مقالات

لماذا اختار الأسد الارتهان للخارج وتدمير بلاده؟؟

عمار الشاعر

إعلامي وأديب سوري.
عرض مقالات الكاتب

تخيلوا ربّ منزل يقمع أطفاله على مدى سنوات، ويجبرهم على العمل، ويأخذ كل ما يجنوه في اليوم، ثم يعطيهم القليل من مالهم ويحرمهم من أبسط حقوقهم، ويمنّنهم بعطائه إلى أن بلغ السيل الزبى كما يقال بأهل البيت، وطلبوا من رب أسرتهم أن يتنازل لهم قليلاً، ويعطيهم بعضاً من حقوقهم، وأن يعاملهم كوالد حقيقي، متوقعين تجاوباً منه للحفاظ عليه وعلى بيته، وتخيلوا أن هذا الرجل فعل العكس تماماً، وضرب أهل بيته وآذاهم، وعندما وقفوا بوجه استأجر عدة رجال من القتلة والمجرمين ليقمعوا أهل بيته وليحافظ على جبروته، وظلمه رغم أن الأمر يكلفه تنازلات كلفتها أكثر بكثير من الحقوق التي ينبغي أن يؤديها لأهل بيته.

لم ينته الأمر هنا فلقد بات ربّ البيت مأموراً بأمر من استأجرهم، وخادماً ذليلاً لهم ليبقى جباراً على أهله، متباهياً بأنه حافظ على أسرته من التفكك والانقسام، ومن التدخل الخارجي، والمؤامرة الكونية.

هذا بالضبط ما حصل في سوريا خلال السنوات السابقة، مع اختلاف المشبه والمشبه بهم طبعاً.

قال لي أحد الأصدقاء الموقوفين في بداية الثورة السورية في سجن عدرا: لقد وضعونا مع تجار المخدرات والمجرمين، وكانوا بانتظار الخطاب الأول لبشار الأسد إبان أحداث درعا، وكنا نرتجف خوفاً لأننا توقعنا أن يبذل بشار الأسد العطايا، ويمتص غضب الشعب السوري، ويستخدم خطاباً عاطفياً يؤجج مشاعر حتى المجرمين داخل السجن ليضربونا قائلين: “ماذا فعلتم ببلدكم أيها الجاهلون أمام رئيس شاب يعطيكم ما أردتم، ويفهم وجعكم”

انتهى الخطاب دون أن يترحم الخاطب حتى على من قُتلوا في درعا، وسُحلوا في الشوارع، بل زاد على ذلك أنه أعلنها حرباً مفتوحة على السوريين، وليكون رد زعيم القاوش: “هل انتهى من خطابه؟؟ هل هذا رئيس أم حمار؟”

كنت أتمنى فعلاً أن يتنازل لشعبه “هذا المأجور” بالقليل من أموالهم وخيرات بلادهم التي يسرقها، كنت أتمنى أن يحاسب من قتلَ أولادهم ولو بشكل وهمي، وأن ينتخبه الشعب بحق إن هو أمر بانتخابات نزيهة، وأصلح ما أفسده أبوه.

في دراسة لإحدى وكالات الأنباء الفرنسية في بداية الاحتجاجات تبيّن أن ما يجنيه رامي مخلوف من أرباح شركات الهواتف النقالة وحدها ليوم واحد يعادل الرواتب الشهرية لجميع الموظفين السوريين من عسكريين ومدنيين.

لكم أن تتخيلوا ماذا سيحصل لو تنازل مخلوف عن أرباح خمسة أيام فقط في الشهر مثلاً لتكفي هذه الأرباح أن يزيد النظام رواتب الموظفين بنسبة 500 بالمئة.

النظام فضّل أن يبيع سوريا بالكامل لجميع شذاذ الأرض من روس وإيرانيين وميليشيات طائفية على أن يتنازل بالقليل لأبناء شعبه ما دفعه النظام من أموال لتدمير سوريا، وقتل وتهجير أبنائها يكفي لأن يعيش السوري كأغنى وأسعد مواطن في العالم، ويكفي لجعل سوريا في مصافي الدول المتقدمة، فلماذا فضّل الأسد خيار الدمار والقتل والارتهان للخارج؟؟ وهل كان الخيار خياره فعلاً؟؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى