مقالات

أزمتان قلبيتان.. الرئيس الشهيد ونجله عبد الله مرسي

جهاد الأسمر

كاتب ومحامٍ سوري.
عرض مقالات الكاتب

 “ولقد كرمنا بني آدم”

فهل كرّم قائد الانقلاب الدموي (السيسي) من أكرمه وجعله وزيرا للدفاع؟ حقًا “إذا أنت أكرمت الكريم ملكته.. وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا” هذا هو العنوان الذي لا يمكن إلا نضع السيسي فيه.

لا يغيبنَّ عن البال أن ما جرى للرئيس الشهيد محمد مرسي من انقلاب عليه كان نتيجة لمشاريع قوى استخباراتية عالمية بأداة مصرية، فالرئيس مرسي أول رئيس منتخب بطريقة ديمقراطية بتاريخ مصر، وأرادت هذه الدوائر أن تنال منه كي لا ينجح مشروعه كدولة. فأوعزت إلى أداتها عميلها السيسي أن يقوم بتنفيذ المخطط كما رُسم له.

انقلب السيسي وعض اليد التي رفعته بانقلاب كان مخططًا له من دوائر استخباراتية عالمية فتم وضع قيادات الإخوان ومن أتت بهم شرعية ثورة 25 يناير في السجن ومات فيه من مات وكان الرئيس الشهيد محمد مرسي على رأس من جرى استهدافه بداعي أنه قضى بسكتة قلبية وكان هذا الاغتيال السياسي الأول بحق عائلة الشهيد مرسي وبحق مصر.

ولا يغيبن عن البال أيضًا أن وفاة نجل الرئيس المصري الأصغر عبد الله اليوم وبسبب سكتة قلبية أيضًا كما ادعى النظام لا يخرج ولا يمكن لنا أن نخرجه من أنه عملية اغتيال سياسي وذو شبهات جنائية كما حصل مع الرئيس الشهيد.

وتحت ضغط وإكراه لا ينكره عاقل من قبل أجهزة الأمن صرح المتحدث باسم عائلة الشهيد مرسي أن وفاة أخيه ليست جنائية الوصف وذلك من أجل أن يعطوه رفاة أخيه ليدفنه. وفعلا هذا ما حدثً ففي الساعة الثانية فجرًا تمت إجراءات الدفن واقتصرت على بضع أشخاص فقط مع تواجد مكثف لأجهزة أمن السيسي. اللافت أنه قد تم تشريح جثة المغفور له عبد الله للتأكد من سبب الوفاة. ولم يصدر بعد من سلطات الانقلاب في مصر إفادة بخصوص مراسم الدفن ونتائج تشريح الجثمان وأسباب الوفاة! ومن اللافت والمدهش أيضًا وربما تكون من المفارقات أن يتشابه نجل مرسي مع والده في لحظات النهاية، حيث مات الاثنان وفق تقريرين طبيين رسميين بأنهما توفيا “بأزمة قلبية مفاجئة”، ودفنا متجاورين، ليلًا، وفي التوقيت نفسه تقريبًا، إضافة عدم الحضور الشعبي أو الرسمي لكليهما!

القانون فرض وألزم أن يدفن المتوفى إن كان مسلمًا في مقابر المسلمين، وأن يصلى عليه ويكفن، وكذلك الشريعة الإسلامية قالت في هذا واستفاضت فيه ولا ندري ما تم التقصير به في الإجراءات الظالمة؟ ولا أخال أن عصابة مرسي اتبعوا ما تحرص على اتباعه الشريعة الإسلامية في مثل هذه الأحوال.

المعروف عرفًا كالمشروط شرطا…

اقتضت الأعراف أن آل المتوفى بعد أن يقوموا بكل ما تقدم يأخذون الميت ويعلنون عن وفاته ويعلنون موعدًا لخروج الجنازة وفق العرف وأن يقام للمتوفى عزاء ليقبل آل الميت العزاء من محبي المتوفى وممن يعرفه أو حتى ممن لا يعرفه إذا كان شخصية كبيرة كشخصية الشهيد محمد مرسي ونجله عبد الله، فهذه أمور اقتضتها الأعراف ولم ينص القانون عليها ونعلم أنه من مصادر التشريع العرف وما استقر عليه عرف بلد ما يصبح بمثابة قانون غير مكتوب.

قضية اغتيال الشهيد الرئيس محمد مرسي ونجله المغفور له الشهيد عبد الله هي قضيتان لاغتيال سياسي بامتياز، فأن يسجن رئيس شرعي لبلد جرى اختياره من شعبه وأعطاه صوته ليكون رئيسًا عليهم، ويعامل في محبسه معاملة المجرمين من حرمانه لأبسط حق من حقوقه ليس كرئيس بل حتى حقوقه كسجين، وهو الرجل الكبير والمريض وله من الاحتياجات الطبية والدوائية ما لا يمكن له أن الاستغناء عنها. فحرمانه من هذه الحقوق كانت سببًا مباشرًا في وفاته.

ففي القانون لكل جريمة فعل، وسبب، ونتيجة، فالأسباب في قتل الرئيس الشهيد ونجله واضحة والنية الجرمية متوفرة من قصد جرمي يصل إلى العمد في قتلهما، ففي قضية اغتيال الرئيس مرسي هو للتخلص منه فقد بات وجوده بالنسبة لسلطات الانقلاب يهدد ويؤرق السيسي وعصابته فكان أن تخلصوا منه، وفي روايات لا شك أنها تُصدَّق أن فريقًا طبيًّا وضعه السيسي بالتعاون مع أجهزة استخبارات خارجية قامت بحقنه بحقنٍ وعلى فترات أدت لوفاته.

ما يجعلنا نذهب كما ذهب آخرون على إضفاء الاغتيال والقصد الجرمي على الجريمتين اللتين وقعتا على الشهيد مرسي ونجله هو توفر السبب وتوفر الدافع إلى التخلص منهما فالقانون عّرف الدافع على أنه “العلة التي تدفع الفاعل إلى الفعل والغاية القصوى التي يتوخاها”.

فلو لم يكن الدافع متوفرًا إلى استهداف الرجلين لما وقع عليهما ما وقع ولما تعرض شاب في مقتبل العمر لضغوطات نفسية رهيبة من قبل أجهزة الأمن البوليسية ضغوط مادية وأدبية لا قبل لشاب صغير أن يتحملها فلقد اتهم نجل الرئيس الشهيد باتهامات ما أنزل الله بها من سلطان في أجهزة الأمن التي قيل إنه استدعي إليها قبل وفاته بقليل على خلفية قيل فيها أيضًا أنه تهجم على السيسي، ولا أحد يعلم ما الذي أعطي لنجل الرئيس من مهيجات أو عقاقير أثناء وجوده في مقرات الأمن أدت إلى وفاته.

نحن أمام ثلة وضيعة من حكم العسكر التي فعلت بمصر وعلى مدار عشرات السنين ما فعلت فيها، فأينما حل العسكر حل معه الفساد والطغيان. 

ما قام به السيسي وأجهزة أمنه لم يقف عند هذا فحسب بل إنهم تنكروا لأبسط ما تعارف عليه الناس من أمور تتعلق بما يجب أن يكرم به المتوفى، ولكن أنّى لعصابة مافياوية اغتصبت السلطة في مصر أن تراعي قانونًا أو عرفًا! ولا أدل على هذا من الطريقة التي دفن بها الشهيد مرسي بالأمس والطريقة ذاتها التي اتبعتها عصابة السيسي في دفن نجله عبد الله اليوم وفي جنح الليل وكأننا أمام عصابة اتخذت من الليل وسواده ستارًا وحجابًا لتسطو على ما يمكنها أن تسطو عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى