مقالات

الغزو الفكري والثقافي.. ما هي أهدافه وماهي نتائجه؟

ابن بيت المقدس. محمد أسعد بيوض التميمي

كاتب ومفكر
عرض مقالات الكاتب

منذ مطلع القرن التاسع عشر بدأ الغزو الفكري والثقافي مستهدفا الإسلام أولا وأخيرا. وكان هذا الغزو غزوا ناعما وخبيثا من خلال الجمعيات التبشيرية التي بدأت تظهر في مصر وفي بلاد الشام في المنتصف الأول للقرن التاسع عشر. ومن خلال البعثات التعليمية التي بدأ يرسلها محمد علي إلى فرنسا لتقوم باعتناق المفاهيم والقيم الأوربية الغربية التي تتناقض مع مفاهيم وقيم الإسلام من أجل تبديل دين الله. وذلك تحت غطاء النهضة العلمية والتطوير والتنوير والحداثة. 

ونتيجة هذا الغزو ظهر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر منظومة من المفكرين والنخب الثقافية ورجال الدين ينتسبون للعلم الشرعي الإسلامي. كلفوا من قبل أساتذتهم في الغرب بالعمل على إنتاج أيدولوجيات إنتاج مفاهيم وقيم لهذه الأيدولوجيات لتكون بديلا للإسلام المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ولمفاهيمه وقيمه

 وكان من أشهر هؤلاء محمد عبدة صاحب المقولة الخبيثة المشهورة (لقد وجدت في الغرب إسلاما ولم أجد مسلمين وعندما عدت إلى الشرق وجدت مسلمين ولم أجد إسلاما) وهذه المقولة تهدف إلى تسويق المفاهيم والقيم الغربية لدى المسلمين على أنها مفاهيم وقيم إسلامية

وعندما استقر محمد عبده في القاهرة أنشأ له اللورد كرومر المفوض البريطاني الذي كان يحكم مصر منصب الإفتاء فكان أول من تولى هذا المنصب في مصر وذلك من أجل السيطرة على التوجيه الديني في مصر فحرم السياسة والاهتمام بها وحرم الجهاد حتى تخلى الساحة للإنجليز وعملائهم وهو الذي أدخل الماسونية إلى مصر وعمل على فتنة كثير من رجال الدين والتف حوله مجموعة من المثقفين المصريين الذين كانوا تحت رعاية الاحتلال الإنجليزي أمثال سعد زغلول الذي صنعت منه بريطانيا بطلا وطنيا وقوميا ومنقذ مصر. وهو كان سكيرا عربيدا مدمنا. لعب القمار ولا مانع عنده أن يقامر بمصر وشعبها.  

ومن هؤلاء أيضا رفاعة الطهطاوي والأفغاني وعبد الله العاروري وسلامة موسى وأحمد لطفي السيد وقاسم أمين صاحب كتاب تحرير المرأة. ثم تلاميذهم طه حسين الذي شكك في القرآن في كتابه الشعر الجاهلي والذي كتبه أستاذه المستشرق اليهودي (مرجليوث) الذي كان يحاضر في الجامعة المصرية جامعة القاهرة حاليا وأصدره باسم طه حسين من أجل تسويقه عند المسلمين لتشكيكهم في دينهم.

 ومن تلاميذ الغزو الفكري والثقافي جورجي زيدان الذي شوه تاريخ المسلمين وميشيل عفلق الذي أنشأ حزب البعث وجورج حبش الذي أنشأ حركة القوميين العرب.

 فهؤلاء جميعا السابقون واللاحقون ما هم إلا جنود للغزو الفكري والثقافي الصليبي الذي استهدف الإسلام أولا وأخيرا.  

وكان هذا الغزو الفكري والثقافي مقدمة للغزو العسكري. فما أن جاءت الحرب العالمية الأولى حتى كان الغزو الفكري والأيدولوجيات التي أنتجها قد عمل هتكا وفتكا ونخرا في كيان الأمة مما جعلها لا تصمد أمام هذا الغزو وتسقط سقوطا مدويا. بل وتحالف جنود الغزو الفكري مع هذا الغزو العسكري وخصوصا دعاة القومية تحت غطاء النهضة العربية والتحرر العربي والوحدة العربية ولكن الذي حصل عكس ذلك تماما حيث أن المسلمين خضعوا تحت السيطرة المباشرة للغرب الصليبي وكانت سايكس بيكو التي مزقت الأمة وأقامت بين ديارها الواحدة حدود وهمية وسدود وجعلوها وحدات جغرافية لكل وحدة علم وجيش وحاكم وشعب ونشيد وطني وأعطيت فلسطين الحبيبة الأرض المباركة وجوهرتها القدس وجوهرة القدس المسجد الأقصى لليهود ليقيموا عليها وطنا قوميا لهم.

وهاهم المسلمون ونتيجة لهذا الغزو لا قيمة لهم ولا وزن ولا اعتبار بين الأمم. أذلة تتداعى عليهم الأمم، تنهب ثرواتهم على أيدي اللصوص الدوليين والمحليين. وأصبحت ديارهم وكرامتهم موطئا سهلا لكل طامع ونصاب ولص ومحتال وبلطجي دولي وأصبح كل من يتبع الإسلام المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. إرهابيا ومتطرفا وتكفيريا ويعيش في غربة محارب من كل شياطين الأرض. ولكن نقول للكافرين ومن والاهم وجنود الغزو الفكري والثقافي. لا تظنون بأنكم قضيتم على دين الله أو أنكم تستطيعون ذلك فالله سبحانه تكفل بحفظ دينه.

 (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ) سورة الأنفال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى