دين ودنيا

قسم الصدقات أو مصارف الزكاة (4)

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب

4- المؤلفة قلوبهم
جمع مؤلَّف من التأليف، وهم ضربان: كفار ومسلمون
والكفار صنفان:
1- من يرجى إسلامه: فيعطى تأليفاً لقلبه وترغيباً له في الإسلام. (الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية صـ178، المجموع 6/197)
2- ومن يخاف شره: فيعطى كفاً لشره، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيهم ليدفع شرهم، وهذا من باب الجهاد، فكما يكون الجهاد بالسنان كذلك يكون بالإحسان (رد المحتار2/60، المجموع 6/197)
والمسلمون أصناف:
1- أَشْرَاف مُطَاعُونَ في قومهم، قَدْ أَسْلَمُوا بِنِيَّاتٍ ضَعِيفَةٍ، إِنْ أُعْطُوا قَوِيَتْ نِيَّاتُهُمْ، وَحَسُنَ إِسْلَامُهُمْ، وَإِنْ مُنِعُوا رُبَّمَا أَفْضَى بِهِمْ ضَعْفُ النِّيَّةَ إِلَى الرِّدَّةِ، فَقَدْ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَمْثَالَ هَؤُلَاءِ مِثْلَ: عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِيِّ، وَالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ التَّمِيمِيِّ، فَإِنَّهُ تَآلَفَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِائَةِ بَعِيرٍ (المجموع 6/197)
2- من أسلم ونيته في الإسلام قوية، وله شرف في قومه يتوقع بإعطائه إسلام غيره، فهم أَشْرَافُ مُطَاعُونَ وَقَدْ حَسُنَتْ فِي الْإِسْلَامِ نياتهم، لكن في إعطائهم تآلف لقومهم، وترغيب لِأَكْفَائِهِمْ وَنُظَرَائِهِمْ كَالزِّبْرِقَانِ بْنِ بَدْرٍ، وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَعْطَاهُمَا تَآلُفًا لِقَوْمِهِمَا وَتَرْغِيبًا لِنُظَرَائِهِمَا. (المجموع 6/197)
3- صنف كافٍ لنا شرّ من يليه من كفار، بأَنْ يَكُونُوا مِنْ أَعْرَابٍ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فِي طَرَفٍ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ بِإِزَاءِ مُشْرِكِينَ لَا يُقَاتِلُونَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ إِلَّا بِمَالٍ يُعْطَوْنَهُ، إِمَّا لِفَقْرِهِمْ، وَإِمَّا لِضَعْفِ نِيَّتِهِمْ، وَفِي مَسِيرِ الْمُجَاهِدِينَ إِلَيْهِمْ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ وَالْتِزَامُ مَالٍ جَزِيلٍ.
4- أَنْ يَكُونَ مَنْ ذَكَرْنَا بِإِزَاءِ قَوْمٍ مُرْتَدِّينَ لَا يُقَاتِلُونَهُمْ عَلَى الرِّدَّةِ إِلَّا بِمَالٍ إِمَّا لِفَقْرٍ أَوْ لِضَعْفِ نِيَّةٍ، وَفِي تَجْهِيزِ الْجَيْشِ إِلَيْهِمْ مُؤْنَةٌ ثَقِيلَةٌ.
5- أن يكونوا بإزاء قَوْمٍ مِنَ الْبُغَاةِ وَهَذِهِ حَالُهُمْ مَعَهُمْ.
6- أو كافٍ لنا شر مانعي زكاة، بأَنْ يَكُونُوا بِإِزَاءِ قَوْمٍ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَلَا يُقَاتِلُونَهُمْ عَلَى بَذْلِهَا إِلَّا بِمَالٍ. فإن أعطوا قهروا مانعي الزكاة وأخذوها منهم وحملوها إلى الإمام (المجموع6/199)
هل سهم المؤلفة باقٍ:
بالنسبة للضرب الأول وهم الكفار: فقد ذهب فقهاء الشافعية (المجموع6/198)، والمالكية (حاشية الصاوي على الشرح الصغير 1/660)، والحنفية ( رد المحتار2/60، فتح القدير 2/200) إلى أنهم لا يعطون من الزكاة على الأصح عندهم لأن الإسلام قد عَزَّ وقويت شوكته فلا حاجة لإعطائهم.
أما الضرب الثاني وهم المسلمون:
الصنف الأول والثاني اختلف العلماء هل يعطوا الآن من الزكاة، أم أن الإسلام قد عَزَّ وقويت شوكته فلا حاجة لإعطائهم.
فقيل يعطون من سهم المؤلفة (حاشية الصاوي1/660، المجموع 6/199)
وذهب إلى القول بعدم إعطائهم بعض فقهاء الحنفية(بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 2/ 45، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي 1/ 296، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر 1/ 220)
وبعض فقهاء المالكية (الكافي في فقه أهل المدينة 1/ 325، الذخيرة للقرافي 3/ 146)
وقالوا بسقوط سهمهم لأن الله أعَزَّ الْإِسْلَامُ وَكَثُرَ أَهْلُهُ
وقال بعضهم: أَن النَّص صَار مَنْسُوخا فِي حق الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم (تحفة الفقهاء 1/ 299)
وذهب بعض الفقهاء إلى أنهم يعطون مِنْ الصَّدَقَةِ لِدَفْعِ ضَرَرِهِمْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فلَا بَأْسَ بِذَلِكَ عِنْد خَوْفِ الضَّرَرِ. فلَا يُعْطُونَ إلَّا وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِمْ.
وذهب إلى هذا القول بعض فقهاء الحنفية (المبسوط للسرخسي 10/ 87)
وبعض المالكية: (التاج والإكليل لمختصر خليل3/ 231، شرح مختصر خليل للخرشي2/ 217) ، وهو قول الحنابلة كما سنسوق كلام ابن قدامة (المغني2/526)، واختيار الشيخ القرضاوي (فقه الزكاة 2/606)
والأربعة الأصناف الأخيرة إنما يعطوا إذا كان إعطاؤهم أهون علينا من جيش يبعث لذلك. وقيل يعطون من سهم الغزاة والأول أصح (المجموع 6/199، بحر المذهب للروياني 6/ 385)
وقيل الصنف الأخير يعطى من سهم المؤلفة أو من سهم العاملين عليها
وهل تكون المرأة من المؤلفة؟ وجهان أصحهما نعم. (المجموع6/200)
من هذا العرض نجد أن الأحناف يرون سقوط سهم المؤلفة قلوبهم سواء كانوا كفاراً أم مسلمين، بينما فرق المالكية والشافعية بين المسلم منهم والكافر، فقالوا يعطى من سهم المؤلفة قلوبهم إلى المسلمين منهم دون الكفار.
أما الحنابلة: فقالوا لا يجوز ترك الكتاب والسنة إلا بنسخ، والنسخ لا يثبت باحتمال، ولا يكون إلا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن النسخ لا يكون إلا بنص، ولا نص بعد موته صلى الله عليه وسلم.
والغنى عنهم لا يوجب رفع حكمهم،، وإنما يمنع إعطاءهم حال الغنى عنهم، فمتى دعت الحاجة إلى إعطائهم أُعطوا؛ وكذلك جميع الأصناف إذا عدم منهم صنف في بعض الزمان سقط حكمه في ذلك الزمان خاصة، فإذا وجد عاد حكمه (المغني2/526) كسهم العاملين عليها في عصرنا.
مقدار ما يعطون:
يعطون قدر ما يراه الإمام ، وقيل يعطون على قدر كلفتهم وكفايتهم (روضة الطالبين2/189)
أين يصرف سهم المؤلفة قلوبهم في عصرنا:
يجيب على هذا السؤال الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: (فقه الزكاة2/609)
إن الهدف من وراء هذا السهم هو استمالة القلوب إلى الإسلام، وتثبيتها عليه، وتقوية الضعفاء فيه، وكسب أنصار له، أو كف شر عن دعوته، ودولته، وقد يكون ذلك بإعطاء مساعدات لبعض الحكومات غير المسلمة لتقف في صف المسلمين، أو معونة بعض الهيئات والجمعيات والقبائل ترغيباً لها في الإسلام، أو مساندة أهله، أو شراء بعض الألسنة والأقلام للدفاع عن الإسلام وقضايا أمته ضد المفترين عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى