بحوث ودراسات

مسيلمة أمريكا الأفاق: رشاد خليفة “رسول الميثاق” 1 من 5

أ.د. إبراهيم عوض

كاتب ومفكر مصري.
عرض مقالات الكاتب

رشاد خليفة هو ابن قرية “شبرا النملة” التابعة لمركز كفر الزيات بمحافظة الغربية بمصر والواقعة بين طنطا وتلك المدينة على يمين المتجه إلى الإسكندرية. وقد وُلِد فى 1935م لأب يتولى مشيخة إحدى الطرق الصوفية، وبعد عامين من تخرجه من كلية الزراعة بجامعة عين شمس فى 1957 م ذهب فى بعثة لمواصلة دراساته العليا فى أمريكا وحصل على درجة الدكتوراة في الكيمياء من جامعة أريزونا، ثم عاد إلى أرض الوطن فى 1966م ليعمل مدرسا فرئيسا لقسم البحوث البستانية فى كلية الزراعة بجامعة القاهرة، إلا أنه (كما جاء فى المقال الذى كبته أسامة فوزى رئيس تحرير مجلة “عرب تايمز” والمنشور فى آخر هذه الدراسة) هرب من وظيفته عبر الحدود الليبية، ومنها إلى الولايات المتحدة حيث عمل خبيرا فى الأمم المتحدة قبل أن ينتقل إلى مدينة توسان التى تولى إمامة مسجدها ورئاسة المركز الاسلامي فيها. وفى 1980م أعلن خليفة أن جبريل عليه السلام قد أتاه بالوحى، ثم أخذ يدعو الناس منذ عام 1988م إلى الإيمان بأنه رسول الله. ومن مقتضيات الإيمان به نبذ السنة النبوية، التى يعدّها شركا ووثنية ويزعم أنها من عمل الشيطان.

 وقد اتخذ خليفة لنفسه لقب “رسول الميثاق”، وهو اللقب الذى ما زال أتباعه المهازيل اللقطاء يسمونه به. وهذا اللقب الغريب لم يَرِدْ فى القرآن، الذى لا يريد خليفة أن يكون هناك غيره بغيةَ التخلص من حديث رسول الله كى يخلو له الجو فيعيث هو وأتباعه الضالون فى الإسلام وكتابه فسادا وتفسيرا شيطانيا مجرما دون معقب أو رقيب حسبما خُطِّط لهم فى دوائر المخابرات الأمريكية! والذى فى القرآن هو “الرسول” أو “رسول الله” (وقد تكرر ذلك عشرات المرات)، أو “رسول رب العالمين” (ولم يجئ إلا مرة واحدة)، أما “رسول الميثاق” مثلا أو “رسول الحرية” (كما ورد فى عنوان الكتاب الذى ألفه عبد الرحمن الشرقاوى عنه صلى الله عليه وسلم من وجهة نظر يسارية) وما إلى هذا فتلك تسميات بشرية لا يعرفها القرآن الكريم. وهذا أول الأدلة على أن الله سبحانه وتعالى يأبى إلا أن يفضح دائما هذا “النبى الكذاب”، الذى كتبتُ مرة أصفه بهذا الوصف فى دراستى: “شيخة الإسلام السحاقية والاجتهاد على الطريقة الأمريكية” فى جريدة “شباب مصر” المشباكية أوائل شهر يونيه 2005م، فرد علىّ واحد من أتباعه اسمه، حسبما ورد فى أسفل التعليق، “أحمد” (وأكمل معلقٌ آخَرُ الاسمَ على أنه “أحمد صبحى منصور” شافعًا الاسم بما لذ وطاب من النعوت التى يستحقها هذا الموكوس)، أقول إن هذا “الأحمد” قد ردَّ فى تعليقه بأنّ وصْف خليفة بــ”النبى الكذاب” وصف غير صحيح لأن خليفة لم يدَّع النبوة بل كان رسولا (“رسول الميثاق” على وجه التحديد)، ثم فرَّق “الأحمد” بين النبى والرسول تفرقة لا أدرى من أين جاء بها، اللهم إلا أن تكون قد جاءته فى ساعة تجلٍّ أفرزتها فيها اسْته المنتنة! وهذا هو تعليق أبى حميد بعد أن أعملتُ فيه قلم التصحيح الإملائى والنحوى واللغوى: “سلام عليكم. يتهم “فلان” فى هذا المقال الدكتور رشاد خليفة بأنه نبى كذاب. هذه التهمة باطلة لسبب بسيط: لم يَدّعِ رشاد يوما أنه نبى، بل أكد مرارا تصريح القرآن بأن محمدا هو خاتم النبيين. لم يخبرنا الله أن محمدا هو خاتم المرسلين، لأن هناك فارقا جوهريا بين النبى و الرسول: فالنبى هو رسول يبلِّغ كتاب نبؤات، أما الرسول فهو يبين هذه النبؤات و يستخرج آيات الله من الكتاب. وعلى ذلك فكلُّ نبىٍّ رسولٌ، أما العكس فهو حجة إبليس ليجعل الناس ترفض الرسل حتى لو قدّموا معجزاتٍ مؤيِّدةً لهم كما حدث مع “رسول الميثاق” رشاد خليفة، فقد أيده الله بكشف معجزة القرآن التى ظلت فى مكمنها أربعة عشر قرنا، ألا و هى برهان صحة تنزيل القرآن، المعجزة الرقمية للرقم 19- أحمد”.

والواقع أن هذه التفرقة بين الرسول والنبى لا تستند إلى أى أساس، وإلا فليقل لنا هؤلاء المخبولون من أين استمدوها. إنها تفرقة لم يأت بها قرآن ولم يقل بها عقل. ثم إن فكرة “كتاب النبوءات” الذى يأتى به النبى فكرة تتعارض مع فكرة “النبى” كما نفهمها من القرآن، فالنبى هو إنسان نزل عليه الوحى بدعوة الناس إلى وحدانية الله سبحانه وشمول إرادته وعلمه وقدرته ورحمته، وإلى الإيمان باليوم الآخر والحساب والثواب والعقاب والجنة والنار، وإلى تقديم فروض العبادة والطاعة له سبحانه، وكذلك التمسك بقيم العدل والكرم والعمل والتعاون والتراحم…إلخ، أما النبوءات فتأتى على الهامش ولا تحتل موقعًا أساسيًّا فى الدعوة، مثلما هو الحال فى نبوءة القرآن بانتصار الروم على الفرس فى بضع سنين بعد انكسارهم على يد هؤلاء، وكتكرار التأكيد فيه بانتصار الإسلام على الدين كله رغم ما كان يبدو فى بداية الأمر من أن هذا حلم بعيد المنال، إن لم يكن مستحيلا، وكالتنبؤ قبيل غزوة الحديبية بأن الرسول والمسلمين سوف يدخلون المسجد الحرام محلِّقين رؤوسهم ومقصِّرين، وكطمأنة القرآن للرسول بأن أيًّا من البشر لا يمكنه أن ينال منه منالا لأن الله قد عصمه من الناس. فكيف يقال إن مهمة الرسول هى تفسير هذه النبوءات؟بل كيف يمكن أن تظل هذه النبوءات دون تفسير حتى يموت النبى ثم يأتى الرسول بعد “خراب بصرة” ليبين لهم أن النبى الذى لم يؤمنوا به كان نبيا حقيقيا؟ ودعنا من أن رشاد خليفة لم يهلّ علينا بطلعته الغبية وسَحْنته الشقية إلا بعد أربعة عشر قرنا! والمضحك أن الناس قد آمنت بمحمد صلى الله عليه وسلم ودخلوا فى دينه أفواجًا لا تُعَدّ ولا تُحْصَى، وفسَّرت الأيام والليالى ما لم يكن قد اتضح للمسلمين أثناء حياته من نبوءات، ولم ينتظروا حتى يرسل الشيطان عليهم رشاد (أو بالأحرى: ضلال) خليفة نبيا! ويزيدنا ضحكًا أن المسلمين حين أتاهم هذا المأفون المجنون كفروا به وقتله واحد منهم ولم يبالوا به أدنى بالة، اللهم إلا العملاء الأذلاء الأقلاء الأدنياء الحقراء لعّاقى أحذية الكاوبوى الموحولة فى الخراء والدماء! هل رأى القراء فضيحة وهوانا وشماتة من القَدَر مثل هذه الشماتة التى أراد الله أن يجعل بها “ضلال خليفة”، وبئس الخلف، عبرة لمن يعتبر ومن لا يعتبر؟

 وبالمناسبة فقد زعم خليفة (بناء على ما نزل عليه من وحىٍ شيطانىٍّ) أنه قد هاجر إلى أمريكا كى تنجح دعوته ويحمى الأمريكان حياته، فكان أن أخزاه الله فى هذه أيضا فلم يؤمن أحد بدعوته، اللهم إلا المشبوهين الموتورين المنبطحين على وجوههم الشارعين أستاههم فى الهواء لتلقى طعنات الغراميل الأمريكية، فلعن الله وجوهًا هذه أستاهها، وتلك أفاعيل أصحابها! ثم انتهى أمره بأن قُتِل فى قلب الحِصْن الأمريكى ولم تنفعه حماية الكاوبوى ولا أجهزة مخابراته وأمنه التى كانت تسهر على حياته ليل نهار! وقد قرأت فى موقعه كلمة كتبها بعض المتواطئين معه يؤكدون أن قتله ليس دليلا على أنه كان رجلا سيئا، إذ هناك من الأنبياء والمصلحين فى الإسلام وقبل الإسلام من قُتِل، ولم يكن عددهم بالقليل. ونحن نتفق مع كاتب المقال بوجه عام على النقطة الأخيرة، لكن هذا لا يعنى أبدا أن رشاد خليفة كان رسولا البتة، فوقوع القتل على بعض الأنبياء والمصلحين لا يعنى بالضرورة أن  خليفة كان منهم.

 واللافت للنظر أن القتل لم يقع حسبما ذكر القرآن إلا على الأنبياء: “ويقتلون النبيين بغير الحق/ بغير حق” (البقرة/ 61، وآل عمران/ 21)، “ويقتلون الأنبياء بغير حق” (آل عمران/ 112)، “فلِمَ تقتلون أنبياء الله من قبل…؟” (البقرة/ 91). وعلى هذا فحين نقرأ فى القرآن قوله تعالى عن بنى إسرائيل: “أفكلما جاءكم رسول بما لا تَهْوَى أنفسُكم استكبرتم، ففريقًا كذَّبتم، وفريقًا تقتلون” (البقرة/ 87)، “كلما جاءهم رسول بما لا تَهْوَى أنفسُهم فريقًا كذَّبوا، وفريقًا يقتلون” (المائدة/ 70)                                                  فالمفهوم أن الرسول هنا هو النبى لا الرسول بالمعنى الحلمنتيشى الذى اخترعه خيال “ضلال خليفة”، وبئس الخلف! وهو نفسه القائل بأن النبى هو فى ذات الوقت رسول، أما الرسول فلا يكون أبدا نبيا. ومن ذقنه لا من أى ذقن أخرى نفتل له الحبل الذى يخنق مزاعمه وأباطيله وأكاذيبه، عليه لعنات الله ولعنات كل حر كريم لا يبيع نفسه رخيصة فى سوق التآمر الشيطانى الخبيث على الإسلام. وعلى أية حال فإن ما نريد لفت الانتباه إليه هو أن خليفة قد أعلن أنه بهجرته إلى أمريكا قد أصبح فى مأمن على حياته النَّجِسة النَّحِسة، فشاء الله الذى لا تُرَدّ له مشيئة أن يتم قتله فى مهاجَره الذى كان يظنه حصنا حصينا، فإذا به حصن بلا جدرانٍ ولا حرّاسٍ أمام مشيئة الله الفاضحة المخزية له ولأمثاله، وذلك كى يعلم القاصى والدانى أنه كان كذابا، إذ أراد أن يتشبه بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم حين نزل عليه الوحى بأن الله عاصمه من الناس، وعصمه الله فعلا، فجاء خليفة وظن بانغلاق عقله وقلبه أنه يكفى أن يقلد النبىَّ محمدا حتى تأتى النتائج معه بما أتت به فى حالة سيد الأنبياء والمرسلين ويعصمه الله من الناس كما عصم رسوله محمدا عليه السلام. هذا هو مربط الفرس، وكل كلام غير هذا لا يفيد الأوغاد العملاء الذين كلما أقدموا على عمل من أعمال الخيانة والخسة والعار أحبط الله كيدهم وفضحهم وشهَّر بهم فى كل أرجاء الدنيا! وهذا نص كلامه هو نفسه فى التعليق على ترجمته للآية 30 من سورة “الأنفال”، أسوقه حتى لا أعطى فرصة لأبى حميد ( أتراه أحمد صبحى منصور كما كتب أحد المعلقين فى “شباب مصر”حسبما مَرّ آنفا؟) ليعترض كما اعترض من قبل على ما قاله بعض المعلقين على مقالى: “شيخة الإسلام السحاقية” فى جريدة “شباب مصر” فى ذات الموضوع زاعما كَذِبًا ومَيْنًا (مثل أستاذه فى الكَذِب والمَيْن رشاد خليفة) أن “رسول الميثاق” الضلالى لم يقل أكثر من أن الهجرة لأمريكا سوف توفِّر لدعوته فرصة أفضل: “God chose His final prophet, Muhammad, from the strongest tribe of Arabia. It was tribal laws and traditions that prevented the disbelievers–by God’s leave–from killing Muhammad. Similarly, it was God’s will to move His Messenger of the Covenant from the Middle East, where he would have been killed, to the U.S.A. where God’s message can flourish and reach every corner of the globe. This is mathematically confirmed: the sura & verse numbers= 8+30=19×2.”.

ثم أى نبوءات تلك التى جاء هذا العُتُلّ الزَّنِيم ليفسرها لنا؟ إن كل ما يطنطن به هو الرقم تسعة عشر، وهذا الرقم ليس من الوحى النبوى فى شىء، بل هو، بافتراض صحة المعادلات التى تتعلق به فى القرآن، وبافتراض أنه اتبع فيها منهجا حياديا لا قَصْديًّا قَسْريًّا بحيث يختار من الآيات والأسماء ما يوصله إلى غايته ويترك ما لا ينفعه فى مؤامراته، لا يخرج عن أن يكون مسألة رياضية هى نتاج التفكير البشرى واستخدام الحاسوب، فهو كما ترى أمر عقلى لا وحى سماوى. ثم إن الله الذى يخزى دوما رشاد خليفة وبطانته قد شاء، ولا راد لمشيئته، أن يكون الرقم 19 الذى يدير عليه هذا الأفّاق دجله وخزعبلاته وشعبذاته إنما هو عدد خزنة جهنم (والعياذ بالله) كما جاء فى الآيات 26- 31 من سورة “المدثر”، إذ يقول المولى سبحانه وتعالى جَدُّه عن أحد الطواغيت المعاندين لرسوله محمد عليه السلام: “سأُصْلِيه سَقَر* وما أدراك ما سَقَر؟* لا تُبْقِى ولا تَذَر* لوّاحةٌ للبشر* عليها تسعةَ عَشَر* وما جَعَلْنا أصحابَ النار إلا ملائكةً، وما جعلنا عِدَّتَهم إلا فتنةً للذين كفروا”. أى أن رشاد خليفة الكذاب لا يعرف إلا الشياطين، ولا تؤدى دعوته بمن يعتنقها إلا إلى الجحيم!

 كذلك أرجو من القارئ الكريم أن يتنبه لما يقوله الله عن عدد خزنة جهنم. لقد جعل الله ذلك العدد فتنة للذين كفروا، وها هو ذا “ضلال خليفة” يفتتن به ويحاول أن يفتن المسلمين أيضا حتى يوردهم معه مورد الجحيم! وحتى لو تغاضينا عن هذا كله، أفيمكن أن ينحصر الإسلام فى هذه المسألة؟ وماذا لو أننا لم نصل إلى معرفة هذه المسألة الحسابية؟ أفلن نؤمن بمحمد وبدعوة محمد؟ لكن الناس قد دخلت فى دين الله بالمليارات بعد المليارات على مدى القرون، ولم تنتظر أن ترى سحنة هذا الأفّاق، وعندما شرّف هذا العَيْرُ الضَّرُوطُ مربطَ البهائم ومَدّ خطمه فى المذود يعتلف التبن والبرسيم تشكَّك الناس فيه ولم يعلن متابعته على القىء الذى أتى به إلا المشبوهون أصحاب الماضى الزنيم والملفّات المريبة فى سجلات المخابرات الكاوبووية! وقد أحالنا المدعوّ: “أحمد” فى آخر تعليقه إلى موقع رشاد (اقرأ: “ضلال”) خليفة حيث قرأنا، ضمن ما قرأناه لرسول الشيطان الكذاب، النصّ التالى:

“God’s Messenger of the Covenant is a consolidating messenger. His mission is to purify and unify all existing religions into one: Islam (Submission). Islam is NOT a name; it is a description of one’s total submission and devotion to God ALONE, without idolizing Jesus, Mary, Muhammad, or the saints. Anyone who meets this criterion is a “Muslim” (Submitter). Therefore, one may be a Muslim Jew, a Muslim Christian, a Muslim Hindu, a Muslim Buddhist, or Muslim Muslim.”

وبهذا تنكشف اللعبة الجهنمية، فــ”ضلال خليفة” قد جاء وفى الخطة التى رسموها له أن يهدم الإسلام ويجعله أثرا بعد عين وخبرا من أخبار “كان”، إذ لم يعد عنده كافر ومسلم، بل الكل مسلمون ناجون ما داموا يسلمون أنفسهم لله، وبطبيعة الحال سوف يزعم الجميع أنهم قد أسلموا أنفسهم لله وأنهم لا يعبدون سواه. أفليس هناك مسلمٌ يهودى، ومسلمٌ نصرانى، ومسلمٌ بوذى، ومسلمٌ مسلم (حلوة مسلمٌ مسلم هذه!)؟ كما أن الإسلام عنده ليس هو الدين الذى جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، ومن هنا فإنه يسميه: “Submission”، مثلما يسمِّى المسلمَ: “Submitter “. ترى أهى مصادفة أن ينهج محمد أسد هذا النهج من قبل كما رأينا فى الدراسة التى كتبتُها عن ترجمته للقرآن، أم هى حلقات، كل حلقة تمهد للأخرى؟ أيا ما يكن الأمر فهذه هى الماسونية اللعينة بعينها العوراء الشوهاء، تلك الماسونية التى تريد أن تشيع الاضطراب فى كل شىء وتلبِّس على المسلمين أمرهم وتفقدهم الثقة فى دينهم وتنسخ من أدمغتهم وإلى الأبد أن دينهم هو الدين الصحيح. ولقد سبق هذا كلَّه عند محمد عبده قوله إنه لا فرق بين المسلم واليهودى والنصرانى والصابئى فى المصير، فالجميع ناجون يوم القيامة ما داموا يؤمنون بالله واليوم الآخر ويعملون صالحا. لكن الواقع الكئيب فى حالتنا هذه أن المسلمين، فى رأى رشاد (ضلال) خليفة، قد انحرفوا مبكرا جدا وكَفَروا منذ أيام الصحابة أنفسهم، ومن ثم لن يكونوا من الناجين يوم القيامة مع اليهود والنصارى والصابئين، وعلى رأسهم بطبيعة الحال الرشاديون (أو بالأحرى: “الضلاليون”) الخليفيون. ولقد وقفت بكل قوة لهذا التفسير الضال وبينت أنه يتعارض مع القرآن تعارضا مطلقا ويفرغ النبوة المحمدية من مضمونها تماما ويفسد كل شىء، ويمكن القارئ الكريم أن يرجع فى ذلك إلى الفصل الخاص بــ”أهل الكتاب” من كتابى عن “سورة المائدة” حيث يجد تناولا مفصلا لهذه المسألة من كل جوانبها. ومع ذلك فلعل من المستحسن أن نورد خلاصة لما قلناه هناك، وهى الخلاصة التى أثبتناها فى الدراسة التى كتبناها عن شيخة الإسلام السحاقية التى تردد نفس هذا الكلام مما يدل على أنهم جميعا ذرية بعضها من بعض فى الخيانة والعار والعمالة المشينة:

“أما قوله تعالى الذى استشهدتْ به مانجى من أن اليهود والصابئين والنصارى لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فلا يعنى ما تريد أن تُدْخِله فى رُوع القراء من أن أولئك الأقوام داخلون الجنة حتى لو بَقُوا على أديانهم المنحرفة، بل يعنى أن الباب فى الإسلام مفتوح أمام أهل الأرض جميعا للإيمان بدعوة محمد والنجاة من ثمّ فى الآخرة حتى لو لم يكونوا من العرب الذين آمنوا فى البداية به صلى الله عليه وسلم، إذ العبرة فى الدين الخاتم أنه دين عالمى لا دين عصبية قبلية أو قومية مثلا، فمعروف أن أنبياء بنى إسرائيل كلهم لم يُبْعَثوا لأحد من خارج أمتهم. يتضح ذلك من النص التالى (متى/ 15): “21 ثم خرج يسوع من هناك وانصرف إلى نواحي صور وصيدا. 22 وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليه قائلة:  ارحمني يا سيد، يا ابن داود. ابنتي مجنونة جدا. 23 فلم يجبها بكلمة. فتقدم تلاميذه وطلبوا إليه قائلين: اصرفها لأنها تصيح وراءنا . 24 فأجاب وقال: لم أُرْسَل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة. 25 فأتت وسجدت له قائلة :يا سيد، أعنّي. 26 فأجاب وقال :ليس حسنا أن يُؤْخَذ خبز البنين ويُطْرَح للكلاب. 27 فقالت: نعم يا سيد. والكلاب أيضا تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها. 28 حينئذ أجاب يسوع وقال لها: يا امرأة، عظيمٌ إيمانك. ليكن لك كما تريدين. فشُفِيَتْ ابنتها من تلك الساعة”. فليس فى الإسلام مقولة “خراف بنى إسرائيل” ولا “أفراخ بنى إسماعيل”، بل الدعوة والرحمة مفتّحة الأبواب لجميع أبناء آدم ما داموا يؤمنون بالله واليوم الآخر ويعملون الصالحات، وهذا كل ما هناك.

ولهذا نجد أن الإسلام قد علَّق نجاة اليهود والصابئين والنصارى على إيمانهم بالله واليوم الآخر وعملهم الصالحات فقط دون اعتبار آخر: “إن الذين آمنوا، والذين هادوا والصابئين والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحًا، فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ” (المائدة/ 69. وفى البقرة آية أخرى مشابهة لهذه هى الآية 62)، والإيمان بالله واليوم الآخر لا يصح إلا إذا آمن الشخص بجميع الأنبياء والمرسلين بما فيهم، بل وعلى رأسهم، سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك واضح من الآيات التالية: “إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرّقوا بين الله ورسله ويقولون: نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا* أولئك هم الكافرون حقا، وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينا” (النساء/ 150- 151)، “وهذا كتابٌ أنزلناه مباركٌ مصدِّقُ الذى بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها. والذين يُؤْمِنون بالآخرة يُؤْمِنون به، وهم على صلاتهم يحافظون” (الأنعام/ 92)، “قال: عذابى أُصِيبُ به من أشاء، ورحمتى وسِعَتْ كل شىء، فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون* الذين يتَّبِعون الرسولَ النبىَّ الأُمّىَّ الذى يجدونه مكتوبًا عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويُحِلّ لهم الطيبات ويُحَرِّم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصْرَهم والأغلال التى كانت عليهم. فالذين آمنوا به وعزَّروه ونصَروه واتَّبَعوا النور الذى أُنْزِل معه أولئك هم المفلحون” (الأعراف/ 156- 157)، وغير ذلك. وما من مرة أثنى القرآن على أحد من أهل الكتاب إلا كان بعد دخوله الإسلام، إلا أن بعض ذوى الأهواء يَبْغُون منا أن نقرأ النصوص القرآنية بقلوب مريضة وعيون عمياء، لكن كيف يبصر الأعمى ومن فى قلبه مرض؟ وعلى هذا فليس فى القرآن أى تناقض، لا فى هذه القضية ولا فى غيرها كما تزعم مانجى أو من كتبوا لها الكتاب، بل ينبغى أن نقرأ كتاب الله فى كُلّيّته وشموله ولا نجعله عِضِين. وإذا دقق القارئ فى الطريقة الترقيمية التى كُتِبَتْ بها الآية السابقة فسوف يتضح له ما أقصد. ونستطيع أن نعيد كتابتها بطريقة ترقيمية أخرى كى تزداد الأمور اتضاحًا: “إن الذين آمنوا (والذين هادوا والصابئين والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحًا) فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون “. ذلك أنه لا معنى لاشتراط الإيمان بالله واليوم الآخر فى حالة المؤمنين، أى المسلمين، وهم الطائفة المذكورة فى بداية الكلام، إذ هم مؤمنون فعلا، على عكس الحال مع اليهود والصابئين والنصارى الذين لم يؤمنوا بمحمد بعد، ومن ثم فلا يُعَدّون مؤمنين كما بيّنّا قبلا من خلال آيات القرآن الكريم”.

على أن تسمية “رسول الميثاق” بعد ذلك كله هى تسمية لا يعرفها القرآن الكريم كما قلت، بل لقد وردت كلمة “الميثاق” فيه خمسا وعشرين مرة لم يُذْكَر فى أية آية منها أنه سبحانه وتعالى قد أخذ هذا الميثاق من أى رسول! ليس ذلك فقط، بل إن الله الذى يفضح دائما هذا الأفّاق الأَشِر قد شاءت إرادته العلية، ولا راد لمشيئته سبحانه، أن يذكر القرآنُ أنه سبحانه وتعالى إنما أخذ الميثاق من النبيين (أكرِّر: “من النبيين” لا من الرسل)، النبيين الذين قال كذّابنا وقال تابِعُه قُفّة (المدعوّ: “أحمد”) إنه لم يكن واحدا منهم بل كان رسولا! وهذان هما النصان اللذان ورد فيهما ذلك: “وإذ أخذ الله ميثاق النبيين: لَمَا آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسولٌ مصدِّقٌ لما معكم لَتُؤْمنُنّ يه ولَتَنْصُرُنّه” (آل عمران/ 81)، “وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوحٍ وإبراهيمَ وموسى وعيسى بن مريم، وأخذنا منهم ميثاقا غليظا” (الأحزاب/ 7). وهذا خذلان آخر من خذلانات الله الكثيرة لذلك المجرم الكذاب! قد يقول رشاد ومن يرافئه على ضلاله المبين إن المقصود بــ”رسول الميثاق” هو أن الله أخذ الميثاق على النبيين بأن يسارعوا إلى الإيمان بأى رسول يأتى مصدقا لما جاؤوا به، لكن الرد سهل جدا وبسيط، وهو أن هذا ليس خاصا برشاد خليفة (إِنْ صَحّ أصلاً أن باب الرسالة لم يغلق كما يزعم هذا الأفاك، وهو غير صحيحٍ بتَّةً)، بل هو عامٌّ فى كل رسول يأتى بما يعضِّد ما جاء به النبيون السابقون، فكيف يريد خليفة أن يخص به نفسه؟ ثم إن ما أتى به هذا الخليفة إنما يضادّ دين محمد، ومن ثم يضادّ أديان الأنبياء الآخرين جميعا ولا يعضّدها أو يصدّقها. وعلى هذا فالآية لا تنطبق عليه بحال، وإلا لصارت النبوة ضلالا وإجراما وخيانة وقلة أدب ووقاحة وكذبا مبينا وعمالة وطابورا خامسا! حاشا لله!

ويحصر رشاد خليفة دور الرسول محمد فى مجرد تبليغ القرآن فقط، محرِّمًا عليه أىّ دور آخر، وذلك اعتمادا على الآيات التالية حسب زعمه: “إنْ عليك إلا البلاغ” (الشورى/ 48)، “فإنما عليك البلاغ، وعلينا الحساب” (الرعد/ 40)، “ما على الرسول إلا البلاغ” (المائدة/ 99). وهو يترجمها بما يعنى أنه ليس للرسول إلا تبليغ “الرسالة”، والرسالة هى القرآن. وعلى هذا فإن وظيفة الرسول عليه السلام هى مجرد تبليغ القرآن، ثم لا شىء بعد ذلك. والناظر فى الآيات الثلاث وأمثالها يدرك فى الحال أن الأمر ليس كما يعمل خليفة وأتباعه على إيهام القارئ، إذ ليس فى القرآن أن دوره صلى الله عليه وسلم منحصر فى تبليغ القرآن وحسب، وإلا لكان يكفى أن يرسل الله كتابا يحمله الرسول إلى قومه ويضعه بين أيديهم ثم يقول لهم: هاكم القرآن الذى أرسلنى الله به، فانظروا فيه، وكل عام وأنتم بخير! ثم يولّيهم قفاه وينصرف لحال سبيله، وكان الله يحب المحسنين!

إن الآيات التى يستشهد بها الأفاك على ما يريد إيهامنا وخداعنا به إنما تعنى أنه عليه السلام ليس مسؤولا عن إدخال الناس فى الإسلام، فتلك مهمتهم هم التى سوف يُسْأَلون عنها يوم القيامة، أما هو فكلّ ما عليه أن يبلغهم الدعوة بما فيها القرآن وتفسير القرآن وتطبيق مبادئ القرآن على أرض الواقع. ولا شك أن شرح الرسول للقرآن وتطبيقه إياه يأتى فى المقام الأول قبل أى شرح أو تطبيق آخر، لأنه هو الذى أتى به، وهو الذى كان ينزل عليه الوحى، وهو الذى اختاره الله من دون الناس جميعا كى يقوم بهذه المهمة. وليس من المعقول أن يجىء فى آخر الزمان وفى أمريكا بلد التقاليع العجيبة والاستخبارات التى تدس أنفها ويدها وأشياء أخرى غير أنفها ويدها فى مواضع من أجساد الرسل الكذابين لا يصح أن نذكرها على الملإ، ليس من المعقول أن يأتى رسولٌ كذوبٌ فى آخر الزمان وفى أمريكا بلد العجائب والتقاليع والقساوسة اللوطيين والشيخات السحاقيات فيرسم للرسول عليه السلام ما ينبغى وما لا ينبغى، متجاوزا بذلك قدره التافه الحقير إلى التسلط والتجبر على سيد الخلق. هذا شغل عيال صغار لا يصلح مع سيدنا وسيده رسول الله، وإن كان هذا الدجال لا يستحقّ أبدا شرف اللمس (مجرد اللمس) لأهداب السيادة المحمدية، لأن محمدا كريم، ولا ينتسب إليه إلا الكرام الذين لا يبيعون ضمائرهم رخيصة فى سوق المخابرات الأمريكية والكيد للإسلام والحرب عليه! ومن فجور الوغد تسميته أحاديث رسول الله وسنَّته: ” :Satanic Innovationsاختراعات شيطانية”! أما هو فالضُّرَاط الذى يطلقه من بطنه القذرة وحى سماوى! أنعم وأكرم!

ثم يمضى خليفة فيزعم أن الرسول محمدا ممنوع من إصدار أية تعليمات دينية إلى جانب القرآن بناء على قوله تعالى: “إنه لقول رسول كريم* وما هو بقول شاعر. قليلا ما تؤمنون* ولا بقول كاهن. قليلا ما تَذَكَّرون* تنزيلٌ من رب العالمين* ولو تَقَوَّلَ علينا بعض الأقاويل* لأخذْنا منه باليمين* ثم لقطعْنا منه الوَتِين” (الحاقة/ 40- 46). وبالمناسبة فالترجمة رديئة ولا تؤدى المعنى كما يجب، إذ هى تقول: “لعاقبناه ولقطعنا عنه الوحى”، وأين هذا من النص الأصلى؟ ومرة أخرى لا علاقة للآيات بما يدَّعى خليفة، بل المراد بها تكذيب الكفار الذين كانوا يتهمونه صلى الله عليه وسلم بأنه كاهن أو شاعر أو مجنون ينزل عليه الشيطان، ولا دخل لها بما يهرف به هذا الشيطان، الذى يريد أن يمنع الرسول الكريم حتى من تفسير القرآن استنادا إلى قوله عز شأنه: “لا تحرِّكْ به لسانك لِتَعْجَل به. إن علينا جَمْعَه وقرآنه* فإذا قرأناه فاتَّبِعْ قرآنه* ثم إن علينا بيانه” (القيامة/ 16- 19)، معطيًا لنفسه فى ذات الوقت الحق فى أن يقول ما يشاء وأن يفسر القرآن ويترجمه كما يشاء دون حسيب أو رقيب، وحسبنا الله ونعم الوكيل فى رسل الكذب والنفاق والعمالة والضلال! ومرة أخرى نجد مسيلمة أمريكا الكذاب يفسر الآيات القرآنية بما لا تقول، إذ نزلت هذه الآيات فى تنبيه النبى عليه السلام إلى أن يرأف بنفسه فلا يردد وراء جبريل، أوّلاً بأوّل وكلمةً كلمة، ما يوحيه إليه، بل عليه أن يصغى لما جاء به روح القدس ويدع الباقى على الله، الذى تكفل بحفظ كتابه وتحفيظه إياه تلقائيا بمجرد أن يستمع إليه أول مرة من الروح الأمين. هذا كل ما هناك، ولا صلة بين الآيات الكريمات وما يتقوَّله، ببجاحةٍ ما بعدها بجاحة، رسولُ الضلال المسمَّى: “رشاد” اسمًا على غير مسمًّى! ومما يتعمَّل الكذاب التوسانى لتفسيره تفسيرا ضالا مثله قوله تعالى: “الرحمن* علم القرآن”، الذى يخرج منه (كما خرج من دين محمد) بالقول بأنه يعنى أن الله هو وحده الذى يقوم بشرح القرآن وتعليم معانيه للناس. والواقع ألا أحد يشاحّ فى أن الله هو الذى علّم رسوله القرآن وليس أى أحد آخر كما كان يزعم مشركو قريش، إذ يقولون مرة إن الشيطان هو الذى يوحى إليه بهذا القرآن، ومرة إنه عليه السلام كان يكتتبه مما فى كتب الأولين…إلخ، فجاءت فاتحة سورة “الرحمن” لتؤكد أن الله لا غيره هو الذى علم نبيه القرآن الكريم. وحتى حين يشرح النبى هذا القرآن فإن ذلك يكون بتعليم الله له أيضا. ولا مستند من ثم فى هاتين الآيتين لما يزعمه الكذاب الدجال الــمكتوب على جبهته بحروف سوداء يراها كل من فى قلبه ولو ذرة إخلاص لله ولرسوله: “Made in America”، وتحتها بحروف حمراء: “آيِسٌ من رحمة الله”، ثم تحت ذلك بحروف زرقاء: “عليه لعائن الله”! أقول ذلك وأجرى على الله!

وهو لا يكتفى بهذا، بل يمضى فيَعُدّ الشِّقّ الثانى من الشهادتين لونا من الشرك. أى أنه لا يجوز أن يقول المسلم أو من يريد أن يدخل الإسلام: “أشهد أن محمدا رسول الله”، بل عليه أن يقول فقط: “أشهد ألا إله إلا الله” لا يزيد! وهذا كفرٌ بَوَاح، وإن حاول المتنطعون الأفاكون أن يزايدوا على نقاء التوحيد، متصورين أنهم يستطيعون أن يخدعوا المسلمين بأنهم إنما يبغون تطهير الإسلام مما يناقض وحدانية الله، وكأن الشهادة بأن محمدا رسول من عند رب العالمين شرك ووثنية. فانظر أيها القارئ إلى هذا الكفر اللئيم! لقد كان هذا يصح لو أن المسلمين يؤلهون الرسول محمدا ويشركونه مع الله فى العبادة أو حتى فى الدعاء، لكنهم لا يفعلون هذا ولا ذاك. إنهم حين يقولون: “أشهد أن محمدا رسول الله” إنما يعبرون عما فى قلوبهم وعقائدهم، فهل من الخطإ أن يعتقد المسلم أن محمدا رسول الله؟ وما الفرق بين الاعتقاد برسالته وبين التصريح بهذا الاعتقاد؟ إن الذى يؤمن بشىء أو يحب شخصا إنما يحب أن يذكره ويلهج باسمه فى كل حين، فلماذا يريد هؤلاء المخابيل أن يجرّموا ويحرّموا ويكفّروا النطق بالشهادة على أنه صلى الله عليه وسلم رسول الله؟ فما الذى ينبغى أن نعتقده فيه صلى الله عليه وسلم إذن؟ أتراهم بتنطعهم النفاقى يقولون إنهم لا يريدون أن يُذْكَر أى اسم بجوار اسم الله؟ ورغم أن العبرة فى الأمر بما يعتقده الإنسان، فإنى أحب أن ألفت انتباه القارئ إلى كثرة الآيات الكريمات التى يذكر فيها رب العزة اسم رسوله بجانب اسمه الكريم، أو تدعو إلى الإيمان به صلى الله عليه وسلم مع الإيمان بالله تعالى، أو تؤكد أنه رسول الله عقب النص على ألوهيته سبحانه، أو تشهد بصحة رسالته عليه السلام، أحب أن ألفت الانتباه إلى هذا كدليل على كذب ما يتساخف أولئك المجرمون به كفرا ونفاقا. ومن هذه الآيات قوله تعالى: “يا أيها الذين آمَنوا، آمِنوا بالله ورسوله” (آل عمران/ 136)، “إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله” (النور/ 62، والحجرات/ 15) “يا أيها النبى، إنا أرسلناك شاهدًا ومبشِّرًا ونذيرًا* لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزِّروه وتوقِّروه وتسبِّحوه بُكْرَةً وأصيلا” (الفتح/ 9)، “يا أيها الذين آمنوا، استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يُحْيِيكم” (الأنفال/ 24)، “يا أيها الذين آمنوا، لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون” (الأنفال/ 27)، “قل: أطيعوا الله والرسول” (آل عمران/ 32)، “ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصِّدّيقين والشهداء والصالحين، وحَسُنَ أولئك رفيقا” (النساء/ 69)، “من يُطِع الرسولَ فقد أطاع الله” (النساء/ 80)، “وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول، واحذروا” (المائدة/ 92)، “يسألونك عن الأنفال. قل: الأنفال لله والرسول” (الأنفال/ 1)، “ما كان محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم، ولكنْ رسولَ الله وخاتَمَ النبيين، وكان الله بكل شيء عليما” (الأحزاب/ 53)، “محمد رسول الله “” (الفتح/ 29)، “وإذا قيل لهم: تعالَوْا يستغفرْ لكم رسول الله لَوَّوْا رؤوسَهم ورأيتَهم يَصُدّون وهم مستكبرون” (المنافقون/ 7).

بل إن من يشهد بأن الرسول حق ثم يرجع عن هذه الشهادة فإن الله سبحانه وتعالى يُضِلّه ولا يهديه: “كيف يَهْدِى اللهُ قومًا كفَروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات؟ والله لا يَهْدِى القومَ الظالمين” (آل عمران/ 86)، وفى هذا أقوى برهان على أهمية الشهادة برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فكيف ينكرها ويستنكرها هؤلاء المتاعيس المُرِيبون؟ كذلك فإن الله سبحانه وتعالى يريد لهذه الشهادة أن تكون صادقة نابعة من القلب لا مجرد ترديد باللسان مخادعة ونفاقا، وإلا لم تُفِدْ صاحبَها فى شىء لأن الله طيب لا يقبل إلا الطيب الصادق من العقائد والأعمال: “إذا جاءك المنافقون قالوا: نشهد إنك لرسول الله. والله يعلم إنك لرسوله! والله يشهد إن المنافقين لكاذبون” (المنافقون/ 1)، فكيف يأتى هؤلاء الضالون المضِلّون فيقولوا إنها شرك ووثنية؟ ألا إنهم فى الخبث والنفاق ونجاسة القلب واللسان لَعَرِيقون، وفى الضلال والغواية والكفر مارِدون! بل إن الله ليشهد على صحة الرسالة المحمدية بذاته العلية: “وأرسلناك للناس رسولا، وكفى بالله شهيدا” (النساء/ 179)، “هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق لِيُظْهِره على الدين كله، وكفى بالله شهيدا” (الفتح/ 28)، “لكنِ اللهُ يشهد بما أَنْزَلَ إليك، أنزله بعلمه، والملائكة يشهدون، وكفى بالله شهيدا” (النساء/ 166). ومسيلمة أمريكا نفسه يقول هذا، لكنه يوظفه لغرض خبيث آخر هو الزعم بأن محمدا لم يكن معه ما يدل على أنه نبى إلا شهادة الله له. وفوق ذلك فها هم أولاء أهل الكتاب الذين أسلموا يعلنون أنهم آمنوا بما أنزل الله واتبعوا رسوله، داعين الله سبحانه أن يكتبهم على ذلك من الشاهدين: “ربنا، آمنّا بما أنزلتَ واتبعْنا الرسول، فاكتبنا مع الشاهدين” (آل عمران/ 53). ثم كيف يقول هذا الدَّعِىّ الكذاب الأَشِر إن مهمة رسول الله تقتصر على تبليغ القرآن لا غير وليس من حقه أن يتكلم بشىء غير القرآن، ونحن مثلا نقرأ قوله تعالى: “وأنزلنا إليك الذكر لتبيِّن للناس ما نُزِّل إليهم” (النحل/ 44)، “وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبيِّن لهم الذى اختلفوا فيه” (النحل/ 64)، وهو ما يعنى أنه عليه السلام كان يقوم بمهمة أخرى بجانب تبليغ كلام الله، ألا وهى تبيين مرامى هذا الكلام وتوضيحه، كما أننا نقرأ قوله عز شأنه: “فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تَتَّبِعْ أهواءهم” (المائدة/ 48) بما يوضح أنه عليه السلام كان يقوم أيضا بمهمة القضاء؟ فكيف نتجاهل أقضيته ولا نفكر فى دراستها على الأقل لنتعلم منها؟

والغريب أن الدَّعِىّ الأفّاق يزعم (فى تعليقه على ترجمة الآية 79 من سورة “النساء”) أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يأت بأى دليل على نبوته، اللهم إلا شهادة الله له. يريد أن يقول إن الأبواب مغلقة فى وجه من يبحث عن دليل على صدق رسالة محمد عليه السلام! ومعنى هذا أن من لم يؤمن به فلا حرج عليه، إذ كيف أومن بشىء ليس عندى دليل على صحته؟ وتجاهَل الأفّاقُ القرآنَ الكريم الذى تحدى الله به الإنس والجن فعجزوا عن أن يأتوا ولو بسورة من مثله، وتناسى أيضا النبوءات التى أنبأ بها سيد الخلق سواء فى القرآن أو فى الحديث والتى تحققت كلها، وتناسى كذلك أنه عليه السلام كان مثالا للصدق والأمانة ويقظة الوعى فلا يمكن أن يكذب فى أمر الوحى أو يُخْدَع فيه، وتناسى أنه لم يكن له عليه السلام أى مأرب فى ادعاء النبوة، إذ لم تكن وراءه مخابرات دولة غربية مثلا تؤزّه على هلاك أمته بادعاء رسالة شيطانية غايتها تشتيت عقول المسلمين وإشاعة الارتباك فى دينهم من أجل أن يتركوه قليلا قليلا ويضيعوا فى الزحام دون أمل فى العودة إلى الطريق، كما تناسى البشارات الكتابية التى أخبرت بمجيئه صلى الله عليه وسلم، وتناسى القيم الكريمة التى دعا إليها وكان فيها إنقاذ الأمة العربية وكذلك الأمم الأخرى التى دخلت الإسلام، وتناسى التحدى الدائم الذى كرره القرآن بأن دين محمد سوف ينتصر رغم كل ما يبذله الكافرون من أموال وجهود فى سبيل عرقلته والقضاء عليه، وتناسى برهان العقل على أن مثل محمد لا يمكن أن يكون كاذبا، كما أن الدين الذى أتى به لا يمكن أن يكون دينا زائفا، بالضبط مثلما يقول لى عقلى الآن إن مثل رشاد خليفة لا يمكن أن يكون رسولا حقيقيا، وإلا فلا ثقة فى أى شىء إذن! وبطبيعة الحال فإن كذّابنا الرقيع يهدف من وراء ذلك إلى القول بأنه هو الذى أثبت نبوة محمد، ولولا هو ما عرف أحد أنه نبى من عند رب العالمين، أما هو (“أبو الضلال” خليفة) فقد جاء وفى يده برهان صدقه. والله عال! ترى أأنا فى علم أم فى حلم يا ناس؟ إننى لا أصدق ما أقرأ! لم يبق إلا أبو شَخَّة هذا يشمخ على سيدنا رسول الله! ثم إن الخبيث رغم ذلك كله قد غلبته الحقيقة على خبثه فأقرّ بطريقة ضمنية غير مباشرة أن فى القرآن ما يشهد لمحمد، إذ أكد (عند تعليقه على ترجمة الآية 82 من سورة “النساء”) خلوّه التام من أى شىء غير معقول رغم نزوله فى “العصور الوسطى” على حد تعبيره.

ولقد كذَّب خليفةُ نفسَه بنفسه فى مسألة إنكار السنة النبوية، إذ كان منطلقه فى موضوع الصلاة مثلا أن عددها خمسٌ فى اليوم والليلة، وأن عدد ركعات كل منها كذا، وعدد سجداتها كذا، وما نقرؤه فى كل ركعة هو كذا…إلخ، وليس شىء من هذا كله فى القرآن، بل هو مما جاءت به الأحاديث النبوية، تلك الأحاديث التى عدَّها لونًا من الشرك والوثنية كما رأينا، ذاكرًا أنه قد تحقق من صحة ما قاله فى الصلاة من خلال تطبيق نظريته فى الرقم 19 على ما ذكره القرآن فى هذا الموضوع من آيات عامة تخلو من التفصيل والتصنيف. يعنى أنه قد لَحَس كل ما قاله فى هذه القضية لَحْسًا وكأنه لم يقل شيئا! وهذا كلامه بنصّه كى يرى القراء بأنفسهم مدى التنطع الكافر الذى ينتهجه هذا الكذوب: ” 2:238 All five prayers are found in 2:238, 11:114, 17:78, & 24:58. When the Quran was revealed, the Contact Prayers (Salat) had already been in existence (Appendix 9). The details of all five prayers–what to recite and the number of units (Rak`aas) per prayer, etc.–are mathematically confirmed. For example, writing down the number of units for each of the five prayers, next to each other, we get 24434, 19×1286. Also, if we use [*] to represent Sura 1 (Al-Faatehah), where [*]=the sura number (1), followed by the number of verses (7), followed by the number of each verse, the number of letters in each verse, and the gematrical value of every letter, writing down 2[*][*]4[*][*][*][*]4[*][*][*][*]3[*][*][*]4[*][*][*][*] produces a multiple of 19 (see 1:1).”. ويجد القراء كلامه هذا فى تعليقه على ترجمة الآية 138 من سورة “البقرة”. ومثلها إقراره (أثناء تعليقه على ترجمة الآية 141 من سورة “الأنعام”) بأن نسبة الزكاة هى %5,2 رغم أنه لا وجود لشىء من هذا فى القرآن، لكنه ككل بَكّاش عريق فى البَكَش يَدَّعِى أننا عرفنا هذا من ديانة إبراهيم عليه السلام. وأنا فى الحقيقة لا أدرى أين ذلك الكتاب الذى وصلنا عن إبراهيم، وفيه النص الخاص بنسبة الزكاة! إزاء هذا لا أملك نفسى من أن أقول له: طيـ..ك حمراء يا قرد! العب غيرها! والله لو أن روحك النجسة خرجت من جسدك الدنس ألف مرّة: مرّة تنطح مرّة، فليس أمامك إلا الإقرار على رغم أنفك المنتن بأن السُّنّة النبوية، والسُّنّة النبوية وحدها، هى التى فَصَّلَتِ القول فى هذا، لكن التخطيط الجهنمى الذى دشَّنك رسولا كذابا هو الذى ألزمك بإنكار السنة المحمدية توطئةً لإنكار القرآن ذاته بعد العبث به شرحًا وتفسيرًا والالتواء بآياته عن معانيها ومقاصدها الحقيقية!

الحق أن هذا الهلفوت قد تجاوز قدره تماما ومسَّه طائف من سعار الجنون فتخيَّل ثم خال، وظن أنه قادر على أن يُسْكِت رسول الله فلا ينطق بشىء زاعما أن مهمته صلى الله عليه وسلم تقتصر على تبليغ القرآن، وكأنه مجرد أداة تسجيل، ثم لا يكتفى بهذا بل يريد أن يسكتنا نحن أيضا فلا نشهد له صلى الله عليه وسلم بالنبوة والرسالة فى الوقت الذى لا يكف هذا الوغد عن الشهادة لنفسه بالرسالة (الرسالة المزيفة المصنوعة فى أمريكا وفى سراديب مخابراتها الشيطانية المجرمة)، ويملأ الدنيا كلاما وحديثا فى التفسير والتعليق والتحليل والتحريم والتكفير والحكم على المسلمين جميعا بما فيهم الصحابة بالعبث بالقرآن والارتداد عن الإيمان، وفى الوقت الذى يهلل لأية عطسة أو ضرطة أمريكية كما فعل مع كلمة جورج واشنطن التى جاء فيها شكر الله فوصفها صاحبنا المجرم القرارى بأنها دليل على استحقاق المجرمين الأمريكان لأَنْعُم الله، وكأن الرسول عليه السلام لم يخلِّف وراءه أدعيةً عبقريةً وألوانًا رائعة معطَّرة من الشكر على نعم الله عليه وعلى أمته تستحق أن يحفظها الحافظون ويرددوها ويعلقوا عليها كما فعل هو مع الضرطة الأمريكية، لعنة الله عليه من كائن جامد الوجه مأفون مخبول! فانظروا بالله عليكم أيها القراء إلى هذا الوغد الجربوع ربيب أمريكا الذى يريد أن يضع نفسه فوق سيده وتاج رأسه ورأس الذين نفضوه! ترى أيمكن أن يكون مثل هذا العميل الدنس النفس، الوقح الطبع، الجامد الوجه رسولا من عند رب العالمين؟ لقد هانت الرسالة إذن ورخُصَتْ فى سوق العقائد والمذاهب حتى لقد ادعاها لنفسه مثل هذا الهلفوت الحقير! والله ثم والله لو لم يكن فى دعوته من سوء وريبة وإجرام سوى أن من أتباعه أحمد صبحى منصور لكفاها ولكفاه! لعنة الله عليه من مجرم لا يستحق إلا الصفع على قفاه!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى