سياسة

أمريكا لا تحتاج نفط الخليج وتطالب دول العالم بأجور الحماية

د. أيمن خالد

كاتب صحفي
عرض مقالات الكاتب

يأتي تصريح الرئيس الأمريكي أن بلاده لا تحتاج إلى استيراد النفط لأنها أصبحت دولة مصدّرة، كما أنها لا تحتاج إلى حراسة مضيق هرمز من أجل الدول الغنية دون مقابل. يأتي كاشفا عن جملة أمور تتعلق بالجوانب السياسية والاقتصادية والإستراتيجية في وقت واحد.

سياسيا يكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سائرا فعلا بتحقيق وعده الانتخابي الذي طرحه في برنامجه الرئاسي المبني في عماده على الاقتصاد. ومحاولة دعم الميزانية الأمريكية بأكبر قدر ممكن من الموارد الخارجية بأسهل الطرق وأيسرها. حتى وأن كان عبر رنة هاتف كما يقول، خاصة في تعاملاته مع الخليج والعرب عموما .

يبدو أن السياسة الأمريكية في عهد ترامب بدأت تقطف ثمار حروبها بكل أنواعها بعد أن استطاعت نقل الصراعات بعيدا جدا عن محيطها الإقليمي وخاصة بعد رفع شعار شرعية حروبها في أي مكان يهدد مصالحها الحيوية في العالم دون النظر إلى مقررات المجتمع الدولي ودون النظر إلى حق البلدان والأمم في الدفاع عن أراضيها ومواطن اقتصاداتها.

تصريح الرئيس الأمريكي هذا الذي يفترض القيام بدور الحماية للمضائق مقابل الأجر ربما يكافئ اقتصاديا ما يحلم الكثير من الدول الكبرى تحصيله من تجارة النفط ذاتها. خصوصا إذا نظرنا إلى الفقرات الأخرى من التصريح الذي يقول فيه: “نحن نحصل على نفط قليل جدا من المضائق… لقد قالوا لا توجد ناقلات نفط أمريكية هناك، بل من الصين واليابان. الصين تستورد 65% من النفط من هناك واليابان 25% ودول أخرى تحصل على الكثير أيضا”.

وهنا يأتي الحديث عن الجوانب الاقتصادية ومقدار تعلقها بالجانب الاستراتيجي حين تخضع دول كبري مثل الصين واليابان وغيرها من الدول الأوربية في القريب العاجل إلى دفع إتاوات الحماية لأمريكا مقابل مرور سفنها التجارية المارة عبر الخليج وبحر العرب باتجاه المحيطات. وهذا ما يؤيد تأكيد ترامب من أن أمريكا لا نحتاج ذلك النفط، مستفهما استفهاما استنكاريا عن سبب قيام الولايات المتحدة بحراسة المضيق منذ عقود طويلة دون الحصول على مقابل أبدا، الجديد في هذا التصريح لغة الخطاب الأبعد بشموله جميع دول العالم ولم يقتصر هذه المرة على دول الخليج الذي اعتاد الاستهانة بها في طريقة طلب الجزية أو الأتاوة بقوله نحن نحرس مضيق هرمز لكل دول العالم لكل هذه الدول”.

بتساؤله!! لماذا نحرسه للصين واليابان وكل هذه الدول الغنية جدا؟ ونحن نحرسه أيضا من أجل دول بعضهم نعاملهم بصداقة مثل السعودية والإمارات وآخرين أيضا، ولكن لماذا نفعل ذلك دون مقابل؟ ولماذا نضع سفننا الحربية هناك؟

أخيرا يقدم ترامب تفسيرا مهما لجدال يدور عالميا لماذا أتت أمريكا إلى الخليج بجهد عسكري مضاف؟ وما هي احتمالية مهاجمة إيران؟ وهنا يأتي التصريح كاشفا عن أن الموضوع لا علاقة له بإيران. بقدر ما هو فرض الجباية الاقتصادية لصالح الميزانية الأمريكية من باب جديد مضاف إلى أبواب ميزانية الدولة الحاكمة.

استراتيجيا تبعث الولايات المتحدة الأمريكية برسالة واضحة جدا مفادها أن الأحزمة الاستراتيجية لطرق وأنهار وبحار ومحيطات العالم تحت التحكم الأمريكي. ومصادر الطاقة العالمية وأسواقها تمر عبر كونترول السيطرة نفسه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى