مقالات

أيام كنّا عايشين

أسعد فرزات

فنان تشكيلي سوري.
عرض مقالات الكاتب

في التسعينيات نجحت بانتخابات مجلس إدارة نقابة الفنون الجميلة، وكما جرت العادة المكاتب الرئيسة مثل أمين السر، والمكتب المالي ونائب النقيب وغيرها تذهب للحزبيين واعضاء الجبهة التقدمية – كما يطلقون عليها – أما النقيب فيأتي تعينيه من المخابرات، فلعل صفة نقيب تتسق مع رتبة عسكرية!
أما المستقلون وعددهم أربعة يبقى لهم مكتبان، مكتب يسمى العلاقات الخارجية – يفترض بهذا المكتب إقامة علاقات ونشاطات خارجية- كمعارض وملتقيات فنية مع جميع دول العالم، اسم هذا المكتب مغرٍ وجميل، ويدفع بالفائز المستقل أن يفكر بأن يحوز عليه، لكن من يستلمه سيصيبه الإحباط وسيكتشف لاحقًا أنه لا يستطيع أن يدعو فنانًا من دير الزور للإقامة بدمشق أسبوعًا واحدًا من أجل معرض فني، وهذا لا يمكن أن يكون بأحد فنادق الدرجه الثانية، فما بالك أن يدعو فنانًا اسبانيًا مثلاً! والمكتب الثاني – نجانا الله وإياكم من ذكر المكتب الثاني لما يتركه في ذاكرة السوريين من قمع – هو مكتب المعارض، ومهمة هذا المكتب إقامة معارض ونشاطات داخل الصالة المخصصة للنقابة، وهناك مكتبان أيضًا بدون حقيبة من نصيب المستقلين، ولعلني كنت محظوظًا وقتها وحصلت على مكتب المعارض الفنية.
قلت لنفسي: على الأقل سأقيم معارض للشباب المبدعين الذين لم يأخذوا فرصتهم جيدًا، وهذا ما حصل لاحقًا بالفعل، المهم وبإحدى الاجتماعات، طلب رئيس الجلسة إذا كان لدى أحد من الموجودين أي استفسار قبل ختام الجلسة، وهنا رفع أحد الزملاء يده – ويفترض انه غير بعثي لكن ميوله قومي سوري – قائلاً: مرّت عدة مناسبات غالية على قلوبنا، منها الحركة التصحيحية المجيدة وذكرى حرب تشرين؛ ومناسبة ٨ آذار ولم نشهد أي نشاط من قبل زميلنا أسعد فرزات، حبذا لو يعطينا مبررًا لما حصل؟
حقيقة، بدأت ركبي تهتز، وأسناني تصطك ببعضها بعضًا وشاهدت أشياء صغيرة تلمع بجو الغرفة اعتقد أنها نجوم الظهر، وساد صمت مطبق وانطلقت ضحكة مدوية من قبل أحد الزملاء اخترق هذا الصمت، وقال بلهجته التدمرية موجهًا كلامه للزميل الذي ينتظر التبرير مني: يخربيت سنتك ياول والله أنا البعثي لا أستطيع أن أوجه هكذا اتهام قد يؤدي بصاحبه إلى ما وراء الشمس، ثانياً بمزوادتك هذه هنا ليس مكانك المفروض أن تجلس مكان عبدالله الأحمر أو عبد القادر قدورة!
ومن ثم طلب أن لا يسجل استفسار المزاود بمحضر الجلسه، لأن المحضر تذهب منه نسخة إلى القيادة القطرية ولو حصل ذلك لأصبحت وقتها كبابًا..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى