صحافة

خان شيخون ..من ألف الثورة إلى ياء التدمير

تُعرفُ مدينة خان شيخون جنوبيّ محافظة إدلب، بالبوابة الجنوبيّة للمحافظة باعتبارها خطّ التماس الأخير من تلك الجهة، مع مناطق ريف حماة الشماليّ، وبالإضافة إلى كون تلك المدينة الكبيرة جغرافياً، تحظى بموقع استراتيجيّ بارز على أوتستراد دمشق ـ حلب أو ما يعرف بـ (M5)، ما جعل من المدنية هدفاً استراتيجياً لقوات النظام السوريّ والحليف الروسيّ، ليبدأ أولى مخطط الأخيرين للسيطرة على الطرق الحيوية في المحافظة وفتح أوتستراد دمشق ـ حلب.

مرّت المدينة التي ضمت عشرات الآلاف من العائلات، بمنعطفات كبيرة منذ انطلاق الثورة السورية وكانت من أولى المدن التي التحقت بركب الثورة، وارتكب النظام السوري العديد من المجازر فيها، أبرزها مجزرة “الكيماوي” التي لن تغيب عن ذاكرة التاريخ والسوريين، وإليكم أبرز المحطات التي مرت بها.

المشاركة في الثورة

منذ الأشهر الأولى التحقت المدينة في ركاب التظاهرات السلميّة المطالبة بالحرية وبإسقاط النظام السوريّ، وتعرضت كما غيرها من المدن المنتفضة إلى حملة شعواء من القمع والاعتقالات والملاحقات الأمنيّة طالت أبناءها إثر خروجهم في مظاهرات شعبيّة حاشدة شارك فيها المئات من المدينة وريفها، وأبناء الريف الحمويّ القريب منها، الذي شاركها إلى جانب الحراك السلميّ، آلام القصف والنزوح فيما بعد.

نجح الحراك السلميّ، وبعض “ثوار” المدينة آنذاك مع بدء ظهور “الجيش  السوري الحر” في طرد قوات النظام وجميع الأفرع الأمنية والمخفر والمؤسسات التابعة له من المدينة، وسيطروا عليها كاملةً، إلا أنّ النظام وبعد شنّ حملة عسكرية ضخمة على المدينة ومحاصرتها في شهر تموز / يوليو من العام 2012 عاد ليسيطر على المدينة، ما أدى إلى خروج “ثوارها” منها.

أبناء المدينة ينتزعونها من يد النظام 

في تاريخ 25 أيار/ مايو من العام 2014، كانت المدينة المنتفضة، على موعد مع “التحرير” الكامل من قوات النظام، بعد معارك استمرت لأشهر في محيط المدينة، بين فصائل المعارضة السورية وقوات النظام وميليشيا “الشبّيحة”، حيث الحواجز العسكرية الضخمة، لتتجه أنظار الفصائل العسكرية بعدها إلى معسكرات النظام القريبة منها (الحامدية ووادي الضيف).

مجزرة الكيماوي

في الرابع من نيسان / أبريل من كل عامٍ، يخيّم الحزن على أهالي مدينة خان شيخون، إذ كانوا قبل عامين على موعدٍ مع مجزرة خلفت ضحايا من نوعٍ آخر، ضحايا بلا دماءٍ أو أشلاءٍ، كان غاز السارين أقرب إليهم من أيّ رصاصة أو قذيفة، وأشدّ وطأة على أنفاس أكثر من 100 ضحيّة سوريّة، غالبيتهم من النساء والأطفال.

وفي تقرير صادر عن الأمم المتحدّة في أيلول/ سبتمبر من العام 2017، أكّد محققو جرائم الحرب أنّ طائرة حربيّة تابعة للنظام، استهدفت خان شيخون بغاز السارين، ما خلّف عشرات الضحايا غالبيتهم من النساء والأطفال، واصفاً الحدث بـ”جريمة الحرب”.

الناشط الإعلامي “عبد الرحمن قنطار” أحد المُصابين بالهجمات على المدينة وناجٍ من الموت يروي شهادته لـ
بروكار برس، “قنطار” الذي وصل لمكان الضربة فوجد امرأة تستغيث، وجثثاً قد ملأت الطرقات، وآخرين قد ماتوا بصمت وهم نيام، هنا فقد وعيه بعد أن شعر بالدوار، ليجد نفسه وقد استيقظ في المستشفى وحوله العشرات من المصابين.

الحملة الأخيرة  على المدينة

يقول الناشط “حميد قطيني” ابن خان شيخون لـ بروكار برس، “بدأت مع شهر شباط / فبراير من العام الجاري الحملة العسكريّة على مدينة خان شيخون، وهي الأضخم منذ بداية الثورة السوريّة وتطورت تباعاً شهراً بعد شهر، استخدمت خلالها قوات النظام والروس مختلف أنواع الأسلحة بدءاً من الطيران الحربيّ والمروحيّ وكذلك المدفعية وراجمات الصواريخ وصولاً إلى مشاركة الطيران الروسي في الحرب على المدينة، إذ أنّ الاستهداف طال المنشآت الحيوية ومحطات المياه والمساجد والمدارس، وكذلك الأحياء السكنية، وباتت المدينة شبه مدمرةً بالكامل”.

ويوضح محدثنا، أنّ عدد سكان المدينة من أهلها ونازحي باقي المناطق وصل إلى 100 ألف نسمة، قبل الحملة الشرسة على المدينة، ليتهجر سكانها إلى مناطق أكثر أمناً تباعاً وتتحول إلى مدينة خاوية على عروشها.

المدينة بيد النظام

بعد تدمير المدينة بشكل كاملٍ، واستخدام مختلف أنواع الأسلحة دخلت قوات النظام السوريّ بدعمٍ روسي صريح، ومشاركة ميليشيات أجنبيّة أحياء المدينة بعد انسحاب فصائل المعارضةِ منها، حيث بدأت تتوارد من أحياء المدينة المدمرة، اليوم الخميس 22 آب / أغسطس ، صور عناصر النظام والميليشيات الأجنبية وعناصر روس يتجولون في ساحاتها وأحيائها، دون أن تخفي كاميرات التصوير صور “التعفيش”، ولعلّ حجم الدمار الذي دخلوا عليه أبلغ من أي كلام لتوصيف السياسة التي تتبعها قوات النظام وروسيا للسيطرة على المناطق.

تلك مشاهد مقتضبة من بعض المراحل التي عاشتها مدينة خان شيخون منذ اندلاع الثورة السورية، تلك المدينة التي لم يغب اسمها وكان حاضراً دائماً سواء في المظاهرات العارمة، أو بقصف روسيا والنظام الجوي والصاروخي والمدفعي وارتكابه المجازر بحق الأهالي.

وبدخول النظام لها أضحى ما تبقّى من ريف حماة الشماليّ الذي تسيطر عليه فصائل المعارضة السورية في حصار مطبقٍ مع نقطة المراقبة التركية في مدينة مورك.

موقع بروكار برس-عز الدين زكور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى