مقالات

التكتيك في المواجهات غير المتكافئة – قراءة في المعركة التي يحضّر لها الروس والنظام

العقيد محمد فايز الأسمر

خبير عسكري سوري
عرض مقالات الكاتب

بات من شبة المؤكد أن الروس وميليشيات النظام وبعد 78 يومًا من الفشل المتكرر في حملتهم الإجرامية من إحراز اي تقدم نوعي رغم عشرات المحاولات الفاشلة ، فضلاً عن زجهم واستخدامهم كافة أنواع الأسلحة والعتاد الحديث ، وقطعات ما يسمى النمر والنخبة والفرقة الرابعة وغيرها ، وعشرات آلاف الضربات الجوية والمدفعية والصاروخية على محاور القتال والقرى المحيطة ، حتى وصل إجرامهم الجوي إلى قلب الأحياء المدنية في مدينة ادلب ، وبعد الخسائر الفادحة التي تكبدوها في محاور الهجوم سواء في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي محور الكبانة في جبل التركمان ، أو في ريف حماة الشمالي والشمالي الغربي محور سهل الغاب وتل ملح والجبين ، إلّا أنهم لايزالون يستقدمون أرتالاً من التعزيزات المدرعة والمدفعيات المتنوعة ، و مئات الجنود إلى معسكر جورين ومحاور أخرى ، يترافق هذا مع الزج بقوات خاصة روسية تحضيرًا لعمليات هجومية ، والبدء بهجومات أخرى ربما تكون على أكثر من محور وجبهة لتشتيت الفصائل ، وزيادة الضغط عليهم ومنعهم من المناورة من جبهة لأخرى أملاً بتحقيق خرق وتقدم على محور ما وتوسيع هذا الخرق على الأطراف او في العمق لاحقًا.
عمليًا ، الفصائل ومن خلال تقدير الموقف والإمكانات القتالية , وحالة السيطرة المطلقة للطيران الروسي و وطيران النظام , فضلاً عن سياسة الارض المحروقة المتبعة ، وعدم توفر وسائط الدفاع الجوي للتصدي لتلك الطائرات ، أو اقلها تخفيف تأثيرها ، فإن تلك الفصائل تكتيكيًا ليس لها من خيار هجومي كبير تقوم به ، ولهذا فهي مضطرة واقعيًا للدفاع العميق عن مناطقها وتحصينها هندسيًا ، ومن تهيئة أسباب ومتطلبات الصمود فيها ، العمل على بناء “جدار” نيران قادر على صدّ محاولات النظام الهجومية وتكبيده خسائر فادحة ابتداءً من المشارف البعيدة للدفاع وأثناء تقدمه ووصوله للحدّ لأمامي لخطوطهم ، ومنعه من الخرق وتحقيق أهدافه ، فإذا تمّ خرق النظام لدفاعهم عليهم زج قوة احتياط معززة للقيام بهجوم معاكس ومنعه من تثبيت تقدمه ، ومن ثم وطرده واعادة الوضع إلى ما كان عليه ,
ونستطع القول : إنّه في مثل هذه الظروف القتالية لاتملك الفصائل خيارًا هجوميًا استراتيجيًا ، بل تتبع تكتيكات أخرى ويأتي الدفاع في مقدمتها ، والقيام من حين لآخر وبمجموعات صغيرة مدربة جيدًا بالإغارات الخاطفة المفاجئة الليلية والنهارية وعلى مواقع ومحاور مختلفة ، و العمل على بستنزاف دائم لقطعان النظام ، وجعله في حالة تخبط دائمٍ ، وفي حالة من الضغط والخوف والإرهاق ، وهذه العوامل ستؤثر على معنويات جنوده ، وتؤدي بسبب تكرارها لانهيار القدرة القتالية لديهم .
إنّ امتلاك الصنوف المختلفة من السلاح المدمر وأساليب التوين والإمداد والسيطرة الجوية لا تعني حسمًا قي المعارك غير التقليدية إذا ما استخدم الثوّار تكتيكات تمنع الاصطدام المباشر على قاعدة الاشتباك الكلاسيكي بين الجيوش النظامية ، بل تحول الثوار لحرب العصابات والكر والفرّ والمجموعات الصغيرة ، وضرب خطوط الإمداد والتموين سيؤدي إلى تحييد أقوى ما لدى الخصم من سلاح ثم يبقى السلاح الأقوى بيد الثوّار وهو سلاح العزيمة والإرادة في القتال .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى