مقالات

تحالف الأقليات… الصراع القديم المتجدد!

د. فوزي فري

أكاديمي لبناني.
عرض مقالات الكاتب

على مدى الحقب المنصرمة وامتدادها إلى ما قبل نهاية الحرب العالمية الاولى، وانتهاء العمل بنظام الخلافة، وسقوط الامبراطورية العثمانية . سكنت المدن الساحلية الأكثرية السنية الحاكمة، بينما انحصرت الأقليات الأخرى الدينية والمذهبية في المناطق الجبلية، خوفًا من بطش (الأكثريات) التي توالت على حكم المنطقة بالحديد والنار !
وبعيد اتفاق سايكوس بيكو الشهير، والاتفاق الضمني على تقسيم المنطقة، عمد الغرب إلى إنشاء كيانات جغرافية بأشكال مختلفة، معتمدًا في تقسيمها على كيانات عشائرية وعرقية ومذهبية وطائقية، بهدف محاصرة الأكثرية الموجودة بأقليات متنوعة، بحيث منع الامتداد والتواصل الطبيعي للأكثرية، عبر دفع هذه الأقليات باتجاه المدن الساحلية.
ثم عاد وأدخل الغرب عنصرًا جديدًا للتفرقة، ألا وهو الكيان الإسرائيلي ومن ثم ابتدع القوميات المختلفة الآيديولوجيات القومجية السخيفة، فتقسمت الأكثرية السنية الموجودة بين قوميين عرب، أكراد تركمان لحصر الصراع الإسرائيلي بالعرب الضعفاء، دون المسلمين !
فقسّم المجزء إلى فتات تتناحر في ما بينها بهدف واضح مفاده، منع أي تقارب أو توحد للكتلة الإسلامية السنية الممتدة على كامل بقاع الأرض ، وهذا ما يفسر التواجد لبعض الأقليات القائمة حاليًا، كالعلوية والشيعية والدرزية والمارونية والكردية والحوثية واليهودية وغيرها من الأقليات الأخرى، ضمن مناطق واضحة، كحجاب فاصل بين أي امتداد ممكن للأمة الإسلامية. ثم عادت فأضافت عاملاً جديدًا قديمًا ، ألا وهو دعم هذه الأقليات لإيصالها إلى حكم الأكثرية الموجودة ،ما جعلها واجهة أساسية لتنفيذ المشروع الأساسي، ومصدر لصراعات داخلية لا تنتهي.
ومن يفهم هذه المعادلة، يستطيع تفهم تأخر سقوط النظام السوري، وانتصار النظام الإيراني والإسرائيلي ودعم الأكراد، والتلويح بهم لكل من تركيا وسوريا والعراق وإيران والحوثيين في اليمن والسعودية، والشيعة في كل من البحرين والعراق والسعودية وباكستان ولبنان، والسماح لروسيا الجديدة باستئصال المسلميين كل من الشيشان وسوريا وكل من مينامار في آسيا … الخ
فتحالف الأقليات هو نتيجة التخويف المستمر لإعادة التهويل بحكم الأكثرية، عبر تذكيرها بالممارسات السابقة وعبر إلصاقها بتهم جديدة قديمة منها التطرف والارهاب، وحكم اهل الذمة، وغيرها من المصطلحات المعلبة، ما يدفع بها إلى التكتل فيما بينها كسائر الاقليات الأخرى الموجودة قي المجتمعات الغربية الحديثة، وتحت وطأة الخوف والدفاع عن الوجود الذات ،وهذا ما يبرر تحالف كل من التيار الوطني الحر، كجزء أساس من المسيحيين، وحزب الله وحركة أمل كممثلين للشيعة، مع كل من النظام السوري المرتبط بالطائفة العلوية، إيران الشيعية وهذا ما يجعلنا نعتقد أن الصراع القائم بين أهل السنة والاقليات هو صراع بالوكالة، نتيجته الحتمية، تنفيذ المشروع الصهيوني القديم الجديد وبطرق ملتوية، وبأدوات الأقليات التي تنفذ المشروع بعلمها او بدونه ضد الاكثرية الإسلامية السنية الموجودة،
طبعًا هذا الكلام سيكون له صداه المخون وتهمة بالتطرف والطائفية السخيفة.، لكن هذا لا يمنع أن الخارطة التنفيذية قائمة وبهذا الاتجاه الواضح وإلا لما تركت إيران تتحكم بأربع عواصم عربية مختلفة، واستبعدت تركيا والسعودية ومصر من دعم الثورة السورية، ولما سمح لروسيا بتقويضها،
الرهان اليوم على الوطنيين وحدهم من الطوائف والمذاهب المختلفة للخلاص من هذا المأزق، وعلى تماسكهم مع أشقائهم في اوطانهم لانتاج دول تحمي مواطنيها بسواسية، بدل المزارع الموجدة او يحاولون إيجادها وفرضها…!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى