مقالات

المالكي يحتج على عزف النشيد الوطني العراقي

خالد محفوظ

كاتب وإعلامي عراقي
عرض مقالات الكاتب

ليس هناك شك في أن نوري المالكي كان عنوانا للفشل السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي والإنساني في العراق ، منذ توليه في يوم أسود حالك رئاسة الوزراء في البلاد منتصف عام ٢٠٠٦ بدعم إيراني مُعلن كونه فتى طهران المدلل والأمين على تنفيذ أجندتها التخريبية في بغداد ، لعب خلالها هذا الرجل أدوارًا أساسية وبضوء أخضر أمريكي في تحويل العراق إلى حديقة خلفية لنظام الملالي وتمكين النفوذ الإيراني من إنشاء دولة عميقة مكتملة الأركان تهيمن بصورة شبه مطلقة على المشهد بمختلف تفاصيله، وهو ما جعل المالكي منبوذاً من طائفة واسعة من العراقيين قبل أن ينكسر ظهره العسكري والسياسي في العاشر من حزيران ٢٠٠٤ حين سلم ثاني أكبر مدن العراق لعصابة إرهابية دون إطلاق رصاصة واحدة من القوات المسلحة التي يتولى قيادتها فيما عرف وقتها (ماراثون أبو الدشاديش).

ليغادر منصبه بعدها مجللاً بالعار والشنار وأقصى درجات الذل والمهانة لا يملك غير خطاب طائفي طالما استخدمه لتحشيد الدعم لمنهجه غير السوي في إدارة شؤون البلاد والعباد، رغم ذلك وما حل به من نكبة تعتبر في عالم السياسة ضربة قاضية لصاحبها، فإن رجل التحريض والفتنة لم يكف عن طريقه أو على الأقل يراجع حساباته في جلسة صفاء مع نفسه، فبقي ناصباً شباكه يحاول التصيد في أي مناسبة علها تعطيه الفرصة للعودة إلى السلطة والجاه و(الهيلمان) المفقود الذي سلمه مرغماً قبل خمس سنوات.

لذلك وجد المالكي من مناسبة رياضية لا علاقة له بها، فرصة لممارسة هوايته في اللعب على الوتر الطائفي وانبرى محتجاً على عزف النشيد الوطني العراقي في افتتاح بطولة غرب آسيا التاسعة بكرة القدم في ملعب كربلاء متحدثاً عن قدسية المدينة وعن عدم جواز إقامة مثل هذه الفعاليات فيها ، رغم وان هذه الطامة الكبرى ، أن المالكي نفسه هو الذي وضع حجر الأساس لإنشاء هذا الملعب في ولايته الأولى، لتأتي الطامة الكبرى الثانية ( الأكبر من الأولى ) أن الحفل تضمن عزف النشيد الوطني العراقي على آلة الكمان ودون أي غناء، وإنما حركات تعبيرية جسدية ترمز للعلم العراقي من قبل فتيات في غاية الحشمة وإن كانت العازفة جويل سعادة قد كشفت عن ذراعيها فأن ذلك لأنها لا تستطيع العزف على الأوتار بأكمام طويلة بكل بساطة والشابة كانت حريصة على ارتداء ألوان تناسب المكان، بالتالي كان غريباً جداً ومثيراً أن يعترض ويدين رئيس وزراء سابق على عزف النشيد الوطني لبلاده في حدث دولي منقول على أكثر من وسيلة إعلامية،  وهو الأول من نوعه في العراق منذ أربعة عقود.

ألا يستحق رمز العراق النشيد الوطني الاحترام يا مالكي؟ وهو الذي سالت دونه دماء زاكية طاهرة من خيرة شباب العراق لتصحيح أخطائك الفادحة ومسلسل فشلك الغير مسبوق في تسيير دفة الحكم؟

أين كانت القدسية التي تتكلم عنها يا مالكي عندما جلبت مادلين مطر قبل سنوات لتغني وتتراقص وهي مخمورة وبملابس خليعة في بغداد قرب مدينة الكاظمية المقدسة؟!

الصراعات السياسية تسببت في دمار وخراب العراق وافتقاره لأبسط مقومات الدول الحقيقية. بينما وحدت الرياضة عامة وكرة القدم خاصة البلد وما حدث بعد الفوز ببطولة أمم آسيا عام ٢٠٠٧ ليس ببعيد عن الأذهان، لقد رد الشارع الرياضي على تدخلات المالكي والبعض من الرجال المتاجرين بالدين بكل وضوح من خلال التشجيع والموسيقى والهتافات في مباراة العراق وفلسطين وكذلك ردود الفعل الغاضبة على مواقع التواصل لذلك التدخل السافر وغير المبرر ومحاولة إشعال نار الفتنة، ثم التجاهل التام من قبل المرجعية في خطبة الجمعة لحفل الافتتاح وحرياته وما حصل فيه، وسحب الوقف الشيعي لدعواه الفضائية ضد اتحاد كرة القدم، كلها تعتبر صفعة جديدة توجه للمالكي ولمسعاه الدائم في إثارة المشاكل والمصائب ووضع العصي في العجلة ومحاربة النجاح ومحاولة كبت الفرح لدى الناس أينما وجد.

إن قدسية كربلاء قائمة ومحترمة ولها في قلوب وعقول العراقيين كافة منزلة لا يمكن المساس بها ولن يستطيع بعض المتلاعبين بالألفاظ من أصحاب المصالح الخاصة والمتمردين على المشتركات والساعين من أجل الفرقة أن يضعوا إسفينا بين معتقدات الناس وهواياتهم مهما حاولوا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى