دين ودنيا

قسم الصدقات أو مصارف الزكاة (3)

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب

3-العاملين عليها
ويقصد بهم السعاة جمع ساعي وهو الذي يسعى بين القبائل لجمع الزكاة ( تفسير القرطبي8/177، رد المحتار2/59) ويعطى من الزكاة ولو كان غنياً، لأنه فرغ نفسه، فهو يستحقه عمالة ( رد المحتار2/59، الشرح الصغير1/659)
فان كان الذى يفرق الزكاة هو الامام قسمها علي ثمانية أسهم، سهمٌ للعامل وهو أول ما يبتدئ به لانه يأخذه على وجه العوض، وغيره يأخذه على وجه المواساة، فإذا كان السهم قدر أجرته دفعه إليه، وإن كان أكثر من أجرته رد الفضل علي الأصناف، وقسمه علي سهامهم وإن كان أقل من أجرته تمم له (المجموع6/187)
فان لم يكن عامل بأن دفعها إليه أرباب الاموال فرقها علي باقى الأصناف وسقط نصيب العامل ووجب صرف جميعها إلي باقي الأصناف (المجموع6/188)
قال راقمه أبو معاذ: كذلك إذا قسم رب المال زكاة نفسه أبو بواسطة وكيله؛ أسقط سهم العاملين عليها.
ومن العاملين عليها أيضاً الحاسب، والكاتب (الذي يكتب ما أعطاه أرباب الأموال)، والحاشر (الذي يجمع أرباب الأموال) ، والعريف (هو كالنقيب للقبيلة وهو الذي يُعَرِّف الساعي أهل الصدقات إذا لم يعرفهم)، والخازن، والحافظ، والراعي، ونحوهم، فكلهم معدودون من العاملين عليها، فيعطون منها. وَلَو كَانَ الْعَامِل غَنِيا لِأَنَّهُ يَأْخُذ من الزَّكَاة بِوَصْف الْعَمَل لَا بِوَصْف الْفقر(الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية صـ 178، المجموع 6/187)
وَيشْتَرط فِي الْعَامِل على الزَّكَاة:
1- أَن يكون عدلا فَلَا يعْمل على الزَّكَاة فَاسق.
2- أن يكون عَالما بفقه الزكاة، فَلَا يعْمل عَلَيْهَا جَاهِل. (الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية صـ 179)
وقال الماوردي:
أَمَّا إِذَا اخْتَصَّ عَامِلٍ بِقَبْضِ الزَّكَاةِ وتَفْرِيقَهَا ثَبَتَ فِيهَا حِينَئِذٍ سَهْمُ الْعَامِلِينَ عَلَيْهَا لِيَكُونَ مَصْرُوفًا إِلَى الْعَامِلِ وَأَعْوَانِهِ فِيهَا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يُوصَفَ مَنْ يَجُوزُ أَنْ يكون عاملا فيها بها في القبض وَالتَّفْرِقَةِ وَهُوَ مَنْ تَكَامَلَتْ فِيهِ سِتُّ خِصَالٍ:
أَحَدُهَا: الْبُلُوغُ لِأَنَّ الصِّغَرَ لَا يَصِحُّ مَعَهُ قَبْضٌ وَلَا تَقْبِيضٌ.
وَالثَّانِيَةُ: الْعَقْلُ الَّذِي يَصِحُّ التَّمْيِيزُ بِهِ.
وَالثَّالِثَةُ: الْحُرِّيَّةُ أي لا يكون عبداً رقيقاً
وَالرَّابِعَةُ: الْإِسْلَامُ لِأَنَّ الْكُفْرَ يَمْنَعُ مِنَ الْوِلَايَةِ عَلَى مُسْلِمٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة1] وَقَدِمَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ مِنَ الْبَصْرَةِ عَلَى عُمَرَ بِحِسَابٍ اسْتَحْسَبَهُ عُمَرُ فَقَالَ مَنْ عَمِلَ هذا فقال كاتبي فقال: أين هو؟ هُوَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ قَالَ: أَجُنُبٌ هُوَ؟ قَالَ لَا، وَلَكِنَّهُ ذِمِّيٌّ فَأَمَرَهُ بِعَزْلِهِ وَقَالَ: لَا تَأْمَنُوهُمْ إِذْ خَوَّنَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا تقربوهم إذ أبعدهم الله.
وَالْخَامِسُ: الْأَمَانَةُ لِأَنَّهَا بَيَانُهُ لِيُقْصَدَ بِهَا حِفْظُ الْمَالِ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَنِيبِ فَأَشْبَهَ وَلِيَّ الْيَتِيمِ الذي إن خفيت خِيَانَتُهُ سَقَطَتْ وِلَايَتُهُ.
وَالسَّادِسَةُ: الْفِقْهُ بِأَحْكَامِ الزَّكَوَاتِ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَمَا لَا تَجِبُ وَفِي مَقَادِيرِهَا وَقَدْرِ الْحَقِّ فِيهَا وَأَوْصَافِ مُسْتَحِقِّيهَا وَمَبْلَغِ اسْتِحْقَاقِهِمْ مِنْهَا لِئَلَّا يَكُونَ جَاهِلًا بِمَا هُوَ مَوْكُولٌ إِلَى نَظَرِهِ، فَلَا يَصِحُّ تَقْلِيدُهُ كَالْحَاكِمِ إِذَا كَانَ جَاهِلًا وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ عَامِلِ الصَّدَقَةِ أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْحَاكِمِ جَامِعَةٌ فَاحْتَاجَ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِجَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَوِلَايَةُ عَامِلِ الصَّدَقَاتِ مَخْصُوصَةٌ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَكُونَ عالما يعني بأحكامها، فَإِذَا تَكَامَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْخِصَالُ السِّتَّةُ جَازَ أَنْ يَكُونَ عَامِلًا عَلَيْهَا(الحاوي الكبير 8/ 494)
أما الوزَّان، أو الكيال أو العاد الذي يزن أو يكيل أو يعد؛ فلا يعطى من سهم العاملين، وإنما أجرتهم على رب المال (المجموع 6/188،المغني2/516، الشرح الصغير1/659)
لا حق في الزكاة للسلطان ولا لوالي الإقليم ، ولا للقاضى بل رزقهم إذا لم يتطوعوا من بيت المال في خمس الخمس المرصد للمصالح لان عملهم عام في مصالح جميع المسلمين، بخلاف عامل الزكاة (المجموع 6/188)
وقالت الحنابلة: يعطى العامل عمالته من الزكاة ولو كان عبداً (المغني 2/216)
وعند المالكية: (تفسير القرطبي8/178، الشرح الصغير1/659) والحنابلة يعطى العامل عمالته ولو كان هاشميا. (قال في المغني 2/519: وهو قول أكثر الحنابلة، وظاهر كلام الخرقي أنهم يمنعون الصدقة إن كانوا عاملين)
قال النووي: ويجوز ان يكون الحافظ والناقل هاشميا ومطلبيا بلا خلاف لانه أجير محض ( المجموع 6/189)
وقالت الحنفية (رد المحتار2/59) لا يعطى منها إن كان هاشمياً. وهو قولٌ عند الشافعية (روضة الطالبيين2/184،تفسير ابن كثير2/379)
مقدار ما يعطون:
يعطى العامل من الزكاة بقدر عمله، وهو مرويٌ عن عمر بن عبد العزيز ( أحكام القرآن للجصاص3/123) فيستحق العامل أجرة المثل لا أكثر (روضة الطالبين 2/189)
وقيل يعطى العامل قدر ما يسعه وأعوانه (مراقي الفلاح صـ143، فتح القدير2/204)
فإذا زاد سهم العاملين على أجرتهم؛ ردَّ الزائد أو الفاضل على سائر الأصناف، وإن نقص فمذهب الشافعي أنه يكمل من مال الزكاة، ثم يقسم (روضة الطالبين 2/189)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى