مقالات

من المسؤول؟

المنطقة العربية برمتها تنتظر مستقبلا مجهولًا فبعد الانتخابات الجزائرية التي جرت في كانون أول “ديسمبر” من عام 1991 وإعلان فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ بأغلبية كبيرة على حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الانتخابات البرلمانية، والتدخل الفرنسي فيها ما أدى لإلغاء الانتخابات من قبل الحكومة، وإعلان حالة الطوارئ، وبسط الجيش سيطرنه الفعلية على الحكومة، واستقال الرئيس الشاذلي بن جديد، وغاصت البلاد ببركة من الدماء، وكان يمكن ترك الشعب ليخوض تجربته، إلا أن التدخلات الأجنبية حالت دون ذلك.

وفي المأساة العراقية تحركت إيران الملالي مع خونة عراقيين، فاستدعوا تدخلاً أمريكيًا، واستجاب بوش الأب والابن فتحركوا خارج القانون فاعملوا في العراق وأفغانستان تخريبًا في الجغرافيا فدمروا الشجر والحجر والإنسان ,بحجج واهية لا أساس لها من الصحة ، ثم زوقوا التدخل بذريعة الاستبداد ، مع أن ولد أبيه بوش الابن صرّح علنًا بأنهم دعموا الأنظمة الاستبدادية (ستين عامًا) فخربوا تجربة سوريا (في الديموقراطية) في الأربعينيات ، ودفعوا بالعديد من الطامحين للسلطة من العسكر لينقلبوا على الحكومات الشرعية ، بحجة الاشتراكية والعدالة الاجتماعية ، وحجج لها أول وليس لها آخر.

وانطلقت الثورات في المنطقة العربية، وبدأت قوى الظلام (أمريكا وأخواتها) بالتدخل بداعي مساعدة الثورات، وأثنى العديد من المفكرين، والقادة على هذه القوى الثورية بوصفها صادقة في توجهها، وزار العديد من هؤلاء موسكو، بصفة تكتلات (مجلس وطني، أو ائتلاف) كما زاروا العم سام، وكذلك ذهب في مثل هذه الزيارات سياسيون ومفكرون وأناس محسوبون من القياديين، وظن هؤلاء جميعهم أن زياراتهم ستؤتي أكلها، وسينصر الروس والأمريكان والآخرون ثورتنا، ثورة الحرية والكرامة.

ولكن ماذا حصل على أرض الواقع؟ استمرت روسيا بزيادة دعم القتلة في دمشق بالسلاح وبتعطيل مجلس الأمن من أن يتخذ أي قرار لصالح الشعب السوري، وأذكر أنني في إحدى اللقاءات التلفزيونية، أهدرت دم المدنيين من الروس والإيرانيين الذي يأتون إلى سورية مع المقاتلين، وقامت علي القيامة ولم تقعد، حتى إن بعضًا من هو يعمل في الائتلاف اتصل بي مستهجنًا، مع العلم أن تصريحي بذلك كان متوافقًا مع معاهدات جنيف الأربعة.

منذ بداية الثورة لم يكن ما يسمى (مجتمع دولي) يملك أية استراتيجية لإنهاء عذابات الشعب السوري ، والذي تآمر حقيقة على شعبنا كان هو البيت (الأسود ،حالك السواد) في أمريكا، وكان التنسيق قائمًا بينه وبين الكرملين، و(الكيان الصهيوني) في فلسطين، ورغم التنبيهات، ومحاولة تسديد المسار، إلا أن أحدًا لم يكن مستعدًا للاستماع لتجارب الآخرين، وحين ذهب وفد إلى أمريكا، أعربت عن رأيي بحضور السفير فورد بأنني غير راغب بلقاء بارك أوباما أو كيري، ونصحت أن يكون لقاء مع الكونغرس وبعض القسس الذين لهم نفوذ أكثر من البيت (الأسود)، لم يستمع أحد، ولا أزال أشعر أنني في حوار مع الطرشان.

إن موقف الروس واضح منذ اللحظة الأولى وهم مع ملالي طهران يتحملون المسؤولية الأولى عن تدمير سورية وتشريد الشعب السوري، وارتكاب الجرائم بمشاركة القتلة من عصابة الأسد في دمشق، إلا أن لأمريكا دورًا متواطئًا مع الآخرين، حين منعت، ولاتزال، السلاح النوعي الذي يمكّن الثورة من النصر، وكذلك حجمت دور أوربا، ولاتزال، لتستفرد هي مع الروس بإدارة الصراع واستنزاف الدول العربية، وتدمير سورية.

وأتساءل هنا أين دورنا نحن؟ هل سيستمر من يقود العمل السياسي داعمًا للثورة، أم غير ذلك، أن على شعبنا أن يكون جاهزًا بالمرصاد لأي محاولة لحرف الثورة عن مسارها.

سبق أن قلت مرارًا بأن منطقتنا كلها مقبلة على انفجار لا يعرف أحد مداه، وأعود لأحذر ثانية وثالثة أيها الإخوة في أرجاء وطننا، انتبهوا، وخذوا حذركم، فالمتربصون بنا كثر!! والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، وما النصر إلا من عند الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى