دين ودنيا

مباحث في علم الحديث (1)

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب

الفضاء الإلكتروني، ووسائل التواصل الإجتماعي عموماً، والوتساب خصوصاً قد فتح المجال للوصول إلى المعلومات، وأعطى فرصة لمن يريد نشر العلم النافع، لكنه وبنفس القدر فتح المجال لمن لا علم عنده، ومن يريد أن يضل المسلمين وينشر الأكاذيب والأباطيل.
وقد انتشر في الواتساب إرسال الأحاديث النبوية، وبعض هذه الرسائل تعزو الحديث إلى غير مصدره، وبعضها يقول: المحدث فلان وهذا كلام مستحدث لا يعرفه أهل العلم، ويقول خلاصة حكم المحدث ويأتي بكلام الشيخ الألباني وكأن الحديث لم يتكلم عنه أحد إلا الشيخ الألباني رحمه الله، وقد يكون خُولف في الحكم على الحديث.
كما أن كثيرًا من الخطباء والوعاظ يذكر أحاديث ضعيفة، وكثر ذلك في وسائل التواصل الإجتماعي، وأصبح كل شخص يأتيه قول منسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسله لعدد من الأشخاص دون التثبت من صحة ذلك، وبعض الرسائل تحذرك من عدم الإرسال، أو يقول لك أنك ستؤجر على الإرسال، أو أن الشيطان سيمنعك من الإرسال
وقد جعل الصفوييون ذلك وسيلة لنشر بعض ما في كتبهم، ودس سمومهم.
كذلك فقد استخدمها الزنادقة والمرتدين من العلمانيين واللبراليين وسيلة لهدم الدين أو التشكيك فيه.
وقد يلتبس الأمر على بعض العوام أو صغار طلبة العلم بأن بعض العلماء روى في كتبه احاديث ضعيفة، وبعضهم أجاز رواية ذلك.
ونريد أن نبين أن الأمر خطير، فمن أجاز رواية الضعيف أجازه بشروط، وليس كل الضعيف تجوز روايته.
ونحن نذكر من أجاز رواية الضعيف، والشروط التي أشترطوها، ونبين ما هو الحديث الضعيف. ونذكر إن شاء الله في هذه المباحث بعض مصطلحات أهل هذا الفن، والفرق بين المصادر والمراجع، وطرق تخريج الحديث، ونبيين سبب اختلاف العلماء في الحكم على الحديث، وبعض الكتب التي تذكر الحكم على الحديث ونحو ذلك، والله المستعان وعليه التكلان

اعلم – علمني الله وإياك- أن الحديث يشمل جزئين: نص الحديث وهو كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، ويسمى المتن، وسلسلة الرواة، وهي رجال الحديث وتسمى السند، وعلوم الحديث كلها تبحث في هذين الموضوعين، أعني السند والمتن.
ثم إن العلماء قسَّموا الأحاديث بطريقتين، الطريقة الأولى من حيث القبول والرَّد، فقسموا الأحاديث إلى صحيح وحسن وضعيف.
والطريقة الثانية: من حيث عدد رواة الحديث. فقسوا الأحاديث إلى متواتر وأحاد
فإذا كان الحديث رواه من الصحابة عدد كبير، ورواه عن الصحابة عدد كبير من التابعين، ورواه عن التابعين عدد كبير من أتباع التابعين، وهكذا في كل طبقة من طبقات الرواة عدد كبير يستحيل معه اتفاقهم على الكذب فهذا هو الحديث المتواتر.
فإذا لم يتوافر هذا الشرط فهو أحاد، وينقسم الأحاد بدوره إلى مشهور وعزيز وغريب أو فرد، والغريب أو الفرد بدوره ينقسم إلى فرد نسبي وفرد مطلق.
والبعض يظن أن حديث الأحاد هو ما رواه من كل طبقة شخص واحد، فمن الصحابة صحابي واحد، وكذلك من التابعين تابعي واحد ، وأيضا من اتباع التعابعين وهكذا، وليس ذلك بصحيح، إنما ذلك هو الفرد المطلق.
فإذا كان في طبقة أو أكثر اثنان فهو الغريب النسبي، أو الفرد النسبي.
فإذ كان في طبقة اثنان، وفي باقي الطبقات أكثر من اثنين، فهو العزيز.
أما إذا كان في كل طبقة من طبقات الرواة ثلاثة أو أكثر ما لم يبلغ حد التواتر فهو حديث مشهور.
وهذا التقسيم لا علاقة له بالتقسيم الأول، فقد يكون الحديث صحيحاً وهو فرد، وقد يكون ضعيفا وهو مشهور أو عزيز، لكن المتواتر صحيح قطعاً وجزماً، أما أحاديث الأحاد فهي التي يتحدث عنها العلماء تصحيحاً وتضعيفاً. وقد يتفقوا، وقد يختلفوا.
ويُفَرِّق بعض العلماء بين الحديث المشهور والحديث المشتهر، وهو الذي اشتهر بين الناس وقد يكون غريباً أو عزيزاً أو مشهوراً، وقد يكون صحيحاً أو ضعيفاً، ولعلنا نفرد الكلام عليه إن شاء الله، ونذكر من صنف في هذا الباب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى