بحوث ودراسات

الأقليات في الدستور العراقي 2005

المحامي محمد نادر العاني

باحث في مجال حقوق الإنسان
عرض مقالات الكاتب

عند النظر في طبيعة الدساتير الدولية، تجد أن مسألة الحقوق والحريات تعد من أسس مضامينها. فهي تكفل تلك الحقوق بشكل مباشر وتجعلها من المبادئ العامة الإلزامية التي لا يجوز خرقها. والنظر في حقوق الإنسان في الدساتير يأتي في جزء مهم منه من النظر إلى الفئات التي تمثل الأقليات من الشعب وبما لهم من حقوق وعليهم من التزامات سواء بصورة جماعية أسوة بباقي الفئات أو بصورة مخصوصة ومنفردة. وإن الدستور العراقي2005 رغم أن الاحتلال الأمريكي رسمه وقيض قواعده بأياد خارجية إلا أنه يوجد في نصوصه وضمن مسألة الحقوق والحريات مشتملات متعددة لحقوق الاقليات سواء كانت عامة أو خاصة وأن ما أورده الدستور عن الأقليات كان نتيجة طبيعية عن التنوع الديني والقومي واللغوي الموجود في العراق حيث أن العراق يتكون من طوائف كثيره ومن خلال هذه الطبيعة الموجودة في المكونات داخل العراق أوضح الدستور عدة حقوق بصفته الأسمى شملت فئة الأقليات. والباحث يرى من خلال الدستور صورتين لحقوق الأقليات.

الصورة الأولى الصورة المباشرة للنص على حقوقهم مثلاً ما نصت علية المادة الثانية من الدستور (يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الاسلامية بغالبية الشعب العراقي كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الافراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية كالمسحيين واليزيدين والصابئة والمدانين).

نجد من خلال المادة الصورة المباشرة في النص على حق من حقوق الأقليات وهو حرية العقيدة.

الصورة الثانية فهي الصورة غير المباشرة حيث يتم ايراد بعض حقوق الأقليات جنبا إلى جنب مع حقوق الاغلبية مثلاً ما اوردته المادة 22 من الدستور (العمل حق لكل العراقيين بما يضمن لهم الحياة الكريمة) حيث ورد حق العمل بما يشمل هذا الحق الأقليات الموجودة إلى جنب الاغلبية في ممارسته. والنصوص في هذا الموضوع كثيرة.

إذن من خلال هذا المنطلق ان الدستور العراقي النافذ 2005 اورد الحقوق التي تهم الفرد والمجتمع من حقوق مدنية وسياسية واقتصادية واجتماعية ولم يهمل الدستور في ايرادها من تمتع الاقليات بهذه الحقوق فمن خلال هذا سوف نوزع هذا المبحث الى مطلبين ويشمل: المطلب الاول الحقوق المدنية والسياسية والمطلب الثاني: حقوق الاقتصادية والاجتماعية.

المطلب الاول

حقوق المدنية السياسية

إن الحقوق السياسية والمدنية التي نص عليها الدستور العراقي النافذ 2005 شملت الاقليات اضافة الى الاغلبية فتظهر في الموضوع من فرعين يشمل الاول الحقوق المدنية والثاني الحقوق السياسي.

الفرع الاول

الحقوق المدنية:

لقد حظيت الحقوق المدنية على أهمية كبيره سواء كان دولياً او داخلياً فمن الاهتمامات الدولية العهد الدولي الخاص بالحقوق المدينة والسياسية سنة1966 نجد انه المادة 27 من هذه العهد على انه (لا يجوز في الدول التي توجد فيها اقليات اثنية او دينية او اللغوية ان يحرم الاشخاص المنتمون الى الاقليات المذكورة من حق التمتع بثقافتهم او ممارسة دينهم او استخدام لغتهم بالاشتراك مع اعضاء اخرين في جماعاتهم ) وايضاً الحقوق المدنية راعتها كثير من دساتير الدول ومنها الدستور العراقي النافذ 2005 حيث اننا نجد ما يدل على الحقوق المدنية في تمتع الأقليات بها الى جنب الاغلبية ومن هذه الحقوق :

1-الحق في العقيدة والعبادة: ان الحرية الدينية وحرية العقيدة في الدستور العراقي 2005 وردت في عدة مواد وشملت هذه المواد حقوق الاقليات ضمن هذا الحق فقد اشارة المادة الثانية البند الثاني(يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الاسلامية لغالبية الشعب العراقي, كما يضمن كامل حقوق الدينية لجميع الافراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية, كالمسحيين والازيديين والصابئة المندائيين) وأيضا ما نصت عليه المادة الثالثة والاربعون من الدستور النافذ أولا (اتباع كل دين أو مذهب احرار فيه: أ-ممارسة الشعائر الدينية بما فيها الشعائر الحسينية ) وأيضا من نفس المادة نص البند الثاني: تكفل الدولة حرية العبادة وحماية اماكنها وايضاً المادة 42 من الدستور نصت لكل فرد (حرية الفكر والضمير والعقلية).

 من خلال هذه المواد الدستورية نجد ان الدستور اشار الى الحقوق الدينية التي يتمتع بها الأفراد من حرية في العبادة والعقيدة وتشمل هذه الحرية ايضاً الاقليات التي تعد من الشعب العراقي.

وفي هذا الموضوع اشار احد الكتاب (مع اجماع الدساتير العراقية موضوع الدراسة على ان الاسلام دين الدولة, الا انها كفلت الحرية الدينية للأخرين, اذ نصت على حرية العقيدة مع تباين في الصياغة والمضمون(80) وبالإضافة إلى الحرية الدينية التي كفلها الدستور للأفراد وخاصة الاقليات اكد الدستور على حرمة التعدي على العتبات المقدسة والمقامات الدينية حيث نصت المادة العاشرة من الدستور النافد (العتبات المقدسة والمقامات الدينية في العراق كيانات دينية وحضارية، وتلتزم الدولة بتأكيدها وصيانة حرمتها وضمان ممارسة الشعائر بحرية فيها) إن هذه المواد أوضحت أن للأقليات في العراق حقوق دينية وحقوق في العقيدة وحرية العبادة لهم وممارسة شعائرهم بحرية.

2-حق المساواة: ان حق المساواة من الحقوق المدنية التي اوردها الدستور في نصوصها وشملت المساواة الواردة في هذه النصوص ايضاً للأقليات كالتركمان او الصابئة او اليزيد او غيرهم وان حق المساواة حق متنوع ضمن النصوص الدستورية فقد يكون مساواة امام القانون وقد يكون المساواة امام القضاء وقد يكون المساواة امام التحمل الضريبي فوردت النصوص الدستورية بالمساواة كالآتي:

أ-المساواة أمام القانون: نصت المادة 14 من الدستور 2005 (العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد او الرأي او الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي) فمن هذه المادة نجد ان الدستور قد ساوى بين الناس جميعهم أمام القانون فلا يطبق على أحد دون الاخر.

ب- المساواة أمام القضاء: وأيضا شملت للأقليات حق المساواة امام القضاء فقد اوضح البند ثالث من المادة التاسعة عشر (التقاضي حق مصون مكفول للجميع) ونص البند سادساً من نفس المادة (لكل فرد الحق في ان يعامل معاملة عادلة في الإجراءات القضائية والادارية.

ج- المساواة أمام التحمل الضريبي: نص الدستور العراقي 2005 , (يعفى اصحاب الدخول المنخفضة من الضرائب بما يكفل عدم المساس بالحد الادنى اللازم للمعيشة وينظم ذلك بقانون) فمن خلال هذه المادة نجد ان الافراد ذوي الدخول المنخفضة يعفون من الضرائب من اي فئة كانوا سواء كانوا اغلبية أو أقلية فالكل متساوون في الإعفاء إذا كانوا ذوي دخول منخفضة.

3- حق الحياة: لقد عنى الدستور العراقي 2005 بالمحافظة على حياة الناس فيما يؤكد ذلك طبعا الحفاظ على حياة الاقليات وان حق الحياة بوصفة من الحقوق المدنية فقد نص الدستور في المادة الخامسة عشر (لكل فرد الحق في الحياة والامن والحرية ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق او تقيدها إلا وفق القانون….).

وفقاً لضمان حق الحياة فأنه لا تنفذ عقوبة الاعدام الا بعد الموافقة من قبل رئيس الجمهورية بهذا نصت المادة73 البند الثامن من الدستور العراقي وتبعاً لذلك يقول أحد الكتاب الحقوقيين (لا يجوز إن يحكم بالإعدام على من يكون وقت ارتكاب الجريمة قد أتم الثامنة عشرة من العمر ولم يتم العشرين) ونستنتج من هذه النصوص بان الفرد المنتمي الى اقلية من الاقليات الموجودة في العراق يكون له ضمانات في حقه بالحياة كحال الأفراد الآخرين بغض النظر عن انتمائه.

4-الحق في الخصوصية وحرمة المنازل: يتمثل الحق في الخصوصية باحترام كل ما يتعلق بأسرار الانسان الخاصة ويأتي في مقدمتها كفالة حرمة المنازل وسرية المراسلات واشار الى ذلك الدستور العراقي 2005 وفي ضوء ذلك أشارت المادة السابعة عشر من الدستور: أولا (لكل فرد الخصوصية الشخصية بما لا يتنافى مع حقوق الاخرين والآداب العامة ) وايضاً نصت المادة السابعة عشر من الدستور على حرمة المساكن فجاء فيها، ثانياً (حرمة المساكن مصونة ولا يجوز دخولها او تفتيشها او التعرض لها الا بقرار قضائي وفقاً للقانون وفيما يتعلق بسرية المراسلات وحرية الاتصالات فقد نصت المادة الاربعون من الدستور(حرية الاتصالات والمراسلات البريدية والبرقية والهاتفية والإلكترونية وغيرها مكفولة ولا يجوز مراقبتها أو التنصت عليها او الكشف عنها الا لضرورة قانونية وامنية او بقرار قضائي) فمن خلال هذه الحقوق التي وردت في المواد الدستورية سالفة الذكر يتبن ان هذه الحقوق شملت الافراد الذين يعدون من الاقليات ايضاً فلهم الحق في الخصوصية الشخصية وبحرمة منازلهم وبسرية مراسلاتهم وحرية اتصالاتهم.

5- بعض الحقوق الأخرى: هنالك بعض الحقوق المدنية التي نص عليها الدستور النافذ شملت الاقليات فيحق لهم الحصول على الجنسية العراقية فقد نصت المادة 18 من الدستور أولا (الجنسية العراقية حق لكل عراقي وهي اساس مواطنته) وكذلك للأقليات الحق في الكرامة والحرية وسلامة الشخصية فقد وردت في الدستور عبارات عدة تهدف الى كفالة الحرية الشخصية للأفراد اذ نصت المادة الخامسة عشر (ان لكل فرد الحق في الحياة والامن والحرية ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون ….) ونصت المادة 37 من الدستور (أولا أ-حرية الإنسان وكرامته مصونه) واشارة الفقرة ج-من نفس البند (يحرم جميع انواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية ….) ان النص على هذه الحقوق شمل في حق الاقليات الى جنب الاغلبية فلم نجد من خلال النصوص آنفة الذكر ما يمنع الاقليات من ان يتمتعون بهذه الحقوق المدنية.

الفرع الثاني

الحقوق السياسية

من المفترض للإنسان بموجب الدستور عدة حقوق منها الحقوق السياسية حيث ورد هذا الصنف من الحقوق في مواد الدستور العراقي وشمل بذلك العراقيين جميعاً بمن فيهم الذين يعدون من الأقلية (وقد تجلى ذلك في اوضح صورة بالمطالبة بمن يمثلهم في الحكومة والبرلمان العراقي الجديد وتدوين حقوقهم في الدستور ورفض تغيبهم من المعادلة السياسة لانهم مكونات فاعلة ومتميزة في المجتمع) فبهذا نجد ان النصوص الدستورية التي نصت على الحقوق السياسية قد شملت بنودها الاقليات في التمتع بهذه الحقوق ايضاً ومن الحقوق السياسية التي من حق الاقليات ان يتمتعوا بها في الدستور العراقي النافذ 2005 ما يلي:

1-حق التصويت والانتخاب: ان من حق المواطنين العراقيين ضمن شروط الحق في التصويت مثلاً التصويت على الدستور او تعديله او غير ذلك وايضاً لهم الخيار في ان ينتخبوا من يريدون ان يمثلهم بكل حرية دون اي ضغط ويشمل هذا الحق مواطني الاقليات في العراق وقد نصت المادة 20 من الدستور العراقي (للمواطنين رجالاً ونساء حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح) فبما ورد هذا النص من حقوق اكيد شملت هذه الحقوق الاقليات من التمتع بها فقد اشار احد الكتاب عن هذا الموضوع ( الحق في المشاركة في الانتخابات والترشيح لها دون اي تمييز بين المواطنين).

2- حق الترشيح والتنفيذ السياسي: فمن ضمن حقوق الاقليات ايضاً الحق لأي مواطن ضمن شروط معينة حق الترشيح سواء بمجالس المحافظات او مجلس النواب او غير ذلك ونجد حق الترشيح اشارة اليها المادة 20 من الدستور العراقي وترك شروط الناخب والمرشح الى قانون الانتخابات رقم 16 سنة 2005 فنص على شروط التي يجب ان تتوفر في الناخب والمرشح في الفصلين الثاني والثالث منه. اما عن حقهم في التمثيل فأنه ايضاً من حق ان يكون للأقليات تمثيل سياسي فقد نصت المادة 49 من الدستور العراقي 2005(يتكون مجلس النواب من عدد من الاعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مئة ألف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب بأكمله ويتم انتخابهم بطريق الاقتراع العام السري المباشر ويراعي تمثيل سائر المكونات الشعب فيه).

وايضاً تم ضمان تمثيلهم في مجالس المحافظات بعد مصادقة البرلمان على المادة 50 من القانون وحسب مبدأ الكوتا الخاصة بهم, وتم ضمان تمثيلهم في مجلس النواب الدورة الثانية من خلال اعطائهم ثمانية مقاعد اذ تم منح المكون المسيحي خمس مقاعد والمكون الصابئي والأيزيدي والشبكي مقعدا واحدا لكل منهم حسب تواجدهم في المحافظات وايضاً تأسيس ديوان اوقاف المسيحيين والديانات الاخرى والذي يعني بشؤون ابناء مكونات الشعب العراقي من مسحيين وأيزيديين وصابئة مندائيين وكذلك أسس للطائفة المسحية مجلس رؤساء الطوائف المسحية في العراق.

3-حق تكوين الجمعيات والاحزاب السياسية: ان حق تكوين الجمعيات والاحزاب السياسية هو حق عالمي لم ينص علية الدستور العراقي فقد حيث جاء في الفقرة 22 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية حرية تكوين جمعيات مع الاخرين ويذكر بشكل خاص تكوين النقابات العمالية والا يضع العهد الدولي اي شروط او شروح اضافية ويشمل هذا الحق تشكيل الجمعيات والأحزاب السياسية. اما الدستور العراقي 2005 فقد اورد في نصوصه في المادة 39 أولا (حرية تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية، أو الانضمام إليها مكفولة ومنظمة بقانون ثانياً: لا يجوز الإجبار على الانضمام الى اي حزب او جمعية او جهة سياسية أو الإجبار على الاستمرار في العضوية فيها) ومن خلال ما سبق نجد ان الدستور بنصوصه اشار الى حق تكوين الجمعيات والاحزاب السياسية ولم يرد تقيد في تكوين الجمعيات والاحزاب السياسية بطائفة معية او جهة معينة اي انه مع حق الأقليات في تكوين جمعيات أو أحزاب لهم.

3-حق التجمع والاجتماع: ان الدساتير العراقية جميعها التي سبقت الدستور العراقي 2005 قد أشارت الى هذا الحق فقد نص علية الدستور 1925 في م 12 وكذلك نص الدستور 1958 بصورة غير مباشرة في م10 وكذلك دستور 1964 م 32 ثم نص الدستور 1970 م 21 على كفالة حرية الاجتماع والتجمع اما الدستور العراقي النافذ 2005 فقد اشار الى هذا الحق بصورة صريحة في البند الثالث من المادة 32 (حرية الاجتماع والتظاهر السلمي تنظم بقانون) فأن هذا النص واضح فطالما الاجتماع او التجمع او التظاهر موافقة للقانون ومطابقة للدستور فلا يجوز ان يحرم احد منها سواء اغلبية او اقلية اي يعني ان للأقليات حق التجمع والاجتماع والتظاهر ضمن ما حدده الدستور ويرى الباحث ان ما كتب في نص المادة32 من الدستور لم يترجم الى ارض الواقع حيث ان الحرية او الحق في هذا المجال لم يعطى بالكامل كما نص علية الدستور.

المطلب الثاني

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية

الاقتصاد هو الهواء الذي يتنفس منه الشعب فإذا صلح كان المجتمع بخير وان ذبل كان المجتمع والدولة في خطر اما الامور الاجتماعية فهي الوسيلة لبث روح الحياة في المجتمع فإذا كل منهما نص الدستور عليها لتشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وشملت هذه الحقوق الاقليات وسوف نتناولها في فرعين الاول الحقوق الاقتصادية والثاني الحقوق الاجتماعية.

الفرع الاول

الحقوق الاقتصادية:

 ان الحقوق الاقتصادية تعتبر المتنفس بالنسبة للأفراد أو للجماعات للسير في المعيشة في دوله معينة وقد أثار الاهتمام بالحقوق الاقتصادية بالنسبة الى الافراد والجماعات اهتمامات دولية ووطنية وان من ضمن ما يترتب على الالتزامات الدولة للأقلية ان تضمن لها الحقوق الاقتصادية مثل (حق فتح الحسابات في البنوك باسم: الجماعة / الجمعية / الكنيسة/ المسجد/، وأيضا حق تملك العقارات باسم: الجماعة/ الجمعية/ الكنيسة/ المسجد وكذلك حق الاعفاء الجماعة / جمعية / الكنيسة/ المسجد من الضرائب.

ومن الاهتمامات الدولية للحقوق الاقتصادية للأقليات (العهد الدولي في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية) سنة 1966.

اما وطنياً فأن الدستور العراقي 2005 قد اشار الى الحقوق الاقتصادية ولم يهمل في النص عليها فقد وردت في عدة مواد دستورية ولم يهمل الدستور ضمن هذه النصوص في التمتع الاقليات بهذه الحقوق الاقتصادية حيث يمكن بعد أن أشرنا بصورة عامة عن هذه الحقوق الدستورية يمكن فيما يلي التطرق الى بعض منها:

1-حق العمل: ان العمل له اهمية كبيره فهو يهدف الى توفير الحقوق الاقتصادية للمواطن والى تحقيق الامن الاقتصادي من خلال قيام بتوفير فرص العمل على اساس قدم المساواة بالإضافة الى ذلك انها يجب ألا تحرم أحد من حق العمل طالما كان هذا العمل لا يخالف النظام العام والآداب العامة وفي ذلك يقول أحد الباحثين (تحتاج الاقليات الى تحقيق المساواة مع الاكثرية في فرص العمل وظروفه سواء في ذلك العمل في الحكومة او في القطاع الخاص). أما العمل في الدستور العراقي 2005 فأنه لم يحرم الاقليات من حق العمل فقد نصت المادة 22 من الدستور أولا: (العمل حق لكل العراقيين بما يضمن لهم الحياة الكريمة) فأن هذا النص الدستوري واضح وصريح حيث انه. أعطى الحق بالعمل لجميع العراقيين اين كانوا سواء كانوا اغلبية او اقلية وان الدستور العراقي لم ينص فقط على حق العمل بل أيضا يجب أن يكون هذا العمل يضمن لهم الحياة الكريمة العزيزة بعيداً عن الذل وايضاً في هذا الامر لم يقيد امام الفئات التي تمثل الاقلية من الحصول على عمل بما يضمن لهم الحياة الكريمة.

2- حق الملكية: إن ما يراد به تملك المال-: وهو كل شيء متقوم (أي ذو قيمة) كالنقود والدار التي يسكنها والارض التي يزرعها لكسب رزقه وسد حاجاته..  ان موضوع حق التملك بالنسبة للأقليات يلاقي اهتماما دوليا اضافة الى الاهتمام الوطني فنجد عدة اتفاقيات دولية اشارت الى هذا الحق فمثلا الاتفاقية الصادرة عن الامم المتحدة لإزالة جميع صور التمييز العنصري في 21/12/1965 أشارت إلى عدة حقوق منها (حق التملك منفرداً او مشتركاً مع غيره). اما الدستور العراقي 2005 فقد نص في البند الثالث من المادة23 الفقرة أ (للعراقي في الحق التملك في اي مكان في العراق ولا يجوز لغيرة تملك غير المنقول لا من استثني بقانون) فمن خلال الالفاظ الواردة في هذا النص نجد ان الدستور نص على حق التملك بالنسبة الى الاقليات أفرادا او جماعة الى جنب الاغلبية في هذا الحق فنص بقولة (للعراقي) فلم يميز بين العراقي سواء كان من فئة الأكثرية أو فئة الأكثرية فالكل سواسية في هذا الحق.

3-حق الاستثمار: ان الاستثمار يعد من الامور الاقتصادية المهمة في الوقت الحاضر في نهوض الواقع الاقتصادي للبلد ويعتبر من الادوات المهمة فأن هذا الحق ورد في النصوص الدستورية ومنها المادة 26( تكفل الدولة تشجيع الاستثمارات في القطاعات المختلفة وينظم ذلك بقانون) فأن هذا النص يشجع اي جهة بالاستثمار فتكفلت الدولة بذلك فلم يحد الحق القيام بالاستثمار في العراق بجه معينة او فئة معينة اي ان هذا الحق يشمل الاقليات داخل العراق وقد شمل قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 الذي حدد اهدافه في المادة الثانية منه والتي من بينها ( تشجيع القطاع الخاص العراقي والاجنبي لاستثمار في العراق من خلال توفير التسهيلات الازمة لتأسيس المشاريع الاستثمارية الازمة وتعزيز القدرة التنافسية للمشاريع المشمولة بأحكام هذا القانون في الاسواق المحلية والاجنبية) من خلال كل هذا ان حق الاستثمار في الدستور متاح للفئات الاقلية وان كان هنالك تقيد فيكون التقيد جنباً الى جنب مع الاكثرية.

الفرع الثاني

الحقوق الاجتماعية

حيث تتمثل بحق كل مواطن في توفير الحماية الاجتماعية المتمثلة بضمان حقه بحد أدني من التعليم والرعاية الصحية والرفاه الاجتماعي.

حيث ان هذه الحقوق لاقت اهتمام دولي كبير فمثلاً العهد الدولي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية سنة 1966, وكذلك الاتفاقية الدولية في 21/12/1965 التي صدر عن الامم المتحدة تضمنت من ضمن الحقوق التي اوردتها الاتفاقية حق الاقليات بالحقوق الاجتماعية كحق في التعليم وحق في الصحة وضمان الاجتماعي والخدمات الاجتماعية.

وكذلك الدستور العراقي لن يهمل في النص على هذه الحقوق في نصوص وأيضا حق الأقليات في التمتع في الحقوق الاجتماعية ونجد هذه الحقوق في عدة نصوص في الدستور وان الاقليات لهم الحقوق الاجتماعية ضمن ما اوردته النصوص الدستورية ومن هذه الحقوق:

1-الحق في التعليم : ان حق التعليم يعتبر من اهم الحقوق الاجتماعية التي تمس الاغلبية والاقلية فأن من المعلوم تقدم الدول وازدهارها وخروجها من قيود الجهل والتخلف الى بيت الثقافة والتقدم يكون عن طريق العلم فأن مسألة الاهتمام بالتعليم مسألة مهمة التي تعتبر من الحقوق الاجتماعية التي يجب ان يتمتع بها الاقليات فقد جاء في الدستور العراقي2005 في المادة 34 اولاً (التعليم اساس التقدم المجتمع وحق تكفله الدولة , وهو إلزامي في المرحلة الابتدائية وتكفل الدولة مكافحة الامية ثانياً : التعليم المجاني حق لكل العراقيين في مختلف مراحلة) فبهذا المعنى ان الاقليات الحق في تعليم ابنائهم والحق في هذا التعليم بصورة مجانية وعلى الدولة ان تكفله لهم اضافة الى غيرهم الى اننا نجد بالواقع والآسف على العكس ما تشير الية النصوص الدستورية .

2-الحق في الرعاية الصحية: ان حق الرعاية الصحية من الحقوق الاجتماعية المهمة التي يجب ان تراعى ويجب ان توفر من قبل الدولة للمواطنين اين كانوا سواء كانوا اقلية او اكثرية فقد نصت المادة 31 من الدستور العراقي النافذ (اولاً: لكل عراقي الحق في الرعاية الصحية وتعني الدولة بصحة العامة وتكفل المسائل الوقاية والعلاج بأنشاء مختلف المستشفيات والمؤسسات الصحية) من خلال هذا النص نجد ان الرعاية الصحية شملت الأقليات في التمتع بها.

3-حق الضمان الاجتماعي: اما فيما يتعلق في بالضمان الاجتماعي فأشار الدستور العراقي في المادة30 / أولا (تكفل الدولة للفرد والأسرة وبالخاصة الطفل والمرأة الضمان الاجتماعي وصحي.) ثانياً: تكفل الدولة الضمان الاجتماعي والصحي للعراقيين ……) من خلال هذا فأن الاقلية الافراد الحق بالتمتع بحق الضمان الاجتماعي.

ان بعد النظرة بشكل موجز عن بعض الحقوق التي تتمتع بها فئات الاقليات في الدستور العراقي 2005 يمكن الخروج بعدة نتائج:

  1. المشكلة التي تواجهها الأقلية ليست مشكلة قانونية اذ ان الدستور العراقي قد نص بشكل واضح وجلي عن عدة حقوق ولكن ما تواجههم معضلة التعامل التنفيذي مع هذه الفئات اسوة بباقي فئات الشعب فما يتعرضوا له من انتهاكات لحقوق مدنية او سياسية او فساد هي نفسه تعاني منه الفئات الاخرى.
  2. 2-  هنالك خطر انقراض بعض فئات الذين كانوا يعدون جزءا أساسيا من هيكلة المجتمع العراقي بسبب الفشل الحكومي لإثبات الحماية لهم وتعرضوا لأكثر من مرة إلى تنكيل من بعض الجماعات والفئات هي بالأصل تابعة لجهات حكومية كما حدث في استلاب دور كثير من المسيحيين في بغداد في الفترة من 2006 الى اليوم وايضا الاخفاق في مد يد الحماية من الجماعات الراديكالية الأخرى.
  3. الحقوق السياسية لفئات الاقلية دائما نجدها حقوق مستلبة من قبل الاحزاب الكبرى سواء ما تحصل من هذه الحقوق عن طريق الكوتا او عن طريق الانتخاب والترشيح الجماهيري اذ نجد بسبب ضعف الصوت السياسي للأقلية تتم مصادرة تمثيلهم بالاضطرار للاندماج مع فئات ذات نفوذ سياسي كبير وهذا كله يمثل سوء التنظيم السياسي الذي يقوم عليه البلد فعلى سبيل المثال صودرت مستحقات الاقليات في شمال العراق وبالأخص توابع الموصل على مدار 10 سنوات للقرار الساسي الكردي وبعد التخلص من داعش نجد تحولت الكفة لأحزاب اسلامية متنفذة كبرى ذات بعد تشددي جديد.
  4. 4-   الهيكلة القانونية التي يجب ان تتبع المواد الدستورية لم تكن على نمط حقيقي تواجه به الانتهاكات التي تعرض لها فئات الاقلية يعني ان ما حدث في مدينة الموصل بعد احداث 2014 كانت هنالك مجازر بحق الاقليات الاثنية بالشمال وفي الحقيقة لا يمكن ان نضع الأسباب إلى الحركات الراديكالية المتشددة بل الحكومة العراقية والبنية السياسية برمتها تتحمل المسؤولية عن هذه الانتهاكات وبالتالي كان بالأحرى اتخاذ خطوات قانونية تتضمن تعويضا واسترداد بعض الحقوق التي نص عليها الدستور العراقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى