لا تدخر إيران جهداً في سبيل إيذاء العراق وتخريب المخرب وتدمير المدمر في هذا البلد الذي احترق حد التفحم بنيران سموم جارة الشر، يد طهران في بغداد ليس لها مصد وتتحرك في أي اتجاه بكل أريحية وتطرق أي باب تريد، دون تردد وتقتحم دون وجل كل مجال يلوح فيه بصيص أمل من سعادة أو فرح ولو بحده الأدنى لأبناء البلد المبتلى بهذا الحقد النافث أليه من الشرق دون توقف منذ عشرات السنين.
تحارب إيران بإصرار من أجل استمرار الفرقة والتشرذم السياسي والاجتماعي والمذهبي في العراق لأن ديمومة الفتنة وملحقاتها يتسبب في حالة ضعف شامل تؤدي لعدم قدرة بغداد على لعب أي دور إقليمي أو دولي. والأهم عدم قدرتها في الوقوف على قدميها مجدداً وهو ما يتيح لجارتها المتنمرة أن تستمر في فرض نفوذها وتشديد خناقها وقبضتها على البلد الذي عانى من حروب وحصار أكلت من جرفه الكثير وأصابت حاضره في مقتل وتهدد مستقبله بسوداوية بالغة العتمة.
عندما أحرز العراق بطولة أمم آسيا بكرة القدم عام ٢٠٠٧ نزل أبناء البلد بمختلف انتماءاتهم وأعمارهم إلى الشوارع في فرحة عارمة استمرت لعدة أيام توحد الناس فيها خلف راية واحدة وهتاف موحد متناسين أجواء الحرب الأهلية والفتنة الطائفية التي كانت البلاد تعيشها آنذاك. هذا الأمر دق ناقوس الخطر وبقوة في طهران التي قررت منذ تلك اللحظة إعلان الحرب على كرة القدم العراقية وعملوا كل شيء عبر وكلائهم في بغداد من أجل وضع العصي في عجلتها ومحاربتها إداريا من أجل خفض مستواها الفني وجعلها غير قادرة على المنافسة وهو ما أدى بالفعل في السنوات اللاحقة إلى تدهور كبير في النتائج.
هذه الأيام عادت إيران لممارسة لعبتها الخبيثة، حيث أوقعتها قرعة تصفيات كأس العالم وأمم آسيا المزدوجة مع الفريق العراقي في مجموعة واحدة. ولم تكد تمضي تسعة أيام على تلك القرعة حتى تسلم الاتحاد العراقي كتاباً من الفيفا في السادس والعشرين من الشهر الماضي يطلب فيه الاتحاد الدولي من نظيره المحلي إيجاد ملعب بديل خارج البلاد لإقامة مباريات العودة للفريق العراقي عليه. وهو ما يمثل مفاجأة كبيرة للوسط الرياضي الحكومي والشعبي كون الفيفا كان قد رفع الحظر عن إقامة المباريات التنافسية في مدن البصرة وكربلاء وأربيل خلال اجتماع عموميته في كولومبيا منتصف آذار العام الفائت، وبعد السؤال والجواب والبحث والاتصالات التي جرت بين الجهات الرسمية العراقية والاتحادين الدولي والآسيوي ومتابعة الموضوع. تبين أن رئيس لجنة الأمن والملاعب في الاتحاد الآسيوي، وهو إيراني الجنسية قد قام بأرسال رسالة مباشرة إلى اللجنة الأمنية في الفيفا يبلغهم فيها بعدم جهوزية العراق أمنياً لاستضافة المباريات التي تقع تحت السلطة المباشرة للاتحاد الدولي. وهو ما تسبب في اتخاذ الفيفا قراره الجديد بمنع منتخبنا الوطني من لعب مباريات الإياب في البصرة.
الإيرانيون لم يكتفوا بذلك. بل كانت إيران الدولة الوحيدة من فرق مجموعتنا التي رفضت إرسال كتاب للاتحاد الأسيوي تعلمه فيه أنها لا تمانع من اللعب رسمياً في العراق. بينما بادرت البحرين وهونغ كونغ وكمبوديا وهي بقية المنتخبات إلى الاستجابة لطلب اتحادنا وأعلنت موافقتها الموثقة بكتب خطية على اللعب في البصرة.
ببساطة هل أصبحت حتى هذه الأمور الترفيهية التي تعتبر متنفسا مهم للشعب العراقي لعبة للمساومة من قبل نظام الملالي الذي يريد سرقة الفرحة من العراقيين وإن كانت محدودة؟ ألم تكتف (الجمهورية الإسلامية) ارتواءً من دماء العراقيين؟
إلا تستحي إيران من تضحيات اتباعها في العراق اللذين نذروا أنفسهم جنوداً دون مقابل من أجل أجندة (حامية الأعراض)؟
أليس لمن يدافع ليل نهار عن تاج رأسه وخطه الأحمر (شفاعة وحوبة) عند (الجارة)؟
لماذا ترسل إيران لنا عسكرها ومستشاريها وخبراءها وسلاحها ولا ترسل لنا منتخبها الكروي؟