مقالات

كذبة الأقليات

عمار الشاعر

إعلامي وأديب سوري.
عرض مقالات الكاتب

وتر الأقليات كان وما يزال النظام يحترف اللعب عليه، ويسوّق نفسه للخارج حامياً لهذه الأقليات، وكأنها كانت تتعرض للإبادة الجماعية والتهجير والاعتقالات والتنكيل، وكأنه من جاء لإنقاذها وإنصافها، وليس لامتطائها والمتاجرة بها ليبقى متشبثاً بكرسي الحكم.

لم يكن يشعر أحد أو يسمع بمصطلح الأقليات قبل انقلاب البعث، وسيطرة حافظ الأسد على البلاد على الرغم من المحاولات الغربية الفاشلة لتفعيل هذا المصطلح، والجميع يعلم جيداً قصة رئيس البرلمان السوري فارس الخوري حين أبلغه الجنرال غورو أن فرنسا دخلت سوريا لحماية مسيحيي الشرق، وعندها توجه الخوري إلى المسجد الأموي بدمشق يوم الجمعة واعتلى المنبر مخاطباً المصلين: إذا كانت فرنسا تدعي أنها احتلت سوريا لحمايتنا نحن المسيحيين من المسلمين فأنا كمسيحي أشهد من هذا المنبر ألاّ إله إلا الله، فأقبل المصلون عليه ورفعوه على أكتافهم وجابوا به شوارع العاصمة كما خرج المسيحيون في مظاهرات حاشدة جابت دمشق وأحياءها وهم يهتفون: ” لا إله إلا الله “

  • هل النظام يحمي الأقليات فعلاً؟

لطالما دأب النظام على فعل عكس ما يقوله فكما يتشدق بالمقاومة ومواجهة إسرائيل بينما هو عميلها وحارسها وكلبها الوفي، فإن حديثه عن حماية الأقليات ليس سوى كذبة لا يصدقها إلا المغفلون، فلقد دأب النظام على سحق الأقلية التركمانية في سوريا متهماً إياها بالعمالة لتركيا وأنها بقايا ما أسماه “الاحتلال العثماني”، ولطالما صورها على أنها ألد أعداء طائفته من خلال الدراما التي عمل على إظهارها على شاشاته الرسمية، ناهيك عن الوحشية التي عامل بها مناطق التركمان خلال الثورة السورية.

الكرد السوريون هم أيضاً لم يسلموا من تهميش النظام لهم وقمعهم عام ألفين وأربعة، وحينما قامت الثورة السورية عمل النظام على تسليط بعض الأحزاب الكردية العميلة لديه على رقاب الكرد السوريين كحزب الاتحاد الديمقراطي أو ما يعرف بـ ” بي كي كي” السوري

  • توريط الطائفة العلوية واستخدامها

أول ما عمل عليه حافظ الأسد عند اغتصابه الحكم في سوريا هو تشكيل الأجهزة الأمنية المجرمة بقيادات من الطائفة العلوية ليضع هذه الطائفة في مواجهة شعب بأكمله وليغذي عندها روح الانتقام من الشعب السوري أو الأغلبية السنيّة مصوراً إياها وحشاً إقطاعياً كان يستعبد الطائفة العلوية ويغتصب نساءها، وسيعود لاستعبادهم إن خسر النظام السلطة في البلاد.

صورة أتقن النظام تشريبها لأبناء طائفته معتمداً على تزوير التاريخ وخلط الحابل بالنابل، مسخّراً بذلك وسائل إعلامه وكافة وزاراته بداية من التربية والتعليم، وليس انتهاءً بما يسمى وزارة الأوقاف

أما الطائفة العلوية في سوريا ورغم تهميشها من هذا النظام الذي يدّعي حمايتها وجدت نفسها أمام حرب وجودية منذ اندلاع الثورة بعدما عمل النظام على تصوير الثورة على أنها انتقامٌ لما حدث في ثمانينات القرن المنصرم، وخطرٌ يهدد وجود الطائفة

هكذا كان يحمي النظام الأقليات في سوريا وما يزال…..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى