مقالات

وجيز التفسير: “فوكزه موسى فقضى عليه”

زهير سالم

مدير مركز الشرق العربي
عرض مقالات الكاتب

والوكز “دفع بجمع اليد”. يقول المفسرون: والوكز واللكز والنكز واللهد واحد. ويقولون: أن وكزة سيدنا موسى كانت في صدر القبطي أو على فكه. ويقولون إن وكزة سيدنا موسى كانت بيده، وبعضهم يقول بل كانت بعصاه. ويستنبط بعضهم من هذا أن سيدنا موسى كان قويًا، بحيث أن وكزته تقضي على الرجل، وليس بالعادة أن الوكزة تقتل!!

وفي تأمّل آخر يمكن أن نفقه من الآية أن موت القبطي كان بقضاء مقدّر مسبق، أو أنه كان ينتظر سببه لوهنه وضعفه وتداعي بنيانه الجسماني، وإنّما كانت “وكزة” سيدنا موسى السبب المباشر لما ترتب عليها من أمور قدرية فيما بعد من خروجه من مصر إلى مدين ولقائه الرجل الصالح وزواجه من ابنته ورعيه الغنم عشر سنين، وربما كان هذا نوعًا من الصناعة الربانية، “ولتصنع على عيني” وليتعلم الرفق والأناة، ثم عودته بعد عشر سنين مرورًا بالواد المقدس. حيث خلع نعليه وجاء على قدر “وجئت على قدر يا موسى”. لذلك لم يكن التعبير القرآني فوكزه موسى فقتله. فدلالة لفظ القتل أبلغ وأشد وأقسى من “فقضى عليه..” أي أنفذ فيه حكم القضاء المقدّر المسبق.

“القبطي” كان في لحظته القدرية، وكان كتاب الأجل قد أحاط به “ولكل أجل كتاب” وجاءت وكزة موسى كالقشة التي تقصم ظهر البعير كما تعودنا أن نقول. “فقضى عليه”.

والدرس المستفاد من هذا التمثيل أن بعض الأحياء وبعض الأجسام وبعض المؤسسات وبعض الدول أحيانًا كما كان “الاتحاد السوفياتي” في لحظة غورباتشوف. تكون في لحظتها القدرية التاريخية، تنتظر السبب، ولو كان بمثل “وهزي إليك بجذع النخلة” أي تنتظر من ينفخ عليها أو يقول لها “بَه” حتى تنهار. والأصل في الإنسان الحكيم العاقل أن يتوقى هذه النفخة أو هذه الوكزة أو اللكزة أو النكزة أو اللهدة حتى لا تُحسب نفسٌ عليه كما حُسب القبطي على سيدنا موسى.

“اللهم سلّمنا وسلّم منا وسلّم بنا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى