أخبار عاجلة

قسم الصدقات أو مصارف الزكاة (5)

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب

5- الرقاب
اختلف أهل العلم في سَهْمِ الرِّقَابِ فِي الزَّكَاةِ، هَلْ يَنْصَرِفُ فِي الْعِتْقِ أَوْ فِي الْمُكَاتَبِينَ. (الحاوي الكبير 8/ 240)

فقالت طائفة من أهل العلم أن المراد بالرقاب في الآية أن يُشتَرى بسهمهم عبيد ويعتقون وبهذا قال مالك وعليه مذهب المالكية، وهو أحد الروايتين عن أحمد، وحكاه ابن المنذر وغيره عن ابن عباس والحسن البصري وعبيد الله بن الحسن العنبري وأحمد وإسحق وأبي عبيد وأبي ثور (المجموع 6/200، تفسير القرطبي8/182)

ولا يجوز عند المالكية صرفها للمكاتب أو المدبر، ولا معتق لأجل، ولا لأم ولد. (الشرح الصغير1/661، جواهر الإكليل1/139)
وقالوا إن الله عز وجل لما ذكر الرقبة دل على أنه أراد العتق الكامل، أما المكاتب فإنما هو داخل في الغارمين، بما عليه من دين الكتابة فلا يدخل في الرقاب (تفسير القرطبي8/182).
فإذا عتق الرقيق من سهم الرقاب كان ولاؤهم لجماعة المسلمين (تفسير القرطبي8/182، الشرح الصغير1/661، الذخيرة للقرافي 3/ 146)

  وقالت طائفة أخرى من أهل العلم المراد من الرقاب في الآية هم المكاتبون كتابة صحيحة، فيعطون ولو بغير إذن ساداتهم، أو قبل حلول النجوم، ما يعينهم على العتق إن لم يكن معهم ما يفي بنجومهم. وهو قَوْلُ الشافعية (الحاوي الكبير 8/ 505، بحر المذهب للروياني 6/ 340، الوسيط في المذهب 4/ 559، نهاية المطلب في دراية المذهب 11/ 551، المجموع 6/200)

والحنفية (الهداية في شرح بداية المبتدي 1/ 110، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي 1/ 297، الاختيار لتعليل المختار 1/ 119)
والحنابلة: (الشرح الكبير على المقنع ت التركي 7/ 236)
وهو قول الْجُمْهُورِ كما صرح به غير واحد
قال صاحب الشرح الكبير: لا نَعْلَمُ خِلافًا بينَ أهْلِ العِلْمِ في ثُبُوتِ سَهْمِ الرِّقابِ، ولا يَخْتَلِفُ المَذْهَبُ في أنَّ المُكاتَبِين مِن الرِّقابِ يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكاةِ إليهم. وهو قولُ الجُمْهورِ. (الشرح الكبير على المقنع ت التركي 7/ 236)
أما مكاتب المزكي فلا يعطى من زكاته شيئاً لعود الفائدة إليه مع كونه ملكه والكل متفقون على ذلك. (كفاية النبيه في شرح التنبيه 6/ 198، المجموع 6/205)
وهذا ما عليه الجمهور، وبه قال علي بن أبي طالب، وسعيد بن جبير، والزهري، والليث بن سعد، والثوري، وأبي حنيفة وأصحابه (أحكام القرآن للجصاص3/125، رد المحتار2/60)، والشافعي وأصحابه، وابن وهب والنخعي (المجموع6/200)
وهو مرويٌ أيضاً عن مالك (تفسير القرطبي8/182، البيان والتحصيل 18/ 516)
وقالت المالكية: يجوز أن يكون عنده عبد أو أمة، يقومه ويعتقه عن زكاته. (تفسير القرطبي8/182)
وفي الكافي: ويجوز للإمام أن يشتري رقاباً من مال الصدقة ويكون ولاؤهم لجماعة المسلمين وإن اشتراهم صاحب الزكاة وأعتقهم جاز ذلك هذا تحصيل مذهب مالك. (الكافي في فقه أهل المدينة 1/ 326)
وخالفهم في ذلك جمهور العلماء، وصرحوا بأن عتق الرقبة لا يجزئ في الزكاة، وهو قول إبراهيم النخعي والشعبي، وسعيد بن جبير، ومحمد بن سيرين، والشافعية والحنفية (أحكام القرآن للجصاص3/124)
وفي البدائع: وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ لَا يَجُوزُ لِانْعِدَامِ التَّمْلِيكِ إذْ الْإِعْتَاقُ لَيْسَ بِتَمْلِيكٍ بَلْ هُوَ إسْقَاطُ الْمِلْكِ. وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بِقَدْرِ الزَّكَاةِ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ لَا يَجُوزُ عَنْ الزَّكَاةِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ وَبِهِ تَأَوَّلَ قَوْله تَعَالَى {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: 60] وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالزَّكَاةِ عَبْدًا فَيُعْتِقَهُ، وَلَنَا أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ التَّمْلِيكُ، وَالْإِعْتَاقُ إزَالَةُ الْمِلْكِ فَلَمْ يَأْتِ بِالْوَاجِبِ وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: 60] إعَانَةُ الْمُكَاتَبِينَ بِالزَّكَاةِ لِمَا نَذْكُرُهُ(بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 2/ 39)
قال الشافعي يجوز صرف الزكاة إلي المكاتب بغير إذن سيده ويجوز الصرف إلي سيده باذن المكاتب ولا يجوز الصرف إلي السيد بغير إذن المكاتب (المجموع6/204)
الأســــــير:
إذا كانت كلمة الرقاب عند إطلاقها تنصرف إلى العبيد، فهل يصلح أن تشمل بعمومها رقبة الأسير المسلم الذي يتحكم فيه الأعداء الكفرة تحكم السيد في العبد الرقيق، وهو في أسره معرض للإسترقاق أيضاً؟
المرويُّ في مذهب أحمد أن ذلك جائز،فيصح عندهم أن يفك الأسير من مال الزكاة من سهم الرقاب، لأن فيه فك رقبة من الأسر (فقه الزكاة2/620)
أما المالكية: فاختلفوا في الأسارى من الزكاة، فقال أصبغ: لايجوز ، وهو قول ابن قاسم؛ وقال ابن حبيب يجوز لأنها رقبة ملكت بملك الرق فهي تخرج من رق إلى عتق، وكان ذلك أحق وأولى من فكاك الرقاب التي بأيدينا، لأنه إذا كان فكاك المسلم من رق المسلم عبادة وجائز من مال الزكاة، فأحرى وأولى أن يكون ذلكفي فك المسلم من رق الكافر وذله (تفسير القرطبي8/183)
وإلى هذا ذهب الدكتور يوسف القرضاوي (فقه الزكاة 2/620)، فهو يرى أن هذا السهم مازال متسعاً لفداء الأسارى من المسلمين، فإن الحروب مازالت قائمة، والصراع بين الحق والباطل لم يزل مستمراً
مقدار ما يعطى:

  • إن قلنا بالقول الأول فللإمام أن يشتري بسهم الرقاب عبيد ويعتقهم.
  • وعلى القول الثاني يعطى المكاتب قدر ما عليه، فإن قَدَرَ على بعض ما عليه أُعطي الباقي.
  • وإن قلنا بفك الأسير من سهم الرقاب فيصرف سهمهم في فك رقاب الأسرى المسلمين من يد الكفار.
  • وإلا قلنا بعدم دخول الأسير في الرقاب سقط سهم الرقاب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً

من أخلاق المسلمين في رمضان

د. جمال نصار أستاذ الفلسفة والأخلاق – تركيا من أعظم النعم التي أنعم …