مقالات

هل ينقص المسلمين دين أم ثقافة؟

بشير بن حسن

مفكر إسلامي
عرض مقالات الكاتب

أرى أن المسلمين لا ينقصهم دين بقدر ما ينقصهم من الثقافة العامة، ما يعكس الصورة المطلوبة لهم في هذا الزمان، فإن أغلبهم ولله الحمد يصلي ويصوم، ويتصدق ويحج ويعتمر، ويفعل كثيرًا من الخيرات، لكن الإشكال أنك لا ترى أثر ذلك على كثير من السلوكيات اليومية، -ولا أقصد التعميم على كل المتدينين معاذ الله- وإنما تتساءل أين أثر العبادات على السلوكيات؟؟

بدءًا بالنظافة، وحسن المظهر، والمحافظة على البيئة، فإننا أمة الطهارة والتطهر، فأين أثر الوضوء والتيمم والاغتسال، في شوارعنا، ومدننا، وقرانا؟؟

مع العلم أننا نحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (إماطة الأذى عن الطريق صدقة)!!

تذهب إلى أوروبا فلا ترى ما تراه عندنا في البلاد العربية -أعني سلوك الأفراد-، لن ترى شخصًا يستعمل منديل الأنف ويلقيه على الأرض، رغم أنه مشرك أو ملحد؟! ومنطلق سلوكه هو الثقافة وليس الدين!

تريد أن تشتري سيارة، فتدخل إلى أي موقع للبحث عما يناسبك، وأول ما يشد انتباهك اسم مالكها، فإن كان اسمًا أوروبيًا يدخلك الاطمئنان مباشرة أنك لن تتعرض لعملية تحايل أو غش، ويزيدك الأمر طمأنينة أن مالكها يصوّر لك السيارة من داخلها وخارجها، ويخبرك بكل عيوبها، بلا كتمان، أمّا إذا كان اسم مالكها اسمًا عربيًا فإنّك ستحتاط مباشرة – وسيقول البعض أنت عندك عقدة الأجنبي- والسبب معروف، وهو تعرض الكثيرين للعش والتحايل والخداع من قِبل بعض العرب والمسلمين (لا الكل).

وقل مثل ذلك في بقية أنواع المعاملات، كميدان الطب والتمريض والتداوي، والفروق الشاسعة بين مستشفياتنا ومستشفياتهم، على مستوى الأخلاق والسلوك، أو الإدارات وسائر أنواع الخدمات في المرافق العامة أو الخاصّة على حد سواء!!

أو في مجال ملئ الفراغ، كيف هي ثقافتنا مع الفراغ، وثقافتهم؟ لا مقارنة، بنظرة سريعة للمقاهي الممتلئة في بلادنا، ليلًا ونهارًا، حيث تقضي فيها جموع من فارغي الشغل ساعات طويلة، لا في مصلحة دينية ولا دنيوية، وهذا لا يمكن أن تراه في مجتمعات ألفت العمل والإنتاج، والكدّ والجدّية، حتى أوقات فراغهم يملؤونها بما ينفعهم في دنياهم على الأقل، بالقراءة التي غابت ثقافتها عندنا تمامًا، أو الرياضة، أو التنزه، أو غيرها من النشاطات!! وكل هذا يفعلونه ثقافةً لا دينًا!!

إنني في الطرح، لا أرفع من الكفر لأحط من قدر الإيمان، ولا أشتم أمتنا وأمدح أمّة أخرى، معاذ الله، لكنها صيحة فزع، تجسّد واقعنا المرير، وتدعو إلى مراجعة للنفس بعد نقدها واعترافها، كما لا ننسى أن المجتمعات الأوروبية، تطورت بفضل ثقافة المسلمين التي مكثت ثمانية قرون في الأندلس!

وعلى هذا حاجتنا إلى الثقافة الإسلاميّة الصحيحة لا المعوجة المنحرفة باتت ماسّة!

اللهم رد بنا إلى دينك ردًّا جميلاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى