ثقافة وأدب

نَحْوَ لُغَةٍ فُصْحَى فِيْ وَسَائِلِ الإعْلَام – المبحث الثاني عشر

النَّسَب

نصير محمد المفرجي

إعلامي وباحث في اللغة العربية.
عرض مقالات الكاتب

وهو إلحاق ياء مشددة بآخر الإسم المنسوب إليه ليدل التركيب على النسبة إلى المجرد عنها ، وبعبارة أوضح ليصير المركب اسمًا منسوبًا إلى المجرد منها.

النسب الى “بيضة” و “آسية”:

قال الدكتور أحمد مختار عمر(معجم الصواب اللغوي ص198) :

 “وَجْهٌ بَيْضَاوِيّ” (مرفوضة) لأن اللفظ “بيضاوي” نسبة إلى “بيضاء” لا إلى “بَيْضَة”.

 1– وَجْهٌ بَيْضِيٌّ (فصيحة) ٢- وَجْهٌ بَيْضَوِيٌّ (صحيحة).

شاع استخدام كلمة “البيضاوي” في العصر الحديث، في قولهم: “المكتب البيضاوي” الموجود بالبيت الأبيض، والقياس في كلمة “بيضة” أن ينسب إليها بحذف تاء التأنيث وإضافة الياء المشددة فيقال: بَيْضِيّ . ويجوز النسبة إليها بزيادة الواو، تقريبًا لها من اللفظ المرفوض. وقد أجاز مجمع اللغة المصري النسب بزيادة الواو.

وقال الأستاذ محمد العدنانيّ(معجم الأغلاط اللغوية المعاصرة ص1):

 “آسِيّا أو آسِية “، والصواب :

1. آسِيا : والنسبة إليها : آسِيٌّ وآسِيَوِيٌّ.

2. وأسْيا : هذا هو لفظها في الآرامية اليهودية ، وذكر الوسيط  أن مجمع اللغة العربية بالقاهرة وافق على استعمالها. والنسبة إليها : أسْيَوِيٌّ

أما اسمها في اليونانية  فهو: أَسِيا . وقد أخطأ معجم متن اللغة حين أطلق عليها أسم آسية.

وقال الدكتور مصطفى جواد:

“قل:المؤتمرات الآسَوَية والأشكال البَيَضية.

ولا تقل:المؤتمرات الآسيوية والأشكال البيضوية.

 وذلك لأن “آسية” على وزن فاعلة فهي من الأسماء الناقصة المؤنثة أي المختومة بياء مكسور ما قبلها ومن الرباعية الحروف بل الأحرف فينبغی حذف الياء من اواخرها أو قلبها واوا فضلا عن تاء التأنيث عند النسبة إليها بياء النسبة ، فيقال في الثاني والثانية “الثانوي والثانوية” وفی القاضي والقاضية “القاضويّ والقاضيّة”.

ومن أمثلة ذلك في وسائل الإعلام:

“الدول الآسيويّة تبحث خلال قمة آسيان خططا…”.

 “… يعلوها ختم بيضويّ الشكل …”.

 “… يبدأ جولة آسيويّة تشمل خمس دول …”.

“أعلن الاتحاد الآسيويّ لكرة القدم …”.

 “… وهي صغيرة جداً تكون بيضاويّة الشكل …”.

 “أسعار العملات الآسيويّة  تتهاوى …”.

النّسبة إلى وزن فعيلة :

 يكثر في لغة الإعلام اليوم النسب إلى كلمات على هذا الوزن، والقاعدة اللغوية الفصيحة الصحيحة في طريقة النسب إلى هذه الألفاظ هي أن كل ما كان على وزن (فَعيلة) إذا لم تكن عينه مضعفة أو معتلّة ينسبون إليه على وزن (فَعَلي)، بحذف ياء (فعيلة) ، وذكر سيبويه هذه القاعدة تحت عنوان “هذا باب ما حذف الياء والواو فيه القياس “.

ويختلف الاستعمال الحديث في النسب إلى هذه الكلمات، وليس الاستعمال القديم بأكثراستقرارا أو اطرادا من الاستعمال الحديث، ففي حين تتحدث المعاجم وكتب النحو عن قاعدة النسبة إلى فعيلة (بشروط) على فعلي، وتضرب المثل بصحفي وحنفي وربعي ومدني (نسبة إلى صحيفة وحنيفة وربيعة ومدينة)، تجدها تذكر كلمات كثيرة وردت بالنسب مع إثبات الياء، بعضها دون خوف الالتباس بشيء وبعضها مخافة الالتباس بلفظ آخر”.

 ثم جاء قرار مجمع اللغة العربية في مصر بإقرار قاعدة النسب إلى فعيلة بإثبات الياء وحذفها، بل فضل إثبات الياء، وثبتت هذا في معجمه الوسيط، و قال: الطبيعي نسبة إلى الطبيعة”، ورأى البعض أن النسب إلى  بعضها دون خوف الالتباس بشيء وبعضها مخافة الالتباس بلفظ آخر”، ورأى البعض أن النسب إلى (فعيلة) هو (فعيلي) قياسا مطردا، وأنه يجوز النسب إليها على (فعلي)، كما يرى بعض القدماء، بالشروط الآتية:

 1. أن تكون عين (فعيلة) غير مضعفة، فإذا كانت مضعفة وجب إبقاء ياء (فعيلة)، مثل جليلة – جليلي.

2. أن تكون عين (فعيلة) صحيحة، فإذا لم تكن كذلك، وجب إبقاء ياء (فعيلة)، مثل: طويلة – طويلي.

3. اشتهار الاسم المنسوب إليه شهرة فياضة، تمنع الخفاء واللبس عن مدلوله إذا حذفت ياء(فعيلة) للنسب.

ومتى اجتمعت هذه الشروط الثلاثة، صح حذف الياء جوازا، لا وجوبا.

 أما رأي الأستاذ مصطفی جواد ، فقد ردّ کون استجماع الشرطین أي صحة العين ونفي التضعيف قاعدة عامة فى حذف الياء من “فعيلة” و”فعولة” وإنما هو خاص بالأعلام المشهورة ، لاعام ، لأن العَلم من الشهرة والقرينة ما لا يؤثر معهما حذف الياء تأثيرا مشوها وليست حال أسماء الجنس كالأعلام .

 فالصواب – عنده – : أن نقول : (البديهي) و(الطبيعي) و(القبيلي) و(الغريزي) لا أن نقول : (البدهي) نسبة إلى البديهية و(الطبعي) نسبة إلى الطبيعة و(القبلي) نسبة إلى القبيلة و(الغريزي) نسبة إلى الغريزة .

وعلی ذلك یكون قول الشاعر ابن الحاجب(سلیقي) هو الصواب ، ولیس بضرورة شعرية ولا بشاذ كما ظن.

ولست بنحوي يلوك لسانه  *** ولكن سليقيّ أقول فأعرب

 وفي هذا استند مصطفى جواد إلى قول ابن قتيبة

وإذا نسبت إلى اسم مصغر كانت فيه الياء أو لم تكن وكان مشهورا الغيت الياء منه ، تقول في جهينة ومزينة جهني ومزني وفي قریشی قرشي وفي هذیل هذلي وفي سلیم سلمي ، هذا هو القیاس الا ما أشذوا ، وكذلك إذا نسبت إلى فعيل أو فعيلة من أسماء القبائل والبلدان وكان مشهورا ألغيت منه الياء ، مثل ربيعة وبجيلة ، تقول : ربعي وبجلي وحنيفة حنفي، وثقيف ثقفي ، وعتيك عتكي ، وإن لم يكن الاسم مشهورا لم تحذف الياء في الأول ولا الثاني”.

 هكذا يتضح لمصطفى جواد أن ابن قتيبة لم يشترط العَلمية وحدها بل أضاف إليها الشهرة ، وأيد قوله بالشواهد من لغة العرب ، وعليه فإن القاعدة فى حذف الياء فى“فعيلة” خاصة لا عامة.

 وقد ظهر لمصطفى جواد أن إعمام هذه القواعد المتزعزعة قديما لدى جماعة من الصرفيين إنما هو لسوء استقرائهم، أو لتقليدهم غيرهم .

وهذا ما جعل أحمد مختار عمر يقول : “ولعل هذا الرأي هو الأولى بالقبول وهو الذي تطمئن النفس إليه . وقد مال إليه الأستاذ محمد العدناني في كتابه “معجم الأخطاء الشائعة”، والدكتور مصطفى جواد في كتابه “قل ولا تقل”.

النسب الى صحيفة ، وقبيلة ، ومدينة ،وكنيسة (1) :

“أكدت مصادر صَحَفِيَّة…”.

“… ونقل مصدر صِحَفِيّ(2) …”

“تصاعدت الصراعات القَبَلِيَّة…”

“… لتحقيق مفهوم الدولة المَدَنِيّة…”.

“تهديدات إرهابية تلغي الأنشطة الكَنَسِيّة…” .

1. قل : الحقوق القبيلية والرسوم الكنيسية . ولا تقل : الحقوق القبلية ، والرسوم الكنسية . وذلك لأن القبيلة والكنيسة اسمان من أسماء الجنس ، أعني أن القبائل کثیرة ، والكنائس کثیرة ، فلا يجوز حذف الياء منهما عند النسبة إليهما ، أما حذف الياء فيكون مقصورا على الأعلام كقبيلة بجیلة ، وجزیرة ابن عمر ، و قبیلة ثقیف ، و عتيك ، و جهینة وعرینة و سلیم وهذيل، فيقال : “بجلي وجزري وثقفي وعتكي ، وجهني وعرفي وسلمي وهذلي” (قل ولا تقل ج2، ص118).

“ومع وجود هذه القاعدة الخاصة بالأعلام ، شذ منها “تميمي” لأنه مضعف فلم يقولوا “تممي” وشذ منها من النسب إلى البلدان والمواضع نوادر كالحديثى نسبة إلى الحديثة والحظيري نسبة إلى الحظيرة والقطيعي نسبة الی محلة القطيعة ببغداد ، فإن كانت هذه القاعدة لا یبنی علیها الا في الأعلام ، وكثر الشذوذ منها في الأعلام بأعيانها فكيف يبنى عليها فى أسماء الجنس ، كالبديهة والقبيلة والكنيسة ؟ فإن جاز حذف الياء في العَلم فذلك لأن العَلم له من الشهرة والاستفاضة ما يحفظه عند الحذف ، وله من قوة المنسوب ما يميزه عن غيره ، ويبعده عن اللبس ” (المصدر نفسه ص 148-149).

2. “النسب إلى صحيفة: صَحَفي، ولا أحد يقول(في لغة الإعلام اليوم ): صَحِيفي ، ولكن قد يقال صِحَافِي نسبة إلى “صِحَافة”. ينظر : (أخطاء اللغة العربية المعاصرة ، مصدر سابق ص67 ) .  ولم ترِد في مجتمع الدراسة (صِحَافِي نسبة إلى صِحَافة).

 انتهى المبحث الثاني عشر في سلسلة مقالات “نَحْوَ لُغَةٍ فُصْحَى فِيْ وَسَائِلِ الإعْلَام” . مبحث جديد يأتيكم في الأسبوع المقبل إنْ شاء الله تعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى