بحوث ودراسات

عقيدة المسيَّا المخلِّص بين القرآن والسنُّة وبين الكتاب المقدَّس 4 من 10

د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

أكاديمي مصري.
عرض مقالات الكاتب

ب-التشابه بين قصة عيسى وقصة كريشنا

1.كلاهما وُلد من رحم عذراء.

2.الملائكة حيَّت الأميَّن وقت الميلاد.

3.نبَّأ عن ميلاد الطفلين نجم في السماء.

4.الطفلان ينحدران من سلالة مَلكيَّة (المسيح من نسل الملكين داود وسليمان وكريشنا أمه من العائلة الحاكمة).

5.الطفلان نطقا في المهد.

6.الكهنة يتعرفون على الطفلين ويتنبؤون بنبوتيهما.

7.غياب يوسف النجار-خطيب مريم العذراء قبل المعجزة-وناندا-خطيب ديفاكي-وقت ميلاد كلٍّ منهما.

 8.تحذير يأتي يوسف النجار في رؤيا له ليأخذ الطفل وأمه إلى مصر، وصوت سماوي يأمر ناندا أن يأخذ الطفل إلى مكان آخر.

9.المسيح يعيش في منطقة تُسمَّى “المطريَّة” في مصر خمس سنوات ويقوم بالعديد من المعجزات، وكريشنا يولد في “ماثورا”-وهي تُنطق “ماطارا”-ويقوم فيها بالمعجزات.

10.الطفلان يشفيان صديق لكلٍ منهما أُصيب بلدغة ثعبان.

 11.المسيح أُصيح بحربة وقال لراميها ستصاحبني في الجنة، بينما رُمي كريشنا بسهم وقال للرامي نفس القول.

 12.كلاهما صعد إلى السماء وشهد صعودهما جمع من التابعين.

13.كلاهما سيظهر في آخر الزمان بوصفه محاربًا للظلم يرتدي درعًا ويمتطي فرسًا، وحينها ستُظلم والشمس والقمر، وترتجف الأرض، وتسقط النجوم من السماء.

14.ظلَّ الاثنان في حياتيهما على الأرض يصارعان الشر، ويفعلان المعجزات، مثل إحياء الموتى، وإبراء المرضى، ونصر المظلوم في مواجهة الظالم.

15.يحمل كريشنا ألقاب المخلِّص والمُعزِّي والحامي والوسيط، مثل المسيح.

ج-التشابه بين قصة عيسى وقصة بوذا

1.كلاهما من عذراء لم يمسَّها بشر، وبفعل الروح القُدُس.

2.ظهرت بطن الأم أثناء الحمل وكأنَّها قطعة كريستال برَّاقة.

3.أُعلن عن ميلاد الطفل بظهور نجمة الميلاد.

4.وُلد بوذا يوم 25 ديسمبر، نفس يوم ميلاد المسيح.

5.تنبَّأ بعض الحكماء بكون بوذا طفلًا إلهيًّا قبل أن يُعلن كبيرًا للآلهة، تمامًا مثل المسيح.

6.تكلَّم بوذا في المهد، مثل المسيح.

7.أراد أحد الملوك القضاء على بوذا فور ميلاده، خوفًا من سُلطانه لمَّا يشُب، مثلما فُعل مع المسيح.

 8.تفوَّق بوذا على كافة أقرانه في الدراسة، مثل المسيح.

9.الشيطان يُغري بوذا لعدم اتخاذ مسلك ديني بعرض أن يجعله إمبراطورًا على العالم في 7 أيام؛ بينما حاول الشيطان إغواء المسيح بعبادته مقابل أن يجعله ملكًا على ممالك الدنيا كافةً.

10.عُمِّد بوذا والمسيح في مياه طاهرة بحضور الروح القُدُس.

11.تغيَّر الاثنان في الشكل قبيل صعوديهما إلى السماء، إلى صورة باهرة.

12.صعد بوذا إلى السماء بعد أن أتمَّ مهمته على الأرض، ومن المنتظر عودته إليها آخر الزمان لاستعادة الأمن والنظام ولإفشاء السلام.

 13.بوذا هو الألف والباء، وهو أول الأشياء وآخرها، وهو العظيم والباقي، وهذا ما يُقال في المسيح.

14.أمر بوذا أتباعه بنبذ الدنيا ومُتعها والتخلي عن ثرواتهم، وكذلك فعل المسيح.

 15.طلب بوذا من أحد أتباعه قبيل رحيله أن ينشر هو وسائر أتباعه العلم الذي وهبهم إيَّاه، وكذلك طلب المسيح من الحواريين تعليم العالم بأسره ما آتاهم من علم.

 16.ذكر بوذا لتلامذته أنَّ الأسى والحزن حصاد الإثم والطيش، وكذلك أخبر المسيح أتباعه.

 17.هناك تشابه كبير جدًا بين اللغة التي استخدمها بوذا في محاوراته مع أتباعه وبين تلك التي استخدمها المسيح مع الحواريين، كما أنَّ بعض القصص والأساطير المرتبطة بالبوذيَّة تبدو وكأنَّها مأخوذة من العهد الجديد، رغم أنَّ كثيرًا منها وُجد قبل بدايَّة العصر المسيحي.

7.عقيدة المسيَّا وفق ما ورد في إنجيل برنابا

سبقت الإشارة إلى مسألة إشارة المسيح إلى نفسه باعتباره تجسيدًا للإله “اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: أَرِنَا الآبَ؟“، ولكن هذه الإشارة لم ترد إلا في الآيَّة 8 من الإصحاح 14 من إنجيل يوحنَّا-آخر الأناجيل الأربعة في الترتيب من حيث الإصدار. وبمناسبة ذكر هذه المسألة، يُقال أنَّ هذا الإنجيل قد كُتب بمعرفة بولس الرسول، الذي تلقَّى العلم على يد اليهود الفريسيِّين، ثم اعتنق لاحقًا عقيدة الإسينيِّين، كما ذُكر من قبل. يواصل المسيح كلامه في نفس الإصحاح مخاطبًا أتباعه: “صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ، وَإِلاَّ فَصَدِّقُونِي لِسَبَبِ الأَعْمَالِ نَفْسِهَا. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَالأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا يَعْمَلُهَا هُوَ أَيْضًا، وَيَعْمَلُ أَعْظَمَ مِنْهَا، لأَنِّي مَاضٍ إِلَى أَبِي. وَمَهْمَا سَأَلْتُمْ بِاسْمِي فَذلِكَ أَفْعَلُهُ لِيَتَمَجَّدَ الآبُ بِالابْنِ. إِنْ سَأَلْتُمْ شَيْئًا بِاسْمِي فَإِنِّي أَفْعَلُهُ. «إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ، وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ” (إصحاح 14: آيات 11-16).

وتعريفًا بتاريخ كتابة الإنجيل، فقد أجمع كوكبة من الأساقفة الأوائل في القرون الأولى للمسيحيَّة على أنَّ الإنجيل له أصل عبري أو آرامي-أو لتقل سرياني، وهي اللهجة الأحدث للآراميَّة حينها-ولكنَّه لم يُكتب في الأصل إلا باليونانيَّة، مع الأخذ في الاعتبار أنَّه كُتب في فلسطين وأحداثه دارت على أرضها. وما يُعني في هذا الشأن هو إشارة المسيح في الآيَّة 16 إلى “معزٍّ آخر” سيخلفه؛ لأنَّ كلمة “المعزِّي”-أو الفارقليط-في الترجمة العربيَّة لم تفِ بالمعنى المقصود في النص اليوناني الأصل بكلمة periklutos، والتي تعني الأكثر استحقاقًا للحمد، أو الأحمد. وقد اكتشف هذه الحقيقة أبو محمد عبد الله بن عبد الله الترجمان المايوركي، وكان قسًّا مسيحيًّا من مدينة مايوركا الإسبانيَّة وُلد باسم إنسلم تورميدا، وقد رواها تفصيليًّا في كتابه الشهير تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب بعد أن اعتنق الإسلام وعاش في تونس إلى أن لقي الله. لاحظ المايوركي عند قراءته إنجيل يوحنَّا، والآيَّة التي تعد بظهور “معزٍّ” آخر بعد المسيح، وهو الفارقليط، واجتهد في البحث حتى أخبره أحد القساوسة كان على فراش الموت “اعلم يا ولدي أن الفارقليط هو اسم من أسماء نبيهم (المسلمين) مُحمَّد، وعليه نزل الكتاب الرابع المذكور على لسان دانيال-عليه السلام.” وبسؤال المايوركي للقسيس-الذي كان يكتم إيمانه بعقيدة التوحيد الصحيحة خشيَّة البطش-عن دين المسيحيين، أجاب القسيس ” يا ولدي! لو أنَّ النصارى أقاموا على دين عيسى الأول لكانوا على دين اللَّه؛ لأن عيسى وجميع الأنبياء فدينهم دين اللّه عزَّ وجلَّ، ولكنَّهم بدَّلوا وكفروا.”

بالإشارة إلى تدوين الإنجيل، نأتي إلى إنجيل برنابا الذي لمَّا سُئل عنه البابا شنودة الثالث، رأس الكنيسة المصريَّة السابق، قال: “كلام مزوَّر ومزيَّف، ولا يؤمن به لا المسيحيُّون ولا اليهود ولا المسلمون. المسلمون لا يؤمنون إلا بإنجيل عيسى بن مريم. واسم برنابا غير موجود في القرآن كليَّة؛ فلا أحد يؤمن به.” وقد استشهد البابا شنودة في ذلك برأي الدكتور محمد شفيق غربال، أستاذ التاريخ في جامعة القاهرة، الذي قال عنه “كتاب مزيف كتبه أوروبي في القرن الخامس عشر في وصفه لفلسطين أيام المسيح أخطاء جسيمة يصرح على لسان عيسى أنه ليس المسيح إنَّما جاء مبشرًا بمحمد الذي هو المسيح.” ما يسترعي الانتباه في هذا القول هو خلط أستاذ التاريخ، الذي تلقَّى تعليمه في جامعات بريطانيَّة، بين المسيح والمسيَّا، واعتبار أنَّ الوصفين مترادفين، وفي هذا خطأ.

وفق تعريف الإمام ابن عبد البر في كتابه التمهيد لكلمة المسيح، فهو: المسيح ابن مريم (عليه السلام) لسياحته في الأرض، أو لأنَّه وُلد ممسوحًا بالدهن؛ ومن معاني المسيح كذلك القادر على إبراء أي ذي عاهة، ومن معانيها كذلك الصادق. أمَّا كلمة مسيَّا، فسبق وأن ذُكر أنَّها تعني الفادي والمخلِّص، الذي يجمع الأمم تحت لواء دين واحد في آخر الزمان، ثم يكفِّر عن آثامهم ليعيشوا في “مملكة الجنَّة” حياة أبديَّة. فهل هذا الخلط في المفاهيم لدى أستاذ التاريخ المصري-أوَّل مصري يصل إلى الأستاذيَّة في كليَّة الآداب في الجامعات المصريَّة، وعضو مجمع اللغة العربيَّة والمجمع العلمي المصري-يرجع إلى تأثُّره بثقافة الإنجليز في شأن المسيح؟

نعود إلى مسألة إنجيل برنابا “المحرَّف والمزيَّف”، كما أجمع متخصصون مسيحيُّون ومسلمون. اتفق المؤرخون على أن أقدم نسخة عثروا عليها لهذا الإنجيل كانت باللغة الإيطاليَّة، وقد عثر عليها أحد مستشاري ملك بروسيا، عام 1709. وفى أوائل القرن الثامن عشر وجدت نسخة إسبانيَّة ترجمها المستشرق سايل إلى اللغة الإنجليزيَّة. وقيل إنَّ الذي ترجم تلك النسخة من الإيطاليَّة إلى الإسبانيَّة هو أحد المسلمين.

ولقد رجح المحققون أنَّ النسخة الإيطاليَّة هي الأصل للنسخة الإسبانيَّة، وذلك أنها قدمت بمقدمة تذكر أن الذي كشف النقاب عن النسخة الإسبانيَّة راهب لاتيني اسمه فرامينو، الذي قص قصته فقال: إنه عثر على رسائل لإيريانوس، وفيها رسالة يندد فيها بما كتبه بولس الرسول. وقد نقله إلى العربيَّة الدكتور خليل سعادة، بتكليف من العلَّامة محمد رشيد رضا، أستاذ العقيدة والتفسير.

بمراجعة ما قاله المسيح-هنا يسوع الناصري-عن نفسه في الفصل 42 من إنجيل برنابا لمَّا سُئل عن هويته “إنِّي لست مسيالأنَّي لست أهلا أن أحل رابطات سيور حذاء رسول الله، أي الذي تسمونه مسّيا، الذي خُلق قبلي وسيأتي بعدي، وسيأتي بكلام الحق، ولا يكون لدينه نهايَّة،” أليس فيما قاله ما يضاهي قوله تعالى في الآيَّة 6 من سورة الصف “وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ“؟ وبالنسبة إلى موقف سبط لاوي-قضاة بني إسرائيل وكهنة الربِّ والكتبة بإمامة عزرا كاتب التوراة-فهو كما رواه الفصل ذاته من الإنجيل “فانصرف اللاويُّون والكتبة بالخيبة، وقصُّوا كلَّ شيء على رؤساء الكهنة، الذين قالوا: إنَّ الشيطان على ظهره وهو يتلو كلَّ شيء عليه“، ألا يذكِّر هذا بقوله تعالى في الآيَّة 52 من سورة آل عمران “فَلَمَّا أَحَسَّ عيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ.” من الملفت أنَّ المسيح قد حدَّد في الفصل ذاته (42) أعداءه قائلًا “إنَّ رؤساء وشيوخ شعبنا يتربصون بي الدوائر،” والسبب كما يتضح هو “خيبة” أمل شيوخ بني إسرائيل في أن يدعو نفسه المسيَّا المنتظر. أمَّا بالنسبة إلى رؤساء القوم، فعداؤهم نابع من خوفهم من هذا الادعاء، الذي سيهدد بزوال الحُكم من أيديهم.

لقد اعترف يسوع الناصري بتزوير علماء بني إسرائيل النبوءات لخدمة مصالحهم “الحق أقول لكم أنَّ الكتبة والعلماء قد أبطلوا شريعة الله بنبوَّاتهم الكاذبة المخالفة لنبوَّات أنبياء الله الصادقين؛ لذلك غضب الله على بيت إسرائيل، وعلى الجليل القليل الإيمان.” وفي هذا الاعتراف تبرُّء منه من نبوءة ناثان في سفر صموئيل الثاني للملك داود بخروج رجل من نسله يكون ابنًا لله (إصحاح 7: 12 إلى 14) “متى كملت أيامك واضطجعت مع آبائك أقيم بعدك نسلك الذي يخرج من أحشائك وأثبت مملكته. هو يبني بيتًا لاسمي وأنا أثبت كرسي مملكته الى الأبد. أنا أكون له أبًا وهو يكون لي ابنًا.” وقد استنكر يسوع الناصري هذا الزعم بقوله في الفصل 212 من إنجيل برنابا “العن إلى الأبد كلَّ من يفسد إنجيلي الذي أعطيتني عندما يكتبون أنِّي ابنك؛ لأنِّي أنا الطين والتراب خادم خدمك، ولم أحسب نفسي قط خادمًا صالحًا لك، لأنِّي أقدر أن أكافئك على ما أعطيتني لأنَّ كلَّ الأشياء لك،” وفي هذا ما يتفق مع قوله تعالى في الآيَّة 59 من سورة آل عمران “إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُون.”

وبتأمُّل وصف يسوع في الفصل 17 لله تعالى “هو وحده لا ندَّ له، لا بدايَّة ولا نهايَّة له، ولكنه جعل لكل شيء بدايَّة، وسيجعل لكلِّ شيء نهايَّة، لا أب ولا أم له، لا أبناء ولا إخوة ولا عشراء له،” أليس في هذا ما يتوافق مع قوله تعالي في سورة الإخلاص ” قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)”؟ ألا يتفق ذلك أيضًا مع قوله تعالى على لسان المسيح في الآيَّة 72 من سورة المائدة ليوضح كُفر من يؤمن بتجسيد الإله “وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ،” فدحض الله تعالى بذلك عقيدة وُحدة الوجود. وبقوله تعالى في الآيَّة التاليَّة (73) “لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ،” يدحض المولى عزَّ وجلَّ عقيدة الغنوصيَّة، ولعلَّ قوله في الآيَّة 171 من سورة النساء “يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ.” الله تعالى يؤكد في هذه الآيَّة أنَّ المسيح رسول منه، خلقه ونفخ فيه روحه فصار بشرًا بسرِّ قوله “كُن فيكون،” ولا يعني أنَّ روح الله تعالى هي التي في جسده المسيح، كما ذُكر في سفر اشعياء “روحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ” (إصحاح 61: آية 1)، وكذلك في إنجيل لوقا “رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي” (إصحاح 4: آية 8).

نفى يسوع الناصري الادِّعاء الوارد في سفر التكوين بأنَّ الله تعالى قد عهد إلى إبراهيم وإلى نسله من فرع إسحق فقط بمُلك أبدي على أرض كنعان، وبأن تكون لبني إسحق الإمامة والزعامة؛ كما نفى كونه المسيَّا الذي سيجمع العالم تحت لواء دين واحد، محدِّدًا رسولنا محمد بن عبد الله ليكون الرسول إلى كافة الخلق:

الحق أقول لكم: إن كل نبي متى جاء فإنه إنما يحمل علامة رحمة الله لأمة واحدة فقط، ولذلك لم يتجاوز كلامهم الشعب الذي أرسل إليهم، ولكن رسول الله متى جاء يعطيه الله ما هو بمثابة خاتم، فيحمل خلاصًا ورحمةً لأمم الأرض الذين يقبلون تعليمه، وسيأتي بقوة على الظالمين، ويبيد عبادة الأصنام بحيث يخزي الشيطان، لأنه هكذا وعد الله إبراهيم (إنجيل برنابا: الفصل الثالث والأربعين).

ثم دار حوار بين يسوع وأحد تلاميذه:

أجاب يعقوب: يا معلم قل لنا مع من صنع هذا العهد؟ فإن اليهود يقولون بإسحاق والإسماعيليون يقولون بإسماعيل.

أجاب يسوع: ابن من كان داوود ومن أي ذريَّة؟

أجاب يعقوب: من إسحاق لأن إسحاق كان أبو يعقوب ويعقوب كان أب يهوذا الذي من ذريته داوود.

فأجاب يسوع: لا تغشُّوا أنفسكم، لأنَّ داوود يدعوه في الروح ربًّا قائلا هكذا: (قال الله لربى اجلس عن يميني حتى أجعل أعداءك موطئا لقدميك. يرسل الرب قضيبك الذي سيكون ذا سلطان في وسط أعدائك). فإذا كان رسول الله الذي تسمونه مسيا ابن داوود فكيف يسميه ربَّا؟ صدقوني أني أقول لكم الحق أن العهد صنع بإسماعيل لا بإسحاق.

وبعد سعي بني إسرائيل إلى قتل يسوع الناصري، الذي خالفهم في عقيدة المسيَّا المخلِّص، خطب يسوع في تلامذته قائلًا:

لعمر الله الذي نفسي واقفة في حضرته إني رجل فان كسائر الناس، على أني وإن أقامني الله نبيا على بيت إسرائيل لأجل صحة الضعفاء وإصلاح الخطاة خادم الله، وأنتم شهداء على هذا، إني أنكر على هؤلاء الأشرار الذين بعد انصرافي من العالم سيبطلون حتى إنجيلي بعمل الشيطان، ولكنى سأعود قبيل النهايَّة، وسيأتي معي أخنوخ وإيليا، ونشهد على الأشرار الذين ستكون آخرتهم ملعونة. (إنجيل برنابا: الفصل الثاني والخمسين)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى