مقالات

حين استخدمت أمريكا الكيماوي عبر بشار!

أحمد الهواس

رئيس التحرير

عرض مقالات الكاتب

لم تكن مجزرة الكيماوي في مدن الغوطة قبل ست سنوات بفعل نظام فاقدٍ للشرعية ، أو أنّه نظام طائفي يتحدى العالم ويفعل بشعبه ما يريد نتيجة تعطّل مجلس الأمن بالفيتو الروسي الصيني ، فهذه تفسيرات ساذجة لا قيمة لها ، فهو نظام يتجاوز المرحلة الوظيفية التي تخضع لها مجموعة من الأنظمة حول العالم – ومنها الأنظمة العربية – في تنفيذ سياسات الدول الكبرى ، فقد بُني على أن يكون حجر أساس في بناء رسمي عربي وإقليمي ، يتداعى من بناه وسانده لحمايته والتغطية على جرائمه والمقاتلة عنه إن دعت الضرورة لذلك !

قبيل اندلاع الثورة السورية بقليل ، كان رأس النظام يحذر العالم من أن بلاده تقع على فالق زلزالي ، وحين انطلقت الثورة السورية تبدّى للمتابع المستويات الثلاثة للتعامل مع الثورة من قبل من يقود العالم سواء تخفّى تحت مسمى المجتمع الدولي أو أمم متحدة ، فقد سارع أولاً النظام العربي الذي كان يهتز بفعل الثورات العربية إلى إنشاء لجنة “الدابي” السوداني لكي يتأكد من أن ثمة ثورة في سورية ، بعد أن ظل نظام الإجرام يفعل ما يريد ويقتل من يشاء ويعتقل ويرتكب كل الجرائم التي تدخل في بند الجرائم ضد الإنسانية ، معللاً ذلك أن لا مظاهرات سلمية بل ثمة مندسون وإرهابيون وتكفيريون وقاعدة وإمارات إسلامية !

وحين فشل النظام الرسمي العربي الممثل بالجامعة العربية كان لابدّ من مستوى ثانٍ يكون فيه ثمة شراكة بين الجامعة العربية والأمم المتحدة فكانت لجنة “الجنرال مود” ، التي استطاعت كما سابقتها التغطية على جرائم النظام ، ثم ليبدأ بعد ذلك سلسلة المبعوثين الأمميين الذين لم يميعوا الثورة السورية فحسب بل كانوا شركاء في قتل وتهجير الشعب السوري ، وتحويل ما يحصل في سورية من ثورة شعب ضد نظام مستبد إلى صراع بين صراع بين نظام مستبد وجماعات متشددة !

أمّا المستوى الثالث للتعامل مع الثورة السورية ، كان ذلك باستخدام القوة ضد الشعب السوري ، وليكن تحت بند مكافحة الإرهاب ! وهذا أيضًا كان له ثلاث مراحل من التعامل بعد فشل النظام في القضاء على الثورة :

  1. السماح لإيران وأذرعها بقتال الثوّار السوريين وكان رأس الحربة في البدء حزب الله .
  2. الاستعانة بالروس بعد فشل إيران ومن معها في هزيمة الثورة السورية .
  3. دخول أمريكا بحلف يضم قوة جوية عربية لسحق الكتلة الصلبة في سورية ” العرب السنة” تحت ذريعة محاربة داعش !

إن أيّ قارئ منصف لما حصل ويحصل في سورية ، سوف تتولد لديه قناعة أن نظام بشار ليس سوى مخلب قط في الحرب على الشعب السوري ، وأن ما حصل في مجزرة الغوطة وما تلاها كان برضاء أمريكي ، بل ربما بإيعاز من أمريكا ، فقد سبقت مجزرة الكيماوي مجازر متعددة وكان قتلى الشعب السوري مئات الآلاف وكان أوباما يردد عبارته الشهيرة : الأسد فقد شرعيته ،فإنّه يصرّح له بأن يقتل بكل الأسلحة حين كان يقول : الكيماوي خطّ أحمر ، أي أن كل الأسلحة دون الكيماوي مباحة وكل الجيوش والمليشيات الطائفية التي تقاتل مع بشار الأسد مسموح بها ، وأن تعطيل مجلس الأمن هذه رغبة أمريكية ، ولولا ذلك لكانت أمريكا قد نقلت الملف إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة تحت بند “الاجتماع من أجل السلم” تأسيسًا على الحالة الكورية ! وحين تمّ الضغط على النظام في تلك الفترة ، لا سيما بعد أن أطلّت الثورات المضادة برأسها وتم الانقلاب على الرئيس المصري محمد مرسي” لأنّه دعا لنصرة الشعب السوري بعد دخول حزب الله في معركة القصير في 5- 6 – 2013 فكان الانقلاب على الرئيس من قبل عسكر كامب ديفيد ، لتظهر صورة أخرى كان غائبة أو مغيبة لا تكمن فقط بدور تلك الجيوش الوظيفية في الحفاظ على البناء الرسمي بل بمنع الديمقراطية في العالم العربي ،وأنّها صممت لحرب الشعب وليس لحرب إسرائيل !

جاءت الأيام العصيبة على النظام فلم يبق سوى كيلومترات عن قصر المهاجرين ولم يعد يملك من سورية سوى 18% ليجد مخرجًا أو لنقل ليجد له من يشغّله مخرجًا بأن يستخدم الكيماوي بوجود المراقبين الدوليين ! وهنا ستجهز أمريكا أساطيلها لإنقاذ الشعب السوري وتنسحب القطع البحرية الروسية ، وبعد أن تفتر همة الثوّار السوريين بانتظار الفرج ” الأمريكي” تصل العبقرية الأمريكية لحل بأن تُسحب أداة الجريمة ، ويُترك المجرم طليقًا ، ومن ثم تتشكل لجنة لتحديد الفاعل ، وتعود الأساطيل الأمريكية بعد أن رفض البرلمان البريطاني المشاركة بضرب النظام!

مسرحية فجّة ، وممثلون معروفون ، ولكن المشكلة بالجمهور الذي لا يمل من تكرار مشاهدة تلك المسرحيات ، وهكذا تم إنقاذ المجرم ، وعوقب الشعب تارة بالكيماوي ، وتارة بسحب الكيماوي وهو سلاح ردع سوري ، وليس ملكًا للنظام !

لم ينفذ بشار الأسد الضربة ويستخدم غيرها كما ذكرنا إلاّ بضوء أخضر أمريكي ، وما وجود المراقبين إلا تيوسًا محللة وشهود زور ستتضح مهمتهم بعد ذلك في جريمة أكبر قادها ديمستورا  وهي التغيير الديمغرافي ، وتهجير سكان الغوطة وبقية المناطق المنكوبة تحت بند المصالحات بعد جوع فتك بسكان تلك المناطق ونزاعات بين فصائل رهنت سلاحها لأجندات قادمة من خلف الحدود !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى