مقالات

لعبة المبعوث الدولي في سورية!

موسى الهايس

محامٍ وناشط سياسي.
عرض مقالات الكاتب

لم يترك المجتمع الدولي متمثلًا بالغرب وأساليبه الاستعمارية الجديدة وسيلة أو حيلة إلا واستخدمها للحيلولة دون نجاح ثورات الربيع العربي بشكل عام والثورة السورية على وجه الخصوص ومنعها من تحقيق أهدافها بالتغيير وإقامة النظم الديمقراطية التي طالما تغنى هذا الغرب أنه الحامل لرسالتها والحامي لمبادئ حقوق الإنسان في أنحاء العالم، بل لقد حظيت عصابة الإجرام في دمشق بما لم يحظى به أي نظام عميل في الشرق الأوسط منذ سقوط السلطنة العثمانية وقيام الكيانات التي رسمها سايكس بيكو لتفتيت المنطقة العربية.

وقد تعددت أشكال هذه الخصوصية والرعاية وتطورت مع مراحل الثورة بدءًا من الدعم المالي لنظام الأسد من تحت الطاولة قامت به دول تظاهرت أنها مع ثورة الشعب ومطالبه المحقة في الحرية والخلاص من ربقة العبودية والاستبداد، وصولًا إلى التدخل المباشر وإرسال الميلشيات الإرهابية (وغض النظر عنها) لتشارك النظام في قمع الثوار وقتلهم والتنكيل بهم وصولًا إلى تبادل الأدوار في المحافل الدولية وتوظيفها لمساعدته.

على أن ذلك كله جاء مترافقًا بتصريحات من قادة تلك الدول من قبيل التهديد والوعيد بضرورة التخلص من النظام الذي لا مكان له في سوريا المستقبل على حد زعم مطلقي هذه التصريحات من خلال مؤتمراتهم الصحفية ولقاءاتهم والتي بقيت حبرًا على صفحات الصحف ونشرات الأخبار، ولم تتجسد بأي فعل على أرض الواقع، كما أنها لم ترق إلى أدنى مستوى من المساندة أو الدعم العسكري أو الحماية من غارات طيران النظام وبراميله التي قتلت البشر ودمرت الحجر.

بل على العكس من ذلك أصبحت مثل هذه الفقاعات التي يطلقها الساسة الغربيون أشبه بشيفرة أو كلمة سر تعطي النظام ضوءًا أخضر للتصعيد في عملياته الإجرامية ضد الشعب، واستخدام الأسلحة الممنوعة والمحرمة دوليًا.

وفي نفس السياق جاءت العملية السياسية التي قادها الغرب في جنيفاته كإبراء لذمته أمام شعوبه ووسيلة أخرى من المماطلة ومساعدة النظم بإعطائه فرصة للمزيد من القتل والاعتقال والتهجير. وبالتوازي مع عملية جنيف أوجدت روسيا لها مسارًا خاصًا في أستانة ساعدها في إنجاز عملياتها العسكرية ميدانيا من خلال القضاء على الثوار والاستفراد بهم فصيلًا تلو آخر عن طريق ما يسمى المصالحات والترحيل “التهجير” وخفض التصعيد.

بينما المبعوث الأممي “الغربي الصنع” بالرغم من اختزاله للحل السياسي ببند اللجنة الدستورية إلا أنه وقف متفرجًا ولم يحرك ساكنًًا أمام تدخل النظام في تشكيلها الذي استطاع بدوره – وكما وعد – أن يغرقهم بتفاصيل الأسماء فيرفض من يشاء؛ ويقرّ من يشاء وما أن تنتهي جزئية حتى يأتي بأخرى كما حصل مؤخرا بتصريح وزير الأسد بعد ما يزيد على السنة من المماطلة في تشكيل اللجنة الدستورية أنه يوافق على الأسماء ولكن ليس لوضع دستور إنما لمفاوضة النظام على تعديل الدستور الحالي!

وهذا ما يجعل المبعوث الأممي بيدرسون أمام معضلة جديدة يبدأ بها عهده ألا وهي تعديل الدستور الحالي أم وضع دستور؟

بمشاركة رأس النظام أم بدونه؟

في ظل استمرار معاناة السوريين في تلقي براميل النظام وصواريخه، وهم بين قتيل ومعتقل ومهجّر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى