مقالات

حول الممر الآمن.. خيارات أهل المنطقة

مهند الكاطع

كاتب وباحث سوري
عرض مقالات الكاتب

يبدو أنه وحفظاً لماء وجهها، ستقبل تركيا بالتواجد الشكلي ضمن دوريات مشتركة مع الأمريكان على طريقة منبج، أي ببقاء الإدارة الفعلية في المنطقة بيد ب ك ك لكن بتغيير مسمى الدوريات من قوات قسد إلى (المجلس المحلي العسكري)، وفي الوصف الشعبي لهذه المسرحية يقال: (مو كرّة بس كرير).
على أي حال تكمن ربما الفائدة الوحيدة في المرحلة القادمة هي جدولة انسحاب الأسلحة الثقيلة من منطقة الشريط الحدودي، وإضعاف مشروع ب ك ك في سورية. أبناء منطقة الجزيرة من الأغلبية العربية الذين خضعت مناطقهم منذ سنة ٢٠١٣ لمشاريع ب ك ك واجندته وشعاراته وايديولجياته العنصرية التي لا علاقة لها بآمالهم وأمانيهم ومستقبلهم وحتى بتاريخهم، يمكن أن يلعبوا دورًا مهمًا قريبًا في إدارة مناطقهم، وبالتالي عليهم إعادة تنظيم صفوفهم وتوحيدها أكثر من أي وقت مضى، وتكون جاهزة للعب دور أساسي يشارك في إدارة المنطقة.
أحزاب المجلس الوطني الكردي تقترح إدخال عناصر ما يسمونه “بيشمركه روجافا” في المنطقة التي يطلق عليها الامريكان والأتراك “الممر الآمن” وتطلق عليها أحزاب المجلس الوطني الكردي الطموحة تسمية (كردستان سورية). ويبدو أنه في ظل الواقع الحالي وكذلك المستقبلي على الأرض سيكون موقف المجلس الوطني الكردي مقارنةً مع طموحاته الأحادية، ضعيفاً جداً، وعملياً في حال تخيّل المجلس أنه سيكون لوحده بديلاً عن قسد، فسيكون عاجزًا عن إدارة قرية واحدة بمفرده دون إيجاد توافقات حقيقية مع أبناء المنطقة، يكون ذلك بالاستفادة من أخطاء قسد وعدم تكرارها، وبالتالي مهم جداً أن يكون خطابه واقعياً وليس عاطفياً طوباوياً لا يمكن تحقيقه على الأرض، فقاعدة مصالحنا المشتركة بوصفنا أبناء بلد واحد ومنطقة واحدة ومصيرنا مشترك، هي الوحيدة التي ستكون ناجعة في المرحلة المقبلة، أما استحضار وتقليد مصطلحات وأهداف ورموز الحركة القومية في العراق، والتعامل مع المنطقة وفق هذا المنظور الجديد القاصر بوصفها (كردستان سورية) دون ان يكون له ما يبرره في سورية تاريخيًا وجغرافيا وديموغرافيا، يدفعنا لتبديد الطاقات بصدامات نكون جميعنا خاسرين فيها مجدداً، فلن يتوفر لكم أكثر مما توفر لقسد من عدد وعدّة ومهارات ودعم وتنظيم و وحدة صف، وقسد بما تمتلكه وعلى الرغم من سيطرتها العسكرية التي لم تكن تراودها حتى في أحلامها، فأنها لم تستطع عمليا بالنهاية تجاوز الواقع الديموغرافي، رغم كل جرائمها ومجازرها وعمليات التفريغ الممنهج لسكان الرقة ودير الزور، وفشلت جميع المحاولات البائسة لتبديل المسميات الجغرافية وكذلك محاولات العبث بتاريخ وهوية المنطقة.
فروجافا باتت مادة يتندّر بها أبناء المنطقة لتعود لمسماها التاريخي (الجزيرة) والشمال السوري. و الرقة عاصمة الرشيد لم تصبح روكا، وجبل عبد العزيز رفض أن يصبح جبل كزوان، واوجلان نفسه أضطر للبس العباءة والعقال ليظهر كرمز يحمل هوية المجتمع، بل وانتقل مؤخرًا من نظريات الامم الديمقراطية وأخوة الشعوب ليرسل رسائل لشيوخ العشائر الديقراطيين وفق ما نقله الشيخ (فوفو بك) الذي قال: بأن أوجلان ذكرهم برسالته بأنّ هناك “أواشجًا وعلائق” على حد تعبيره تربط العشائر العربية العشائر الكردية. على اعتبار أن هذه المعلومة كانت غائبة فاستحضرتها رسائل الأب القائد!
بل أكثر من ذلك تحوّل مظلوم عبدي من قائد شعوب ديمقراطية إلا متوسلاً للنظام للاعتراف بخصوصية كردية وبعدها لا مشكلة اذا دخل النظام إلى المنطقة!
مما تقدم يتضح أنه لا مجال اليوم إلا للعمل معا بوصفنا أبناء هذه المنطقة للحفاظ عليها، وتفويت الفرصة على الآلة العسكرية وطرد ما تبقى من عصابات قنديل، وايجاد البديل لابناء المنطقة العاملين في صفوفهم، وذلك عبر توحدنا فقط وليس بالتعويل على خطابات قومية أحادية مصيرها الفشل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى