مقالات

بشار الكيماوي حرًّا طليقًا مجرمًا!

موسى الهايس

محامٍ وناشط سياسي.
عرض مقالات الكاتب

لم تكن ليلة الحادي والعشرين من آب من عام2013 ليلة عادية بالنسبة لسكان  زملكا وعين ترما وكفر بطنا، وعربين بالغوطة الشرقية.

فبالرغم من اعتياد سكان هذه المدن على همجية النظام وإجرامه في القصف المدفعي اليومي من مدفعيته المتمركزة في الجبال المحيطة وغارات طيرانه المتكررة   كان جديد النظام فجر تلك الليلة وتحديدا في الساعة الثانية والنصف  استهداف تلك المدن بقذائف تحمل رؤوسا كيميائية، حيث قامت قوات ا اللواء 155 المتمركزة بالقلمون  في الساعة 2:31 من صباح 21 أغسطس/آب 2013،  بإطلاق ستة عشر صاروخًا، من نوع أرض أرض محملة بغاز السارين السام  على المدنيين الآمنين في المدن المذكورة.

 ومع أن  تصريحات النظام  المتكررة ممثلا ًبرأس العصابة الحاكمة بدمشق مهددًا ومتوعدًا من أنه لن يدخر وسيلة او سلاحًا  يمكنه من التخلص من هذه الثورة  ،وعلى الرغم من إدراك السوريين لطغيان هذا لنظام بحكم معاناتهم  الممتدة لعقود من استبداده إلا أنه لم يكن بالحسبان أن يصل به الإجرام بان يستخدم الأسلحة المحرمة دوليًا على مرآى من العالم لاسيما وأن بعثة المراقبين الدوليين كانت على الأرض السورية آنذاك ،والتصريحات المتلاحقة المطمئنة التي تضع الخطوط الحمرمحددة حجم الإجرام الذي على النظام ألاّ يتجاوزه ومع كل ذلك  كانت الكارثة (الجريمة) التي قتل فيها أكثر من / 1500/ مدني  معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ  كما خلفت  آلاف المصابين  مازالوا يعانون ويلاتها التي  امتدت  آثارها إلى الأجنة والولادات الحديثةK  ولم تقتصر جريمة النظام على فعلته الشنيعة هذه بل  قام بنبش المقابر ونقل جثث الضحايا ودفنها في أماكن مجهولة بغية إخفاء أثر إجرامه  بعد أن سهّل له المجتمع الدولي دخول الغوطة بعد تجويعها لسنوات !

وإضافة إلى أن مثل هذه الجرائم  توصف قانونيًا بأنّها جرائم ضد الإنسانية وهي لا تسقط بالتقادم ولن يتجاوزها الزمن ، كذلك ستبقى في ذاكرة السوريين و آثارها  مازالت ماثلة  فضحاياها  من الذي هجّروا ما زالوا أحياء يعانون .

وعلى الرغم من تأكيد العديد من التقارير الاستخباراتية الغربية التي أكدّت على مسؤولية النظام السوري عن الهجوم بغاز السارين السام على المدنيين في منطقة الغوطة  كتقرير الاستخبارات الفرنسية، وكذلك الألمانية .

وبالرغم من تأكيد منظمة هيومن رايتس ووتش بعد أكثر من أسبوعين من الهجوم حصولها على أدلة توضح وقوف قوات النظام السوري وراء مجزرة الغوطة.

إلاّ أن المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة ومؤسساتها ومحكمة الجنايات الدولية مازال  يقف متفرجَا فالقانون الدولي ، والقانون الدولي الإنساني ،والمعاهدات الدولية  تؤكد أن مثل هذه الجرائم لا يمكن أن تسقط بالتقادم .

وهذا ما يدعو المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته وتقديم الجناة إلى العدالة من جرّم  استخدام سلاح محرم دوليًا، وما تبعه من عمليات إبادة وانتهاكات وتهجير نتجت وترافقت مع هذه الجريمة وسواها من إجرام النظام المستمر منذ آذار/مارس 2011 وحتى اليوم،  والذي راح ضحيته أكثر من نصف الشعب السوري بين شهيد ومعتقل ومختطف ومهجّر ومشرّد ! 

وبالرغم من كل القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن إلا أن النظام السوري انتهك مرارًا قرارات مجلس الأمن ومنها القرار رقم 2118 ورقم 2209 ورقم 2235 مستغلاَ عدم جدية المجتمع الدولي في ردعه ووضع حدٍّ لإجرامه .

الصفعات اليومية التي يتلقاها المجتمع الدولي ومؤسساته ومواثيقه من هذه العصابة تحتم عليه البدء بتفعيل المؤسسات  المعنية  كمجلس الأمن ، ومحكمة الجنايات الدولية لفتح ملفات جرائم هذه العصابة التي أصبحت تشكل خطرًا على الأمن والسلم الدوليين . فهذه المادة الخامسة من نظام المحكمة الجنائية الدولية، وهي التي تختص بمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الأشد خطورة تشير إلى أن العقوبات تشمل جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضدّ الإنسانية، وجرائم الحرب، التي تُعدّ انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، ولا تسقط بالتقادم، بغض النظر عن موقع من ارتكبها، سواء أكان رئيسًا أم قائدًا عسكريًا أم مدنيًا كما تنصّ المادة 29 من نظام المحكمة على أنه “لا تسقط الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة بالتقادم أيًا كانت أحكامه”، وتشدِّد اتفاقيات القانون الدولي الإنساني على مساءلة مجرمي الحرب، مهما كانت جنسيتهم أو مكان ارتكابهم هذه الجرائم.

وليس هناك من هو أحق من بشار الكيماوي-  كما يسميه السوريون  – يجب أن تطبق  عليه هذه المواد لما سببته جرائمه الاكثر فضاعة وايلاما بتاريخ مجرمي الحروب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى