مقالات

صناعة الأبطال الممانعين.. اثنان واحصل على الثالث مجانًا!!

     

جهاد الأسمر

كاتب ومحامٍ سوري.
عرض مقالات الكاتب

صناعة الأبطال في زمننا باتت لا تختلف كثيرًا عن أي صناعة لأي منتج آخر من المنتجات التي تغزو الأسواق. فهي باتت تمر بما تمر به صناعة السلع من الحصول على المادة الخام أولًا ودخولها المصانع حتى تغليفها، وطرحها في الأسواق لتصل إلى الزبون وإلى المستهلك، لذلك نجد أن المصانع يهمها كثيرًا أن تقوم بحملات دعائية تسويقية ولو كلفتها الكثير من الأموال في سبيل جذب هذا الزبون وجذب ما في جيبه من أموال.

فصناعة الأبطال والمقاومين لا تهدف الوصول إلى جيب الزبون بالقدر الذي تهدف فيه بأن تصل إلى عقله ليقتنع بالمادة التي تُعرضُ عليه من أشخاصٍ دخلوا المصنع وخرجوا منه أبطالًا ومقاومين، فتصرفات المُصنِّع وبرامجه تنصب على العقول للتأثير على سلوكيات الزبائن للوصول بها بأن يؤمنوا بهذا المنتج البطل الذي يسوِّقونه على أن له من المفاعيل ساحرها.

نعلم جيدًا أنَّ لإسرائيل باعٌ طويل في” صناعة الأبطال والممانعين “،وخلق أعداء وهميين لها لتسوِّقهم على أنهم كذلك ،فقد علمتنا سني الثورة ومن خلال القصف اليومي أو شبه اليومي أن إسرائيل  ومن خلال قصفها التمثيلي اليومي الذي يطال بعض مناطق وتواجد القطع العسكرية للنظام، كل هذا يأتي ضمن حملةٍ  لتلميع صورة “البطل المقاوم والممانع “كما كانت تفعل مع أبيه حافظ من قبله، فهذه الضربات التي نشاهدها ونسمع بها بين الفينة والأخرى حركات دعائية ومناظر تشويقية تسويقية أقل ما توصف به أنها فاشلة لتلميع هذا المنتج الإسرائيلي الذي هو النظام، فجميع هذا الحركات التي تقوم بها إسرائيل ما هي إلا رسائل تريد أن توصلها للتأثير في عقول الزبائن من أن هذا النظام مقاوم لإسرائيل ولولا مقاومته للمشروع الصهيوني لما قامت إسرائيل في قصفه طبعا هذا لسان حال الزبائن من مريدي هذا المنتج البطل الذين لا تزال غشاوة تكتنف البصر فيهم  والبصيرة.

فهذا المنتج البطل والممانع بشار الأسد الذي تحاول إسرائيل أن تعيد تسويقه وتسليط الضوء عليه بات قديمًا، ولم يعد بمنتج جيد فالجميع خبِره وخبِر أباه من قبله، باعتبارهما حاميا حدود إسرائيل ولعشرات سنين خلت، حتى أن إسرائيل وصفته في مرحلة ما ملك ملوك إسرائيل.

جميعنا يعلم أن لو أرادت إسرائيل حقا أن تجعل من قصفها لمواقع النظام ذات فعالية وتريد أن تتخلص منه لقامت بقصف مواقع الجميع يعرفها والجميع يعرف أين تكون، فمَثلُ إسرائيل في هذا القصف التمثيلي كمَثَلِ أمريكا عندما ادعت السنة الماضية بأنها قامت بقصف مواقع في مطار الشعيرات قرب حمص فكان هذا القصف مادة خصبة للتندر وموضع سخرية الساخرين.

 ما يثير التساؤل هنا أن إسرائيل قامت ومنذ فترة ليست بقصيرة بفضح عميلها بشار الأسد البطل الممانع وفضحت أبيه من قبله أنه باع الجولان وجرى قبض الثمن لهذا المبيع في قصة الجميع بات يعرفها، عادة وفي عالم العمالة والجاسوسية تحرص الدول التي تشَّغل هؤلاء الممانعين والأبطال المصنًّعِين أن تبقي عميلها سريًا ولا تكشف ممارسته، ولا تقوم بحرق أوراقه وارتباطاته كي لا ينفضَّ الزبائن من حوله، وربما لا تُقدِم على مثل هذا الأمر إلا إذا رأت هذه الدولة أنَّ دور هؤلاء العملاء قد انتهى أو شارف على الانتهاء.

فصناعة منتج الأبطال والمقاومين والممانعين في سوريا متمثلًا ببشار الأسد وأبيه من قبله هي لنفس المنتج وبالمواصفات ذاتها في لبنان فهم أبطال وممانعون في محور صدعوا رؤوسنا به ولسنين طويلة، المحور ذاته “محور المقاومة والممناعة” فها هو المقاوم والممانع حسن نصر الله خرج بالأمس مذعورًا من النتائج التي ربما سيتمخض عنها سقوط وليس إسقاط طائرتي الاستطلاع الإسرائيليتين فوق لبنان نافيًا إسقاطها من قبل الحزب وعزا سبب سقوطها كما يقول إلى حجارة أطلقها أطفالٌ عليها! فهو لم يمتلك الجرأة ليقول إن حزب الله من أسقطها، فهذا البطل المقاوم والممانع يعلمُ جيدًا تبعات أن يدَّعي هذا الشرف بإسقاطها، فهذا المقاوم قال وفي أعقاب حرب 2006 إنه لو كان يعلم ردة فعل إسرائيل من أنها ستكون عنيفة على النحو الذي أبدته في تلك الحرب لما قام بفعله وخطف جنودا إسرائيليين كانت السبب في حرب 2006.

فهذا المقاوم البطل بالأمس أرعد وأزبد وهدد إسرائيل من أي محاولة لاختراق الطيران الإسرائيلي ولم تمض بضع ساعات على خطابه حتى قامت طائرات إسرائيلية صباح هذا اليوم باستهداف مقرات تتواجد فيها قوات البطل والممانع والمقاوم   أحمد جبريل والمتحالفة مع النظام بقتل الشعب السوري في البقاع اللبناني بالقرب من زحلة.

إسرائيل نجحت في تعرية عملائها بكشفها وإزاحة ورقة التوت التي كانوا يخفون بها سوآتهم وعوراتهم أمام الرأي العام ابتداء من حافظ إلى بشار مرورا بحزب الله وعموم أبطال حزب المقاومة والممانعة التي ادعوا في وقت من الأوقات أنهم يمثلونها، فاستعمال العبارات الإعلانية التي كانت تجذب الجمهور إليها و بشدٍّة ، من مثل جبهة الصمود والتصدي والمقاومة والممانعة إلى غيرها من هذه العبارات الرنانة لم تعد تنطلي على أحد، وباتت عبارات لبضائع كسدت أو في طريقها إلى الكساد ولم تعد تجذب الجمهور  ليُقبِلَ على سلعة البطل الممانع مرة أخرى، فبعد الذي شاهده الرأي العام العربي لهؤلاء الأبطال الممانعين لم يعد ينفع معهم إدخالهم  المصنعَ  لإعادة تدويرهم  وتأهيلهم مرة أخرى   مهما بلغت  الأفكار والأساليب التنشيطية لتسويقهم حتى لو كانت إسرائيل وحلفاؤها ما ظهر منهم وما بطن  ممن يروِّجون الآن  لهذه الأفكار،  وبالغ ما بلغ  حجم  التنزيلات والحسومات على هذه المنتجات، وحتى لو قال هؤلاء المروجون  لزبائنهم “اشتري اثنين من منتجاتنا هذه واحصل على الثالثة مجانا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى