مقالات

جيش محمد علي وجيش السيسي

عبد المجيد حزين

كاتب مصري.
عرض مقالات الكاتب

في بداية القرن الماضي عاش المهاتما غاندي في مدينة ديربان بجنوب إفريقيا حيث عمل بالمحاماة، لاسيما وهو خريج مدرسة الحقوق العريقة بجامعة لندن البريطانية. أخذ غاندي على عاتقه الدفاع عن المظلومين في جنوب أفريقيا، من أهم أقواله في هذه المهمة النبيلة ” لم أكن أرغب في تعلم الشطرنج لسبب بسيط هو أني لا أريد أن أقتل جيشي كي يحيا الملك ” في مسائل الضمير لا مكان لقانون الأغلبية ” وعندما دافع عن أحد المواطنين الأفارقة أمام قاضي بريطاني، قال له القاضي: إن دفاعك هذا هو بمثابة اعتداء على القانون وإهانة له! رد عليه غاندي بقوله: نعم ما قلته صحيحًا، فقال القاضي: مستر غاندي لماذا تعتدى على القانون؟ قال غاندي لأنه قانون سيئ!

 رد عليه القاضي بقوله: إذا كان ما تقول صحيحًا فسأقوم بحرق كتب هذا القانون، فضحك غاندي وقال له: يا سيادة القاضي من الأفضل لك أن تقرأ هذا القانون – إشارة إلى جهل القاضي بالقانون في دولة جنوب أفريقيا العنصرية في ذلك الزمان – العجيب أن هذا القاضي أصبح من أهم تلاميذ غاندي ومريديه.

خلاصة القول: إن الأمور تقدر بنبل الهدف وأهميته في حياة الإنسان، أكثر من وجود الهدف نفسه، لأنه قد يكون هدفًا سيئ الغايات.

من هنا جاءت أهمية وجود الجيوش التي تدافع عن الوطن والمواطن، إذا كانت وظيفة الجيش إهانة الوطن والمواطن لصالح طاغية، فهو في هذه الحالة لا يعد أبدا جيشًا للوطن، فهناك فرق بين جيش الوطن – الذي يدافع عن الوطن والمواطن – وبين وطن الجيش الذي يستولي فيه الجيش على مقدرات الوطن والمواطن لصالح مجموعة من شذاذ الأفاق من خونة العسكر.

الجيش من محمد علي باشا إلى جيش عبد الفتاح السيسي، هذا الجيش لا يسمى أبدًا بالجيش المصري أو جيش الوطن للأسباب الآتية:

١ – قام سليمان باشا الفرنساوي – جنرال في جيش المحتل نابليون بونابرت – بتأسيس الجيش بأوامر من محمد علي باشا.

٢ – لم يسم محمد علي باشا الجيش باسم الجيش المصري، بل سماه جيش أفاندينا، أي جيش محمد علي باشا.

٣ – قام جنرالات جيش محمد علي، بتسهيل مهمة احتلال مصر في معركة التل الكبير، بعد أن خان كبار جنرالات جيش محمد على – الجنرال محمد سلطان باشا والجنرال علي خنفس والشيخ سعود الطحاوي – احمد عرابي وجنوده من الفلاحين والصعايدة.

٤ – عندما قامت حرب فلسطين ، انهزم الجيش المصري أمام عصابات الهاجانة الصهيونية ، وسلموا لهم المواقع التي كان يحررها المجاهدون الفلسطينيون ، فيقنعهم جيش اللواء المواوي بتسليم المواقع للجيش المصري ، وبالتالي يقوم الجيش المصري بتسليمها إلى العصابات الصهيونية ، بل وصلت الوقاحة والخيانة بهؤلاء الخونة ، أن البطل أحمد عبد العزيز قتل في موقع عسكري مصري – عراق المنشية – كان يشرف عليه البكباشى جمال عبد الناصر ، والعجيب أن صلاح سالم عضو مجلس الثورة  – الذى كان يجلس بجوار احمد عبد العزيز في السيارة – لم يصب بخدش ، عندما أطلق مجند مصري من أسيوط بلد جمال عبد الناصر النار على احمد عبد العزيز فأرداه شهيدًا .

٥ – عندما قامت حرب السويس، هرب الجيش المصري من بورسعيد، أمام الجيش البريطاني، ما اضطر السيدة أم على الممرضة بعيادة الدكتور عبد العزيز الزرقاني أن تقود المقاومة الشعبية في المدينة الباسلة، بعد أن هرب أنصاف الرجال ورموا ملابسهم العسكرية في قناة السويس! من المضحكات المبكيات، أن جمال سالم نصح جمال عبد الناصر أن يسلم نفسه للقوات البريطانية كما جاء في مذكرات الضباط الأشرار، وعندما زار عبد اللطيف البغدادي- كما جاء في مذكراته – عبد الناصر عبد الحكيم عامر في مخبأهما في مبنى قناة السويس بالإسماعيلية وجدهما في حالة يرثى لها من الإحباط واليأس.

٦ – ثم جاءت هزيمة الأيام الستة عام ١٩٦٧، والتي سلم فيها عسكر الجيش المسمى مصري زورًا حوالي ٨٠٠ دبابة جديدة للجيش الصهيوني.

٧ – عندما قامت حرب أكتوبر بقيادة البطل الفريق الشاذلي، قام السادات بعزل الشاذلي ثم قام حسنى مبارك بسجن البطل سعد الدين الشاذلي ثلاث سنوات.

٨ – هذا الجيش يتنازل عن الأراضي المصرية بصفاقة منقطعة النظير، فهذا عبد الناصر يفصل السودان عن مصر، وذاك السيسي يسلم تيران وصنافير لبن سلمان بعد أن فرط في مياه النيل لإثيوبيا! ناهيك عن الاستيلاء على الاقتصاد المصري لصالح مجموعة من الجنرالات الأوباش لا يمتلكون ذرة من ضمير.

من هنا أرى أنه يجب – في حالة تحرير مصر من هؤلاء -إنشاء جيش وطني جديد صاحب عقيدة جهادية، لا يكون فيه التجنيد إلزاميًا بل عن طريق التطوع مثل الجيش البريطاني، على أن يكون هذا الجيش جيشا وطنيا مسلما خالصًا، وليس جيشًا للعسكر أو العلمانيين أو الإخوان أو السلفيين، فالكل طامع في حكم مصر واستبعاد المصريين. أتحدى العسكر أن يطالبوا بتحرير مثلث أم الرشراش المصرية والتي استولت عليه إسرائيل في مارس عام ١٩٥٣، ولم يناد عسكري واحد بتحرير هذه الأرض المصرية الغالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى