنِه أمريكا بشىء ويُقْتَل شَرَّ قِتْلَة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى