ثقافة وأدب

نَحْوَ لُغَةٍ فُصْحَى فِيْ وَسَائِلِ الإعْلَام – المبحث العاشر

نصير محمد المفرجي

إعلامي وباحث في اللغة العربية.
عرض مقالات الكاتب

تتمّة أخطاء الجموع

جمع”فَعُول”بمعنى “فاعِل” جمعًا سالمًا:

إذا كانت “فَعُول ” بمعنی “فاعِل ” مما یستوي فیه المذکر والمؤنث، لا تجمع جمعًا سالمًا، وإنما تجمع جمع تكسیر علی “فُعُل” قياسًا.

 ولكن مجمع اللغة المصري أجاز إلحاق تاء التأنيث بـ “فَعُول”هذه، اعتمادًا على ما ذکره سيبويه وغيره من مجيء ذلك عن العرب، وعلى هذا يجري على هذه الصيغة بعد جواز تأنيثها بالتاء – ما يجري على غيرها من الصفات التي يفرق بينها وبين مذكرها بالتاء، فتجمع جمع تصحيح للمذ کر والمؤنث.

 ومن أمثلة ذلك في وسائل الإعلام:

“… نحن فخورون بعلاقتنا…”.         الأفصح: فُخُرٌ(على وزن فُعُلٌ).

“… لأنهم كانوا غيورينعلى العراق…”.         الأفصح: غُيُرًا.

جمع “فَعِيل” للمذكر على “أفْعَال”:

إن هذه الصيغة من جمع الكثرة مرفوضة عند بعضهم ، لعدم قياسية جمع “فَعِيْل” على “أَفْعَال”.

ويمكن تصحيح ذلك اعتمادًا على قرار مجمع اللغة المصري بإجازة جمع “حفيد ” علی “أحفاد ” الی جانب جمعه علی “حَفَدَة”، و”حُفَدَاء”، ويمكن الاستئناس لصحة الجمع المرفوض عند بعضهم  بجمع العرب “یتیم” ، و”شريف”، و” أصیل” علی أفعال.

ومن أمثلة ذلك في وسائل الإعلام:

“… نعت رابطة عشائر السادة الأشراف في العراق…”.

ويُجمع أيضًا على (شُرَفاء).

“… ارتفعت نسبة الأرامل والأيتام في العراق…”.

 ويُجمع أيضًا على ( يَتامى).

” … سمّاهم أحفاد الخوارج…”.

ويُجمع أيضًا على( حَفَدَة).  

جمع “فَعِيل” للمذكر على “فَعَائِل”:

هذه الصيغة من جمع الكثرة مرفوضة عند بعضهم ، لأن “فَعِيل” لا يجمع على “فَعَائِل” إلا إذا كان لمؤنث معنوي.

 و یمكن تصويب ذلك -على الرغم من أنه غیر مقیس- اعتمادًا على ورود أمثلة كثيرة له تسمح بالقياس علیه، ومن ذلك: وصید، و ضمیر، و حدید، و فرید، ومدیح،وغيرها.

ومن أمثلة ذلك في وسائل الإعلام:

“قتل تسعة من عناصر تنظيم داعش في كمائن غربي العراق”.

“خلافات بين الفصائل(1) المسلحة المشاركة في الحشد الشعبي”.

“تتكرر مشاهد الحرائق في دوائرالدولة والأسواق في العراق”.

1. يستعملون في وسائل الإعلام (فصيل) على أنه مفرد (فصائل)، وهذا خطأ مبين، لأن الفَصيل ولد الناقة إذا فُصِلَ عن أمّه، والجمع فُصْلانٌ وفِصالٌ، وفَصيلَةُ الرجل: رهطُه الأدنَون.

جمع مابُدىء بميم زائدة من أسماء الفاعلين والمفعولين جمع تكسير:

منع بعض النحويين قياسيّة جمع ما بدى بميم زائدة من أسماء الفاعلين والمفعولين جمع تكسير؛ لأن قياسه أن يجمع جمعًا سالمًا.

 ولكنْ ورد في كلام القدماء ما يفيد فصاحة هذا الجمع، کما أمكن لبعض الباحثين أن يجمع عشرات من الكلمات التي جاءت مبدوءة بمیم زائدة من أسماء الفاعلين والمفعولين، وجمعت جمع تكسیر، وقد أصدر مجمع اللغة المصري بعد استعراضه لهذه الكلمات قرارًا بقياسيّة هذا الجمع.

ومن أمثلة ذلك في وسائل الإعلام:

“…لتورّطهم في فساد مشاريع خدميّة…”.      الأفصح: مشروعات.

“…الطريقة الوحيدة لحل مشاكل العراق…”.        الأفصح: مُشكلات.

“يعتمد العراق على استيراد المحاصيل“.       الأفصح: مَحصولات.

“… بحث عددًا من المواضيع…”.              الأفصح: مَوضوعات.

“… منذ توليه مهامّ منصبه…”.                     الأفصح: مُهِمّات.

جمع الجمع:

یری سیبویه أن جمع الجمع مطلقا سواء أکان جمع قلة أم کثرة واسم الجمع واسم الجنس مطلقا اختلفت أنواعه أم لا ، ومنه المصدر ليس قياسًا ، ولايجمع منها إلا ما جمع العرب ، و أیده السیرافي ، والجرمي ، وابن عصفور ، واختاره الرضي.

 ويرى كثير من النحاة أن جموع القلة يجوز جمعها قياسًا لأنه قد ورد عن العرب منه قدر صالح للقیاس علیه کالأیدي والایادي والأسلحة والأسالح والأقوال والأقاويل ، والأسورة والأساور.

 وأقر مجمع اللغة المصري قياسية جمع الجمع عند الحاجة؛ وذلك لكثرة ما يرد منه في الاستعمالات العربية القديمة، مثل: “بيوتات”، و”رجالات”، و”جمالات”، وغيرها؛ وعليه يمكن تصحیح المفردات الشائعة في لغة الإعلام مثل: “رسومات”،”أهرامات”، “فحوصات” جمعًا للجموع التالية: “رسوم”،و”أهرام”، و”فحوص”.

 ووجد الباحث اطّراد وزن “فُعُولات” في مجتمع الدراسة، وتغليب صيغة جمع الجمع هذه بدل استخدام جمع الكثرة “فُعُول” ،الذي يؤدي الغرض الدلالي في سياق الخبر التلفزيوني ، وأغلب الظن أن دخول هذه الصيغة إلى اللغة المعيارية كان بتأثير اللغة المحكيّة.

  ومن أمثلة ذلك في مجتمع الدراسة:

“… ندّد بإعادة نشر الرسومات المسيئة للنبي…”. الأفصح: رُسُوم.

“… خروقات مليشيات الحشد الشعبي…”.                الأفصح: خُرُوق.

“… لا تخضع لضغوطات سياسية…”.              الأفصح: ضُغُوط.

“… ينبغي إجراء الفحوصات …”.                             الأفصح: فُحُوص.

“… تدفع جميع فروقات الزيادات للموظفين…”.    الأفصح: فُرُوق.

“…ردع الطموحات النووية الإيرانية…”.

وفي المثال الأخير لحظ الباحث جمع طموح – طموحات. إلا أن الطموح مصدر لا جمع . ولعل ذلك يأتي بسبب الوهم بأن الوزن “فُعُول” يجمع على هذا النحو، إذ جعلوا “فُعُولات” جمعاً لـ “فُعُول”، دونما تدقيق، سواء أكان مصدرًا أم جمعًا، فالملاحظ أن جميع الأمثلة الأخرى – عدا طموحات – الواردة هي جمع لمصادر على وزن “فَعْل”، والمصدر عادة لا يجمع إلاّ إذا اكتسب بجمعه دلالة أخرى. وإذا كان لابدّ من جمعه للضرورة فليكن جمعه قياسًا على وزن “فُعُول”.

 ولا بُدّ من الإشارة هنا إلى أنه عند جمع المصدر جمعَ مؤنثٍ سالمًا أجاز بعض اللغويين جمع المصدر إذا أريد بالمصدر العدد أو كان آخره تاء المرة، مثل: “رمية: رميتان ورمیات”، و” تسبیحة: تسبیحتان و تسبیحات”، و کذلك إذا تعددت الأنواع، مثل: “تصريح: تصريحان وتصريحات”، وذلك اعتمادًا على ما جاء في الاستعمال القرآني في قوله تعالى: (وَتَظنُّونَ بالله الظُّنونا ) الاًحزاب/۱۰،  حیث جاءت “الظُّنون” وهي جمع “الظَّن” وهو مصدر.

انتهى المبحث العاشر في سلسلة مقالات “نَحْوَ لُغَةٍ فُصْحَى فِيْ وَسَائِلِ الإعْلَام” . مبحث جديد يأتيكم في الأسبوع المقبل إنْ شاء الله تعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى