مقالات

العرب والكرد.. ضحايا المؤامرة

محمد علي صابوني

كاتب وباحث سياسي.
عرض مقالات الكاتب

إن مصطلح (أرضنا التاريخية) الذي يروجه البعض لغايات سياسية هو مصطلح فضفاض وغير دقيق، فلا توجد بقعة من بقاع الأرض كانت ولا زالت تخص شعباً بعينه أو قومية بعينها منذ بدء الخليقة وحتى يومنا هذا، ولأسباب تاريخية معلومة، ولا شك أن الخوض في التاريخ مرهق ومتشعب وخاصة إن حاولنا أن نثبت من خلاله “ملكية” بقعة من بقاع المعمورة لقومية ما أو عرق أو جماعة، فهو أشبه ما يكون بالبحث عن نقطة ماء اختلطت في مياه دلوٍ ممتلئ.

والتاريخ الكردي يروي أنه وبعد السقوط الناتج عن خيانة “أهل الدار” حيث قام ( هارباك) بخيانة الإمبراطور الحاكم ( أستياك) وتعاون مع الفرس في تأسيس إمبراطورية الملك (قورش الكبير) “الفارسية” ((والتي طبعت إسرائيل صورته على عملتها)) حيث وبعد تأسيس تلك الإمبراطورية الفارسية على أطلال (ميديا) لم يعد للكرد كيان كدولة بمعناها التاريخي والمعاصر وحتى يومنا هذا عدا ظهور بعض “الإمارات” العائلية أو المناطقية والتي كانت ذات توجهات إقطاعية بحسب ظروف كل منها ومن تلك “الإمارات” ( الإمارة المروانية – الأردلانية  – الدوستكية – السورانية – والبهدينانية – وأخيراً وقبل سقوط الخلافة العثمانية إمارة “بابان”).

وكذلك العرب عانوا من الخيانات المتتالية فبعد أن بلغوا ما بلغوه من التوحد والقوة بفضل الإسلام الذي نبذ القبلية والتعصب ووصلوا إلى ما وصلوا إليه في عهد الأمويين والعباسيين وصولاً إلى العثمانيين حيث كانت لهم “ولايات” تحت رعاية “الخلافة العثمانية” والتي تحولت في مراحلها الأخيرة من خلافة إسلامية الى “إمبراطوريه مريضة” بسبب اختراق الغرب لها ، وخلال ظهور أعراض المرض على الإمبراطورية العثمانية اكتملت في أوروبا أهداف النهضة السياسية والعلمية والاجتماعية حيث ظهر طموح التوسع لدى الأوروبيين باتجاه الشرق وبدأوا حملتهم عن طريق المستشرقين و التجار وعند بدء الحرب العالمية الأولى و وقوف العثمانيين مع ألمانيا استغل الحلفاء الأوربيون مواقف بعض زعماء الشرق ضد العثمانيين و قدموا لهم دعماً مباشراً لكي ينتفضوا ضدهم ‘ فكانت ثورة “الشريف حسين” على أمل أن يساعدهم الغرب بعد سقوط العثمانيين بتأسيس “الكيان العربي الموحد” في منطقة الهلال الخصيب والجزيرة العربية ، وكذلك فعلوا مع الكرد ( ثورة الشيخ محمود الحفيد ) وكذلك مع الإيرانيين مركز (الإمبراطورية الفارسية) التي خاضت حروبا طويلة مع العثمانيين ((ابتداءً من حرب 1514 في عهد الشاه الصفوي “إسماعيل الأول” والسلطان العثماني “سليم الأول” وانتهاءً بحرب 1830 في عهد “محمد شاه قاجر والسلطان العثماني “عبد المجيد الأول”))

وقد أكدت الوثائق “المفرج عنها” وعود الحلفاء للشريف حسين بتكوين كيان عربي موحد، وكذلك وعود الإنكليز بضمان حقوق الكرد.

وبعد إتمام خارطة (سايكس – بيكو) والتي فضح البلاشفة الروس أسرارها بعد ثورتهم 1917 حيث رُسمت بعد اتفاقية بريطانية -فرنسية لاقتسام المشرق العربي بعد انهيار الخلافة العثمانية وقد نصت على تقسيم بلاد الشام الى ثلاث مناطق:

“المنطقة الزرقاء”: وهي العراق وتخضع للإدارة البريطانية

و”المنطقة الحمراء”: وهي سورية وتخضع للسيادة الفرنسية

والمنطقة “السمراء”: وهي (فلسطين) وتخضع لإدارة دولية…!

حيث جاء ذلك كمقدمة لتسليم فلسطين لليهود وقد أعلنت بريطانيا في تشرين الثاني 1917 “وعد بلفور” وهو الوعد الذي تم لإيجاد ((وطن لجمع اليهود))

ولا شك بأن نصيب العرب من هذه المؤامرات ليس بأفضل حال من نصيب الكرد فبعد أن حقق الغرب هدفه في إنهاء الخلافة العثمانية وخداع الشريف حسين تم تقسيم المنطقة العربية إلى دويلات مسبقة الصنع يقودها موظفون مسبقو الصنع، وكذلك الكرد فقد تم خداعهم بوعود خلال معاهدات “سيفر” و “لوزان” لكنها بقيت حبر على ورق حالها حال الوعود التي أعطيت للشريف حسين

إذاً فالعرب والكرد وعبر التاريخ هما ضحيتان لذات الجهة والمنطق يحتم عليهما التعايش والتكاتف والتلاحم وإنتاج قيادات وطنية صادقة بدل أن يجددان “المأساة” مع قيادات وظيفية عميلة ذروة سنام طموحها أن ترضي أسيادها حتى لو على حساب دماء الشعبين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى