مقالات

“المثقف” العميل

محمد علي صابوني

كاتب وباحث سياسي.
عرض مقالات الكاتب

إن أخطر ما في “الفكرة المفخخة” هو العقل الحامل والمروّج لها فإن استطاع صاحب هذا العقل تسويقها بأسلوب خبيث مستغلاً للمكانة وللكاريزما المصنعة له فإنه لا شك سينجح في اختراق الكثير من العقول غير المحصنة

ومن أصحاب تلك العقول “المثقف العميل” حيث يتم تقديمه.. وترويجه.. وإشهاره.. ونفخه.. وتضخيمه.. وتلميعه من قبل أعداء الأمة.. إلى أن يصبح ((مفكراً قومياً)) لا يُجارى في مضمار.. ولا يُشقّ له غبار.. ولإتمام المسرحية يتم التضييق عليه إعلامياً وأمنياً وربما يتم اعتقاله لفترة من الزمن، فيخرج من معتقله وقد نضرت بشرته وزاد وزنه…! وكأنه كان يقضي رحلة استجمام في جزر “المالديف” …!! في الوقت الذي نفجع به من أخبار من تم زجهم بذات المعتقلات من شباب الأمة ليتم تغييبهم أو تخريجهم على شكل جثث مشوهة

وبعد أن تكتمل شعبية هذا “المثقف” وتُصدَّق كلمته، يتم تكليفه بمهام محددة من مشغليه ليدسّ سمومه في معسولِ كلامه، مؤثراً على عقول العامة وتوجهاتهم.. وتلك أحد أهم الأسلحة الحديثة الفتاكة التي يستخدمها أعداء الأمة وهي أخطر من قنبلة نووية فالسلاح النووي يمكن أن يقضي على مجموعة من المخلوقات وينتهي الأمر، أما هذا السلاح القذر فإنه يفتك بالعقول ليشوهها فتتوارث الأجيال لوثات توجهاته وسموم أفكاره.

واليوم تكشِفُ لنا السّقطات المتوالية لبعض المثقّفين العرب، تارة في خانة العمالة وتارة في خانات أخرى لعلّ أكثرها بشاعة هي الاستقواء بالأجنبي والانتصار له على حساب أبناء الوطن حال العديد من “مثقّفي” سورية وغيرها من البلدان العربية وبخاصّة التي شهدت حراكا مجتمعيّاً في السّنوات الأخيرة.

ولا ريب أننا اليوم لسنا بحاجة إلى “أشباه مثقّفين” أو إلى “مثقفين عملاء”

والثابت أنّ الاستعمار الثّقافي أخطر بكثير من السلاح العسكري الميداني. فالفكرة سلاح لا يمكن أن يعتليه الصّدأ أو تعترضه الحواجز أو الحدود.

والحالة اليوم تتطّلب عقولاً رصينة نزيهة ومُلتحمة مع مصالح الشّعب وتطلعاته بعيداً عن تلك العقليات التي تبنّت أفكار الغرب إما تبنياً ببغائياً أعمى، أو عن قناعة مسبقة بما يروجه الغرب من أفكار وقيم ممسوخة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى