إن سقوط الهدنة الأستانية التي بدأتها وانهتها موسكو بوقف إطلاق النار المشروط في إدلب ومحيطها الذي أراد نظام الأسد من خلاله أن يكون استراحة (مجرم) لامحارب لقطعانه وتضميدًا لجراحهم، ومراجعة لخططه وحساباته، وإعادة لتجميع و تحشيد بقايا جيشه، وميليشياته المتهالكة، بعد الفشل المتكرر والخسائر الكبيرة و الفادحة التي تعرضوا لها نتيجة عشرات المحاولات الفاشلة لخرق دفاعات الثوار وتوسيع مناطق سيطرته والقيام بالتضييق والضغط النفسي والتعبوي أكثر على الفصائل والسكان المدنيين في آخر المناطق المحررة منتهجًا والمحتل الروسي عمليات القصف الممنهج، والمذابح والإبادة الجماعية التي يقوم بها طيرانهم ، عبربسياسة وأسلوب جهنم المتدحرجة فوق الأرض!
إن الهدنة المنتهية أو التي كانت مشروطة في جولة أستانا، الأخيرة من قبل الضامن الروسي، والتي لم تكن وكما ذكرنا لأهداف إنسانية او مراعاة لشهر ذي الحجة او حتى إعطاء فرصة لفرح الأطفال بعيد الاضحى، إنما كانت مهلة ،وخدعة فاشلة، لتطبيق مخرجات قمة سوتشي، التي عقدت في منتصف ايلول من العام المنصرم ٢٠١٨ ، بين الرئيسين أردوغان و بوتين، التي تنص كما -بات معروفًا- بقيام تركيا وكما تريد موسكو كدولة ضامنة بالتزاماتها بتنفيذ انسحاب للفصائل وبسلاحهم الثقيل للخلف وعلى طول خط الجبهة (المنطقة العازلة) ،وبعمق يصل حتى 20كم وإفراغها من المظاهر المسلحة ،وتسيير دوريات تركية روسية مشتركة فيها،،والعمل أيضًا على فتح الطريقين الدوليين 4 M5. M أمام المدنيين والحركة التجارية.
في الواقع ، وبتحليل معطيات الحرب وإنهاء الهدنة ، يتبين أن ما أرادته موسكو من خلال هدنتها الاستانية تكتيكيًا ، الإفادة من وجود تيوس محللة لها ، وتم لها ذلك بحضور وفد المعارضة المهزوز المتخاذل ، وهكذا حققت مرادها في أمرين مهمين يكمنان في :
العمل على ابتزاز تركيا سياسيًا بعد تسليمها منظومات s400 ،و استغلالًا لخلافاتها مع واشنطن بسبب دعمها قسد،و أيضًا بمسألة إنشاء المنطقة الآمنة شرق الفرات التي تسعى تركيا إليها ،وعرقلة واشنطن ايضا تنفيذ خارطة طريق منبج،وإجبار أنقرة إن صح التعبير بشكل او بآخر على تنفيذ مخرجات سوتشي،التي تعهدت بها على الارض ، وهذا ما لم تقبله ولن تقبله غالب الفصائل وبالأخص الفصائل الإسلامية والجهادية وعلى راسها هيئة تحرير الشام، والتركستان، وحراس الدين ،وجيش العزة، والنصر، والذين يملكون القوة و اليد العليا على الأرض في إدلب التي ما تموضعت نقاط المراقبة التركية ال( 12) في أماكتها إلا بمرافقتها وتحت حمايتها، وبالتالي لريما تريد وتخطط موسكو لإدخال تركيا بمواجهة وصراع مفتوح دامٍ مع تلك الفصائل قد تؤدي خسائرها فيها إلى مشاكل في الداخل التركي تتسلح بها المعارضة التركية للتحشيد ضد السوريين المتواجدين وبالملايين في تركيا،وضد الرئيس “أردوغان” وسياسات حكومته وحزبه يصفَّقُ فيها لاحقًا لموسكو على سعيها ومساعدتها لما يخطط له دوليًا بإدخال الفوضى إليها ، أوكما يراد له أن تكون.