مقالات

الأمير فخر الدين باشا العثماني المفترى عليه

د. هاني السباعي

مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن.
عرض مقالات الكاتب

اتهم حساب مجهول الأمير العثماني فخر الدين باشا الذي حكم المدينة المنورة (1916-1919) بسرقة أموال أهل المدينة، وخطفهم وترحيلهم للشام وإسطنبول برحلة سميت (سفر برلك)، وزعم سرقة الأتراك لأغلب مخطوطات المكتبة المحمودية وإرسالها إلى تركيا. القضية ليست في الحساب المجهول! المشكلة أن وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد أعاد نشر التغريدة على حسابه!.. واضح أنه أمر بيت بليل!.. وسرعان ما تلقفها بوق آل نهيان الفسل وسيم يوسف  وصال وجال في التأكيد؛ على اتهام سيده وسيد حكامه؛ الأمير العثماني خير الدين باشا بسرقة الآثار النبوية من المدينة المنورة وإرسالها لإسطنبول!!.

 وللرد على هذه الفرية التي يسوقها إعلام آل نهيان وأل سعود أقول وبالله التوفيق:

لقد تواتر المؤرخون لتاريخ الدولة العثمانية ـ منذ أن كانت إمارة إلى سلطنة ثم إلى خلافةـ؛ على أن أول من لقب بخليفة هو السلطان سليم الأول الشهير بـ “ياوز ” أي القاطع، وكان ذلك بعد انتصاره على المماليك في معركتي؛ دابق 922هـ الموافق 1516 بسوريا، والريدانية 923هـ الموافق 1517 بمصر.

 وسأكتفي ببعض المصادر التي ذكرت كيف حصل العثمانيون على مفاتيح المدينتين مكة والمدينة، والآثار النبوية التي يدعي الأفاك الأثيم وإعلام آل نهيان وآل سعود بأن خير الدين باشا سرق تلكم الآثار! مع التنبيه أن فخر الدين باشا كان أميراً على المدينة المنورة من 1916 إلى 1919 وحوصر من قبل قوات الخائن الشريف حسين والإنجليز لمدة 3 سنوات ثم توفي عام 1948 وتوفي سيلم الأول عام 926هـ/1520م،  فالفرق الزمني بين فخر الدين باشا وبين الخليفة سليم الأول 4 قرون!! :  

أما المصدر الأول: قال إبراهيم بك حليم صاحب التحفة الحليمية ص84 “وقد حضر إلى السلطان سليم شرف مكة المكرمة السمى (أبا النمى) ابن محمد أبي البركات للتبريك، وسلم له ما كاه بيده من الآثار الشريفة والمخلفات فقبلها منه”أهـ

المصدر الثاني: قال صاحب تاريخ الدولة العلية الأستاذ محمد فريد بك المحامي ص194: ” ومما جعل لفتح وادي النيل أهمية تاريخية عظمى أن محمد المتوكل على الله، آخر ذرية الدولة العباسية الذي حضر أجداده لمصر بعد سقوط مدينة بغداد مقر خلافة بني العباس  في قبضة هولاكو خان التتري سنة 656هـ (سنة 1091) وكانت له الخلافة بمصر اسماً، تنازل عن حقه في الخلافة الإسلامية إلى السلطان سليم العثماني وسلمه الآثار النبوية الشريفة وهي البيرق والسيف والبردة، وسلمه أيضاً مفاتيح الحرمين الشريفين، ومن ذلك التاريخ صار كل سلطان عثماني أميراً للمؤمنين وخليفة لرسول رب العالمين اسماً وفعلاً”أهـ

أما المصدر الثالث: أورد تفاصيل لم ترد في الكتابين السابقين قال المؤرخ التركي الأستاذ يلماز أوزتونا في كتابه موسوعة تاريخ الإمبراطورية العثمانية المجلد الأول ص 233: “أرسل أمير مكة الشريف بركات الثاني (1497 ـ 1525) ابنه الكبير محمد أبي نمى إلى السلطان سليم في القاهرة (وفاته 1583). سلم أبو نمى مفاتيح مكة، المدينة، الكعبة والروضة المطهر والأمانات المقدسة الأخرى لدى الأشراف إلى السلطان سليم، وعرض عليه دخول الحجاز تحت حماية العثمانية (6 ـ7ـ1517) (فتحنامة ديار عرب، V.66 a-b). إن أهم ما في الأمانات المقدسة، الراية الشريفة والبردة (خرقة سعادات). خطى يد علي (ر.ع) وعثمان (ر.ع) ومصحفان. أرسلت جميعها إلى إستنبول وحفظت في جناح “خرقة شريف” الذي شيد خصيصاً لها في سراي طوبقابو، وما تزال موجودة.”أهـ.

أقول:  الشاهد مما سبق أن العثمانيين حصلوا على الأمانات المقدسة وآثار الصحابيين سيدنا علي بن أبي طالب، وسيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنهما طواعية؛ من أمير مكة الشريف بركات الثاني الذي أرسل ابنه محمداً الكبير ومعلوم أن الأماكن المقدسة مكة والمدينة والقدس بيد المماليك الذي كانوا يتبعون الخلفاء العباسيين، وكان آخر الخليفة محمد المتوكل آخر خلفاء بني العباس بالقاهرة حيث تنازل عن الخلافة للسلطان سليم الأول بحضور القضاة والشيوخ والأعيان.

أما ما كان في المدينة إبان حصار القوات العربية الخائنة بزعامة الإنجليز فلم يوجد في المسجد النبوي إلا مخطوطات للقرآن الكريم ومحتويات أخرى تحفظ عليها الأمير فخر الدين باشا خشية أن يعبث بها الإنجليز إذا اقتحموا المدينة ولم يوجد بينها الآثار النبوية المذكورة لأنها تاريخياً قد استلمها الخليفة سليم الأول منذ أربعة قرون! أين حمرة الخجل! يا دعاة الضلال!!.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى