أخبار عاجلة

(هرجة) فدائي

(هرجة): زاوية يكتبها الإعلامي عبد الله حمزة

عبدالله حمزة محي الدين

كاتب ومذيع.
عرض مقالات الكاتب

كنت في الثانية عشرة من عمري وشقيقي ناجي في السادسة عشرة عندما وقعت هزيمة ٦٧، وبعد عام من انتقال والدنا إلى الرفيق الأعلى ، ضربتان موجعتان أحدثتا هزة قوية في وعينا ولاوعينا ، وكانتا سببآ إضافيآ في التماهي الفكري والقيمي بيننا.
لم يكن انتقالنا من طريف إلى الرياض صيف ٦٦ سهلآ بالنسبة لصبي ألف هواء طريف وتضاريسها وأناسها وثقافتها المتنوعة المتناغمة وقربها من فلسطين الحبيبة.

كان من الصعوبة بمكان التكيف مع هزيمة مرة كالعلقم، والهجرة جنوبًا إلى الرياض في رحلة إلى المجهول.
كنت في نهائي الابتدائية عندما أطلق الجيش المصري ماسمي بحرب الاستنزاف ضد قطاعات جيش الاحتلال الصهيوني شرق قناة السويس وسيناء، تزامنًا مع تصاعد العمليات الفدائية في غور الأردن وجنوب لبنان وتلك العابرة للحدود.
كان شقيقي ناجي (أبو هاشم) يجلسني معه كل مساء تقريبًا بعد أن أحضر إبريق الشاي لنرتشف رشفات ممزوجة ببيانات صوت العرب والقاهرة والعاصفة وأناشيدها الثورية ومارشاتها الحماسية وهو يمارس دور المحلل العسكري والخبير الإستراتيجي حتى يصرفنا عن غرفة العمليات تلك صوت طارق زائر أو نداء من والدتنا تطلب أمرًا أو فض تجمعنا الذي لا طائل من وراءه سوى البربرة.
لكن ناجي لم يخصني أنا فقط بالتوجيه المعنوي الممنهج ضد الصهاينة وكيانهم المحتل، بل وصل إلى بعض شباب الأقارب والأصدقاء، ونتيجة لذلك فوجئنا ذات يوم من صيف ١٩٦٩ باختفاء ناجي واثنين من أبناء العمومة على غير العادة، وزاد من توجس الخيفة من وراء هذا الاختفاء اختفاء مسدس والد أحد إبني العمومة من خزنتة الخاصة.
لم يتردد العم عن ابلاغ السلطات المختصة بالرياض بإختفاء الثلاثة ومسدسة.
ما حصل هو أن ناجي اقنع إبني العمومة بمرافقته في رحلة نضال والالتحاق بالحركة الفدائية التي كانت نشطة في تلك الفترة في الأردن ولبنان، واستقلوا لهذا الغرض شاحنة بضائع متوجهة إلى الأردن مرورًا بطريف في الشمال، ومن سوء التخطيط لهذه الرحلة النضالية قصد ناجي ورفيقاه منزل خالي أبي إبراهيم في طريف حيث يعمل هناك، ولأنهم يأمنون الخال أخبروه بنيتهم التي أسرّ الخال رفضهُ لها مراعاة لقلق اخته في الرياض، ولتدبير خطة لإجهاض المخطط.
وفي خضم عمليات البحث والتحري التي كانت تجريها شرطة العاصمة عن (الفرسان) الثلاثة وردت برقية من الخال إلى العم تخبره بتواجدهم طرفه.
ولم تمض أربع وعشرون ساعة إلا وقد تم اقتياد الفدائيين الثلاثة مخفورين بالكلبشات إلى مطار طريف ومنه إلى الرياض حيث تم توقيفهم واستجوابهم وأخذ التعهدات بعدم تكرار تلك النوايا (النضالية) مرة أخرى، وبذلك فقدت الثورة الفلسطينية ثلاثة من خيرة مناصريها وعلى رأسهم المناضل ناجي (أبو هاشم) رحمه الله وأكرم مثواه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً

إطلاق سراح الإرهابي أسد الله أسدي.. متنفس لملالي طهران في الوقت الضائع لسقوطهم الحتمي

نظام مير محمدي كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني ستكون عملية إطلاق سراح …