سياسة

إضاءة سياسية – جمعة 30/8/2019 وما بعدها

محمد سعيد سلام

سياسي سوري
عرض مقالات الكاتب

كانت أيام الجمعة في بداية انطلاقة الثورة السورية محط أنظار الثوار جميعا على اختلاف مناطقهم في سورية ، ومحط أنظار الكثير من السوريين المعارضين او سواهم ممن يضمرون خلافهم مع العصابة الحاكمة رغم وجودهم في بعض المواقع الحيوية وشغلهم مناصب متوسطة ومتقدمة ، ومحط ترقب سوريين كثر شردتهم الأجهزة الأمنية المجرمة عن أهلهم وديارهم .
الجميع وعلى رأسهم الثوار كان يحدوهم الأمل والإرادة في رفع سوية المظاهرات عددا وشعارات وتنظيما وإبراز المزيد من التحدي في وجه العصابة لقيادة دفة التغيير في سورية.
تأكد الجميع من مستوى الثورة السورية وعظيم أثرها وعمقها التغييري على المستوى المحلي والإقليمي وتغيير طبيعة العلاقات والمصالح فتعاونوا رغبة أو رهبة على الإجرام والتهجير والتشريد والحصار والتغيير الديمغرافي الطائفي المقيت .

واستطاعت الثورة بعيدا عن المعارضة الهشة أن تفهم الأدوار الوظيفية للإقليمي بأسره بما فيهم الروسي والانقياد للمايسترو الأمريكي دون أن تنجح في تنظيم صفوفها سياسيا، ودون أن تتخلى عن تصميمها وتحديها وإصرارها الأسطوري رغم التوحش الذي مورس ضدها والآلام التي حلت بها .

وبعد التدخل الروسي وزيادة جرعة الإجرام والقتل والتهجير كانت هناك في 30/9/2015 ثلاث محطات سياسية كارثية على الثورةالسورية وعلى مصير المنطقة عموما : اتفاق كيري لافروف ، وصناعة هيكل الرياض وخاصة نسخته الثانية ، وإحداث مسار أستانة المشؤوم ، وقابلها محطتان ثوريتان فارقتان :
الاولى : ما حدث في أوائل الشهر العاشر من سنة 2018 عندما تم نزع الشرعية عن مفرز الرياض 2 عبر مظاهرات عارمة استدعت استغراب جيمس جيفري أن الشعب السوري مازال قادرا على التظاهر ، وقد حررت في ذلك حينها إضاءة سياسية عنونتها ” هيئة التفاوض في صبيحة انتهائها ” .
ثانيا: ما كان يوم الجمعة الفائت 30/8/2019 والمظاهرات الكبيرة واللافتة والتي أخذت طابعا سياسيا معينا حيث أظهرت تحديا لافتا يتجاوز العصابة والإيراني واجرامهما إلى الروسي والتركي واتفاق أستانة المشؤوم ، وسمت الجمعة باستانة ليست الحل ولن تكون ، وتجاوزت كل الفصائل وسطوتها وارتهانها ، وتأتي أهمية هذه المظاهرات أيضا من حيث كونها غضبة جماهيرية ضخمة تأكدت من قصور الإقليمي وهشاشته وإجرام الروسي والأميركي .
فهل تفعل الثورة السورية بالإقليمي والدولي ما فعلته بالعصابة الحاكمة ؟
إذا تابعت المظاهرات غدا الجمعة رسالتها ، واتسعت المشاركة بها وهذا ما أدعو إليه فإن عهدا جديدا للثورة السورية قد بدأ .
وإذا أصرت على مطالبها في تحقيق الانتقال السياسي بعيدا عن العصابة الحاكمة والهياكل السياسية المصنعة ، واعتبرت كل دولة موجودة على أرضها تتناقض مع إرادتها دولة محتلة – وهذا الخيار السليم – فإن مرحلة متقدمة للثورة قد انطلقت .

ولا تحتاج هذه المظاهرات لاستجداء أحد أو شكره ، بل على العالم كله وخاصة غربه أن يخجل – إن كان به بقايا إنسانية – من نفسه والنساء والأطفال والشيوخ يفترشون الأرض ويلتحفون السماء والحمم الإجرامية فوق رؤوسهم .

وعلم الثورة السورية وحده الجدير بالرفع على أرض سورية دون سواه من أعلام الفصائل المحلية أو الجهات الخارجية للتأكيد على السيادة والاستقلالية .

والعناية باللافتات سياسيا وتظهير الذات السورية والاعتماد على كوادرها سيمنح الثورة وضعية أفضل مما سبق .
ومن يتحرج من هذه المظاهرات أو يمنعها فبماذا يختلف عن العصابة الحاكمة التي واجهت مظاهرات الحرية والكرامة بالرصاص والصواريخ والبراميل المتفجرة ؟!!

وعلى الثوار السياسيين أن ينشئوا خطابا سياسيا يؤسس لقيادة حقيقية للثورة وان يستفيدوا من التجربة السابقة في طبيعة علاقتهم مع المعارضة ونظرتهم إلى الإقليمي والدولي .

وعلى جميع السوريين في كل البقاع أن يشكلوا دعما معنويا عاليا لهذه المظاهرات .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى